تصعيد في الجنوب بالتوازي مع رفح.. هل يكون لبنان التالي؟!
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
بعد كثيرٍ من الوعيد، بدأ الجيش الإسرائيلي "قرع طبول" العملية العسكرية في رفح، قافزًا مرّة أخرى فوق التحذيرات الدولية من "تداعيات كارثيّة" قد تنجم عنها، في ظلّ وضع إنساني يتفاقم في قطاع غزة، حيث تقرع المنظمات الإنسانية والأممية ناقوس "المجاعة الكاملة"، وهو خطر يتقدّم في ظلّ الغموض المستمرّ على خط مفاوضات تبادل الأسرى، رغم إعلان حركة حماس موافقتها على المقترح المصري لوقف إطلاق النار.
وفيما تتّجه كلّ الأنظار إلى رفح، وسط مخاوف "مشروعة" من "المجهول" الذي يمكن أن تحمله العملية العسكرية إن اكتملت فصولها، والتي يُخشى أن تكون جولة أخرى من جولات "مجازر الإبادة" المستمرّة منذ زهاء سبعة أشهر على مرأى ومسمع العالم، ثمّة من يخشى أن تنعكس التطورات الدراماتيكية على "جبهة" لبنان، التي شهدت بدورها تصعيدًا غير مسبوق، خصوصًا في أعقاب مجزرة ميس الجبل التي أودت بحياة 4 مدنيين من عائلة واحدة والغارات الليلية التدميرية امس.
وإذا كانت "نيران الجبهة" قد تصاعدت في الأيام القليلة، وسط تبادل للقصف بين جانبي الحدود، فإنّ علامات استفهام بالجملة تُطرَح عن "سيناريوهات" الأيام المقبلة، في ظلّ "تكهّنات كثيرة" حول أنّ لبنان قد يكون "التالي" بعد رفح، فهل يمكن التسليم بهذه التكهّنات والسيناريوهات؟ وهل من خطّة إسرائيلية فعليّة للانتقال إلى لبنان بعد الانتهاء من رفح، ولا سيما أنّ انطباعًا سائدًا لدى كثيرين بأنّ هجوم رفح قد يشكّل "الفصل الأخير" من حرب غزة، أقلّه بشكلها الحالي؟!
انعكاسات هجوم رفح
يشير العارفون إلى أنّ التصعيد الذي شهدته جبهة جنوب لبنان في الأيام الأخيرة بدأ قبل تطورات عملية رفح، وتحديدًا بعد الاستهداف الإسرائيلي لأحد المنازل في بلدة ميس الجبل، والذي أدّى إلى استشهاد أربعة مدنيين من عائلة واحدة كانوا يتفقدون منزلهم، ما أدّى إلى حالة استنفار وتوتر على طول الحدود، خصوصًا مع ردّ "حزب الله" على القصف الإسرائيلي، استنادًا إلى معادلة "العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم".
لكنّ العارفين لا يستبعدون في الوقت نفسه، وجود "رابط" بين "جبهتي" رفح ولبنان، بصورة أو بأخرى، وذلك للعديد من الاعتبارات، أولها أنّ التصعيد في رفح يفترض أن "يفعّل" تلقائيًا الجبهة اللبنانية، المصنّفة على أنّها "جبهة إسناد"، وبالتالي فإنّ "حزب الله" قد يعمل على "تسخين" الجبهة، لإلهاء الجانب الإسرائيلي متى قرّر المضيّ إلى الأمام في المعركة، وذلك منعًا لاستفراده برفح، وهو ما تقوم عليه "فلسفة" فتح الجبهة أساسًا.
لكنّ العارفين يتحدّثون عن "رابط آخر"، ينطلق من أنّ التصعيد في رفح يعني بصورة أو بأخرى "فشل" جولة المفاوضات الأخيرة، والتي كان يؤمل أن تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار يسري على "جبهتي" غزة ولبنان، علمًا أنّ الاتصالات السياسية كانت قد نجحت في تكريس نوع من "الهدوء النسبي" في الآونة الأخيرة، ولو بقي غير مُعلَن، علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ الإسرائيلي لا يزال "يناور"، بحثًا عن "مكاسب" في أيّ اتفاق محتمل.
"لبنان بعد رفح"؟
وبانتظار نضوج الصورة المحيطة بالعملية العسكرية في رفح، والسيناريوهات المحتملة لها، والنوايا الإسرائيلية الضمنية والمضمرة من خلف التصعيد على خطّها، والتبعات التي قد تنجم عنها على مستوى الحرب بالمُطلَق، كثرت التسريبات في الساعات الماضية عن أنّ لبنان قد يكون "التالي" بعد الحرب، وأنّ إسرائيل بدأت إعداد "العدّة" لحرب على لبنان بأتمّ معنى الكلمة، لا تبقى "محصورة" بنطاق جغرافي محدّد، ولا بقواعد اشتباك شبه موحّدة.
صحيح أنّ الحديث عن مثل هذه الخطط الإسرائيلية ليس بجديد، وعمره يكاد يوازي عمر فتح الجبهة في الثامن من تشرين الأول الماضي، باعتبار أنّ تل أبيب ألمحت أكثر من مرّة إلى أنّها غير قادرة على "تقبّل" فكرة أنّ "حزب الله" هو من فتح الحرب بالتوقيت الذي اختاره، وهو من حدّد شكل الهجوم، بعدما فرض على سكان المستوطنات الشمالية النزوح والهجرة، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ فرضية "التأجيل" لما بعد انتهاء حرب غزة كانت دائمًا مطروحة.
بهذا المعنى، قد تكون التسريبات حول أنّ "دور لبنان" آتٍ بعد رفح مفهومة، ولا سيما أنّ الإسرائيليين أنفسهم يجاهرون بأنّ ما بعد رفح لن يكون كما قبلها، بمعزل عن نتائجها، باعتبار أنّ هذه الجولة ولو لم تنهِ الحرب، ستنقلها إلى مضمار آخر من "العمليات الخاصة". لكن، مع ذلك، يقول العارفون إنّ منطق "الحرب" على خطّ لبنان غير محسوم، وقد يكون مستبعدًا، باعتبار أنّ "الأولوية" بالنسبة لتل أبيب يبقى لتحصيل ما يمكن تحصيله بالمفاوضات.
لعلّ هذه الفكرة تحديدًا تجد تفسيراتها في "كثافة" الوساطات على خطّ الجبهة اللبنانية في الآونة الأخيرة، وهي وساطات تتقاطع بمجملها حول عنوان "تجنّب التصعيد والانزلاق إلى حرب أخرى مدمّرة". استنادًا إلى ما تقدّم، فإنّ الثابت وفق ما يقول العارفون، أنه سواء حصل الهجوم على رفح أم لا، فإنّ المطلوب إسرائيليًا هو "ترتيبات جديدة" لما بعد الحرب لبنانيًا، على طريقة "اتفاق الترسيم البحري"، فهل تنجح المفاوضات في تحقيق ذلك؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بعد رفح فی رفح على خط
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تضغط بالنار على لبنان لمقايضة استقراره بمعاهدة سلام
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": تتوخى إسرائيل من خلال قيامها بشن أكثر من 20 غارة على شمال الليطاني في جنوب لبنان، تُعد الأكبر منذ تخلفها عن الالتزام بوقف النار في 18 شباط الماضي، توجيه رسائل نارية إلى الخارج والداخل تتجاوز، كما تدّعي، تدمير ما تبقى من بنى عسكرية لـ«حزب الله» إلى إعلام الحكومة اللبنانية بأن لبنان لن ينعم بالاستقرار ما لم تقرر الدخول في مفاوضات مباشرة لتطبيع العلاقات بين البلدين، تمهيداً للتوصل إلى التوقيع على اتفاقية للسلام الدائم. وهي تتناغم في طلبها مع دعوة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لـ«الشرق الأوسط» ستيف ويتكوف لبنان وسوريا للانخراط في معاهدة سلام مع إسرائيل.
ويؤكد مصدر سياسي بارز أن الوعود الأميركية للبنان بقيام واشنطن في الأسابيع المقبلة بخطوات إيجابية لإلزام إسرائيل بأن تستكمل انسحابها من الجنوب، تبقى حبراً على ورق، ما لم تؤد إلى إقناعها بعدم ربط خروجها من القرى الأمامية الحدودية بالضغط على الحكومة للدخول في مفاوضات لوقف الأعمال العدائية فحسب، وإنما للتوصل معها إلى سلام دائم. وهذا ما ترفضه، كما يقول ويصر على أن تبقى اتفاقية الهدنة الموقعة بين البلدين عام 1949 الناظم الوحيد لانسحابها من الجنوب.
ويسأل المصدر السياسي، لماذا لا تضغط الولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل لإجبارها على الانسحاب من الجنوب، في مقابل التزام الحكومة بتطبيق «اتفاق الطائف» بكل مندرجاته، بدءاً بحصر السلاح بيد الشرعية، وهو يتقاطع في هذا الخصوص مع ما نص عليه القرار «1701»؟ وإلا كيف تترجم ارتياحها لانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية؟ وهل يتعارض صمتها حيال تمادي إسرائيل في انتهاكها للأجواء اللبنانية الأمامية للقرى الحدودية مع توفير الدعم للعهد الجديد بالتلازم ودخول لبنان في مرحلة جديدة؟
لذلك فإن اندفاعه العهد الجديد نحو إخراج لبنان من أزماته تتعرض حالياً إلى انتكاسة مديدة، ما لم تتعهد واشنطن بإلزام إسرائيل بالانسحاب من دون ربطه بالتوصل إلى اتفاقية سلام.