قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
رفض قاضي تحقيق في باريس شكويين قُدِّمَتا في العاصمة الفرنسية عامي 2018 و2021 تتهمان مسؤولين سعوديين وإماراتيين بارتكاب جرائم حرب وتمويل الإرهاب خلال النزاع في اليمن.
ونقلت وكالة فرانس برس الثلاثاء عن مصدر مقرب من الملف قوله إن كبير قضاة التحقيق في قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس أصدر في (13 مارس / آذار 2024) أمراً برد دعوى قدمها في نهاية عام 2021 ثمانية يمنيين و"المركز القانوني للحقوق والتنمية" وهو منظمة يمنية غير حكومية تُعتبر مقرَّبة من المتمردين الحوثيين ومقرها في صنعاء.
واستهدفت الشكوى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورؤساء أركان الجيشين آنذاك واتهمتهم بارتكاب جرائم حرب، وتحدثت عن جرائم مختلفة ومنها التعذيب والاختفاء القسري والتآمر الإجرامي الإرهابي وحتى تمويل الإرهاب. واستندت الشكوى إلى وثائق وشهادات وتقارير للأمم المتحدة ومقالات صحافية.
ورفض كبير قضاة القسم المخصص لهذه الجرائم في باريس الشكوى لأسباب إجرائية مرتبطة بعدم أهلية "المركز القانوني للحقوق والتنمية"، واعتبر أيضاً أن بلاده غير متخصصة بملاحقة هذه القضايا.
وستنظر محكمة الاستئناف في باريس في استئناف قُدّم في 22 مارس / آذار 2024 ضد هذا الرفض، كما ستبت في استئناف مقدم ضد قرار آخر لقاضي التحقيق نفسه صدر في 28 ديسمبر / كانون الأول 2024 ويقضي بعدم قبول شكوى أولى قدمها "المركز القانوني للحقوق والتنمية" في عام 2018 وتستهدف الأمير محمد بن سلمان وحده. واعتبر القاضي حينها أن "المركز القانوني للحقوق والتنمية" غير مؤهل للجوء إلى القضاء.
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من السلطات السعودية والإماراتية. وقال محامي المدعين جوزيف بريهام رداً على سؤال من وكالة فرانس برس: "مَضَتْ أكثر من ست سنوات على القضية الأولى، وأكثر من ثلاث سنوات على القضية الثانية من دون أن تتخذ المحاكم قراراً عادلاً بشأن مقبولية الدعوى. بالتأكيد ثمة نقص في الموارد، لكن ربما يوجد عبء سياسي ثقيل أيضا؟".
واندلع النزاع في اليمن في عام 2014 مع سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي تدخَّلت السعودية -على رأس تحالف عسكري يضم الإمارات دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً- وتفاقم النزاع الذي خلَّف مئات آلاف القتلى.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن فرنسا السعودية الامارات الحوثي
إقرأ أيضاً:
كواليس المبادرة التركية لحل الأزمة بين إثيوبيا والصومال
أنقرة- لا تزال الجهود التركية لإيجاد حل للأزمة المستمرة بين الصومال وإثيوبيا متواصلة، إذ سبق لأنقرة أن رعت لقاءين بين الطرفين لم يُسفرا عن نتائج حاسمة حتى الآن، بينما ألغيت الجولة الثالثة التي كان من المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول الماضي.
ويبدو أن الاهتمام التركي بهذه القضية ينبع من علاقاتها القوية مع مختلف الأطراف الأفريقية، إذ تسعى أنقرة إلى استخدام هذه الروابط لتعزيز الاستقرار في المنطقة وطرح حلول تضمن مصالح البلدين بشكل متوازن.
وخلال مؤتمر "المراجعة الوزاري الثالث للشراكة التركية الأفريقية" الذي عُقد في جيبوتي يومي السبت والأحد، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده تكثف جهودها لطرح حل شامل للنزاع بين إثيوبيا والصومال، وذلك عبر اتفاق إطاري جديد يجري تطويره ليتوافق مع احتياجات البلدين ومصالحهما.
محددات الاتفاقأوضح فيدان أن الاتفاق الإطاري يتطلب معالجة التحديات التاريخية بين البلدين، داعيا قادتهما إلى اتخاذ قرارات تخدم الحاضر وتواكب المتغيرات الراهنة.
ووفقا له، يعتمد جوهر الاتفاق على الاعتراف بسيادة الصومال بشكل غير مشروط، مع ضمان وصول إثيوبيا إلى البحر عبر مسارات سلمية ومستدامة، مبرزا أهمية ذلك للاقتصاد الإثيوبي باعتبار أن أديس أبابا دولة غير ساحلية ذات تعداد سكاني ضخم، تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية.
وكشف وزير الخارجية التركي عن إجراء محادثات مع نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف حول القضية لتعزيز فرص التعاون وفتح المجال لأفكار ومقترحات تدعم الاتفاق. واختتم مؤكدا التزام تركيا بمواصلة دعمها لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومعربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق يعزز الأمن والازدهار لكل من إثيوبيا والصومال والمنطقة كلها.
وكان التوتر قد تصاعد بين مقديشو وأديس أبابا بعد إعلان الحكومة الصومالية، الثلاثاء الماضي، طرد دبلوماسي إثيوبي بارز وإمهاله 72 ساعة لمغادرة البلاد إثر اتهامه "بالتدخل في شؤونها الداخلية".
وأفادت وزارة الخارجية الصومالية -في بيان لها- بأن علي محمد عدنان المستشار في السفارة الإثيوبية بمقديشو "انخرط في أنشطة لا تتوافق مع دوره الدبلوماسي"، معتبرة إياه "شخصا غير مرغوب فيه". وأضافت أن تصرفاته "تُعد خرقا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وخاصة المادتين 41 و42 اللتين تشترطان على الدبلوماسيين احترام قوانين الدولة المضيفة والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية".
وساطة محايدةبدأت الأزمة بين البلدين بعد توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم لاستئجار ميناء في منطقة أرض الصومال "الانفصالية"، وهو ما قد يشير إلى اعتراف ضمني باستقلال المنطقة. وأثار هذا الاتفاق استياء مقديشو التي تعدّه انتهاكا لسيادتها، خاصة أن "أرض الصومال"، التي أعلنت انفصالها عن الصومال في 1991، لم تحصل على اعتراف دولي كدولة مستقلة.
وترى الحكومة المركزية في مقديشو أن أي اتفاق دولي يتعلق بأرض الصومال هو "تعدٍّ على وحدتها وسيادتها"، وذلك ما أدى إلى تصعيد الأزمة بين البلدين الجارين.
ويرى الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن المبادرة التركية لحل النزاع بين إثيوبيا والصومال تأتي نتيجة لخبرة أنقرة المكتسبة من جولات التفاوض السابقة بين الطرفين.
وأوضح للجزيرة نت أن أنقرة تقدم نفسها كوسيط محايد وتحظى بثقة الطرفين، مما يجعل وساطتها "الفرصة الوحيدة المتاحة للتوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع". وترتكز الوساطة التركية على 3 محددات رئيسة هي:
تغليب الحل الدبلوماسي. الحفاظ على سيادة الصومال. التوصل إلى تسوية تلبي تطلعات مقديشو وأديس أبابا.وأضاف الباحث علوش أن هذه الأسس تشكل محفزا للطرفين للانخراط في العملية الدبلوماسية، وأن التوصل إلى تسوية مرضية للطرفين ممكن إذا توافرت الرغبة السياسية لديهما.
من جانبه، أكد المحلل السياسي المختص بالشأن التركي طه عودة أوغلو أن التوصل إلى اتفاق بين إثيوبيا والصومال يمثل أولوية قصوى لأنقرة، مشيرا إلى الجهود الكبيرة التي بذلها وزير الخارجية هاكان فيدان في هذا السياق من خلال زيارات "مكوكية" واجتماعات مكثفة عُقدت في أنقرة.
وأوضح للجزيرة نت أن تركيا لم تحقق اتفاقا نهائيا حتى الآن رغم عقد جولتين من المفاوضات، لكنها تهدف في النهاية إلى تحقيق نجاح ينهي هذا النزاع، مستشهدا بخبرة أنقرة الطويلة في الوساطات الدولية، والتي كان آخرها بين روسيا وأوكرانيا حيث "نجحت في تحقيق تقدم ملموس في تلك الأزمة".
أهداف تركياوبرأي الباحث محمود علوش، لتركيا دوافع متعددة من وراء وساطتها في النزاع بين إثيوبيا والصومال، أهمها تعزيز حضورها في منطقة القرن الأفريقي كوسيط استقرار، والحفاظ على شراكاتها المتنوعة مع الطرفين، ومنع تطور النزاع إلى صراع مسلح و"هو سيناريو قد يحمل تحديات جسيمة لدور أنقرة في المنطقة".
وأوضح أن أي نجاح للوساطة التركية سيعزز صورتها في القارة الأفريقية كوسيط سلام وسيمنحها ميزات إضافية للتفاعل مع دول القارة. وأشار إلى أن جهود الوساطة تُظهر أن تسوية النزاع الإثيوبي الصومالي عبر طرق دبلوماسية "إبداعية" أمر ممكن إذا توفرت النوايا الصادقة من جميع الأطراف، سواء كانوا مؤثرين مباشرين أو غير مباشرين في هذا الصراع.
ووفقا له، لا تقتصر فوائد هذه التسوية على البلدين فقط، بل تمتد أيضا لتشمل الأطراف الخارجية الفاعلة في القرن الأفريقي، إذ إن تحقيق الاستقرار الإقليمي سيسهم في الحد من المخاطر الأمنية ويتيح فرصا للتعاون الإقليمي القائم على حسن الجوار.
ويرى المحلل السياسي طه عودة أوغلو أن تأكيد أنقرة على سيادة الصومال ووحدة أراضيه يمثل دافعا مهما وضمانة حقيقية لاستقرار البلاد، خاصة في ظل الخلافات والتوترات التي شهدتها الفترة الماضية بين إثيوبيا والصومال.
وأشار إلى أن جولات التفاوض السابقة، ورغم عدم نجاحها حتى الآن، تؤكد إصرار أنقرة على تقريب وجهات النظر، وأنها تواصل جهودها بلا كلل أو ملل لرأب الصدع بين الطرفين، واضعة نصب عينيها هدف التوصل إلى تسوية سلمية تعزز من استقرار القرن الأفريقي.
من جانب آخر، لفت الكاتب علوش إلى وجود عقبات كبيرة تعترض طريق الوساطة التركية، أبرزها حالة انعدام الثقة المتجذرة بين أديس أبابا ومقديشو والتي تعود جزئيا إلى الطموحات الإثيوبية في المنطقة. وأوضح أن تعدد الجهات الإقليمية والدولية المؤثرة في الصراع يعقد مسار الوساطة، قائلا إن أنقرة ستحتاج إلى إشراك هذه الأطراف للحد من أي تأثيرات سلبية محتملة على جهود الوساطة.
وأكد أن تركيا وسعت نطاق اتصالاتها ليشمل مصر، وجيبوتي، وكينيا، وقطر، والإمارات، والولايات المتحدة، سعيا منها لضمان دعم إقليمي ودولي واسع لعملية الوساطة. ويرى أن هذا الدعم يعدّ ضروريا لتعزيز فرص نجاح المبادرة التركية في حل النزاع وتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي.