هل سيشمل الحظر التجاري الذي تفرضه تركيا.. إسرائيل؟
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
عندما أبدى أردوغان ردَّ فعلٍ قويٍ بقوله: "دقيقة واحدة" لرئيس الدولة الإسرائيلية شمعون بيريز في دافوس، حيث كنت حاضرًا أيضًا بصفتي المستشار الصحفي لرئيس الوزراء آنذاك أردوغان، واجهت صعوبة بالغة في إدارة هذه الأزمة الكبيرة.
فبعد رد فعل أردوغان الشجاع والقاسي على الرئيس الإسرائيلي حينها أمام وسائل الإعلام العالمية، أدرك الجميع أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل لن تعود كما كانت.
تعرّض أردوغان للانتقاد؛ بسبب هذا الموقف ليس فقط في وسائل الإعلام العالمية، بل أيضًا في وسائل الإعلام المحلية في تركيا، لكنه تلقّى كذلك دعمًا كبيرًا من المواطنين والمسلمين في العالم. ومن جهتها، حاولت إسرائيل فعل أسوأ ما لديها، ولكنها لم تستطع أن تلحق الكثير من الأذى بتركيا.
لطالما اعتبر أردوغان أن إسرائيل لا يمكن الاعتماد عليهافي وقت لاحق، رأيت أيضًا الرئيس الأميركي أوباما يتصل بأردوغان ويحاول إقناعه بإصلاح العلاقات مع إسرائيل. وقد حمل أوباما، أردوغان على الاتصال بنتنياهو، بينما توسّل إليه نتنياهو عمليًا لإصلاح العلاقات. وقد سمعت ذلك بأذني. لم يتراجع أردوغان عن هذا الموقف أبدًا، ولم يندم عليه. في ذلك الوقت، قال لأوباما ومن حوله: "إسرائيل لم تفِ أبدًا بوعودها، ولم تحترم أبدًا اتفاقاتها، ودائمًا ما كانت تعكّر صفو السلام في المنطقة".
في عام 2009، اتخذ أردوغان خطوات مهمة لتحسين العلاقات بين سوريا وإسرائيل وفلسطين، وتوصلت هذه الأطراف إلى اتفاق. مع ذلك، هاجمت إسرائيل لبنان ونقضت الاتفاقات مرة أخرى. ومنذ عام 1967، نقضت إسرائيل وعودها مع الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة، ومصر، واستمرت في احتلال الأراضي الفلسطينية وقتل الفلسطينيين.
وفي الواقع، وافقت تركيا في عملية التطبيع التي بدأت العام الماضي تحت اسم اتفاقات "أبراهام" على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن بسبب استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية تحت اسم المستوطنات الجديدة، وقتل المدنيين وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، لم يتم الوفاء بالوعود التي قُطعت في ذلك الإطار.
في العملية التي بدأت مع غزو غزة وأثّرت على العالم أجمع، تدهورت العلاقات مع تركيا مرة أخرى. وهذه المرّة، تركت تركيا قنوات الاتصال مفتوحةً مع إسرائيل على أمل أن تساهم في حل المشكلة. ورغم ردود فعل الرأي العام وقاعدته الانتخابية، لم يقطع أردوغان العلاقات التجارية مع إسرائيل بشكل كامل، ولم يفرض حظرًا. وقد لعب وزير الخارجية هاكان فيدان ومدير المخابرات إبراهيم كالين دورًا تيسيريًا في المفاوضات بين مصر، وقطر، وحماس، وإسرائيل. لكن تجاهلت إسرائيل كل هذه الجهود وواصلت مجازرها بقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني.
وقف كامل للعلاقات التجارية مع إسرائيلفي الأسبوع الماضي، شدّدت تركيا من إجراءاتها ضد إسرائيل، بقطع جميع العلاقات التجارية مع إسرائيل والانضمام للدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا. وعلى الرغم من انتقاد الرأي العام المحلي لهذه الخطوة باعتبارها خطوةً متأخرة، فإن تركيا ربما كانت أول دولة في المنطقة تتخذ مثل هذه الخطوة الملموسة.
حقيقة فرض تركيا حظرًا تجاريًا بمفردها وانحيازها إلى جانب جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لا يغير كثيرًا من الأمر. وينبغي على الدول الإسلامية الأخرى أن تتبنى موقفًا مماثلًا، وإلا فلا يمكن إجبار إسرائيل على التراجع.
يجب على الدول الأخرى أيضًا فرض حظر تجاريإنّ الرأي العام في تركيا حساس للغاية بشأن غزة. وعلى الرغم من أن أردوغان كان يتحدث بقسوة شديدة ضد إسرائيل ونتنياهو في كل اجتماع علني، فإن الناس كانوا يرفعون أصواتهم من أجل اتخاذ إجراءات ملموسة. وأخيرًا، استمع أردوغان إلى هذه الأصوات بقطع جميع أشكال التجارة مع إسرائيل. وقد أخبرني وزير التجارة عمر بولات أنه يأمل أن يكون هذا القرار عبرةً للآخرين. وهو لا يقصد بالطبع الدول الغربية، بل الدول الإسلامية الأخرى- إخوة الفلسطينيين في الدين.
سنرى ما إذا كانت هذه الخطوات التي اتخذتها تركيا ستصبح مثالًا يحتذى به.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
حذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم يحبس أنفاسه مع احتمال تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وذكرت أن ما يقرب من شهر قد انقضى منذ هاجمت إسرائيل قواعد إيران العسكرية، ولا يزال العالم يترقب كيف سترد طهران.
وتتساءل الصحيفة، في تقرير لمراسلتها في روما، لارا جايكس، عن الأسباب التي تمنع القوتين في الشرق الأوسط من الدخول في حرب أوسع نطاقا بدت للوهلة الأولى أنها على وشك الانفجار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحرس الثوري الإيراني: مواجهتنا مع إسرائيل لها امتداد دوليlist 2 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟end of listوربما كان المحللون يتوقعون، منذ وقت ليس ببعيد، أن أي ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، ستؤدي إلى اندلاع حريق فوري، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو.
كواليسوذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك التحركات الدبلوماسية المحمومة "خلف الكواليس" من الولايات المتحدة ودول عربية.
ومع ذلك، فإن تبادل الهجمات "المدروسة والمحدودة" بين إسرائيل وإيران تنذر أيضا بحرب "صدمة وترويع" بينهما، قد تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على معظم دول العالم.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوليان بارنز داسي، مدير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن طبيعة الهجمات المتبادلة تشي -على ما يبدو- بأن الدولتين تدركان مدى خطورة نشوب حرب إقليمية أشد ضراوة، ترغب كلتاهما -على الأرجح- في تفاديها.
واستدرك أن ذلك لا يعني أن النهج الحالي يخلو من مزالق، فهو "مسار محفوف بمخاطر جمة وغير مستدام، سرعان ما قد يخرج عن السيطرة".
التصعيد تدريجياوأضاف أن إسرائيل ربما تتعمد التدرج في التصعيد بنية القيام، في نهاية المطاف، بشيء أوسع نطاقا وأكثر حسما.
ورغم كل ذلك، فإن نيويورك تايمز ترى أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والترويع التي تُستخدم فيها القوة النارية الماحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير قدرات العدو المادية وإرادته في المقاومة، وهو مدلول أطلقه لأول مرة خبيران عسكريان أميركيان عام 1996.
ولعل أبرز مظاهر الصدمة والترويع التي لا تنسى -حسب الصحيفة- تلك التي تجلت في وابل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في بداية غزوها العراق عام 2003، وحربها على أفغانستان عام 2001.
وتعتقد الصحيفة أنه سيكون من الصعب تنفيذ حرب "الصدمة والترويع" في الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط، ذلك أنه يستدعي إشراك قوات برية وتزويدها بعتاد بري وجوي وبحري أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما.
الصدمة والترويعولا تزال الأوساط العسكرية تتداول في إذا ما كان هجوم "الصدمة والترويع" قابلا للتطبيق. وهذا ما ناقشه رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال الأميركي مارك ميلي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، في مقالهما التحليلي الذي نشرته مجلة فورين أفيرز أغسطس/آب الماضي.
وفي ذلك المقال، كتب الاثنان أن عصر حروب الصدمة والترويع، "التي كانت واشنطن قادرة فيها على القضاء على خصومها بقوة نيران قاهرة، قد ولى"، وأن الأسلحة ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي يغيران طبيعة الحرب.
وقد رد محللان في مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، على المقال المذكور بأن حرب الصدمة والترويع تتطور ولم تنتهِ، واستدلا على ذلك بهجوم إسرائيل على حزب الله في لبنان عبر أجهزة النداء واللاسلكي المفخخة.
ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فإن تبادل الهجمات الأشهر الماضية بين إسرائيل وإيران جعل المسؤولين حول العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع نطاقا. وبعد ساعات من الضربات، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي إن بلاده قررت خلق "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.
مخاطرغير أن فرزان ثابت، وهو محلل متخصص في السياسة الإيرانية والشرق أوسطية في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، صرح للصحيفة الأميركية بأن وابل الهجمات الصاروخية المنضبطة يبدو أنه يشير إلى نوع جديد من الحروب.
لكنه حذر أيضا من الأسوأ ربما يحدث حتى الآن، إذ أشارت إيران مؤخرا إلى أنها مستعدة لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل -بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- في حال استُهدفت بنيتها التحتية المدنية.
ويعتقد ثابت أن إيران "تحاول أن تكون لها الكلمة الأخيرة"، بمعنى أنها "تريد أن تُظهر لشعبها وللرأي العام الإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".
ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، فإن نيويورك تايمز تتوقع على نطاق واسع أن ينتهج سياسة خارجية مواتية لإسرائيل، و"يحشد صقورا مناوئين لإيران في حكومته"، مما قد ينقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى مضمار جديد.