توجيه ضربة جديدة للاقتصاد العالمي..و الديون تسجل مستوى قياسياً جديداً
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
وحذر معهد التمويل الدولي (IIF) من أن جهود ما بعد الوباء لخفض الديون قد وصلت إلى نهايتها مع قيام الحكومات بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق وسط عدد قياسي من الانتخابات هذا العام.
وقالت إن الزيادة "كانت مدفوعة في المقام الأول بالأسواق الناشئة"، حيث ارتفع الدين إلى "مستوى غير مسبوق يتجاوز 105 تريليونات دولار".
ويقول صندوق النقد الدولي: ديون الولايات المتحدة والصين تشكل خطراً على الاقتصاد العالمي
وهذا يزيد بمقدار 55 تريليون دولار عما كان عليه قبل عقد من الزمن، وشهدت الصين والهند والمكسيك أكبر الزيادات حتى الآن هذا العام.
وتتعامل الصين بالفعل مع أزمة عقارية تهدد بفرض عبئاً على النمو الاقتصادي لسنوات قادمة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "التيليغراف"، واطلعت عليه "العربية Business".
كما حذر صندوق النقد الدولي (IMF) من أن كومة ديون الهند قد تتجاوز حجم اقتصادها بحلول نهاية العقد حيث تنفق مليارات الدولارات كل عام على التعامل مع الكوارث الطبيعية.
أظهر تحليل معهد التمويل الدولي أن إجمالي الدين العالمي ارتفع بمقدار 1.3 تريليون دولار إلى مستوى قياسي جديد بلغ 315 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، حيث استأنف الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي "مساره التصاعدي" بعد انخفاضه لفترة طويلة بعد عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا.
وأضاف معهد التمويل الدولي أن الزيادات في الديون الحكومية أدت إلى الارتفاع بين الاقتصادات المتقدمة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 حيث يهدد التضخم الأميركي العنيد بإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
وقال معهد التمويل الدولي في أحدث مراقب له للديون: "بالنظر إلى التضخم "الثابت" في الولايات المتحدة والتأخير المتوقع لخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن ارتفاع الدولار ... قد يؤدي مرة أخرى إلى تسليط الضوء على ضغوط الديون الحكومية، خاصة بالنسبة للدول النامية".
وحذر من أن الرئيس الأميركي جو بايدن يشرف على كومة ديون متزايدة باستمرار، حتى في الوقت الذي كانت فيه الأسر في أكبر اقتصاد في العالم تسدد الأموال المستحقة على القروض الشخصية وبطاقات الائتمان.
"في حين أن صحة الميزانيات العمومية للأسر يجب أن توفر وسادة ضد ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول على المدى القريب، فإن عجز الميزانيات الحكومية لا يزال أعلى من مستويات ما قبل الوباء ومن المتوقع أن يساهم بنحو 5.3 تريليون دولار في تراكم الديون العالمية هذا العام".
في الشهر الماضي، حث صندوق النقد الدولي الحكومات في جميع أنحاء العالم على مقاومة إغراء خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق على أمل الفوز بالأصوات في "أكبر عام انتخابي على الإطلاق".
وقال صندوق النقد: "في هذا العام الانتخابي العظيم، يجب على الحكومات ممارسة ضبط النفس المالي للحفاظ على المالية العامة السليمة". كما حذرت مجموعة الضغط المصرفية التابعة لمعهد التمويل الدولي من أن "الاحتكاكات التجارية المتزايدة والتجزئة الجيواقتصادية الأعمق والتي يمكن أن تقلل من قدرة الأسواق الناشئة على خدمة الديون الخارجية" حيث تعاني العديد من الاقتصادات النامية من ارتفاع الديون المقومة بالدولار.
إيكونوميست: سياسة الاقتراض الأميركية قد تؤدي الى أزمة عالمية وقالت: "على الرغم من أن التوقعات الاقتصادية العالمية المتفائلة نسبياً على المدى القريب تعد عاملاً إيجابياً لديناميكيات الديون، إلا أن التضخم العنيد، خاصة في الولايات المتحدة، لا يزال يشكل خطراً كبيراً، مما يفرض ضغوطاً تصاعدية على تكاليف التمويل العالمية.
"إن الاحتكاكات التجارية المتزايدة والتوترات الجيوسياسية تمثل أيضاً رياحاً معاكسة محتملة كبيرة لأسواق الديون.
وبينما تهدف الصين إلى أن تصبح المورد الرائد على مستوى العالم لتكنولوجيات الطاقة النظيفة الجديدة، فإن القيود الأكثر صرامة على سلسلة التوريد، والتي تغذيها سياسات الحماية الخاصة بالصناعة، يمكن أن تبقي التضخم وأسعار الفائدة أعلى من مستويات الوباء.
ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يقوض تدفقات التجارة والاستثمار ويقلل بشكل أكبر من قدرة الأسواق الناشئة والحدودية على خدمة الديون الخارجية
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: معهد التمویل الدولی تریلیون دولار صندوق النقد هذا العام
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: التعريفات الجمركية.. ما بين فرصة للاقتصاد المصري وتهديد للاقتصاد العالمي
منذ عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، بات واضحًا أن العالم يشهد اضطرابًا حادًا على مختلف الأصعدة، لا سيما في الملفات الجيوسياسية والاقتصادية. فقد تفاقمت التوترات الدولية وتصاعدت الصراعات التجارية ، وازدادت حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، مما انعكس على استقرار العديد من الدول والسياسات، وإعادة تشكيل التحالفات، وتغيير الأولويات في السياسة الخارجية، جميعها تؤكد أن مرحلة جديدة من عدم الاستقرار قد بدأت، مما يفرض على الدول والشركات وحتى الأفراد إعادة تقييم استراتيجياتهم المستقبلية لمواجهة هذه التحديات.
وفي هذا الإطار، أثارت التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات -التي كانت تشمل الصين والمكسيك وكندا قبل رفع الاخيرتين- ، تساؤلات واسعة حول تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي، إذ تشهد الأسواق العالمية اضطرابات حادة بعد أن تعاطت الصين بقوة على التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية، وتشمل التدابير المضادة فرض ضريبة بنسبة 15% على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وضريبة بنسبة 10% على النفط الخام والآلات الزراعية والشاحنات الصغيرة والسيارات ذات المحركات الكبيرة.
وهو الأجراء الذي ينذُر بتصعيد سريع في الحرب التجارية يضع الاقتصاد العالمي أمام تحديات جديدة، مما يزيد من تقلبات الأسواق المالية إذ تشير التجارب السابقة إلى أن مثل هذه السياسات الحمائية تؤدي غالبًا إلى مفاوضات لاحقة، لكن مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، يبدو أن مسار المواجهة ما زال هو الأقرب في المرحلة الحالية. وستتحدد ملامح هذه المواجهة بناءً على قدرة الأطراف على التفاوض وإيجاد حلول وسط.
وعلي هذا الأساس، سوف ينطلق هذا المقال من تناول هذا الملف من 3 توجهات، الأولي تأثير هذه الإجراءات على الأسواق والشركات الأمريكية وقدرتها على المنافسة، ثانيا على الخريطة التجارية العالمية مع الولايات المتحدة والتبعات علي مسارات الاقتصاد العالمي، وأخيرا استقراء تأثير ذلك على الاقتصاد المصري؟
أولاً: على صعيد تبعات هذه الإجراءات على الداخل الأمريكي، علي الرغم من أن قرارات رفع التعريفات الجمركية قد يُنظر إليها كونها قرارات سياسية وتسُتخدم كأداة لمعالجة مشاكل لا تتعلق بالتجارة فقط، إلا أن ترامب يعزي ذلك إلى خفض عجز الميزان التجاري لبلده الذي يميل لصالح دول عدة وتكتلات اقتصادية في المعاملات البينية، علاوة على ذلك يهدف إلى استعادة المصانع التي افتتحت في دول أخرى لاستغلال عوامل الإنتاج الأرخص، فضلا عن توفير المزيد من فرص العمل في الاقتصاد الأميركي.
حيث اتجهت العديد من التقديرات إلى أن هذه السياسات قد تضعف قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة، كما أنها ستنعكس سلبًا على علاقات التجارة الدولية للولايات المتحدة، فوفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن هذه الرسوم الجمركية، التي اقترحها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قد تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي الأمريكي المتوقع بنسبة 2.3% في عام 2025، بمقدار 0.9% إضافية حال تنفيذ إجراءات رد فعل من الدول المتضررة.
أما على مستوي الاقتصاد العالمي، فإن فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10% قد يؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي العالمي، الذي يعاني بالفعل من تباطؤ، بنسبة 2.7% في عام 2025، خاصة إذا واجه الشركاء التجاريون الولايات المتحدة بإجراءات انتقامية مماثلة. وهو ما حدث بالفعل من قبل الصين التي صرحت ببعض الإجراءات الانتقامية في هذا الإطار.
ورغم ذلك، فإن الأزمات بطبيعتها تفُتح آفاقًا جديدة لمن يملك أدوات وآليات التعامل معها، فباستذكار مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي: “ عند صياغة كلمة أزمة باللغة الصينية، فإنها تتكون من حرفين: أحدهما يمثل الخطر، والآخر يمثل الفرصة.” وهو ما ينطبق تمامًا على الوضع الحالي، حيث تحمل كل أزمة في طياتها فرصًا للنمو وإعادة هيكلة.
ومن ثم، وعلى نطاق محاولة استقراء التأثير على الاقتصاد المصري، فإن توجه الإدارة الأمريكية نحو إعادة تفعيل تعريفات جمركية جديدة بموجب الأقسام 201 و232 و301 من قوانين التجارة الأمريكية، والتي تستهدف واردات الصين بشكل رئيس، تبرز فرص غير مسبوقة أمام الاقتصاد المصري.
فمن المتوقع أن تؤدي تلك الإجراءات إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، مما يفتح المجال أمام مصر لتعزيز مكانتها كبديل تنافسي في الأسواق الدولية، من خلال تفنيد ابرز القطاعات والسلع التي تتأثر بشكل مباشر ومحاولة توطينها في مصر أو توطين أحد مكوناتها، وقد يهدف هذا التحليل إلى استكشاف القطاعات الواعدة وآليات الاستفادة من تلك التحوّلات لتحقيق مكاسب استراتيجية لمصر.
وترتكز تلك الفرصة في صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة بالنظر إلى أن النسبة الأكبر من صادرات الصين وبعض الدول الآسيوية إلي الولايات المتحدة تتمثل في المنسوجات، حيث تقدر وفقاً لإحصائيات وزارة التجارة الأمريكية عام 2022 بنحو 300 مليار دولار سنويا، بالإضافة إلي ذلك قد حققت صادرات مصر من القطاع نحو 3.5 مليار دولار عام 2023
هذا بالإضافة إلى أنه وفقاً لبيانات المجلس التصديري للغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر، بلغت صادرات القطاع حوالي 3.5 مليار دولار عام 2023، إلى جانب القطاع الزراعي الذي يبرز فرصة استراتيجية لمصر في ظل مواجهة الصين تعريفات على بعض صادراتها من الخضروات والفاكهة للولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلي أن مصر تعد من ابرز الدول المتنامية في تصدير الفاكهة كالفراولة والموالح وخاصة البرتقال؛ إذ بلغت قيمة صادرات الموالح نحو 900 مليون دولار سنوياً عام 2022 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأخيرا، فهناك فرص تكمن في القطاع الصناعي الذي يُنظر له في الكثير من الخطط الاستراتيجية علي أنه قاطرة التنمية الاقتصادية والتنمية الشاملة، لاسيما أن مصر تمتلك مناطق صناعية مؤهلة عديدة (QIZ) في العاشر من رمضان، وبرج العرب، وبور سعيد، إلي جانب توافر حوافز ضريبية تصل إلي إعفاءات 5-10 سنوات في بعض المناطق، كما يُقترح في هذا الصدد تعزيز فكرة التصنيع المشترك (JOINT MANUFATURING) ) علي غرار تجربة الصين في مصر لانشاء خطوط انتاج للسيارات.
ختاماً، في ظل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وفرض ترامب تعريفات جمركية على الواردات الصينية، تجد مصر نفسها أمام فرص استراتيجية لتعزيز موقعها الاقتصادي، من خلال تطوير قطاع التصنيع المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن بدائل تنافسية للصين، وتعزيز مكانتها كمركز لوجستي يربط الأسواق العالمية، ومن ثم يمكن لمصر الاستفادة من هذه التغيرات لتعزيز النمو الاقتصادي، ومع اتباع سياسات مرنة وداعمة للاستثمار، إلى جانب تطوير البنية التحتية وتحفيز التصنيع، بما يمكن مصر ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في سلاسل التوريد العالمية، ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.