ما السلام الذي يريده الغرب لفلسطين؟
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
وصلت حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة إلى منعطف حرج مرة أخرى رغم الفرحة التي رآها العالم مساء أمس الأول لدى سكان القطاع بعد أن أعلنت حركة حماس موافقتها على مشروع وقف إطلاق النار الذي يقود مع الوقت إلى هدوء يوقف الحرب تماما وفق ما تناقلته وكالات الأنباء.
لكنّ نتانياهو الذي لم يكن في يوم من أيام الحرب يعمل على وقفها أو يتصور ذلك، ما زال مصرا على اجتياح رفح، أو هو بشكل عملي يمهد الاجتياح بالنظر إلى القصف اليومي العنيف الذي يتعرض له القطاع وبدء عملية ترحيل جزء كبير من النازحين إلى رفح إلى ما سميت «المنطقة الإنسانية».
ورغم أن موافقة حماس على مقترح الوسطاء «مصر وقطر وأمريكا» وضعت إسرائيل ورئيس وزرائها على المحك العالمي إلا أن إسرائيل لا يبدو أن أي محك عالمي يعني لها شيئا في هذه المرحلة الخطرة من الحرب التي فيها «وصل الدم للركب» كما يقال في سياق المثل العربي، ولن يزيد تأججها قليلا، وربما كثيرا حفيظة أحد أكثر مما هو الوضع الآن.
إن الفشل في الاتفاق على وقف إطلاق النار لا يعني فقط قرب موعد اجتياح رفح ولكنه أيضا يهدد بمضاعفة خطر المجاعة في الشمال ووسط القطاع وإطالة أمد معاناة المدنيين وبشكل خاص الأطفال والنساء، بل إنه يهدد بتصعيد الصراع إلى مساحات أخرى جديدة مع استمرار تهديدات أنصار الله الحوثيين إلى بدء ما أسموه بالمرحلة الرابعة من نصرة غزة مع ما يترتب على ذلك من عواقب جيوسياسية أوسع نطاقا.
إن إصرار نتانياهو على تفكيك حركة حماس بشكل كامل ووضع ذلك شرطا أساسيا لوقف إطلاق النار يعني بشكل آخر أنه لن يوافق على أي مشروع لوقف الحرب فهذا الشرط غير منطقي أبدا في ظل الحديث عن حركات المقاومة والتحرر الوطني في العالم؛ فحماس وجميع حركات المقاومة في فلسطين هي فكرة، وعقيدة والفكرة لا تموت أبدا، وحماس لن تنتهي بصفتها حركة مقاومة إلا بتحرير فلسطين حتى لو قتلت إسرائيل جميع أعضائها.
الواضح الآن أن إسرائيل لن توافق على وقف إطلاق النار، وهي ذاهبة إلى اجتياح رفح وارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية هناك وكما سكتت دول الغرب عن الجرائم التي ارتكبت في الشمال والوسط من غزة سيسكت العالم عما سيجري في الجنوب، وحتى الإدانات التي يمكن أن نسمعها هنا وهناك لن تكون مقرونة بعمل ميداني يتمثل على أقل تقدير في وقف جسور الأسلحة القادمة من أمريكا.
وعلى العالم الذي يدعي دعمه للسلام أن يعيد تعريف مفهوم السلام من جديد بعد هذه الحرب/ الجرائم حتى يعرف الجميع الدلالة الحقيقية للسلام الذي يسعى العالم إليه، وإلا فإن العالم أجمع ذاهب إلى مأزق كبير جدا سيقود مع الوقت إلى ظهور حروب طاحنة في الكثير من بقاع العالم لن يحترم فيها لا حقوق إنسان ولا قوانين دولية ولا أي من قواعد النظام العالمي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
استبعاد إسرائيلي لعودة القتال في غزة.. حماس بعيدة عن الانهيار
تواصل صحف الاحتلال الإسرائيلي، تسليط الضوء على ما بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والذي تم تنفيذه بعد 15 شهرا من الحرب المدمرة، وسط استبعاد من المحللين والخبراء الإسرائيليين بعودة القتال، رغم التحديات التي تواجه مفاوضات المرحلة الثانية.
وقال الخبير الإسرائيلي يهودا بلانغا، إنّ "التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لإطلاق سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين، مقابل تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين، يعني أن الحرب قد انتهت".
وأضاف بلانغا في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" وترجمته "عربي21" أنه "بعد فترة هدوء طويلة تستمر 42 يوما، لن يكون لدى الجانبين مصلحة بإعادة إشعال الصراع"، مشيرا إلى أن تل أبيب سئمت من 470 يوما من القتال والصراعات السياسية والقانونية.
وتابع: "حماس ستختار الاستمرار في وقت إطلاق النار لإعادة تأهيل قيادتها ونشطائها، مع الإشارة إلى حقيقة تاريخية مفادها، أنه باستثناء حرب 1948، فإنه خلال الحروب الإسرائيلية العربية الثمانية، أصبحت كل هدنة أو وقف لإطلاق النار مسألة دائمة، وبعدها سيكون المجال متاحاً للجدل الاسرائيلي الداخلي حول لجان التحقيق، وحقيقة الرواية المتروكة للأجيال القادمة، بين ما حققته من نصر كامل أو أعظم فشل".
وأردف قائلا: "سيكون مثيرا للاهتمام رؤية كيفية كتابة (طوفان الأقصى) في إطار الصراع الشامل في التاريخ الفلسطيني"، معتقدا أن "حماس ستجري تحقيقات داخلية لاستخلاص الدروس والعبر من الأخطاء، والانتظار بين أن تعلن نجاح الحرب أم فشلها، وما الرواية التي ستترسخ في أذهان الفلسطينيين بشأنها".
واستدرك بقوله: "منظور حماس في سياق الحروب الإسرائيلية يختلف عن منظور تل أبيب، لأن تصورها لجوهر النصر متشابه، وتعتبر أن خسارة الأرواح البشرية والبنية الأساسية ليست مهمة، لأنها تضحيات ضرورية من أجل الهدف الأسمى".
البقاء على قيد الحياة
ورأى أن "ما يهم حماس هو منع العدو من هزيمتها وخسارتها للأرض، والأهم البقاء على قيد الحياة، وهذا يعني النصر من وجهة نظرها، وهو الحال القائم منذ عام 2006، عقب وصولها للسلطة بعد فوزها بالانتخابات".
وتابع: "حماس تؤمن أن المعركة الأخيرة ضد إسرائيل هي مرحلة جديدة في إطار الحرب الدينية الطويلة، وقد عبّرت عن هذه النقطة بشكل واضح في المادة السابعة من ميثاقها، حين أكدت أنها إحدى وحدات الجهاد في مواجهة الغزو الصهيوني، وهذا يغني أن الحرب ضد اليهود تتطلب الصبر والتضحية".
وذكر أن "حماس مقتنعة أن استعداد تل أبيب لوقف إطلاق النار، يعبّر عن ضعفها ومؤشر بارز على هزيمتها"، مشيرا إلى أن الحركة لا تزال متمسكة بمبادئها، ونجحت في تحقيق أهدافها المتمثلة بتحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية، إلى جانب وقف التطبيع وإقامة الدولة الفلسطينية وإعادة القضية الفلسطينية على الأجندة العالمية.
الكاتبة اليمينية سارة هعتسني كوهين زعمت أن "الأهم بالنسبة لحماس هو انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، ما استدعى منه أن يقاتل بقوة أكبر، ويحتل شمال القطاع، ولا يجلب المساعدات للفلسطينيين، ما يؤكد أن اتفاق وقف إطلاق النار سيئ، والأثمان التي يُطلب من تل أبيب دفعها مقابله صعبة، وعواقبها خطيرة، ولذلك أعتقد أنه ما كان ينبغي قبوله، رغم إدراكي للحجج المؤيدة والمعارضة له، لكن الجمهور الإسرائيلي سيبقى ينظر بعيون دامعة لتوابيت المختطفين القتلى بدلاً من الأحياء العائدين".
وأضافت في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل بعد خمسة عشر شهراً من القتال، وضعت الحكومة هذه الصفقة على الطاولة، وهي نتيجة بائسة للغاية، لأنها صفقة سيئة، والثمن الذي يتعين أن ندفعه مقابلها باهظ وخطير، وكذلك عواقبها، لأنها لن تطلق سراح آلاف الأسرى الخطيرين فحسب، بل ستلغي العديد من إنجازات الحرب التي تحققت بالكثير من العناء والدماء، ووافقت على الانسحاب من محور نتساريم، وعودة مليون فلسطيني لشمال القطاع، والتدفق المستمر لشاحنات المساعدات".
حماس أعادت بناء نفسها
وأشارت أنه "في المقابل، وعلى مدى أيام طويلة، حرصت حماس للغاية حتى آخر سنتيمتر في رسم خريطة الانسحاب، وبعد خمسة عشر شهراً من القتال، لا تزال الحركة على قيد الحياة، وتتنفس، وتقاوم، وتقدم لنا المطالب، وتستمر في الإساءة لإسرائيل بأكملها، الأمر الذي يؤكد أنه على النقيض من حرب الشمال، فقد كانت إدارة حرب غزة فاشلة، لأن هيئة الأركان العامة والمستوى السياسي، قرروا خوضها على مراحل، بعد الانتهاء من مرحلة قطع الأشجار، والشروع بمرحلة شنّ الغارات".
وأكدت أنه "خلال مرحلة الغارات الجوية، تمكنت حماس من إعادة بناء نفسها، إلى الحدّ الذي جعل شمال قطاع غزة يكلف الجيش الإسرائيلي أكثر من خمسين جنديا، بعد أن قاتل هناك بالفعل في بداية الحرب، ما يؤكد أننا أمام صفقة سيئة، لأن إدارة الحرب الفاشلة، بجانب المفاوضات الفاشلة، أدت لنتيجة بائسة، حيث لا تزال حماس في موقف المطالب".
وختمت بالقول إن "هذه المعطيات ستجعل العودة للقتال مستحيلة تقريباً، بسبب الانسحاب، وعودة فلسطينيي غزة لديارهم، وبسبب بقاء المختطفين في الأسر، وهكذا لم تحقق حرب غزة أي تقدم يذكر، بل إنها فشلت حتى الآن، وحماس بعيدة كل البعد عن الانهيار، وإذا كان هذا الاتفاق الذي حققه الاحتلال بعد 15 شهرًا، فهذا يعني أنه فشل".