صحيفة البلاد:
2025-02-01@12:01:05 GMT

عبدالغني قستي وأدبه

تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT

عبدالغني قستي وأدبه

قال عنه رئيس تحرير جريدة عكاظ الأسبق الصحفي الكبير الاستاذ عبدالله عمر خياط -رحمه الله- هو شاعر.. وهو ناثر.. هو كاتب.. وهو صحفي عَلَمٌ كبير.. متفرّد في شعره عن معاصريه بخروجه عن سرب الشعراء التقليديين بما خلفه من شعر.. هو ذوب الوجدان، جميل التعبير والبيان، هو صادق في وفائه الذي أكسبه محبة الكثير .

وقال عنه بصدق الأستاذ حسن عبدالحي قزاز-رحمه الله -أحد رواد الصحافة السعودية وأول رئيس تحرير لجريدة البلاد بعد اندماجها مع جريدة عرفات عام 1378م : «أنا أرى أستاذي ومعلمي عبدالغني قستي رغم صمته كان أعلى طولاً وأقوى وقوفاً وأكثر صموداً أمام أحداث الصحافة وتغيراتها من كل المتحدثين”

ولد الأستاذ عبدالغني بن محمد يونس قستي بمكة المكرمة عام 1346هـ، ودرس في كتاتيبها وحفظ بها القرآن الكريم، وبعد أن أتم الدراسة الإبتدائية بالمدرسة الصولتية بمكة المكرمة عام 1364هـ ،التحق بأمانة العاصمة المقدسة إلا أن عشقه للصحافة نقله للعمل مصححاً بجريدة (البلاد السعودية) عام 1372 هجرية، وفي عام 1374هـ عُين بها محرراً وتولى الإشراف على زاوية (دنيا الطلبة) الأسبوعية التي كان ينشر بها مشاركات الشباب والطلاب شعراً ونثراً، وكان من بين هؤلاء الطلاب محمد سعيد الخالدي من طلبة المعهد العلمي بمكة، وعبد الكريم نيازي الطالب بالعزيزية الثانوية، وعبدالله عبد الرحمن جفري الطالب بالرحمانية الثانوية وأسامة احمد

السباعي ومحمدعبده يماني وحمزه فوده ونبيه الأنصاري وغيرهم من ناشئة الأدب.

والذين عمل الكثيرون منهم في المجال الصحفي والإعلامي بعد ذلك .وفي عام 1378هجرية أصبح سكرتيراً لتحرير الشؤون الداخلية ، وفي عام 1381هجرية عين مديراً للتحرير.
كانت صفحات جريدة البلاد في تلك الفترة زاخرة بأسماء عدد من رموز الفكر والأدب والرأي الذين يكتبون فبها ومن بينهم الأساتذة :عزيز ضياء، فؤاد شاكر، أحمد إبراهيم الغزاوي، محمد حسن فقي، حمد الجاسر، طاهر زمخشري، عبدالله عبدالجبار، أحمد وصالح جمال، محمد صالح باخطمة، مقبل العيسى وثريا قابل.

وكانت الجريدة تحتوي العديد من الصفحات المنوعة الشاملة التي تدل على روح الإدارة التي تعمل عليها وتخطط لها.
وفي بداية عهد صحافة المؤسسات عام 1384 هجرية، أصبح الأستاذ القستي نائباً لرئيس تحرير البلاد الأستاذ عبدالمجيد شبكشي ثم مع الدكتور عبدالعزيز النهاري -رحمهم الله جميعا- قبل أن يغادر الجريدة التي أعطاها الكثير من الحب والإخلاص والتفاني.
كما أشرف لفترات متقطعة على تحرير مجلة (أقرأ)، وقد عرف القستي – رحمه الله – في صحيفة البلاد بزاويته اليومية «لمسات» إلى جانب كتابته لافتتاحية الصحيفة، وقد عرف عنه كل الذين عملوا معه وعايشوه عن قرب ،حبه للناس وتواضعه وهدوءه وعشقه للصحافة التي أحبها وأخلص لها وكان له تلاميذه الذين تخرجوا من مدرسة البلاد الصحفية وأصبحوا فيما بعد صحفيون يشار إليهم بالبنان.

لم يكن الأستاذ عبدالغني قستي رجلاً يأبه للمناصب الصحفية، ولم يسعَ إلى الأضواء بل كانت الصحافة عشقه الدائم ،ومن واقع تجربتي الشخصية عندما بدأت أول مشواري مع العمل الصحفي عام 1395هجرية محرراً متعاوناً مع جريدة البلاد الحبيبة والتي كانت تمثل بالنسبة لي وللكثيرين مدرسة رائدة في الصحافة السعودية، كان العمل مع الأستاذ عبدالغني قستي متعة لاحدود لها، فهو بالنسبة لي ولغيري أستاذ في العمل الصحفي والأدب والثقافة، يمنح الدعم والنصح والثقة والتوجيه للجميع وكان الجميع ينظرون إليه كموجه يسترشدون بآرائه وملاحظاته الثاقبة ،ويجدون في شخصيته جمال المواقف الإنسانية وحسن التعامل بأوسع معانية .وإلى جانب عمله بالصحافة التي أحبها ومنحها الكثير من وقته ،فإن الأستاذ عبدالغني قستي -رحمه الله- كان شاعراً رومانسياً مجيداً مرهف الإحساس وكاتباً بليغ الكلمة ومؤثراً ومبدعاً من جيل الرواد..ولكنه كان مقلاً في الكتابة والنشر؛ فلا يعرف له سوى مجموعة شعرية واحدة بعنوان : ( أحزان قلب ) نشرته له دار الكشاف ببيروت عام 1955م.

تجسد قصائده لوعة المبدع وأحزانه، ويستحق شعره المبثوث في بطون الصحف والمجلات ،إلى من يقوم بجمعه وإعداد دراسة نقدية متعمّقة عنه تضعه في مكانه الذي يستحقه باعتباره تجربة من التجارب الشعرية المميزة في مشهدنا الأدبي.
توفي الأستاذ عبدالغني قستي -رحمه ألله رحمه واسعه واسكنه فسيح جناته- عام 1431 هجرية عن عمر يناهز ال 85 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً فكرياًً وأدبياً امتزجت فيه روح صحفي وفي لقواعد وأصول مهنته عزيز النفس وافر العطاء، وستظل ذكراه حيّة في قلوب محبيه وعارفي فضله.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي رحمه الله

إقرأ أيضاً:

حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

يبقى المعلم هو العمود الفقري في جميع هياكل وأسس التربية والتعليم، فهو الذي ينفخ في عقولنا، ويُجري في عروقنا دماء العلوم والفنون والآداب. ففي عوالم التعليم هنالك عوامل شتى ومؤثرات كثيرة تجمع بين المناهج والمقررات والكتب والمحاضرات والإدارة والأجواء المدرسية والتوجيهية والواجبات البيتية والنشاطات الأخرى، تشترك كلها في التوجيه والتأثير بنسب متفاوتة، ولكن يظل المعلم هو العصب الحي للتعليم. .
وهنالك حالات بعيدة كل البعد عن هذه الأجواء، حالات يمكن ان نعدها صادمة أو غير عادلة. ولا تنتمي إلى الأوساط التربوية والتعليمية. .
اذكر في عام 1966 كنا طلابا في متوسطة الوحدة الواقعة خلف مستشفى الموانئ بالبصرة. وكان مديرها: الأستاذ (عدنان أحمد عبد الرحيم). واذكر ان الطائرة المروحية، التي كانت تقل الرئيس عبد السلام عارف، سقطت في منطقة النشوة، داخل الحدود الإدارية للبصرة، فخرج المدير (عدنان) يبكي ويذرف الدموع حزنا وألما على فراق السيد الرئيس، وكان بيده راديو ترانزستور يسمع منه الأخبار. .
كان المدير (عدنان) محسوبا على القوميين العرب، ومن المؤيدين لعبد الناصر وعبد السلام. فقرر في ذلك اليوم تعطيل الدوام الرسمي، وطلب من التلاميذ العودة إلى بيوتهم. .
كانت المدرسة تضم شريحتين متناقضتين من التلاميذ. بعضنا ينتمي إلى الطبقة الثرية المترفة، وبعضنا ينتمي إلى الطبقة الفقيرة المسحوقة. .
أنا بطبيعة الحال كنت من الطبقة المسحوقة جدا، وكان معي اثنان من أشقائي. فذهبنا في العام التالي إلى غرفة الإدارة لطلب المساعدة بغية الحصول على المقررات الدراسية بلا مقابل مادي. كان الأستاذ (عدنان) يجلس في الصدارة والى جانبه الأستاذ (حميد الفريح). قال لنا بنبرة حادة: ماذا تريدون ؟. قلنا له نريد أعفاءنا من مبالغ الكتب الدراسية ونحن اخوة. فزجرنا بغضب، وقال لنا: انتم من بيئة منحطة. .
لم نكن نعرف معنى مفردة (منحطة) فهي غير متداولة في القرى والأرياف. حتى اصدقائي لا يعرفون معناها، لكن تلك الكلمة ظلت عالقة في ذهني. . حزنت كثيرا عندما اكتشفت معناها، فالرجل كان يعامل أبناء الذوات بطريقة تختلف عن أبناء الفقراء، كان يكرهنا ويبغضنا دونما سبب. .
وفي بداية عام 1981 كنت اعمل بالموانئ بدرجة ضابط خفارة ملاحية، فلمحت الأستاذ (عدنان) من بعيد، واندهشت من عمله في القسم القانون بدرجة موظف في الأرشيف، ثم تبين لي أنهم طردوه من سلك التعليم بسبب تبعيته غير العراقية، وغير العربية. .
من كان يتوقع ان الرجل القومي المتشدد لم يكن عربيا !؟!. .
لم اكلمه ولم أعامله مثلما كان يعاملنا في تلك الأيام. ثم سألت عنه بعد حين، فقالوا انه طلب الإحالة إلى التقاعد، ورحل. . .
ظلت ارواحنا مقيدة بين شيئين: الذكريات والأقدار. فلا هذا يرحم، ولا ذلك نستطيع الفرار منه. ومع ذلك لا تفكر في الانتقام من أي إنسان، ولا تتشفى به. فقط راقب المشهد من بعيد وانظر لما سوف تفعله الأيام، فهي كفيلة بكل المتغيرات والانقلابات. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • من ذكريات مجلس الخاقانيمجازفة ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر بطلها وجيه عباس
  • ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟ عالم أزهري: في هذه «الصلوات فقط»
  • بن رحمه ينضم رسمياً إلى نيوم
  • «المفتي»: الأمن في الأوطان هو المظلة التي تحفظ المقاصد الشرعية
  • ماتت فى سبيل الله.. وسط دموع المحافظ ووزير الأوقاف تكريم الأسرة القرآنية التي فقدت متسابقة ووالدتها فى المسابقه
  • محافظ بورسعيد يستقبل وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية بديوان عام المحافظة
  • ملك البحرين يقدم العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز
  • ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله
  • حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة
  • بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة