لجريدة عمان:
2024-12-20@22:17:36 GMT

تغير المناخ تهديد صحي أشد ضراوة مما نظن

تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT

مانيكا بالاسيجارام

من المعتقد على نطاق واسع أن تغير المناخ يشكل التهديد الأعظم على الإطلاق لصحة البشر. الواقع أن زيادة الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين ــ وهي العتبة التي من المرجح أن نتجاوزها بحلول نهاية القرن ــ قد تودي بحياة ما يصل إلى مليار إنسان، وسوف تكون الظواهر الجوية الشديدة القسوة، وموجات الحر، والجفاف، والفيضانات، وتفشي الأمراض المعدية، ونقص الغذاء بين أسباب الوفاة.

لكن الوضع قد يكون في حقيقة الأمر أشد سوءا، لأن التوقعات الحالية لا تعبر عن الزيادة الحتمية في مقاومة مضادات الميكروبات.

من الممكن أن يخلف تغير المناخ تأثيرا عميقا على مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تشير الأدلة على نحو متزايد إلى أن أحداث الطقس القاسية وارتفاع درجات الحرارة العالمية قد تعمل على تسهيل ظهور وانتشار مسببات الأمراض المقاومة للأدوية. لكن النماذج التي تسعى إلى قياس التأثيرات الصحية الناجمة عن تغير المناخ تتجاهل الخطر المتزايد المتمثل في مقاومة الأدوية، وكذا حال الاستجابات السياسية للانحباس الحراري الكوكبي ــ وهذا إهمال جسيم من شأنه أن يعيق قدرتنا على علاج العدوى والحفاظ على صحة الناس.

على الرغم من زيادة احتمالات تسبب الكوكب الأكثر دفئا في انقراض ما يقرب من 11000 نوع، فإنه من الممكن أن يعمل في ذات الوقت على تحسين ظروف انتشار البكتيريا والفطريات. ترتبط درجات الحرارة الأعلى بزيادة النمو البكتيري ومعدلات العدوى، وقد تفرض أيضا ضغوطا انتقائية على الميكروبات فتحملها على التحور وتطوير مقاومتها للمضادات الحيوية.

وجدت دراسة حديثة في الصين أن كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في حرارة الهواء كانت مرتبطة بزيادة بنسبة 14% في حالات عدوى الكلبسيلة الرئوية (Klebsiella pneumoniae) المقاومة للأدوية وزيادة بنسبة 6% في حالات عدوى الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa) المقاومة للأدوية. على نحو مماثل، ستؤدي الأحوال الجوية القاسية، وخاصة الفيضانات والجفاف، إلى زيادة انتشار أمراض معدية منقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفويد، فضلا عن مقاومة الأدوية. وكثيرا ما تؤدي مثل هذه الأحداث إلى تعطيل القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، مما يجعل الوقاية من العدوى ومكافحتها أشد صعوبة.

علاوة على ذلك، تميل الكثافة الحضرية إلى تسريع انتقال مسببات الأمراض. وفقا لبعض التقديرات، ربما تؤدي أزمة المناخ إلى نزوح 1.2 مليار إنسان بحلول عام 2050، وقد يؤدي هذا في الأرجح إلى مدن يزداد ازدحامها على نحو مستمر.

الحق أن مقاومة مضادات الميكروبات معترف بها بالفعل باعتبارها أزمة عالمية متزايدة الحدة. في عام 2019، ارتبطت مقاومة مضادات الميكروبات بما يقرب من خمسة ملايين وفاة، وهذا يجعل مقاومة الأدوية واحدة من أكبر مسببات الوفاة في العالم. وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات واحدة من عشرة تهديدات كبرى للصحة العالمية، إلى جانب تغير المناخ، وزعماء العالم جادون في التصدي لهذه المشكلة، حيث من المقرر عقد اجتماع رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. لكن كثيرين ما زالوا يعتقدون أن مقاومة مضادات الميكروبات تختلف عن الانحباس الحراري الكوكبي. على سبيل المثال، لم يشر تقرير العد التنازلي الأخير الصادر عن مجلة لانسيت حول الصحة وتغير المناخ إلى مقاومة مضادات الميكروبات، أو مقاومة الأدوية، أو المضادات الحيوية. على نحو مماثل، نجد أن الأمانة الرباعية لمبادرة صحة واحدة ــ التي تضم منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ــ فشلت في دراسة العلاقة بين الانحباس الحراري الكوكبي ومقاومـة مضادات الميكروبات، ناهيك عن الكيفية التي ستؤثر بها مقاومة مضادات الميكروبات على المخاطر الصحية المترتبة على تغير المناخ.

إن المجتمع الدولي يستخف بشدة بتأثير تغير المناخ على صحة الناس وقدرتنا على علاجهم. للاستعداد لأزمة مقاومة مضادات الميكروبات المتصاعدة، يتعين علينا أن نعتمد بشكل متزايد على الوقاية من العدوى ومكافحتها، والأهم من ذلك، ضمان الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية الـفَـعّـالة. سوف يتطلب هذا تطوير مضادات حيوية جديدة، وهو ما لا يكون جذابا من منظور شركات الأدوية غالبا، فضلا عن تنفيذ الاستثمارات المناسبة وإنشاء الحوافز اللائقة حتى يتسنى وصول المضادات الحيوية الحالية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها.

لتحقيق هذه الغاية، تعمل منظمات مثل منظمتي، الشراكة العالمية للبحث والتطوير في مجال المضادات الحيوية، على تشجيع إنتاج أدوية جديدة وتحسين القدرة على الوصول إلى المضادات الحيوية الأساسية الموجودة بالفعل في السوق، وخاصة في البلدان الأدنى دخلا. وسوف يصبح الاستخدام العادل للمضادات الحيوية وتوزيعها أمرا متزايد الأهمية، لأن المجتمعات الأكثر فقرا، كما هي حالها مع تغير المناخ، تكون الأشد تضررا عادة من مقاومة مضادات الميكروبات. لكن هذا لن يكون كافيا. يتعين على صناع السياسات على مستوى العالم أن يزيدوا بشكل كبير تمويل أبحاث مقاومة مضادات الميكروبات لضمان استعدادهم للاستجابة لأشكال جديدة من مقاومة الأدوية ناجمة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الانحباس الحراري الكوكبي. وسوف يتطلب القيام بذلك إدراج مقاومة مضادات الميكروبات في الأحداث الطارئة الراجعة إلى تغير المناخ، والأهم من ذلك، النظر إلى مقاومة الأدوية وارتفاع درجات الحرارة باعتبارهما تحديين مترابطين وليسا منفصلين، بدءا من اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في سبتمبر ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ هذا العام (COP29) في باكو. وإلا فإن فعالية الأدوية المتاحة ستتداعى عندما نكون في أشد الاحتياج إليها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مقاومة مضادات المیکروبات المضادات الحیویة مقاومة الأدویة تغیر المناخ على نحو

إقرأ أيضاً:

250 مليون دولار من البنك الدولي إلى المغرب لتعزيز مقاومة فلاحته للتغيرات المناخية

وافق البنك الدولي على تقديم 250 مليون دولار، لتعزيز قدرة منظومة الأغذية الزراعية في المغرب على الصمود في وجه تغير المناخ، وتعزيز سلامة الأغذية وجودتها.

وأوضحت المؤسسة المالية الدولية، ومقرها واشنطن، في بيان، أن « البرنامج الجديد يهدف إلى تحسين القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، وإدارة المخاطر في الزراعة البعلية، من خلال تشجيع الممارسات المراعية للمناخ، وتحسين تدبير المياه والتربة، من خلال الزراعة التي تحافظ على الموارد ».

وأضاف المصدر أن البرنامج سيساهم في تحسين سبل كسب العيش، وزيادة جودة الوظائف، من خلال تثبيت غلة المحاصيل وتخفيف المخاطر المناخية، بما في ذلك التوسع في الزراعة بدون حراثة، وزيادة المساحة التي تغطيها أنظمة التأمين الزراعي التي تم إصلاحها.

كما ستعزز هذه المبادرة سلامة الأغذية وجودتها والأمن الغذائي من خلال دعم التوسع في الزراعة العضوية إلى 25 ألف هكتار، وتحسين مراقبة جودة زيت الزيتون، وتخفيف المخاطر الصحية المتعلقة بالأغذية، وعلى مستوى توزيع الأغذية، مع تحديث المعايير الصحية لنحو 1200 منفذ للأغذية.

وحسب البنك الدولي، فإن البرنامج يهدف كذلك إلى دعم الفلاحين في إنتاج وتسويق الأغذية ذات الجودة، وزيادة دخلهم من خلال تحسين سبل الوصول إلى الأسواق. كما سيحد من هدر الغذاء، ويعزز قدرات القطاعين العام والخاص، ويزيد الوعي بالأمن الغذائي. وبشكل عام، من المتوقع أن يعود البرنامج بالنفع على 1.36 مليون شخص، من بينهم نحو 120 ألف من الفلاحين وأكثر من مليون مستهلك، مع تحسين السلامة الغذائية.

وقال أحمدو مصطفى ندياي، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، إن هذا البرنامج المبتكر الذي يدعمه البنك الدولي، سيساعد المغرب من خلال تأمين فرص تشغيل خضراء في المناطق القروية وتعزيز الأمن الغذائي الوطني، تماشيا مع برنامج الجيل الأخضر 2020-2030 في البلاد.

وأشار البلاغ إلى أن منحة بقيمة خمسة ملايين دولار من صندوق الكوكب الصالح للعيش ستساهم في تعزيز البرنامج على نحو استراتيجي بهدف دعم صغار الفلاحين، من خلال تنفيذ منظومة مبتكرة للحوافز المنفصلة، مما يسهل انتقالهم من الممارسات التقليدية إلى الممارسات المراعية للمناخ.

كلمات دلالية البنك الدولي المغرب جفاف مناخ

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: مصر أول دولة بإفريقيا تحقق «النضج الثالث» في تنظيم الأدوية واللقاحات
  • الصحة العالمية: مصر أول دولة بإفريقيا تحقق النضج الثالث في تنظيم الأدوية واللقاحات
  • «الصحة العالمية» : مصر أول دولة إفريقية تحقق النضج الثالث في تنظيم الأدوية واللقاحات
  • 250 مليون دولار من البنك الدولي إلى المغرب لتعزيز مقاومة فلاحته للتغيرات المناخية
  • تغير المناخ يفاقم الخسائر الاقتصادية في أفريقيا
  • مصر ليست متورطة فى قضية تغير المناخ العالمى
  • حل لغز مقاومة الأنسولين وطرق طبيعية لعلاجه
  • فوائد مذهلة لشرب الشاي الأخضر يوميًا على معدة فارغة
  • سكان الجولان.. 4 عقود من مقاومة إغراء الجنسية الإسرائيلية
  • إكبا يحتفل بـ25 عامًا من الابتكار والريادة العالمية