تغير المناخ تهديد صحي أشد ضراوة مما نظن
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
مانيكا بالاسيجارام
من المعتقد على نطاق واسع أن تغير المناخ يشكل التهديد الأعظم على الإطلاق لصحة البشر. الواقع أن زيادة الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين ــ وهي العتبة التي من المرجح أن نتجاوزها بحلول نهاية القرن ــ قد تودي بحياة ما يصل إلى مليار إنسان، وسوف تكون الظواهر الجوية الشديدة القسوة، وموجات الحر، والجفاف، والفيضانات، وتفشي الأمراض المعدية، ونقص الغذاء بين أسباب الوفاة.
من الممكن أن يخلف تغير المناخ تأثيرا عميقا على مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تشير الأدلة على نحو متزايد إلى أن أحداث الطقس القاسية وارتفاع درجات الحرارة العالمية قد تعمل على تسهيل ظهور وانتشار مسببات الأمراض المقاومة للأدوية. لكن النماذج التي تسعى إلى قياس التأثيرات الصحية الناجمة عن تغير المناخ تتجاهل الخطر المتزايد المتمثل في مقاومة الأدوية، وكذا حال الاستجابات السياسية للانحباس الحراري الكوكبي ــ وهذا إهمال جسيم من شأنه أن يعيق قدرتنا على علاج العدوى والحفاظ على صحة الناس.
على الرغم من زيادة احتمالات تسبب الكوكب الأكثر دفئا في انقراض ما يقرب من 11000 نوع، فإنه من الممكن أن يعمل في ذات الوقت على تحسين ظروف انتشار البكتيريا والفطريات. ترتبط درجات الحرارة الأعلى بزيادة النمو البكتيري ومعدلات العدوى، وقد تفرض أيضا ضغوطا انتقائية على الميكروبات فتحملها على التحور وتطوير مقاومتها للمضادات الحيوية.
وجدت دراسة حديثة في الصين أن كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في حرارة الهواء كانت مرتبطة بزيادة بنسبة 14% في حالات عدوى الكلبسيلة الرئوية (Klebsiella pneumoniae) المقاومة للأدوية وزيادة بنسبة 6% في حالات عدوى الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa) المقاومة للأدوية. على نحو مماثل، ستؤدي الأحوال الجوية القاسية، وخاصة الفيضانات والجفاف، إلى زيادة انتشار أمراض معدية منقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفويد، فضلا عن مقاومة الأدوية. وكثيرا ما تؤدي مثل هذه الأحداث إلى تعطيل القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، مما يجعل الوقاية من العدوى ومكافحتها أشد صعوبة.
علاوة على ذلك، تميل الكثافة الحضرية إلى تسريع انتقال مسببات الأمراض. وفقا لبعض التقديرات، ربما تؤدي أزمة المناخ إلى نزوح 1.2 مليار إنسان بحلول عام 2050، وقد يؤدي هذا في الأرجح إلى مدن يزداد ازدحامها على نحو مستمر.
الحق أن مقاومة مضادات الميكروبات معترف بها بالفعل باعتبارها أزمة عالمية متزايدة الحدة. في عام 2019، ارتبطت مقاومة مضادات الميكروبات بما يقرب من خمسة ملايين وفاة، وهذا يجعل مقاومة الأدوية واحدة من أكبر مسببات الوفاة في العالم. وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات واحدة من عشرة تهديدات كبرى للصحة العالمية، إلى جانب تغير المناخ، وزعماء العالم جادون في التصدي لهذه المشكلة، حيث من المقرر عقد اجتماع رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. لكن كثيرين ما زالوا يعتقدون أن مقاومة مضادات الميكروبات تختلف عن الانحباس الحراري الكوكبي. على سبيل المثال، لم يشر تقرير العد التنازلي الأخير الصادر عن مجلة لانسيت حول الصحة وتغير المناخ إلى مقاومة مضادات الميكروبات، أو مقاومة الأدوية، أو المضادات الحيوية. على نحو مماثل، نجد أن الأمانة الرباعية لمبادرة صحة واحدة ــ التي تضم منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ــ فشلت في دراسة العلاقة بين الانحباس الحراري الكوكبي ومقاومـة مضادات الميكروبات، ناهيك عن الكيفية التي ستؤثر بها مقاومة مضادات الميكروبات على المخاطر الصحية المترتبة على تغير المناخ.
إن المجتمع الدولي يستخف بشدة بتأثير تغير المناخ على صحة الناس وقدرتنا على علاجهم. للاستعداد لأزمة مقاومة مضادات الميكروبات المتصاعدة، يتعين علينا أن نعتمد بشكل متزايد على الوقاية من العدوى ومكافحتها، والأهم من ذلك، ضمان الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية الـفَـعّـالة. سوف يتطلب هذا تطوير مضادات حيوية جديدة، وهو ما لا يكون جذابا من منظور شركات الأدوية غالبا، فضلا عن تنفيذ الاستثمارات المناسبة وإنشاء الحوافز اللائقة حتى يتسنى وصول المضادات الحيوية الحالية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها.
لتحقيق هذه الغاية، تعمل منظمات مثل منظمتي، الشراكة العالمية للبحث والتطوير في مجال المضادات الحيوية، على تشجيع إنتاج أدوية جديدة وتحسين القدرة على الوصول إلى المضادات الحيوية الأساسية الموجودة بالفعل في السوق، وخاصة في البلدان الأدنى دخلا. وسوف يصبح الاستخدام العادل للمضادات الحيوية وتوزيعها أمرا متزايد الأهمية، لأن المجتمعات الأكثر فقرا، كما هي حالها مع تغير المناخ، تكون الأشد تضررا عادة من مقاومة مضادات الميكروبات. لكن هذا لن يكون كافيا. يتعين على صناع السياسات على مستوى العالم أن يزيدوا بشكل كبير تمويل أبحاث مقاومة مضادات الميكروبات لضمان استعدادهم للاستجابة لأشكال جديدة من مقاومة الأدوية ناجمة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الانحباس الحراري الكوكبي. وسوف يتطلب القيام بذلك إدراج مقاومة مضادات الميكروبات في الأحداث الطارئة الراجعة إلى تغير المناخ، والأهم من ذلك، النظر إلى مقاومة الأدوية وارتفاع درجات الحرارة باعتبارهما تحديين مترابطين وليسا منفصلين، بدءا من اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في سبتمبر ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ هذا العام (COP29) في باكو. وإلا فإن فعالية الأدوية المتاحة ستتداعى عندما نكون في أشد الاحتياج إليها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مقاومة مضادات المیکروبات المضادات الحیویة مقاومة الأدویة تغیر المناخ على نحو
إقرأ أيضاً:
نائب محافظ الجيزة يتابع جاهزية القطاعات الحيوية بأوسيم لعيد الفطر
تفقد إبراهيم الشهابي، نائب محافظ الجيزة للمراكز والمدن، اليوم الأحد،
الحالة العامة للنظافة والإشغالات بمناطق المتربة ومزلقان لعبة بنطاق الوحدة المحلية ببشتيل والحفرية وشوارع أحمد عرابي ودولسي بنطاق الوحدة المحلية بالبراجيل.
جاء ذلك في إطار تكليفات المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، بالمرور الميداني بنطاق المحافظة للتأكد من جاهزية القطاعات الحيوية استعدادا لعيد الفطر المبارك.
وشدد نائب محافظ الجيزة، على رفع درجة الاستعداد بقطاع النظافة والإشغالات، والعمل على مدار الساعة لضمان تقديم أفضل مستوى من الخدمات للمواطنين خلال فترة عيد الفطر المبارك، واستمرار أعمال النظافة العامة بالطرق والشوارع والمساجد وأماكن ساحات الصلاة ومحيطها، ورفع المخلفات أول بأول لضمان كفاءة منظومة النظافة، وتكثيف حملات إزالة الإشغالات لتحقيق الانضباط بنطاق الوحدات المحلية.
ووجه الشهابي، مسئولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة
خلال الجولة الميدانية بضرورة الاستعداد الكامل لمرفق مياه الشرب والصرف الصحي خلال أيام العيد لتلبية احتياجات المواطنين ومجابهة أي طوارئ لتحقيق رضا المواطنين عن الخدمات المقدمة.
والتقى النائب خلال الجولة الميدانية ببشتيل والبراجيل بعدد من الأهالي لبحث شكاواهم ومطالبهم.
رافق نائب محافظ الجيزة خلال زيارته، محمود حسين، رئيس مركز أوسيم، ومحمد كمال، مدير عام الصرف الصحي ببشتيل والوراق بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة.