لجريدة عمان:
2025-03-05@02:37:15 GMT

عُمان ومؤشر حرية الصحافة

تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT

المفاجآت الكثيرة التي وردت في تقرير حرية الصحافة لعام 2024 الذي تصدره منظمة «مراسلون بلا حدود» كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من مايو، تحتاج إلى وقفة مع النفس من جانب المعنيين بالصحافة والإعلام في السلطنة من مسؤولين ومهنيين وأكاديميين، وذلك حتى يمكن فهمهما في ظل الواقع السياسي والإعلامي العالمي الحالي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل.

يمكن القول إن تقدم دولة عربية مثل موريتانيا إلى المرتبة الأولى عربيا والثالثة والثلاثين عالميا، بالإضافة إلى وجود دولتين عربيتين ضمن قائمة الدول المائة الأولى في التصنيف، وهما جزر القمر وقطر، يمثل مفاجأة جيدة للصحافة العربية. في المقابل فإن تراجع دول كبرى كان لها تاريخ طويل في الدفاع عن حرية التعبير وحرية الرأي والصحافة، مثل المملكة المتحدة التي حلت في المركز التاسع عشر، وفرنسا التي تراجعت إلى المركز الحادي والعشرين، والولايات المتحدة الأمريكية التي تقهقرت إلى المركز التاسع والعشرين، ودولة الكيان الصهيوني إلى المرتبة 101، يؤكد إلى حد كبير نزاهة التصنيف من جانب وعدم خضوع «مراسلون بلا حدود» للضغوط الدولية.

من مفاجآت تقرير حرية الصحافة لهذا العام، والذي يغطي الفترة من مايو 2023 إلى نهاية أبريل 2024، أن الصحافة العمانية تقدمت 18 مركزا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة وقفزت من المركز 155 إلى المركز 137 من بين 180 دولة شملها التصنيف.

في تقديري أن هذا التقدم الذي أراه كبيرا ومهما، يعود في الأساس إلى المؤشر الأمني وهو واحد من خمسة مؤشرات تقوم عليها منهجية التصنيف إلى جانب المؤشرات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والثقافية. ويتعلق المؤشر الأمني بمجموعة من المعايير التي تبحث في أمن وسلامة الصحفيين في الدولة. وفي هذا السياق، كما يقول التقرير «تُعرّف حرية الصحافة بأنها القدرة على تلقي المعلومات وجمعها ونشرها وفقا لمناهج العمل الصحفي وأخلاقيات المهنة، دون التعرض لمخاطر من قبيل الضرر الجسدي، كالقتل العمد، والعنف، والتعذيب، والاعتقال، والاحتجاز، والاختفاء، والاختطاف، أو الضرر على المستوى المهني، مثل فقدان الوظيفة أو مصادرة المعدات أو نهب المنشآت الإعلامية، بالإضافة إلى أية مشاكل نفسية يتعرض لها الصحفيون نتيجة الترهيب أو الإكراه أو المضايقات أو التجسس أو الإهانة أو خطاب الكراهية أو تشويه السمعة أمام الرأي العام أو لتهديدات أخرى في حق الصحفيين أو أقاربهم».

في هذا المؤشر الذي حققت فيه عُمان المركز 91 على العالم، لم يسجل التقرير أية انتهاكات أو مخاطر يتعرض لها الصحفيون في عُمان، وذلك على خلاف دول أخرى كثيرة شهد الصحفيون في بعضها كل أشكال المخاطر مما أدى إلى تراجعها في التصنيف العام. ولم تتقدم على عمان في هذا المؤشر سوى خمس دول عربية هي موريتانيا وقطر والكويت وجزر القمر والأردن.

المؤشر الثاني الذي جعل الصحافة العمانية تقفز هذه القفزة الكبيرة في التصنيف العالمي هو المؤشر السياسي الذي حققت فيه المركز 130. ويتعلق هذا المؤشر بمدى إيمان النظام السياسي والقيادة السياسية بحرية التعبير والصحافة، ويشمل «درجة الدعم والاحترام لاستقلالية وسائل الإعلام في مواجهة الضغوط السياسية التي تمارسها السلطات أو الصادرة عن بقية الفاعلين السياسيين في المجتمع؛ ومستوى قبول تنوع مناهج الصحافة التي تستوفي المعايير المهنية، بما في ذلك المناهج المتوافقة سياسياً والمناهج المستقلة؛ ومدى الدعم الذي تحظى به وسائل الإعلام للقيام بدورها في مساءلة السياسيين والحكومة بما يخدم الصالح العام».

واقع الحال أن تقدم عُمان في التصنيف العام لحرية الصحافة يطرح أسئلة كثيرة حول مدى تعبير هذا التصنيف عن الواقع الفعلي لحرية الصحافة في سلطنة عُمان؟ وهل يمكن أن يكون هذا التقدم حافزا لتقدم أكبر في السنوات القادمة؟

بالمعايير العلمية يمكن القول إن عُمان لم تتقدم فقط في التصنيف العام، ولكنها تقدمت أيضا على دول كثيرة سبقتها ربما بمئات السنين في التجربة الصحفية وتقهقر مستوى حرية الصحافة فيها في السنوات الأخيرة. تقدمت عُمان على أربع عشرة دول عربية هي على الترتيب: الجزائر، ولبنان، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، وفلسطين، والإمارات، وجيبوتي، والسعودية، والعراق، ومصر، والبحرين، وسوريا التي جاءت في المركز 179 قبل الأخير. ويمكن إدراك قيمة هذا التقدم إذا علمنا أن التقدم جاء أيضا على حساب ديمقراطيات كبيرة وذات تاريخ طويل في حرية الصحافة مثل تركيا التي جاءت في المركز 158 والهند التي جاءت في المركز 159.

وبعيدا عن التشكيك في دقة التصنيف العالمي لحرية الصحافة وبعيدا أيضا عن أقوال المتشائمين والمتفائلين نقول إن هذا التقدم سوف يكون له انعكاساته على الأداء الإعلامي العُماني في قادم الأيام والسنوات، خاصة مع حالة الانفتاح الإعلامي، وتعدد المنصات الإعلامية، والدعم الكبير الذي يقدمه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- للإعلام والإعلاميين.

من المتوقع أن يتحسن ترتيب سلطنة عمان في التصنيف العالمي لحرية الصحافة في العام القادم في حال إقرار القانون الجديد للإعلام الذي يناقشه مجلس الدولة حاليا، والذي سوف يحل محل قانون المطبوعات والنشر الذي مرّ على إصداره نحو أربعين عاما، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون الصادر منذ عشرين عاما، بالإضافة إلى قانون الرقابة على المصنفات الفنية الصادر منذ 23 عاما.

من المؤكد أن المركز الذي وصلت له عُمان حاليا كان يمكن أن يكون أفضل، وأن تنتقل عُمان لتكون ضمن المائة دولة الأولى في حرية الصحافة، لو كان لدينا إطار قانوني مختلف. ويمثل الإطار القانوني والتشريعي الحلقة الأضعف في سجل عُمان، إذ تأتي وفقا له في المركز 168 من بين 180 دولة، علما بأن هذا المؤشر يقيس مدى حرية الصحفيين ووسائل الإعلام في العمل دون رقابة أو عقوبات قانونية أو قيود مفرطة على حرية التعبير، وإمكانيات الوصول إلى المعلومات دون تمييز بين الصحفيين والقدرة على حماية مصادرهم، ومدى إفلات أو عدم إفلات مرتكبي أعمال العنف ضد الصحفيين من العقاب.

إذا استطعنا أن نضيف مزيدا من التحسين على السياق الاقتصادي الذي تعمل فيه الصحافة العمانية، عبر تجاوز «التعقيدات المتعلقة بإنشاء وسائل الإعلام، وخفض مستوى القيود الاقتصادية المرتبطة بالجهات الفاعلة غير الحكومية (المعلنون والشركاء التجاريون)»، فإننا سنكون على بداية طريق مفتوح ليس فقط للوصول إلى قائمة المائة دولة الأولى في مؤشر حرية الصحافة ولكن أيضا لتعزيز صورة عُمان في العالم بما يعود بالخير على المناخين الاستثماري والسياحي في المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العالمی لحریة الصحافة التصنیف العالمی حریة الصحافة هذا التقدم فی التصنیف هذا المؤشر فی المرکز مان فی

إقرأ أيضاً:

لوتان تستعرض تعليقات الصحافة العالمية على سجال ترامب وزيلينسكي

استعرضت صحيفة لوتان تعليقات الصحافة الدولية على الصدام بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأميركي دونالد ترامب في تقريرين منفصلين، أحدهما خصصته للصحافة الغربية على ضفتي المحيط الأطلسي، واختارت له عنوانا يشير إلى أن الحادث يوم عار على أميركا، وخصصت الآخر للصحافة الروسية التي استبشرت بطرد "المهرج" من واشنطن، في انتظار "وقف المساعدات العسكرية للآلة النازية".

بدأت "لوتان" بانتقاد صحيفة واشنطن بوست الرئيس ترامب الذي "سعى علنا إلى ترهيب الرئيس الأوكراني لحمله على قبول اتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا"، ورأت أن نبرة هذه المحادثة كانت أشبه بمعركة بالأيدي ضُرب فيها زيلينسكي بأيدي ترامب ونائبه جي دي فانس أكثر من كونها تلاسنا دبلوماسيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون تقابل أحد مصممي فيديو غزة الذي نشره ترامبlist 2 of 2قائد سابق بالناتو: نهاية الحلف قد تكون وشيكةend of list وصمة عار

واتفق جميع المراقبين -حسب الصحيفة- على أن هذا الاجتماع غير مسبوق في تاريخ السياسة الأميركية، وأنه استعاض عن المناقشات الهادئة أمام الصحافة بمباراة ملاكمة خالية من كل أشكال اللياقة والذوق، مشيرا إلى قول توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز إنه لم يحدث قط أن "انحاز رئيسنا بوضوح إلى المعتدي والدكتاتور والغزاة ضد الديمقراطي ومقاتل الحرية والمغزو".

ووصفت صحيفة لوموند هذه الخطوة بأنها غير سارة، وقالت "لم يسبق في تاريخ الولايات المتحدة أن تم الكشف عن الخلافات بفظاظة وعلنا بين حليفين بتبادل الاتهامات والتهديدات".

إعلان

ورأى بريت ستيفنز في صحيفة "ذا بيغ آبل" أن اجتماع أمس كان وصمة عار من الصعب إزالتها من تاريخ الدبلوماسية في واشنطن، قائلا "بغض النظر عما قد يقوله المرء عن مدى سوء لعب زيلينسكي لأوراقه -سواء بالفشل في تقديم القدر الكافي من النفاق الذي يطالب به ترامب أو بالحفاظ على هدوئه في مواجهة استفزازات جي دي فانس غير النزيهة- فقد كان هذا يوما سيئا بالنسبة للأميركيين".

أما صحيفة وول ستريت جورنال فرأت في عنوان لها أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين يفوز في عرض ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي"، وقالت إنه "من المحبط أن نرى حلفاء ترامب يدافعون عن هذه الكارثة باعتبارها عرضا للقوة الأميركية"، لأن مصلحة الولايات المتحدة في أوكرانيا تتمثل في وقف مشروع بوتين الإمبراطوري.

وترى صحيفة فايننشال تايمز أن التكتيكات التي يتبعها الرجل القوي في كييف لم تصل إلى الهدف، لأنه "لا يتمتع بالموهبة الدبلوماسية التي يتمتع بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اللذان تمكنا من إقامة روابط مع ترامب خلال زيارات ناجحة هذا الأسبوع، ورأت أنه وقع في فخ البيت الأبيض، الأمر الذي انتهى به إلى إذلاله".

شي جين بينغ الفائز الوحيد

وكان الفائز الوحيد بالنسبة لصحيفة نيويورك بوست هو الرئيس الصيني شي جين بينغ، لأن تبادل الكلمات يوم الجمعة لم يكن مفيدا لأحد، فلا يناسب روسيا حسب قولها.

ورأت الصحيفة أن على زيلينسكي أن يتغلب على كبريائه ويعتذر إلى الشعب الأميركي ولترامب، كما أن على ترامب أن يقبل الاعتذار ويوقع صفقة المعادن، ثم يدفع نحو اتفاق بين كييف وموسكو يخدم مصالح الجانبين في المستقبل، فضلا عن مصالح الولايات المتحدة والغرب.

من جهتها، ترى قناة فوكس نيوز المحافظة أن اللوم ليس مشتركا، وانتقدت الرئيس الأوكراني لموقفه ومطالبه، وقالت إنه "بدلا من تقديم كلمة "شكرا" البسيطة ظهر وهو يحمل ضغينة ومطالب إضافية، وربما تصور أن المعركة التي اختارها ستجعله يبدو قويا، لكن عدم الاحترام هذا لن يجعله محبوبا لدى دافعي الضرائب الذين قدموا مئات المليارات من الدولارات لبلاده وقد صوتوا لصالح ترامب.

إعلان

ورأت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن هذه المواجهة كانت خطأ إستراتيجيا خطيرا من جانب ساكن البيت الأبيض، لأن "ترامب ليس لديه ما يكسبه من التحالف مع الكرملين"، ورأت أنه يلعب في يديْ القيصر المقتنع بالانحدار الحتمي للغرب الديمقراطي والرأسمالي".

ورأت "ليبراسيون" أن هذا يشكل نهاية النظام الذي تأسس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وقالت "لقد أثبت الرئيس الأميركي مرة أخرى -دون أن يكون ذلك مفاجئا- أن القيم التي وحدت الغرب في العقود الأخيرة لم تعد جزءا من قواعده الشخصية بقدر ما هي حقائق واقعية".

وخلصت الصحيفة إلى أن ما يحدث الآن ليس مجرد تغيير في النموذج الدبلوماسي، بل هو بمثابة هجوم مباشر على القارة العجوز من حليفتها القديمة، وقالت "نحن لا نشهد فقط ابتعادا أميركيا عن أوروبا، بل تباعدا في المصالح والقيم أيضا، نحن -الأوروبيين- نواجه إرادة الولايات المتحدة في إلحاق أضرار مميتة بنا في خضم اتفاق مع قوى إمبريالية أخرى".

المهرج طُرد

أما الصحافة الروسية فاستبشرت بطرد "المهرج" من واشنطن، فجاء عنوان صحيفة فزغلياد الإلكترونية "تحول زيلينسكي إلى جثة سياسية في نظر العالم أجمع".

وتنافس المعلقون في الجرأة اللفظية لوصف المشهد الذي لم يكن بوسعهم أن يتخيلوه في أحلامهم، فجاءت تعليقات مثل "هذه هي رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة"، و"المهرج يُطرد"، و"المحطة التالية غوانتانامو".

وكان الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف سعيدا لأن "المهرج" المدمن على الكوكايين سمع الحقيقة أخيرا، مكررا الدعاية الروسية القديمة عن رئيس أوكراني مدمن على المخدرات، وقال "إنه مفيد، ولكن هذا ليس كافيا، بل يتعين علينا أن نوقف المساعدات العسكرية للآلة النازية".

وعلى الجانب الرسمي، أخذ أشخاص من الدرجة الثانية مثل ميدفيديف مساحة للتعبير بصوت عالٍ عن ارتياحهم لهذا الإذلال الذي تعرض له الرئيس الأوكراني، مما سمح لبوتين بالظهور بمظهر المعتدل.

إعلان

وعلق السيناتور كونستانتين كوساتشيف قائلا "إن زيلينسكي في المرة المقبلة سوف يتعين عليه الزحف على ركبتيه"، وأشادت المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا بـ"هدوء" ترامب وفانس في مواجهة استفزازات ضيفهما الأوكراني، وقالت "حقيقة إنها لم يضرباه معجزة".

ويعتقد المخرج والمنتج الروسي الأوكراني ألكسندر رودنيانسكي -الذي لعب دورا رئيسيا في محاولات الوساطة بين موسكو وكييف- أن "شخصا واحدا فقط فاز في اشتباك أمس، وهو بوتين، دون أن يقول كلمة واحدة ودون أن يدلي بأي تعليق، حتى ولو كان سخرية".

مقالات مشابهة

  • محمد عبدالسلام يرد على التصنيف الامريكي
  • «نتنياهو» يمنح سكان غزة حرية المغادرة ويتوعد إذا لم يتم إخراج الرهائن
  • اجتماع بوزارة الاقتصاد يناقش اعداد التصنيف الموحد للأنشطة الاقتصادية
  • علي فرج ونوران جوهر يواصلان صدارة التصنيف العالمي للإسكواش
  • سخرية الصحافة الكينية تغضب نجل موسيفيني
  • صحافتنا العربية .. معايير التتويج والتعويج .. !
  • كانتر يتصدر التصنيف العالمي لـ «السباق إلى دبي»
  • كانتر يتصدر التصنيف العالمي لـ "السباق إلى دبي" للجولف
  • شهر الصوم في الصحافة الفرنسية
  • لوتان تستعرض تعليقات الصحافة العالمية على سجال ترامب وزيلينسكي