ما وراء مسرحية القوة 400.. صُراخ حوثي من تأثير الضربات الجوية
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
كشفت المزاعم التي بثتها مليشيات الحوثي الإرهابية حول ضبطها لما أسمتها خلية التجسس "القوة 400"، عن اعتراف ضمني من قبل المليشيات عن مدى تأثير الضربات الجوية التي تستهدف مواقعها من قبل القوات الأمريكية والبريطانية منذ منتصف يناير الماضي.
وبثت المليشيات، الاثنين، تسجيلاً مصوراً تضمن اعترافات لعدد من المختطفين وغالبيتهم من أبناء تهامة، يتحدثون فيها عن تجنيدهم للعمل على رصد مواقع المليشيا بالساحل الغربي لصالح أمريكا وإسرائيل.
وأثارت هذه المزاعم موجة واسعة من السخرية والتهكم في الأوساط الرسمية والشعبية المناوئة للمليشيات، حيث وصفتها الحكومة على لسان وزير الاعلام معمر الارياني بأنها "فبركات كاذبة سيئة الإخراج"، مؤكداً بأن من ظهر فيها تم إجبارهم من قبل المليشيا تحت التعذيب والضغط والإكراه على الإدلاء باعترافات لا أساس لها من الصحة.
في حين أعادت هذه المزاعم الحوثية، التذكير من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بالجريمة التي ارتكبتها المليشيا عام 2021م، حين قامت بإعدام 9 من أبناء تهامة بينهم قاصر بمزاعم تورطهم في اغتيال القيادي الحوثي البارز صالح الصماد الذي قتل بغارة جوية في الحديدة عام 2018م.
وكرر الناشطون سخريتهم من تكرار مليشيات الحوثي المدعومة من إيران لتبرير جرائمها باختطاف الآلاف من اليمنيين وبخاصة أبناء تهامة، وإعدام العشرات منهم خلال السنوات الماضية تحت مزاعم قيامهم برصد مواقعها وقياداتها لاستهدافها من قبل الطيران، متجاهلة أنه لم يعد هناك حاجة لذلك في ظل التقدم التقني واستخدامه بالحروب.
وهو ما أشار إليه الصحفي التهامي بسيم الجناني، الذي أعاد نشر صورة لشبكة أنفاق تابعة لمليشيا الحوثي في مدينة الحديدة كان قد نشرها في عام 2019 حين كانت المعارك على مشارف المدينة وتم تصويرها عبر الأقمار الاصطناعية أو طيران استطلاعي، معلقاً بالقول: يعني الموضوع ما يحتاج جواسيس ولا رفع إحداثيات ولا أفلام هندي وأبرياء تقدمونهم كإنجاز أمني وهمي، والأغبياء فقط من يصدقون كذبكم وتزييفكم.
زيف المزاعم الحوثية وانتزاع اعترافات من قبل مختطفين تحت التعذيب بقيامهم برصد مواقع لمليشياتها واستهدافها لاحقاً من قبل الطيران الأمريكي والبريطاني في الحديدة وبدقة كما ظهر في الاعترافات الأخيرة، يحولها برأي خبراء إلى اعتراف ضمني من قبل الجماعة بتأثير قوي لهذه الضربات على عكس ما تدعيه علناً.
ومنذ الـ12 من يناير تشن القوات الأمريكية والبريطانية غارات جوية شملت مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي تستهدف مواقع لإطلاق الصواريخ والمُسيرات التي تطلقها لاستهداف السفن التجارية بالبحر الأحمر وخليج عدن، وكذا مخازن هذه الأسلحة.
وبشكل شبه يومي، تعلن القيادة المركزية بالجيش الأمريكي شن غارات جوية تستهدف صواريخ بحرية ومُسيرات في مواقع إطلاقها بمناطق مختلفة من سيطرة المليشيا، وتؤكد نجاحها في تدمير العشرات منها قبل إطلاقها لاستهداف السفن في عرض البحر.
وسبق وأن أكدت قيادات عسكرية أمريكية في تصريحات سابقة لها الشهر الماضي، نجاح هذه الغارات في تقليص مخزون مليشيات الحوثي من الصواريخ والمُسيرات، في حين اعتبرت تقارير إعلامية أمريكية تراجع هجمات مليشيا الحوثي خلال الشهر الماضي مؤشراً على نجاح هذه الضربات.
وفي المقابل، تصر جماعة الحوثي على عدم وجود أي تأثير لهذه الضربات التي بلغت 452 عملية غارة جوية وقصف بحري بحسب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير يوم الخميس الماضي، والذي جدد فيه التأكيد بعدم وجود تأثير للضربات على عمليات الجماعة ضد الملاحة الدولية.
إلا أن محاولات النفي الحوثية طيلة الأشهر الماضية، فضحتها الاعترافات التي بثتها أمس الاثنين والتي تؤكد دقة استهداف هذه الغارات لمواقع إطلاق الصواريخ والمُسيرات، كنتيجة طبيعية لما تمتلكه الآلة العسكرية الأمريكية من أحدث تقنيات الرصد والتتبع عبر شبكة واسعة من الأقمار الصناعية وجيش مهول من طائرات التجسس المُسيرة وأحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي، دون الحاجة لعناصر على الأرض.
وهو ما يجعل من قيام مليشيات الحوثي الإرهابية بانتزاع هذه الاعترافات المزعومة من قبل مواطنين مختطفين وتحت التعذيب والإكراه، محاولة مفضوحة للتغطية على حجم الانكشاف الذي تعانيه في مواجهة الآلة العسكرية الأمريكية المتطورة، وتبرير خسارتها عسكرياً من هذه الغارات.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: ملیشیات الحوثی من قبل
إقرأ أيضاً:
«علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل
محمد عبدالسميع (الشارقة)
الإنسان بطبيعته مغرمٌ بتفسير الظواهر والأشياء، ويسعى دائماً وراء ما يسعفه إليه تفكيره بين البساطة والعمق في النظر والطرح، وهو موضوع قائم على تعدد الرؤى، وربما أنانيّة البشر في الاعتقاد الذي يرونه الأجدى والأصوب، وقد برزت هذه السيمة في مسرحيّة «علكة صالح»، التي عُرضت ضمن الدورة الرابعة والثلاثين لأيام الشارقة المسرحيّة، وأخرجها حسن رجب، عن نصّ علي جمال، لصالح فرقة المسرح الحديث بالشارقة.
حكاية العمل جاءت بشكل تلقائي وطبيعي، من خلال لفت أنظار الجمهور في مسرح بيت الشعر، إلى ورقة معلّقة على الجدار، كانت مصدراً لتعدد الرؤى والأفكار في تفسير ما إذا كانت رسالة بشرى أم رسالة إنذار، وبين هذا وذاك كانت شخصيات العمل تتباين في الطرح والنظر والتفسير وبيان مسوّغ أو حجّة التفسير، ليكون المشاهد مأخوذاً أيضاً بهذه الرسالة وتفسيرها أو انتظار ما تسفر عنه مجموعة التأويلات في هذه الآراء.
تطوّر الأحداث وتصاعد حبكة المسرحيّة كان مدروساً، بالاستناد إلى عناصر المسرح المعتادة التي توفّرت في المعالجة المسرحيّة لمجموعة الأفكار، التي تمخّضت في نهاية المطاف عن بساطة الورقة، التي علّقها عامل النظافة على الجدار.
جسّدت المسرحيّة معنى صراع الأفكار وتعدد الآراء وتمسّك كلّ فريق برأيه، على الرغم من بساطة الموضوع وسهولة الحلّ، كما اشتملت على معنى المخاوف وكذلك إسقاط شيء من الأحلام على ورقة الجدار، التي حملت غموضاً شدّ الجمهور نحو معرفة الحقيقة أو المضمون.
وفي العمل، استطاع المخرج حسن رجب أن يجعل من الأزياء مرآة لفكر أصحابها، في قوّة ونرجسيّة الرأي أو بساطته وسذاجته، كما كان القبض على عامل النظافة كحلّ للمسرحيّة مفاجأة، من خلال إنسان عادي وجد ورقة وألصقها على الجدار.
وإذا كان النصّ هو أساس أيّ عمل مسرحي، والمعالجة المسرحيّة والفنيّة هي تأكيد جمالي للأفكار وفلسفة الكاتب، فإنّ مفهوم الضديّة في تفسير البشر كان موفّقاً، بالإضافةً إلى دور السينوغرافيا والإضاءة في حمل ما تعجّ به النفوس من توتر وقلق ومشاعر على طريق الظفر بالتأويل، كما أنّ قضيّة الانحياز للرأي والتوقف عنده كانت من أهمّ أفكار العمل الذي يمكن أن نسقطه على حالات متعددة وأكثر من مجال في هذه الحياة.
وما بين انتظار الخلاص والخوف من العاقبة، كانت ورقة الجدار فكرة لافتة، لمسرحيّة «علكة صالح»، بما يحمله العنوان من اجترار للعلكة التي تدخل دائماً في أمثالنا الشعبيّة، حين يصبح الموضوع كالعلكة في أفواه الناس.