جعفر الميرغني لـ ”المحقق”: دور مصر في السودان كالشمس لاينكره إلا المغرضون وعلى الإمارات أن تعيد النظر في سياستها تجاه السودان
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
تعقد الكتلة الديمقراطية مؤتمرها الثاني بالقاهرة يوم ” الأحد”، بحضور كل قيادات الكتلة، في ظل تساؤلات كثيرة حول الغرض من هذا المؤتمر في هذا التوقيت، وما يمكن أن يقدمه من رؤى وحلول بعد عام من الحرب والدمار، جمعنا أسئلتنا وتوجهنا إلى جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني نائب رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل رئيس الكتلة الديمقراطية، للاستفسار منه عن المؤتمر وأجندته وأهدافه، ووقفنا معه على آخر تطورات الأحداث بالسودان، وقدم لنا إجابات وافية تعبر عن موقفه وموقف الكتلة الديمقراطية، وتحدث عن الانفتاح على الأحزاب الأخرى وعن الأجندات الدولية بالسودان، وعن الدور الخارجي، علاوة على باقي القضايا التي تشغل الراهن السياسي بالبلاد.
*بداية ماهو المتوقع من المؤتمر الثاني للكتلة الديمقراطية؟
أولا أتقدم بالشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية على تسهيلها لهذا المؤتمر بالقاهرة، ونشكر الرئيس السيسي والحكومة المصرية، على الحرص على القضية السودانية، وعلى إهتمامهم بالشأن السوداني، والمؤتمر يأتي في وقت دقيق جدا، بعد مرور أكثر من عام على الحرب، والكتلة الديمقراطية تأسست منذ ثلاث سنوات، ومنذ تأسيسها كانت تمثل الصوت الوطني والصوت السياسي المعتدل الحريص على وحدة السودان، وعلى أن قضايا السودان يجب أن تُحل داخل السودان ولا تُسيس بالخارج، وعلى هذا المنوال بقينا طيلة هذه السنوات، وكان من أساسياتنا الدعوة للوفاق الوطني الشامل لكل أبناء السودان، بأن يصلوا لكلمة سواء، والوصول لمستوى من التوافق بينهم، واجتماعات اليوم تأتي للتأكيد والمضي في هذا الاتجاه ( الوفاق الوطني)، لجمع القوى السودانية برؤية متفق عليها تفيد السودان في هذه المرحلة التي يمر بها.
لابد أن يكون لنا خارطة طريق جاهزة للإعمار ونأمل أن نصل لوفاق بصورة سلمية
*ومالذي تريد أن تقوله الكتلة الديمقراطية في هذا التوقيت؟
نؤكد في هذا المؤتمر على وقوف الكتلة الديمقراطية مع المؤسسات السودانية وعلى رأسها القوات المسلحة، ودعمنا لهذه المؤسسات، المخرجات الأساسية لهذه الإجتماعات أولاً الورقة السياسية، سوف نتطرق لهذه الورقة على أساس أنها تساهم في الوضع الراهن بصورة فاعلة، لتذليل الصعاب وحلول للمشاكل السياسية الموجودة، وهناك ورقة عن المجتمع الدولي وكيفية التعامل معه، وتعزيز الصلة به، الورقة الثالثة سوف تتحدث عن إعمار السودان، ورؤيتنا لما بعد الحرب، وكيف يتم إعمار السودان، والإعمار ليس بنياناً فقط، إنما هناك إعمار إجتماعي في النسيج الإجتماعي للمجتمع بأبعاد مختلفة، أما الورقة الرابعة ستتحدث عن الدستور الدائم، وكيف يصل الناس لحلول ديمقراطية بالنسبة للدستور الدائم الذي سيحكم السودان.
لا نتحدث عن تحالف بقدر ما نتحدث عن انفتاح على الآخرين
*هل المؤتمر خاص بقوى الكتلة الديمقراطية فقط أم هناك توجه لتكوين تحالف مدني عريض؟
نحن لا نتحدث عن تحالف مدني، بقدر ما نتحدث عن انفتاح على قوى سياسية، وأن يكون هناك رؤية مشتركة بين الكتل السياسية المختلفة، نريد أن ننفتح بصورة أكبر على القوى السياسية الأخرى حتى نصل معها إلى رؤية مشتركة.
*الحديث المتكرر عن الإعمار وسودان ما بعد الحرب يعطي شعورا بأن الحرب قاربت على نهاياتها.., هل اقتربت ساعة إيقاف الحرب؟
الحرب أرى أنها تسير بوتيرة جيدة نحو نهاياتها، والقوات المسلحة تحقق تقدماُ، ولابد لنا أن نفكر للأمام، ونعطي أملا للناس، حتى يفكروا في الجانب الإيجابي، وألا نتحدث عن المآسي طوال الوقت، وأفتكر أن هذا مهم، كما أن موضوع الإعمار سيأخذ وقتا، حتى لو الحرب توقفت اليوم أوغدا، لابد أن يكون هناك جاهزية للإعمار، ولابد أن يكون لدينا خارطة طريق جاهزة للإعمار.
لقاء الكباشي الحلو مبشر ولا يوجد اتصال بين الحلو وحميدتي حالياً
*هل الأمل في إيقاف الحرب في الحسم العسكري أم في المفاوضات؟
نحن كسياسيين نتحدث دائما عن التفاوض، وأن نصل إلى حلول، لتجنيب الناس ويلات الحرب وإراقة الدماء، وهذا هو طموحنا ولكن نأمل أن نصل لوفاق بصورة سلمية، ونرى أن منبر جدة هو الأساس بالنسبة للمفاوضات، وبالذات من الناحية الإنسانية كانت فيه البروتوكولات واضحة، وأفضل ما طرحت في الساحة السياسية.
*ما تعليقك على لقاء الفريق شمس الدين كباشي وعبد العزيز الحلو بجوبا؟
تربطنا علاقة قوية مع عبد العزيز الحلو، وقعنا معه أوراق كثيرة واتفاقيات، في جهودنا من أجل السلام، والتقينا بعبد العزيز وعبد الواحد نور اللذان لم يوقعا على إتفاق السلام، حتى نصل معهم إلى أرضية مشتركة وضرورة أن نكون يد واحدة، وأفتكر أن لقاء الكباشي والحلو هو لقاء مبشر جداً، ويعطي أملا بأن ملف السلام سيتم تحقيق اختراقات فيه.
*هل يمكن بالمقابل أن يكون هناك اتصال مواز بين عبد العزيز الحلو والدعم السريع؟
حاليا لا أعتقد أن يكون للحلو تواصل مع حميدتي، قد يكون تواصل في الإطار السياسي، ولكن الحلو ليس مع هذا الاتجاه، وبالتالي أرى أنه من الممكن أن تصل الحكومة مع الحلو إلى توافق.
*اللقاء بين كباشي والحلو يؤمن على المسار الإنساني، وهناك تفاؤل كبير بهذا اللقاء وحفاوة واسعة… هل تعتقد أنه يمثل اختراقا في تحييد الحلو في الحرب؟
في تقديرى أن الحلو مثل عبد الواحد نور، صحيح أنهم ليسوا مع الجيش السوداني، وكل حركة لها التوجه الخاص بها، لكني أعتقد أن التوصل لنوع من هذا التواصل مع الحلو أوحتى مع عبد الواحد هو جانب إيجابي في تعزيزالسلام.
حديث المبعوث الأمريكي ايجابي ويعكس تغييراً في التفكير الأمريكي
*وماتعليقك على خطاب المبعوث الأمريكي في مجلس الشيوخ وعلى الموقف الأمريكي من الأزمة بعد هذا الخطاب؟
الموقف الأمريكي في الفترة السابقة كان سلبيا، وهذا لا يختلف عن موقف المجتمع الدولي عامة تجاه القضية السودانية، لكني أرى أن حديث المبعوث الأمريكي أمام مجلس الشيوخ به كلام إيجابي، والحديث عن التعامل مع المؤسسة العسكرية حديث ايجابي، ولأول مرة أمريكا تتحدث مثل هذا الحديث، وهذا يعطي أملا بأن هناك رزانة، وأصبح هناك تغيير في التفكير الأمريكي تجاه السودان، وهذا مبشر حتى لو كانت هناك بعض السلبيات، ولكن أن هذا اختراق كبير جداً للسياسة السودانية والقوات المسلحة، والفروقات التي بينها وبين المليشيا المتمردة.
*وما رؤيتكم لزيارة المبعوث الروسي للسودان مؤخراً؟
نحن سواء في الاتحادي الديمقراطي أو الكتلة الديمقراطية لدينا قضية، ونريد الحفاظ على بلادنا وعلى وحدتها، فأي جهة تدعم هذا الإتجاه نحن نرحب بها، وليس لدينا مانع في أن يكون لروسيا دور في الأزمة السودانية، إذا هي مؤمنة بالقضية السودانية وتقف مع الشعب السوداني ومطالبه، فلماذا نختلف معها، مايهمنا الإهتمام بقضيتنا، والمعيار أن يقفوا معنا في قضيتنا، وليس هناك أي معيار آخر.
*بمناسبة الانفتاح على القوى الأخرى.. هل هناك امكانية للتواصل مع تقدم والاسلاميين؟
بالنسبة لـ ” تقدم” هي أيضاً قوى سياسية، وفي مرحلة من المراحل كان هناك حديث للجلوس معهم، وأؤكد إننا من قبل قيام الحرب، كنا منفتحيين على الجميع، نرحب بالجلوس مع كل الأطياف السياسية، ولكنهم كانوا يرفضون، وحتى مباحثات جوبا الأخيرة كانوا رافضين، عندهم إشكالية في الإقصاء، ونحن على العكس دائما نتحدث عن عدم الإقصاء والإعتراف بالآخر والجميع، والديمقراطية هي الإعتراف بالآخر، والإستماع له، وهذا هو الحديث الذي ظل الحزب الاتحادي الديمقراطي يؤمن به، وكان يتحدث السيد محمد عثمان الميرغني عن ذلك منذ أول دعوته للوفاق الوطني الشامل، وكذلك الحوار السوداني السوداني الذي لا يستثني أحدا، وعدم الإستثناء معناه أن الجميع لابد وأن يشارك في هذا الحوار.
*وعدم الاقصاء هذا يشمل الإسلاميين؟
الحوار سوداني سوداني، لابد أن أي سوداني له الحق في الجلوس على هذه الطاولة، ولكن المشاركة، الوثيقة الدستورية كانت تتحدث أنه المؤتمر الوطني يستثنى من المشاركة في الفترة الإنتقالية، ويجب أن نفرق بين الحوار وبين المشاركة في الفترة الإنتقالية، الحوار للجميع، لكن المشاركة في الفترة الإنتقالية لها معايير مختلفة.
مشكلتنا مع تقدم في الإقصاء ومن حق الإسلاميين المشاركة في الحوار السوداني
*البعض يرى أن مصر صامتة في شأن الملف السوداني، وأن دورها رغم أهميته ولكنه غير بارز مثل دول أخرى ليس لها ذات الأهمية في السودان.. ما رأيك في هذا الحديث؟
الدور المصري لا يخفى على أحد، وبالنسبة لي هو كالشمس، وليس اليوم أو أمس، ولكن على مر السنين في القضية السودانية، دائما مصر موجودة بجانب الشعب السوداني، وأكبر دليل أنه بعد الحرب أعداد اللاجئين والسياسيين الذين وصلوا إلى مصر، وأنها استوعبت هذا العدد الكبير، ورغم التعقيدات في استيعاب هذه الأعداد الكبيرة في وقت ضيق، لكننا وجدنا كل التعاون من مصر، ونحن ككتلة ديمقراطية من أول المبادرات، كانت تنسيقية مصر التي عقدت قبل الحرب، وكانت بمثابة حاضنة لكل هذه القوى السياسية، في وقت أغلفت علينا الأبواب في دول كثيرة، مصر فتحت لنا أبوابها، وكان لقاء التنسيقية، وهذا كان له تأثير كبير في توحيد القوى السياسية وجمعهم تحت مظلة واحدة، والكثير من الأشياء التي شاهدناها في هذا الملف، وفي إطار التعاون، وحتى اليوم نحن نجتمع في مصر، فكيف نقول أن مصر بعيدة، من يقول ذلك هم المغرضون، ولكن نحن كلنا في الكتلة الديمقراطية نعلم دور مصر وهو لا يخفى على أحد.
*وكيف تنظرون للدور الإماراتي في السودان؟
الإمارات العربية هي دولة شقيقة ولها تاريخ كبير جداً مع السودان، وحقيقة السياسات الأخيرة لها لم تلقى رضى الشعب السوداني ولا القوى السياسية، لكن نحن نسعى دائماً إلى توجيه صوت العقل والحكمة، ونبعث لهم رسائل في أنه لابد أن يعيدوا النظر في سياستهم مع السودان، والمواطن السوداني ليس لديه أي حاجة شخصية ضد الإمارات، ولكن المواقف السياسية هي التي تقدم الشعوب، تقربهم أو تبعدهم من بعض، وأفتكر أنه في الفترة الأخيرة السودانيون بعدوا كثيرا من الإمارات، ولكن مازال الباب مفتوحا للمراجعة وإلى تقويم الأفعال، دور الإمارات بالنسبة للسودان مهم، ولذلك سنحرص أنه دائما نوجه لهم النقد البناء، ونأمل أنهم يستمعوا لهذه الكلمات، وأن ينظروا للجانب الأكبر وهو أن الشعب السوداني لا يستحق ما يحدث وأن يكونوا أخوة للسودان.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الکتلة الدیمقراطیة القوى السیاسیة الشعب السودانی المشارکة فی عبد العزیز فی الفترة نتحدث عن أن یکون لابد أن فی هذا
إقرأ أيضاً:
هكذا يتم تهريب الصمغ العربي السوداني الشهير.. ما علاقة الدعم السريع؟
قال تجار ومصادر بقطاع الصمغ العربي المستخدم ضمن مدخلات إنتاج شركات عديدة منها "كوكاكولا" و"مارس" إن عمليات تهريبه تتزايد من مناطق خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في السودان مما يعرقل جهود شركات غربية تسعى لإبقاء سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدة عن الصراع.
وينتج السودان نحو 80 بالمئة من إمدادات الصمغ العربي عالميا، وهي مادة طبيعية تُستخرج من أشجار السنط (الأكاسيا) وتُستخدم في خلط وتثبيت وتكثيف مكونات تدخل في صناعة منتجات استهلاكية منها مستحضرات تجميل من إنتاج لوريال وأغذية الحيوانات الأليفة من نستله وحلوى مارس الشهيرة المعروفة باسم (إم اند إمز).
وبحلول أواخر العام الماضي سيطرت قوات الدعم السريع خلال حربها المستمرة مع الجيش السوداني منذ نيسان/ أبريل 2023 على مناطق زراعة الصمغ الرئيسية في كردفان ودارفور في غرب السودان.
ووفقا لثمانية منتجين ومشترين يعملون مباشرة في تجارة الصمغ العربي منهم المقيم في السودان، بات المنتج يجد طريقه إلى دول مجاورة عبر تجار من السودان ومقابل رسوم لقوات الدعم السريع دون الحصول على شهادة اعتماد تتعلق بالاستدامة والممارسات الأخلاقية.
وقال اثنان من التجار لوكالة "رويترز" إن الصمغ يجري تصديره أيضا عبر أسواق حدودية غير رسمية.
وردا على طلب للتعليق قال ممثل لقوات الدعم السريع إن الجماعة المسلحة قامت بحماية تجارة الصمغ العربي وجمعت رسوما ضئيلة، مضيفا أن الحديث عن أي انتهاك للقانون هو دعاية مضللة تستهدفها.
وقال اثنان من المشترين إن تجارا في دول تنتج الصمغ العربي بمعدلات أقل من السودان، مثل تشاد والسنغال، أو كانت تصدره بكميات ضئيلة قبل اندلاع الحرب، مثل مصر وجنوب السودان، بدأوا خلال الأشهر القليلة الماضية في عرضه للبيع بإلحاح وبأسعار زهيدة ودون دليل على عدم ارتباطه بمناطق الصراع أو مجرياته.
وأصبح السودان أكبر مُصدّر للصمغ العربي في العالم بفضل زراعة مساحات واسعة بأشجار السنط رغم أنها تنمو أيضا في منطقة الساحل الأفريقي القاحلة المعروفة باسم "حزام الصمغ".
وقال هيرفي كانيفيه، خبير التسويق العالمي لدى شركة "إيكو أغري" العاملة في تجارة المكونات المستخلصة من الأغذية ومقرها سنغافورة، إن إمدادات الصمغ يصعب عادة تحديد مصدرها نظرا لأن العديد من التجار لا يفصحون عما إذا كان المنتج جرى تهريبه.
وأضاف: "يمكنني القول إن جميع إمدادات الصمغ السوداني حاليا مهربة نظرا لعدم وجود سلطة حقيقية هناك".
وذكرت الجمعية الدولية للترويج للصمغ في بيان صدر في 27 كانون الثاني/ يناير أنها "لا ترى أي دليل على وجود علاقة بين سلسلة توريد الصمغ (العربي) والقوى (السودانية) المتنازعة".
ومع ذلك قال 5 مصادر في القطاع إن الأساليب الجديدة الغامضة لتجارة الصمغ قد تجد طريقها لمشتريات شركات صناعة مدخلات الإنتاج المستخلصة من مواد طبيعية. وتشتري شركات مثل "نيكسيرا" و"ألاند اند روبرت" و"إنغريديون" الصمغ المكرر بلونه الأصفر الداكن وتحوله إلى خليط سائل ثم تبيعه لكبرى الشركات المتخصصة في إنتاج السلع الاستهلاكية.
وردا على طلب للتعليق قالت "إنغريديون" إنها تعمل على التأكد من المشروعية التامة لجميع العمليات ضمن سلسلة التوريد ونوعت مشترياتها منذ اندلاع الحرب لتشمل دولا أخرى مثل الكاميرون.
وقالت "نيكسيرا" إن الحرب الأهلية دفعتها إلى تقليص وارداتها من السودان واتخاذ تدابير استباقية للتخفيف من تداعيات الصراع على سلسلة التوريد الخاصة بها، بما يتضمن توسيع مصادر المشتريات إلى عشر دول أخرى.
ولم ترد "ألاند اند روبرت" و"نستله" و"كوكاكولا" و"لوريال" و"مارس" على طلبات للتعليق بعد.
صمغ للبيع بأسعار زهيدة
قال محمد حسين سورج، مؤسس شركة "يونيتي" للصمغ العربي التي تتخذ من الخرطوم مقرا وكانت تورد المنتج لشركات عالمية في صناعة مدخلات الإنتاج الطبيعية قبل اندلاع الحرب، إن تجارا في السنغال وتشاد عرضوا عليه شراء الصمغ العربي في كانون الأول/ ديسمبر.
وأضاف أن تجارا في تشاد طلبوا 3500 دولار لطن الصمغ الهشاب، وهو نوع من الصمغ العربي أكثر تكلفة يُنتج في السودان بصورة رئيسية ويصل سعره عادة إلى أكثر من خمسة آلاف دولار للطن.
وأوضح أن البائعين لم يقدموا شهادة "سيديكس" التي تضمن للمشترين أن جهات التوريد تلتزم بمعايير الاستدامة والممارسات الأخلاقية.
وقرر سورج عدم شراء الصمغ خشية أن يكون مسروقا من السودان، أو جرى تصديره عبر شبكات غير رسمية مرتبطة بقوات الدعم السريع نظرا لسعره المنخفض وغياب الوثائق.
وقال سورج الذي فرّ إلى مصر بعد أن سرقت قوات الدعم السريع إمداداته من الصمغ بالكامل في 2023: "يتسنى للمهربين نقل الصمغ العربي عبر قوات الدعم السريع التي تسيطر على جميع مناطق الإنتاج".
وأطلع سورج "رويترز" على رسائل عبر تطبيق "واتساب" تُظهر أن نفس التجار تواصلوا معه خمس مرات أحدثها في التاسع من كانون الثاني/ يناير.
وحظرت قوات الدعم السريع منذ تشرين الأول/ أكتوبر تصدير 12 سلعة إلى مصر منها الصمغ العربي ردا على ما قالت إنها غارات جوية مصرية استهدفت مجموعات تابعة لها.
وردا على طلب للتعليق قالت قوات الدعم السريع إنها حظرت ما وصفته بالتهريب إلى مصر لأنه لا يفيد السودان.
وقال مشتر رفض نشر اسمه حرصا على سلامته إن تجار صمغ يثيرون الريبة تواصلوا معه أيضا.
ووصلته رسالة من تاجر عبر "واتساب" جاء فيها: "لدى كميات لا حصر لها من صمغ (أكاسيا) السيال نظيفة وجاهزة للشحن"، في إشارة إلى نوع من الصمغ العربي أقل تكلفة.
وفي رسائل لاحقة عرض التاجر شحن كميات من الصمغ كل شهرين بسعر قابل للتفاوض يبلغ 1950 دولارا للطن، فيما قال المشتري إن سعر الطن من صمغ السيال يبلغ عادة ثلاثة آلاف دولار.
وفي محادثة منفصلة عبر "واتساب" مع المشتري نفسه، قال تاجر آخر إن شاحنات تحمل الصمغ العربي عبرت الحدود السودانية إلى جنوب السودان ومصر.
وقال المشتري إن تجار الصمغ لم يقدموا شهادة "سيديكس" في جميع الحالات، مضيفا أنه رفض العروض خوفا من توريد الصمغ عبر شبكات تابعة لقوات الدعم السريع.
تغيير طرق التجارة
قبل اندلاع الحرب الأهلية السودانية كان الصمغ الخام يجري فرزه في العاصمة الخرطوم ثم نقله بالشاحنات إلى بورتسودان المطلة على البحر الأحمر لشحنه عبر قناة السويس إلى دول العالم.
وقال مشتر مقيم في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ورفض نشر اسمه حرصا على سلامته، إن الصمغ العربي المرتبط بالجماعة المسلحة بدأ منذ أواخر العام الماضي يظهر في سوقين غير رسميتين على الحدود بين ولاية غرب كردفان السودانية ودولة جنوب السودان.
وأضاف أن تجارا يجمعون الصمغ من أصحاب الأراضي السودانيين ويبيعونه في السوقين لتجار من جنوب السودان مقابل مدفوعات بالدولار.
وأوضح أن الأمر برمته يجري تحت حماية قوات الدعم السريع التي تتلقى مدفوعات من التجار.
وقال عبد الله محمد، وهو منتج يمتلك مزارع لأشجار السنط في غرب كردفان، إن قوات الدعم السريع تتلقى رسوما من التجار مقابل الحماية. ولدى الجماعة شبه العسكرية أيضا أنشطة في الذهب والثروة الحيوانية والزراعة والخدمات المصرفية.
وقال مايكل ماكوي، وزير الإعلام في جنوب السودان والمتحدث باسم الحكومة، إن نقل الصمغ عبر جنوب السودان ليس مسؤولية الحكومة. ولم يرد جوزيف موم ماجاك، وزير التجارة والصناعة في جنوب السودان، على طلبات للتعليق عبر الهاتف والرسائل النصية.
وقال المشتري إن قوات الدعم السريع تنقل الصمغ العربي أيضا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر مدينة أم دافوق السودانية الواقعة على الحدود معها، مضيفا أن بعضه يذهب إلى تشاد.
وقال مشتر بالجملة مقيم خارج السودان إن الصمغ العربي يجري تصديره حاليا عبر مومباسا في كينيا وجوبا عاصمة جنوب السودان.
كما ظهر الصمغ العربي المتداول عبر مصادر غير مشروعة للبيع على الإنترنت.
وقال عصام صديق، الذي يعمل في تصنيع الصمغ السوداني ولاجئ في بريطانيا حاليا، إن قوات الدعم السريع داهمت مخازنه في الخرطوم بعد فراره في نيسان/ أبريل 2023 ومعه ثلاث حقائب من الصمغ.
ووفقا لصورة أرسلها صديق لـ"رويترز"، ظهرت بعد عام من تلك الواقعة منتجات الصمغ الخاصة به للبيع في عبوات كانت لا تزال تحمل العلامة التجارية لشركته في مجموعة على موقع "فيسبوك".