ابحث عن وزارة الخارجية السودانية!
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
هل تتذكرون بيان وزارة الخارجية السودانية “الإنشائي” الغزير حول هجوم الإعلام الوطني الأخير على موقف الحكومة السعودية من قوات التمرد بأرضها، وحادثة مقطع الفيديو الذي يتوعد فيه “متمرد” الرئيس “البرهان” بأنهم قادمون إلى “بورتسودان” واحتلالها، بعد أن تلقوا تدريباً خاصاً على الطيران الحربي والمدفعية النوعية؟ قال البيان ما يعني أن الجريمة هي من ارتكبها كتاب سودانيين، وان الهجوم على موقف السعودية، هو من تدبير صحافيين يسيئون للملكة ومحمد بن سلمان.
مع احترامي الكبير للدبلوماسي الذي رفض التصريح لمنصات إعلامية سعودية، أوجه سؤالي لوزير الخارجية الجديد (لا أعرف اسمه ولا تاريخه) بحثت عن سيرة ذاتية تعود له على محرك البحث (قوقل) ولم أجد ضالتي، حسناً، ماذا عن ذلك الدبلوماسي المحترم الذي رفض التصريح لمنصات سعودية؟ وتحديداً قناتي “العربية والحدث”،؟، هل يعبر عن موقفه الشخصي أم الاعتباري؟.
وأنا أطالع بيان وزارة الخارجية الذي يضاف إلى قائمة الخزي السودانية، قلت لنفسي، لا عليك، “حادثت نفسي، لأني الكاتبة السودانية الوحيدة التي كتبت حول حادثة مقطع الفيديو بنجران مقالاً مدعوماً بالمعلومات الدقيقة والحقيقية”، قلت لا عليك يبدو أن هذا الوزير ما هو إلا واجهة مأمورة.
من المأثورات السياسية إبان الحرب الباردة قولاً لا أذكر صاحبه، خلاصته، إذا أردت أن تدمر بلداً خصماً لا تطلق عليه رصاصة، بل “ضع الرجل غير المناسب على منصب يحتاج رجلاً مناسباً” ، عشت الحياة أختبر عبقرية هذا القول، خصوصاً خلال الحرب في السودان، وجدت أن أجهزة المخابرات التي ابتكرت هذا النهج إبان الحرب الباردة لم تهدف إلى اغتيال نظام سياسي فقط، بل إلى وأد القيم الوطنية وتشويه مفهوم السيادة لدى الشعوب.
صراحة أدهشني جداً بيان وزارة الخارجية السودانية تعليقاً على قضية أثارت الرأي العام، كان يحمل بين ثناياه رؤوس مطئطئة، ورجال تعودوا الانحاء من أجل البقاء اطول وقت ممكن بالوظيفة العامة، بينما شباب السودان قدموا أرواحهم فداء للقضية وحملوا السلاح من أجل وقف الحرب المدمرة بانتصار الدولة وشرعيتها، وهناك من هم خارج هذه المعركة مترامية الأطراف، لم تتلطخ ملابسهم الأنيقة بالدم، ويقضون أوقاتهم على المكاتب الفخمة، يصفون المدافعين عن سيادة بلادهم بالمغرضين، وربما استحى الوزير من وصفهم بعديمي الولاء للمملكة و الكفيل السعودي.
كل هذا وغيره مما نشهده يومياً من مسالك مخزية، اتهامات و مزايدات، وعليه، فإن صوتا كصوت وزارة الخارجية المتخاذل من الدفاع عن شرعية الدولة ومحاصرة التمرد أينما كان، وفي هذه اللحظة بالذات، ينبغي أن يعنينا كسودانيين، لا بوصفه ينتقد الإعلام الوطني الذي دافع عن السيادة الوطنية وحسب، بل بوصفه موقفاً ضد القيم الوطنية و إعلاء مبدأ السيادة، ويعبر عما نعاني منه في هذه المرحلة الحرجة من عمر السودان وهو: الطعن الأخلاقي في موقف ما بغية تجنب النقاش الجوهري حول الأمور الخلافية.
في تقديري بيان وزارة الخارجية المضاف إلى قائمة الخزي، يرتقي إلى درجة الإسفاف لانه يهدف إلى نبذ المنتقدين وعزلهم وخنق إمكانية أي نقد حقيقي، عبر جعل الرأي محفوفاً بالمخاطر السياسية.
الرسالة الواضحة لموقف الخارجية السودانية، هي أن كلفة الصمت والجبن والاكتفاء بالخيارات الملائمة والممالئة، أقل من كلفة المجاهرة الشجاعة بتحدي الآلة القمعية الإقليمية وفضح الظلم والإخفاق السياسي معاً.
محبتي واحترامي
رشان أوشي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: وزارة الخارجیة الخارجیة السودانیة
إقرأ أيضاً:
صنعاء «السيادة» فوق الغرب والشرق معاً..!
الأمر الواقع في اليمن هو أنه لم يعد من شرعية أو مشروعية غير الشرعية والمشروعية الشعبية، وسيظل المرتزقة يرددون كالببغاوات بعد أمريكا وعملائها – كما النظامين السعودي والإماراتي – أوصاف المليشيات الحوثية أو توصيف الإرهاب، ولكن الشرعية والمشروعية الشعبية باتت بأعلى وضوح وأقوى قوة فوق هذه الخزعبلات «الببغاوية» الأغبى من أي غباء..
أمريكا هي القائد وهي من أدار العدوان السعودي الإماراتي على اليمن وهي الشريك الأهم في جرائم ذلك العدوان بمستوى شراكتها في إجرام وجرائم العدوان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني في غزة أو غيرها..
وفي مسألتي اليمن وفلسطين لا تصدقوا وجود أي فرق بين رئيس أمريكي وآخر..
هاهي حاملة الطائرات الأمريكية «ترومان» تكرر الهروب في عهد «ترامب» لمسافة ١٣٠٠كم، كما كانت تفعل في عهد «بايدن»..
ما حدث في معارك البحار – المرتبطة بإسناد الشعب الفلسطيني ورفع الحصار على غزة والسماح بإدخال الغذاء والدواء لمليوني فلسطيني – ماحدث هو امتداد للعدوان الذي قدمت واجهته على أنهما النظامان السعودي والإماراتي، وبالتالي فأمريكا وبريطانيا ومعهما الكيان الصهيوني أصبحا هما الواجهة فيما العدو هو العدو والعدوان هو العدوان وذلك مالا يجب أن يغيب عن بالنا في أي تبعات أو تداعيات قائمة أو قادمة، وأجزم أن قيادتنا الثورية والسياسية تأخذ هذا في الاعتبار وتتعامل مع التطورات على أساسه..
سيواصلون الحديث عن إيران والأسلحة الإيرانية، وقد يتحدثون كذلك عن أدوار للصين وروسيا بل إن الأدوات الأمريكية في المنطقة قد ترى أنه لا سبيل لحماية «النفط» إلا بهكذا إقحام لروسيا والصين، باعتبار أن لهما مصالح في منع استهداف «النفط» وفي ظل العجز الأمريكي أصلاً وتأكيد هؤلاء أن إيران لا تأثير لها على القرار السيادي في صنعاء..
لهؤلاء أقول بكل تأكيد إنه لا روسيا ولا الصين لهما أي تأثير على القرار السيادي لصنعاء حين يتخذ، وكل ما يعمل أمريكياً لتبرئة أنظمة الجوار المعروفة أو لتبرئة كيان العدو لن يفيد ولن يكون له أي تأثير على ما قد تتخذه القيادة في صنعاء من قرارات إن تطلبت التطورات ضرب أنظمة عميلة أو الكيان المؤقت..
لا أمريكا ولا إيران ولا الصين وروسيا ستكون سفينة نجاة تحول دون تنفيذ أي قرار تقرره وتسير فيه صنعاء، ومن يريد الهروب للأحلام فله ذلك ولكننا في كامل القناعة والإيمان أن العدو والعدوان هو ذاته العدوان والواجهات والشكليات لا قيمة لها ولا وزن ولا تأثير حين تسير صنعاء إلى قرارات في وقتها المناسب ووفق حاجية مواجهات تطورات والتعامل معها، ومن لا يريد التصديق فليدع الحكم للزمن، ولكل حادث حديث كما يقال..
صنعاء تقول وبالمفتوح إن عنجهية أمريكا بايدن أو ترامب لن تثنينا عن موقف الإسناد لفلسطين وفناء اليمن هو أشرف من التخلي عن هذا الموقف الإنساني الإيماني الأخلاقي العروبي، فماذا عسانا أن نقول لأمريكا بايدن أو ترامب أكثر وأوضح من ذلك؟..
نحن فقط نشفق على هؤلاء الذين ظلوا عبيداً ومستعبدين للاستعمار الغربي الأمريكي بل وبما هو أكثر وأدنى من العبودية، ومع بدء الترنح «الأمريكي» إذا هم يبحثون عن موطئ قدم في الشرق للاحتماء من تطورات المستقبل القريب والبعيد المحتملة..
لهؤلاء نؤكد أن صنعاء هي سيدة نفسها ولا سيد عليها أو فوقها، وإذا كان من ظلوا طوال تاريخهم مجرد عبيد ومستعبدين وعملاء ومستعملين فذلك خطهم أو خطيتهم حين يفكرون في حماية الغرب أو الاحتماء بالشرق، فيما قرارات صنعاء إن جاءت هي فوق حماية الغرب والشرق معاً.