معزب: نتوقع كسر الجمود السياسي خلال الأسابيع القادمة بوصول المندوبة الجديدة
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
ليبيا – قال عضو مجلس الدولة الاستشاري وعضو المؤتمر العام منذ عام 2012 محمد معزب إن مجلس الدولة عقد جلسته رقم 98 وتضمنت 3 بنود رئيسية أحدها مناقشة الميزانية التي اعتمدت من مجلس النواب.
معزب الموالي بشدة لحكومة الدبيبة لفت خلال مداخلة عبر برنامج “حوارية الليلة” الذي يذاع على قناة “ليبيا الأحرار” الأحد وتابعته صحيفة المرصد إلى أن الرفض ليس لمجرد الرفض لكن حسب الوثيقة الرسمية وهو الاتفاق السياسي الليبي والحاكم لهذه الفتره الانتقالية فمن المعروف أن آخر ميزانية أصدرها المؤتمر الوطني العام هي ميزانية 2015 وبعدها بداية 2016 تم الدخول في تطبيق الاتفاق السياسي وكان فيه فكرة ترتيبات المالية المؤقتة لحين العودة للوضع الطبيعي حسب القانون المالي للدولة وهو إعداد الميزانية بالاتفاق السياسي الذي حدد مرورها بعدة مراحل.
وتابع” أولاً الحكومة المعترف فيها دولياً تعد مشروع الميزانية وقانون الميزانية ويذهب لمجلس الدولة وبدوره عنده 21 يوم ليراجع مشروع القانون ويضع تعديلاته وهي ملزمة للجميع”.
وأفاد أن البرلمان لم يتواصل معهم بل قام باصدار ميزانية وصوت عليها بالتالي جميعها مخالفات من البداية.
وأضاف “ما دام البرلمان لم يراجع معنا الأمر ونحن علينا أن نعطي رأينا وهو موضوع مهم يتعلق بميزانية دولة وثروة الليبيين وأرزاقهم والعبث الذي قام به مجلس النواب غير مقبول وفعلنا القوانين اللازمة في الاتفاق السياسي وهذا من حقنا وخرجت بالرفض بالاجماع وتعتبر كأنها لم تكن”.
كما استطرد خلال حديثة “النقطة الأساسية ليست حكومة حماد أو الدبيبة أو غيرها بل تدير ميزانية حتى لو كانت هناك حكومة واحدة لا يعني أن تدير ميزانية مخالفة الاتفاق السياسي، هذا أمر حساس ولابد ان تتم بطرق صحيحة وقانونية ويتم عرضها على مجلس الدولة ويقوم بدوره باعتماد الميزانية العامة، الاعتماد يسبقه خطوات ولم يقوم بها مجلس النواب”.
وأفاد أن الميزانية تنفذ عن طريق مصرف ليبيا المركزي إن كان يريد أن ينفذها ووضعت على أسس غير سليمة ومخالفة للقانون المالي الليبي والاتفاق السياسي وكل المعايير والأسس تبقى مسؤوليته، متوقعاً أن المصرف لن يعتد بهذه الميزانية وبعد التصويت على القرار سيتم تحويلها بطرق رسمية وإبلاغ مصرف ليبيا المركزي والوزارات المختصة والحكومة ومجلس النواب وبعدها إن أصر الصديق الكبير تكون هذه مسؤوليته ويعتبر اهدار للمال العام .
وأكمل “ما حدث بالنسبة لاتفاق القاهرة وانا حضرته، عقيلة لم يكن معه أي عضو من مجلس النواب ونحن كنا وفد مع رئيس المجلس الدولة وتوافقنا على فتح القوانين التي خرجت من 6+6 ووافق عقيلة وقلنا له إن فتحها يحتاج تعديل دستوري آخر وقال لا يوجد مشكلة واتفقنا على الأمر وبعد اسبوعين تملص عقيلة من هذا وقال إن هذا اختصاص لجنة الـ 6+6”.
وأكد في الختام على وجود ضوابط محلية ودولية تضبط إيقاع الحركة السياسية، متوقعاً أن يتم كسر الجمود السياسي خلال الأسابيع القادمة بوصول المندوبة الجديدة وسيكون هناك بعض المشاريع الجديده واستئناف العملية السياسية من جديد بحسب قوله.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الاتفاق السیاسی مجلس الدولة مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
قرن من الزمان وغياب القرار والإختيار فيما يتعلق بالنظام السياسي في السودان
قرن كامل من الزمان قد مر على نشر أفكار ماكس فيبر و فكرته عن مفهوم تفسير ديناميكية المجتمع الحديث و ترسيخ فكرة الدولة الحديثة و هو عندما يتحدث عن الدولة الحديثة يتخطى الدولة الشمولية في إنتقاده للشيوعية و يتخطى الملكيات التقليدية و يؤسس لمجتمع في إطار الدولة الحديثة و يعني بها مفهوم الدولة في الفكر الليبرالي حيث تصبح مفاهيم الفكر الليبرالي ليست نظم حكم فحسب بل أن الليبرالية قد أصبحت بديلا للفكر الديني.
و نقول مثل هذا القول و نكرره لأن أكبر مفكري السودان ما زالوا في إلتباس مقيم و يظنون أن الدولة يمكن أن تكون شمولية كما يظن الشموليين من كل شاكلة و لون في السودان أو تكون دولة عسكرية يقودها جيش كما يظن المتحمسون في دفاعهم عن حرب الجيش الكيزاني مع صنيعته الدعم السريع و هذا كله بسبب ضعف الفكر و غياب مناهجه في السودان.
و حيرة النخب السودانية و عجزها عن إتخاذ قرارها و إختيارها فيما يتعلق بطبيعة النظام السياسي الذي يفسر ظاهرة المجتمع البشري أي عجزها عن إختيار النظام الليبرالي سببه كامن في صميم الثقافة التقليدية العربية الإسلامية التي تهيمن على أفق النخب السودانية وللأسف هي مجرورة وراء قاطرة الفكر و كساده في العالم العربي و الإسلامي التقليدي و قد إنتبه لها كثر من مفكري العرب و علماء الإجتماع في العالم العربي و قدموا فكر ممتاز يصلح لكسر الطوق للفكر التقليدي و الشب عنه.
و نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عالم الإجتماع الفلسطيني هشام شرابي في نقده الحضاري لحالة المجتمع العربي و هو أسير الأبوية المستحدثة وهي تحاول الترقيع في فكر يتحدث عن الحداثة و الأصالة و غيرها من تهويمات التلفيق و التوفيق الكاذب و قد ظهرت في السودان في أتباع المرشد الكيزاني و الامام الانصاري و أتباع الختم و حتى في أفكار أتباع النسخة المتكلسة من الشيوعية السودانية في علمانية محابية للأديان كنتاج لحوار حول الدولة المدنية و كلها أفكار رازحة تحت ثقل الأبوية المستحدثة التي تحدث عنها هشام شرابي و هي تكشف لثام النخب السودانية و تجعلهم يصتفون في صفوف أزمة المثقفون العرب و الغرب كما تحدث عنها هشام شرابي في أزمة المثقف العربي و عجزه الدائم عن مواجهة التحدي و التغلب عليه.
هشام شرابي عندما يتحدث عن الأبوية المستحدثة و هي قبول النخب العربية بوجه من وجوه الحداثة إلا أنهم يريدونه وفقا لعقل الحيرة و الإستحالة نتاج سطوة سلطة الأب و ميراث التسلط و أكبر حاضنة لها هو الفكر الديني التقليدي و بايمانه التقليدي و بايمانه التقديسي و التبجيلي و هذا هو مكمن الضعف و كعب أخيل النخب السودانية و هي أسيرة الفكر الديني و لهذا ضاعت فرصة القرار و الإختيار لنظام حكم ليبرالي يصبح بديلا للفكر الديني و هذا هو سبب فشل النخب و إفشالهم لثورة ديسمبر و شعارها الجبار حرية سلام و عدالة.
مع هشام شرابي يمكننا أن نذكر أيضا عالم الإجتماع التونسي الطاهر لبيب و هو يكاد يكون قد حاول معالجة ظلال الأبوية المستحدثة التي تحدث عنها هشام شرابي و لكن بفكر قدمه في محاولته لإعادة إكتشاف أفكار قرامشي و المضحك أن الطاهر لبيب وصل لما وصل إليه هشام شرابي بأن النخب العربية وصلت لطريق مسدود حيث أصبح المثقف العضوي في العالم العربي و الإسلامي التقليدي يمثله أتباع أحزاب اللجؤ الى الغيب أي أحزاب وحل الفكر الديني و كذلك يمثله أتباع الأيديولوجيات المتحجرة كأتباع نسخة الشيوعية المتحجرة وهذا قمة الإنحطاط الفكري.
و ربما يكون كل ذلك نتاج إنحطاط تمر به الشعوب العربية الإسلامية التقليدية بسبب عجزها عن إعمال القطيعة مع التراث الديني المؤدلج في وقت كان ينبغي أن يكون فيه المثقف العضوي من الطلائع الذين يحققون طموح الطبقات الصاعدة و الأجيال الصاعدة و هؤلاء لا يحقق طموحهم غير الفكر الليبرالي و عليه في عصرنا الراهن لا يكون المثقف العضوي غير المفكر الليبرالي الذي يؤمن ببناء مجتمع وفقا لقدرات عقلنا البشري في فراقه للفكر اللاهوتي و فراقه لكل فكر ميتافيزيقي.
و بالتالي لا يكون المثقف العضوي إلا من ضمن من يؤسسون لمجتمع حديث بفكر ليبرالي يكون فيه الفكر الليبرالي بديلا للفكر للدين أي بإختصار في مجتمعنا الحديث أن المثقف العضوي هو من يخطط لتحقيق مجتمع ليبرالي ينتصر للفرد و العقل و الحرية و يخرج أفراد المجتمع من سطوة الأبوية المستحدثة نتاج الفكر الديني التقليدي و سطوة أتباعه و لا يهمهم غير شهوة السلطة و سطوة الإستبداد كما يفعل الكيزان في السودان من قبل ما يزيد على الثلاثة عقود و عليه يصبح دور المثقف العضوي في كفاحه ضد أتباع وحل الفكر الديني بأن يكون ليبرالي الفكر منتصر للحياة و في مواجهة دائمة و بوعي متقد ضد الكيزان العدميين أعداء الإشراق و الوضوح و أذيالهم.
للتوضيح مسألة القرار و الإختيار للفكر الليبرالي هو العمود الفقري لفكر ريموند أرون في مطلع الثلاثينيات من القرن المنصرم حيث كانت أوروبا تعيش في أزمة العلوم الأوروبية و ريموند أرون كان في إختلاف فكري كبير مع أساتذته في فرنسا و أغلبهم كانوا تحت تأثير فكر الوضعية المنطقية لأوجست كونت و ماركس في وثوقياتها و حتمياتها و يقينياتها بعكس فكر علماء الإجتماع الألمان الذين قد تأثر بفكرهم ريموند أرون و قد وصل لفكرة النقد المعرفي و قد تخلص من أثر فلسفة التاريخ التقليدية منذ أيام سيطرة الفكر الارسطوإفلاطوني مرور بالفكر المسيحي و آخره في الفلسفة المثالية الالمانية و قد بلغت منتهاها في كل من الماركسية و الهيغلية.
و عليه تصبح فلسفة التاريخ الحديثة متخطية لفكرة اليد الخفية و الفكر المطلق و أن الفكر الميتافيزيقي لم يعد أفقا فلسفيا يتيح للفلسفة أن تقدم عبره مشاريعها الفلسفية و بالتالي تصبح أفكار النيوكانطية أفق الفكر الفلسفي الجديد و يصبح إختيار الديمقراطية الليبرالية متاحا و ممكن و رفض النظم الشمولية من نازية و فاشية و شيوعية واجب أخلاقي به يصبح فكر النظم الشمولية فكر عابر و مؤقت في زمن الشرط الإنساني حيث يستطيع الإنسان إعادة خلق المجتمع البشري وفقا لقدرات عقلنا البشري و بعيدا عن اللاهوت و الميتافيزيقيا.
لذلك نجد ريموند أرون قد فضل و إستحسن فكر ماكس فيبر و دلتاى و جورج زيمل و إدموند هوسرل على فكر دور كهايم و فكر أوجست كونت و فكر ماركس و بسبب فكر ريموند أرون الذي أتى به من الفلاسفة الألمان و علماء إجتماعهم إنعتقت فرنسا من فكر فلسفة التاريخ التقليدية و هذا ما ينتظر ساحة فكرنا السوداني لكي تلحق بمواكب البشرية و خاصة أوروبا و قد أصبحت تمثل مختصر تاريخ البشرية في زمن قد أصبح و لأول مرة أن تاريخ البشرية تاريخ واحد في ظل قيام الثورة الصناعية.
و هذا ما فطن إليه نهرو في الهند و نجده قد فعل فيما يتعلق بالفكر نفس خطوات ريموند أرون في فرنسا فيما يتعلق بالقرار و الإختيار و قد أختار الفكر الديمقراطي و رفض نهرو الشيوعية كنظام شمولي بغيض و أختار للهند أن تكون هند ديمقراطية علمانية تقنية و عندما سئل لماذا رفض الشيوعية للهند؟ رد نهرو على سائليه أنه قد قراء رأس المال لماركس حيث يزعم عباقرة الرجال بأنهم قد قراؤه و في حقيقة الأمر لم يقرؤه أما هو فقد قراءه و لم يجد فيه ما يجعله أن يكون ماركسيا.
رد نهرو على سائليه يكاد يكون قد قال نفس كلام ريموند أرون عن كتاب رأس المال لماركس حيث قال أنه قراءه خلال ثلاثة عقود و لم يجد فيه ما يجعله أن يكون ماركسيا و لهذا وصف ريموند أرون في فرنسا بأنه المثقف غير المنخدع بماركسية ماركس و عليه إن إختيار نهرو للديمقراطية و العلمانية و التقنية للهند و رفضه للشيوعية يجعله مثقف عضوي لأنه قد حقق طموح الطبقات الصاعدة في الهند من خلال فكر ليبرالي يؤمن بقيم الجمهورية و أقنع به المهاتما غاندي الذي كان يحلم بعودة الهند التقليدية.
في ختام هذا المقال يجب العودة لفكرة القرار و الإختيار للنظام السياسي في فكر ريموند أرون و هو بالمناسبة مؤرخ غير تقليدي و إقتصادي و فيلسوف و عالم إجتماع فرنسي ساعدته معرفته بالنظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي بأن يلاحظ كيف تكون لحظات إنقلاب الزمان و كيف إنتهت فيها فلسفة التاريخ التقليدية و كيف بداءت بعدها فلسفة التاريخ الحديثة منتصرة للفكر الليبرالي في تأسيسه لفكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد.
و عليه كان ريموند أرون مدركا لنهاية الليبرالية التقليدية و مدرك لبداية الليبرالية الحديثة لذلك لم ينخدع بأفكار الوضعية لأوجست كونت عندما أسسها على فكرة مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و لم ينخدع بأفكار ماركس و قد حاول دراسة المجتمع عبر نمط الإنتاج الرأسمالي أما فكره أي فكر ريموند أرون الذي إعتمد عليه في مسألة القرار و الإختيار فيقوم على فكرة المجتمع و الديمقراطية في فكر توكفيل و هذا ما جعله يأتي بأفكار توكفيل عن الديمقراطية الليبرالية من قلب النسيان و يحارب بها أفكار كل من ماركس و أفكار أوجست كونت كحتميات و وثوقيات و يقينيات.
أما فضاء فكره و فيض علومه فقد جعل لها فضاء تلتقي فيه الديمقراطية و الفلسفة و علم الإجتماع لكي يخرج منها بفكرة الشرط الإنساني و لا تمثله غير الفلسفة السياسية و الفلسفة الإقتصادية لتجسيد فكرة العيش المشترك وفقا لمعادلة الحرية و العدالة في تجسيدها لفكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد و لا تكون بغير العلاقة المباشرة بين الفرد و الدولة في مفهوم الدولة الحديثة التي لا تحقق إلا عبر الفكر الليبرالي.
و عليه نقول للنخب السودانية أن مسألة القرار و الإختيار للنظام السياسي مهمة و قد وضحناها في كيف أختار نهرو الديمقراطية و العلمانية و التقنية للهند و قد أصبحت الهند اليوم من أكبر الديمقراطيات و عليه نقول لكم أن شعار ثورة ديسمبر المجيدة حرية سلام و عدالة لا يمكن تحقيقه بغير إتخاذ قرار يختار الديمقراطية الليبرالية للسودان و العلمانية كما أختار نهرو للهند الديمقراطية و العلمانية و التقنية و العلوم الحديثة.
taheromer86@yahoo.com