كيف وضعت حماس الجميع في مأزق بعد موافقتها على الهدنة؟
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
أدت موافقة حركة حماس المفاجئة على العرض المصري للهدنة مع الاحتلال إلى زيادة المأزق الذي تعاني منه جميع الأطراف ذات العلاقة بالصراع.
المأزق الإسرائيلي
ستؤدي موافقة حماس ورفض نتنياهو ومجلس الحرب للعرض المصري إلى زيادة الضغط الداخلي على نتنياهو ومجلسه، لأنه سيظهر مسؤولا أمام جمهوره عن تعطيل تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الأسرى "الإسرائيليين" في قطاع غزة.
ولكن هذا المأزق الذي وُضع فيه نتنياهو لا يعني أنه سيضطره إلى الموافقة على العرض المصري تحت الضغط، لأن هدفه النهائي هو البقاء في الحكم وعدم الدخول للسجن بسبب محاكمات الفساد التي تنتظره، كما أنه لا يزال يتحرك بدافع الانتقام "البدائي" بعد تحمله مسؤولية الإخفاق في 7 أكتوبر.
المأزق الذي وُضع فيه نتنياهو لا يعني أنه سيضطره إلى الموافقة على العرض المصري تحت الضغط، لأن هدفه النهائي هو البقاء في الحكم وعدم الدخول للسجن بسبب محاكمات الفساد التي تنتظره، كما أنه لا يزال يتحرك بدافع الانتقام "البدائي" بعد تحمله مسؤولية الإخفاق في 7 أكتوبر
المأزق الأمريكي
على الصعيد الأمريكي، درجت إدارة بايدن على تحميل "حماس" مسؤولية عدم الإفراج عن الأسرى "الإسرائيليين" وعن استمرار الحرب لأنها رفضت العروض السابقة لوقف إطلاق النار. بعد موافقة حماس، ستسقط هذه الذريعة وتضع الإدارة في مأزق جديد.
ليس هذا المأزق بالطبع بسبب مزاعم واشنطن "الأخلاقية" ولكنه لأسباب براغماتية وسياسية خالصة. أولى أسباب المأزق هو قرب الانتخابات الرئاسية وعدم رغبة الإدارة باستمرار الحرب بمستواها المرتفع على موعد قريب من الاستحقاق الرئاسي، خصوصا أن "الصوت العربي والمسلم والتقدمي" بات يمثل خطرا على فرص نجاح بايدن بالفوز على ترامب.
أما السبب الثاني فهو ارتفاع مستوى التظاهرات الشعبية الرافضة للعدوان وتعمق أزمة حراك الجامعات الأمريكية، التي أظهرت مستوى القمع الهائل للشرطة، وزادت التعاطف مع الطلاب، وسببت إحراجا مزدوجا جديدا لإدارة بايدن، من قبل الرافضين لعنف الشرطة من جهة، ومن قبل ترامب الذي اتهم منافسه بالضعف، من جهة أخرى.
ثالث مظاهر المأزق الأمريكي بعد موافقة حماس على عرض الهدنة هو ظهور عجز إدارة بايدن في مواجهة نتنياهو. لقد ظهر الأخير "بارعا" في التلاعب بالإدارة، فهو يدرك أنها من ناحية استراتيجية تريد انتصارا كاملا للاحتلال في غزة رغم تصريحاتها التي تبدي خلافا مع نتنياهو، ويعلم مقدار قوة الدعم للعدوان داخل الكونجرس ومجلس الشيوخ وهو ما يحجم قدرة بايدن على الضغط، ويقرأ قوة "اللوبي الإسرائيلي" في واشنطن، ما يجعله قادرا على زيادة مأزق بايدن والتحكم بخيوط كثيرة من لعبة القرار في الإدارة الأمريكية.
هل سيؤدي هذا المأزق الأمريكي إلى ضغط حقيقي على نتنياهو؟ غالبا أن هذا لن يحدث للأسباب المذكورة آنفا، وأن السيناريو المرجح هو الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على عملية بمستوى أقل من الاجتياحات السابقة لمناطق قطاع غزة في الوسط والشمال، وهو ما سيبقي على بايدن إدارة مأزقه الداخلي حتى الانتخابات القادمة.
المأزق المصري
السيناريو المرجح هو الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على عملية بمستوى أقل من الاجتياحات السابقة لمناطق قطاع غزة في الوسط والشمال، وهو ما سيبقي على بايدن إدارة مأزقه الداخلي حتى الانتخابات القادمة
قبل ساعات من إعلان حماس موافقتها على العرض المصري، صرح "مصدر رفيع المستوى" لقناة القاهرة الإخبارية بأن هجوم حماس على قوات الاحتلال في معبر "كرم أبو سالم" أدى إلى تعثر صفقة الهدنة. حدث هذا رغم أن مصر لم توجه اللوم خلال الأشهر الماضية لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الذي كان مسؤولا عن تعثر وقف إطلاق النار بسبب إصراره على عدم الانسحاب من المناطق التي احتلها جيشه في غزة، وعدم عودة النازحين للشمال، إضافة إلى رفضه لوقف دائم للحرب حتى الآن.
أدت موافقة حماس على العرض المصري لوضع القاهرة في مأزق من عدة مظاهر. الأول، هو أن مصر يجب أن تعلن مسؤولية الاحتلال عن تعثر الصفقة بعد رفضها من قبل "مجلس الحرب"، وإلا فإن انحيازها -المعلوم للجميع- سيتأكد أمام من كان على عيونه بعض الغشاوة.
أما المظهر الثاني للمأزق المصري، فهو أنها خسرت رصيدا استراتيجيا كبيرا كانت ستحصل عليه لو تم التوصل لوقف إطلاق النار بناء على العرض الذي قدمته، بعد فشل المفاوضات لمدة أشهر.
ولكن المأزق المصري الأكبر بعد موافقة حماس فهو بسبب موقفها المخزي من هجوم الاحتلال على معبر رفح، بعد ساعات من هذه الموافقة. لقد احتل الجيش الصهيوني معبر رفح من الجهة الفلسطينية، دون مراعاة لأية اتفاقات بين تل أبيب والقاهرة (مثل كامب ديفيد واتفاقية المعابر 2005)، ودون احترام لنداءات ورفض "الحليف المصري" لعدم الاقتراب من منطقة رفح، وها هي القوات الاحتلالية تصل للحدود المصرية نفسها.
وقوع مصر والاحتلال وأمريكا في مأزق بعد موافقة حماس على العرض المصري لا يعني انتهاء المأزق الفلسطيني، فهذا الشعب لا يزال يتعرض لأبشع جريمة في العصر الحديث من قبل قوات الاحتلال، بدعم أمريكي، وتواطؤ عربي، وخذلان عالمي، وفقدان لمبادرة ما تسمى "القيادة الفلسطينية"
احتلال معبر رفح والبدء بمهاجمة المدينة بعد موافقة حماس على العرض المصري، سيجعل القاهرة في مواجهة الاحتلال مباشرة، دون وجود ذرائع بمسؤولية حماس عن الوضع -لو استمرت برفض الصفقة- وسيكون المأزق المصري كبيرا، فعدم قدرة مصر على منع الاحتلال من احتلال معبر رفح ثم المدينة نفسها، سيظهر القاهرة بمزيد من الضعف، بل وسيرى الكثيرون أنها متوافقة أصلا مع الاحتلال على هذه الخطوة.
هل يعني هذا المأزق المصري أن القاهرة ستغير موقفها؟ لا نتوقع ذلك، فقد علمتنا غزة أن الموقف العربي والمصري تحديدا لم يعد فقط غير داعم للشعب الفلسطيني، بل هو وصل لمستوى التواطؤ مع الاحتلال.
إن وقوع مصر والاحتلال وأمريكا في مأزق بعد موافقة حماس على العرض المصري لا يعني انتهاء المأزق الفلسطيني، فهذا الشعب لا يزال يتعرض لأبشع جريمة في العصر الحديث من قبل قوات الاحتلال، بدعم أمريكي، وتواطؤ عربي، وخذلان عالمي، وفقدان لمبادرة ما تسمى "القيادة الفلسطينية" -هل يذكرها أحد؟- ولن تنتهي هذه الجريمة إلا بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال، وتغير الظروف الإقليمية والدولية بشكل أعمق من التغيير الذي سببه المأزق الحالي الذي وقع فيه الجميع!
twitter.com/FerasAbuHelal
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس المصري الاحتلال غزة وقف إطلاق النار مصر حماس غزة الاحتلال وقف إطلاق النار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعد موافقة حماس على هذا المأزق معبر رفح فی مأزق لا یعنی لا یزال من قبل
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
قالت هيئة البث الإسرائيلية، أمس الأحد، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أضاع فرصة التوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال يوليو/تموز الماضي، إرضاء لوزيري الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.
وأضافت الهيئة أن حركة حماس كانت على استعداد للإفراج عن عدد من المحتجزين الإسرائيليين، دون ربط ذلك بشرط وقف إطلاق النار بشكل كامل، في يوليو/تموز الماضي.
وأشارت إلى أن موافقة حماس وقتها كانت محاولة للربط بين المرحلتين الأولى والثانية من اقتراح وقف إطلاق النار، والخاص بالمساعدات الإنسانية.
ولم تذكر الهيئة مزيدا من التفاصيل، إلا أن حركة حماس سبق وأن شددت مرارا على أنها لن تفرج عن المحتجزين الإسرائيليين إلا من خلال اتفاق يؤدي إلى وقف شامل للإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وتضمن المقترح الأميركي آنذاك 3 مراحل: الأولى تتضمن وقف إطلاق النار الفوري، وإطلاق سراح النساء والمسنين والجرحى من المحتجزين الإسرائيليين بغزة وتبادل الأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة. بالإضافة إلى زيادة المساعدات الإنسانية وإعادة بناء الخدمات الأساسية وعودة المدنيين إلى منازلهم في جميع أنحاء القطاع، مع تقديم المجتمع المدني المساهمة اللازمة في مجال الإسكان.
وعقب اتفاق الأطراف، فإن المرحلة الثانية تتطلب إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين وانسحاب إسرائيل من غزة لإنهاء الأزمة بشكل نهائي.
أما المرحلة الثالثة، تضمنت البدء بخطة إعادة إعمار غزة لعدة سنوات وتسليم جثث الأسرى الإسرائيليين.
وأوضحت الهيئة أن نتنياهو رفض الانسحاب من قطاع غزة، وجعل من محوري فيلادلفيا (جنوب) ونتساريم (وسط) بالقطاع عقبة أمام عملية وقف النار.
ونقلت الهيئة عن مصدر إسرائيلي قوله إن نتنياهو رفض هذه الصفقة إرضاء لكل من بن غفير وسموتريتش، آنذاك، اللذين هددا بالانسحاب من الحكومة حال إبرام الصفقة مع حماس، واعتبرا ذلك هزيمة لإسرائيل.
ووصلت مفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل إلى مرحلة متعثرة، جراء إصرار نتنياهو على وضع شروط جديدة تشمل استمرار احتلال محور نتساريم وسط قطاع غزة ومحور فيلادلفيا ومعبر رفح (جنوب)، ورفض وقف الحرب في إطار أي صفقة لتبادل أسرى، في حين تتمسك حماس بإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي تماما.
وأول أمس السبت، أعلن المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة مقتل أسيرة إسرائيلية جراء العدوان الإسرائيلي على شمال قطاع غزة.
ويقدر الجيش الإسرائيلي عدد المحتجزين المتبقين في قطاع غزة بنحو 97، بينهم 34 يقول إنهم ماتوا، في حين لم تصرح فصائل المقاومة الفلسطينية عن عدد الأسرى الإسرائيليين لديها، لكنها أعلنت مرات عدة عن مقتل بعضهم جراء عدوان الاحتلال.
يذكر أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سراح 81 أسيرا إسرائيليا في هدنة إنسانية مؤقتة استمرت أسبوعا، مقابل إطلاق إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 149 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.