الدوحة– دعا مشاركون في مؤتمر الدوحة الدولي الـ15 لحوار الأديان إلى التصدي لما وصفه بالهجوم الشرس والنظريات الدخيلة التي تستهدف كيان الأسرة، باعتبارها الكتلة الصلبة الباقية لأمان المجتمعات واستقرارها.

وخلال جلسة الأديان وهوية المنظومة الأسرية بالمؤتمر، الذي انطلقت أعماله الثلاثاء بالدوحة ويستمر يومين، أكد المتحدثون أهمية التركيز على دراسة التغيّرات الطارئة على مفهوم الأسرة ومكوناتها الفطرية منذ عصر التنوير وحتى اليوم، وكيف أسهمت الحداثة وما بعدها في تفتيت المضمون المتماسك للأسرة، وهدم الحياة المجتمعية التراحمية.

وأشار المشاركون بالمؤتمر، الذي يحمل عنوان "الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة"، إلى التغيرات المفاهيمية الطارئة على الأسرة وتحول الزوج الأب والزوجة الأم إلى مجرد فرد منتج، وكيف أفرز هذا ضبابية في الأدوار الأسرية بين الرجل والمرأة.

وأكدوا على دور الأديان ومنهجها في علاج المشكلات الأسرية؛ حيث إنها تجتمع على العمق الإنساني والتكريم الإلهي للزوجين باعتبارهما مستخلفين في الأرض.

كما وضعت كل الأديان منهجا وقائيا وعلاجيا للمشاكل الأسرية لو التزم الناس في كل عصر بأحكامها لبقيت الأسرة متينة قوية تسودها المودة والمحبة والسعادة والسكن، ويرفرف عليها الوفاق والوئام.

جانب من المشاركين في مؤتمر حوار الأديان بالدوحة (الجزيرة) اهتمام جميع الأديان

وأكد باحثون مشاركون في تصريحات للجزيرة نت على أهمية تضافر الجهود نحو زيادة الوعي، وإدراك خطورة الأفكار الوافدة وضرورة المعالجة السريعة والجريئة لها، وإعلان رفض جميع النظريات التي لا ترفضها الأديان فحسب بل ترفضها الفطرة السليمة أيضا.

واعتبر أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الدكتور نظير عياد، المؤتمر أحد الأحداث المهمة التي تركز على قضية الوعي بواحدة من القضايا الرئيسية التي أولتها جميع الشرائع السماوية موفور العناية وهي الأسرة والنشء، مؤكدا أن القرآن الكريم ومن قبله التوراة والإنجيل، تقاسموا التركيز على أن الأسرة هي النقطة المركزية في بناء المجتمع واستقراره وأمنه.

وأشار إلى أن هناك ارتباطا قويا بين استقرار المجتمعات وتقدمها وبين الأسرة، ولعل ذلك هو ما يعكس الهجوم الشرس على الأسرة باعتبارها الكتلة الصلبة والبقية الباقية لأمان المجتمعات واستقرارها.

ومن هذا المنطلق، يقول عياد، تم توجيه السهام إلى الأسرة من خلال نظريات مرفوضة عقلا وشرعا وفطرة وخلال الفترة المقبلة يجب العمل على تضافر الجهود لزيادة الوعي وإدراك خطورة الوافد والمعالجة الجريئة والسريعة وإعلان رفض جميع النظريات التي ترفضها الأديان.

وركز أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف على أهمية تعاون الجهات التعليمية والجهات الرقابية والإعلامية والمؤسسات الدينية لتشكيل حائط صد قوي أمام التيارات الوافدة الدخيلة التي لا تهدف إلا إلى القضاء على المجتمعات.

#فيديو_الشرق|
سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية خلال افتتاح المؤتمر الخامس عشر لحوار الأديان بالدوحة: الأسرة هي العامل المشترك الذي يجمع المجتمعات بكل مكوناتها#صحيفة_الشرق pic.twitter.com/nfQffzwot3

— صحيفة الشرق – قطر (@alsharq_portal) May 7, 2024

رفض القيم المخالفة

بدوره، دعا وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار، في تصريح للجزيرة نت، إلى الاهتمام بالأسرة كونها اللبنة الأولى لبناء المجتمع، موضحا أن "من يريد غير ذلك فليطبقه على ذاته ومجتمعاته ولا يصدر لنا قِيَمه أو أفكاره".

وأضاف أن القيم الدينية المشتركة بين كل الديانات متعددة وكثيرة ولكن المهم هو التطبيق وتحويل هذه القيم إلى التعايش والمعاملة من خلالها، وقال إن نقاط الخلاف "لاهوتية" واللاهوت هو تفكير ما ورائي، ولكن في القيم اليومية لا يوجد خلاف فاحترام المرأة، وحقوق الطفل وتنشئته، والتربية في بيئة سليمة، كل ذلك أمور متفق عليها في جميع الديانات.

وحول مسألة الحفاظ على الأسرة في ظل المتغيرات المعاصرة، أوضح الوزير اللبناني أن المتغيرات الحالية تعود في الأساس للتطور التكنولوجي، ولذا لا بد من الانطلاق من نقطة ارتكاز وهو الإيمان القائم على أبعاد إنسانية عميقة.

#قنا_انفوجرافيك |
رئيس مركز #الدوحة الدولي لحوار الأديان لـ #قنا: دولة #قطر تولي اهتماماً كبيراً بالأسرة باعتبارها قوام المجتمع ولدورها الأساسي في نهضة الوطن pic.twitter.com/1Pga06clMy

— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) May 6, 2024

مأزق غزة

وبرأي الوزير اللبناني فإن ما يحدث في غزة "جريمة دولية وغير مبررة لا من الأعراف الدينية ولا السياسية ولا الأممية"، وقال إن العالم حاليا أمام مأزق تاريخي لأن كل ما بناه من مؤسسات من أجل الحفاظ على السلام وحقوق المرأة والأطفال والأسرة يندثر أمام العالم العاجز.

أما العضو السابق في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بالجمهورية اللبنانية، أمير رعد، فقال للجزيرة نت إن هناك شرائع متعددة تشمل الإسلام والمسيحية واليهودية، وهناك أقسام ثلاثة لكل شريعة وهي العقائد والعبادات والقيم، ففي العقائد لا يمكن التفاهم إلا من خلال تثبيت الثوابت، وفى العبادات فإن كل معتنق لشريعة ينفذ عبادته من خلال هذه الشريعة.

أمير رعد: القيم هي القاسم المشترك بين الأديان (الجزيرة) القيم المشتركة

وتابع إن القاسم المشترك بين الأديان، وهو القيم التي هي عبارة عن مجموعة أفكار وقناعات وممارسات لها علاقة بالأخلاق والأمانة والصدق، ومن هذا المنطلق يقوم الحوار الحالي على كيفية الحفاظ على ما تبقى في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية وهو الأسرة.

وأشار إلى أن ما يجري في غزة يجسد دون شك التدمير المباشر لكيان الأسرة من خلال استهداف الأطفال والنساء حيث إن ما يقرب من 70% من الضحايا هم من هاتين الفئتين، مطالبا العالم بتحمل مسؤولياته نحو الحفاظ على الأرواح واحترام حقوق الإنسان التي لم يعد لها مكان في قطاع غزة.

مفتي تتارستان: الحوار بين الأديان يفتح الآفاق نحو التعايش السلمي (الجزيرة) بناء الأسرة القوية

وقال مفتي جمهورية تتارستان كامل سميع الله للجزيرة نت إن هناك علاقة قوية جدا بين التمسك بتعاليم الدين وبناء الأسرة القوية؛ حيث نرى على سبيل المثال أولئك الذين يبيحون الزواج بين الرجل والرجل والمرأة والمرأة فهم لا ينتمون لأي قيم دينية على الإطلاق، فلا يوجد أي دين يبيح ذلك وبالتالي فالعودة لقيم وتعاليم الأديان هي أساس بناء الأسرة القوية.

وأشار إلى أن الحوار بين الأديان يفتح الآفاق نحو التعايش السلمي بين أنصار ومعتنقي كل دين، ولا بد أن يكون هناك احترام متبادل يوفر في الأساس تعايشا سلميا قويا في المجتمعات المتعددة.

وتابع أنه في ظل التطورات التكنولوجية المعاصرة فقد زادت احتياجات الفرد وتطلعه إلى الكثير من الابتكارات العالمية، وكذلك التعرف على التوجهات والنظريات الغريبة والدخيلة على المجتمعات، ومن ثم فلا بد من الرقابة الشديدة من قِبَل أولياء الأمور والجهات المعنية لمواجهة عدم الانسياق وراء النظريات الغريبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات لحوار الأدیان بین الأدیان للجزیرة نت الحفاظ على من خلال

إقرأ أيضاً:

صحيفة لبنانية: وفد نيابي زار قطر لبحث دعم المكون السني

قالت صحيفة الأخبار اللبنانية، وفدا نيابيا لبنانيا، برئاسة نبيل بدر زار العاصمة القطرية، والتقى رئيس الوزراء محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبحث دعم المكون السني ودور الدوحة في الانتخابات النيابية المقبلة.

كما أثار الوفد قضايا سياسية واقتصادية، بينها دعم البيئات الاجتماعية في عكار وطرابلس وبيروت، وانتقد أداء نواف سلام في تشكيل الحكومة، لكن قطر لم تبدِ اهتمامًا كبيرًا بالتدخل في الانتخابات المقبلة.




وقالت الصحيفة، إنه عندما صدرت كلمة السر الأميركية – السعودية بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، عمدت قطر، خلال ساعتين فقط، إلى إبلاغ كل من تتواصل معهم انسحابها من حلبة التنافس ودعم مرشحها اللواء الياس البيسري. وانعكس ذلك بلبلة بين الكتل النيابية التي عزّزت علاقتها مع الدوحة في ظل الاعتكاف السعودي عن الملف اللبناني.

وتابعت بأنه "لم يمر وقت طويل، حتى تبيّن أن القرار القطري ينسحب أيضاً على رئاسة الحكومة. فبعد تكليف الرئيس نواف سلام، أبلغت الدوحة أيضاً القوى التي تتواصل معها أنها لم تعد معنيّة بالملف، قبل أن ينقل سياسيون عن مسؤولين أميركيين وسعوديين أن قطر ليست صاحبة كلمة في لبنان".

ونوهت إلى أنه مع عودة السعودية عن اعتكافها، بدا أن المسؤول السعودي المكلّف بالملف اللبناني يزيد بن فرحان غير مهتم بإقامة علاقات جدية مع كل اللاعبين المحليين. وكان لافتاً اعتماده سياسة التجاهل التام لعدد من النواب السنّة، أو الذين تختارهم مناطق ذات غالبية سنّية، بحسب تعبيرها.

وأكدت الصحيفة أنه مع تشكيل الحكومة، واستبعاد سلام تمثيل النواب السنّة في بيروت والشمال والبقاع وزارياً، تكفّلت الرياض بقمع الأصوات المعترضة وأمّنت منح معظمهم الثقة للحكومة.




وكشفت أنه بعد تشكيل الحكومة، "يجد هؤلاء النواب أنفسهم في مواجهة استحقاق الانتخابات النيابية بعد سنة، في ظل حالة من العزلة والتهميش، ما دفعهم إلى البحث عن آلية جديدة لإعادة تظهير حضورهم الفاعل في المشهد السياسي، والعودة إلى محاولة التواصل مع قطر، خصوصاً بعد قرار الدوحة حصر ملف لبنان بوزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي".

وتابعت: "تولّى رجل المهمات الخاصة بقطر في لبنان باسل الحسن، إجراء الترتيبات لعقد لقاءات بقيت بعيدة عن الأضواء، مهّدت لزيارة وفد نيابي إلى الدوحة للقاء كبار المسؤولين هناك".

وإثر تفاهمات مع القطريين بعدم جعل الزيارة تبدو وكأنها تحدّ للإرادة السعودية – الأميركية في لبنان، زار وفد نيابي برئاسة نائب بيروت نبيل بدر، ضمّ النواب عماد الحوت ومحمد سليمان وبلال حشيمي وسجيع عطية وعبد العزيز الصمد وحيدر ناصر، العاصمة القطرية، والتقى الخليفي ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وكان هاجس الوفد النيابي بحسب ما أوردت الصحيفة "تحفيز الدوحة على انخراط أكبر في الساحة اللبنانية ودعم المكوّن السنّي".

وأثار الوفد مع المسؤولين القطريين موضوع الانتخابات النيابية المقبلة عام 2026، ودعا الدوحة إلى أن تكون منخرطة أكثر وتوفير الدعم لإيصال كتلة نيابية، في ظل ما وصفته الصحيفة بـ"الإهمال السعودي" المتعمّد لهذه الأصوات النيابية، إضافة إلى مطالبتها بـ"دعم صمود البيئات الاجتماعية في عكار وطرابلس وبيروت في إطار استخدام سياسة القوة الناعمة".

وختمت: "عبّر الوفد النيابي أمام المسؤولين القطريين عن الانزعاج من الرئيس سلام، وانتقد أداءه في تشكيل الحكومة وإقصاء الكتل السنّية في مختلف المناطق وتعيين وجوه في الإدارات العامة أكثر قرباً من الرياض وأبو ظبي، غير أن الوفد لم يلمس اهتماما قطريا بالانتخابات المقبلة.

مقالات مشابهة

  • صحيفة لبنانية: وفد نيابي زار قطر لبحث دعم المكون السني
  • بريطانيا تطالب بضرورة السماح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة
  • اجتماع ثلاثي بالدوحة بين قطر ورواندا والكونغو الديمقراطية
  • «الشارقة للصحافة» يناقش دور القيم في بناء المجتمعات
  • ذياب بن محمد بن زايد: «يوم زايد للعمل الإنساني» مناسبة نستلهم منها القيم الإنسانية التي أسست لاستدامة العطاء الإماراتي
  • ذياب بن محمد بن زايد: نستلهم من "يوم زايد للعمل الإنساني" القيم الإنسانية التي أسست لاستدامة العطاء الإماراتي
  • قضية “تلميذات كيكو” تصل البرلمان و مطالب بتدخل وزيرة الأسرة
  • عبد الباقي لـ سانا: نُؤكد استمرار تعزيز آليات الرقابة والتدقيق في جميع المشاريع والعمليات المالية، لضمان حماية المال العام واستعادة حقوق الدولة والمواطنين بمهنية عالية
  • اتحاد الشركات يستعرض «تأمين حماية الأسرة» ودوره في مواجهة المخاطر
  • وزارة الإعلام : نؤكّد أنّ هذا الاعتداء يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية الصحفيين خلال أداء مهامهم، وندعو الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة الجناة