يعتبر "اضطراب السلوك" (Conduct disorder) مشكلة يخرق فيها الأطفال بعض القوانين، ويتصرفون بأنانية، ولا يبدو عليهم الاهتمام بمشاعر الآخرين، ويمارسون التنمر والعدوانية ويهددون.

يتغيبون عن المدرسة ويخربون الممتلكات ويكذبون ويسرقون من دون الشعور بالذنب، وهذا التصرف يظهر عادة في مرحلة متأخرة من الطفولة أو بداية المراهقة.

. فما الحل؟

تعرّف "الاضطرابات السلوكية" بأنها جميع الأفعال والتصرفات التي تصدر عن الطفل بصفة متكررة أثناء تفاعله مع البيئة والمدرسة، بحيث لا تتماشى مع معايير السلوك السوي المتعارف عليها والمعمول بها في البيئة المحيطة.

وتظهر عادة في مرحلة متأخرة من الطفولة أو بداية المراهقة، وتشكل خروجا ظاهرا عن السلوك المتوقع من الفرد العادي، وتسم من تصدر عنه بالانحراف وعدم السواء.

ويمكن للعلاج النفسي بأنواعه المختلفة أن يسهم في تخفيف حالات الأطفال الذين يعانون من هذه الاضطرابات النفسية ومساعدتهم على تخطيها.

الأطفال الذين لديهم اضطرابات سلوكية يواجهون مشكلات مع أسرهم ومجتمعهم كالرفض والنبذ والإقصاء (شترستوك) دور الأسرة في تحديد سلوكيات أطفالهم

تقول الإخصائية النفسية للمراهقين والأطفال تاتيانا الموسوي للجزيرة نت، إن الأسرة هي المسؤول الأول عما يكتسبه الطفل من سلوكيات، إلا أنه وغالبا ما يواجه الأطفال والمراهقون الذين لديهم اضطرابات سلوكية مشكلات وتحديات مع أسرهم ومجتمعهم، وأصدقائهم كالرفض والنبذ والإقصاء.

ويعيش هؤلاء الأطفال فيما يسمى الدورة الذاتية الدائمة، وهي حلقة مفرغة من السلوك السلبي من قبل الطفل مما يؤدي إلى استجابة سلبية أخرى من قبل الوالدين؛ مثل التوبيخ والضرب والعقاب.

وعادة تبدأ الدورة الذاتية الدائمة عندما يكون الطفل عدوانيا ومقاوما للأهل. مثلاً، الطفل الذي يشعر أنه فاشل لا يستطيع تحقيق آماله وأحلامه نظرا لصعوبات كثيرة في نفسه -مثل ضعف إمكانياته وشخصيته- أو أن الأسرة التي لا تسمح له بالتعبير عن نفسه؛ فيلجأ إلى السلوكيات العدوانية كتعويض ونوع من إثبات الذات، ومعاقبة الآخرين الذين أحبطوه.

كما أن سيطرة شخصية الأم وغياب دور الأب تجعل الطفل عرضة لاضطراب السلوك أكثر من غيره، وكذلك إذا تعرض في المنزل لإيذاء جسدي يكون غير قادر على التعبير عن معاناته إلا بالعنف.

ويعد الآباء جزءًا من العلاج النفسي، إذ بإمكانهم تعلم بعض المهارات من الاختصاصي النفسي تساعد في ضبط سلوك أطفالهم، مع تجنب توجيه التنبيهات الشديدة والمخيفة فهي غير مجدية في علاج اضطراب التصرف لدى الأطفال.

السلوك السلبي من قبل الطفل قد يؤدي إلى استجابة سلبية من الوالدين؛ مثل التوبيخ والضرب (شترستوك) معالجة الطفل وتغيير سلوكه

وتشير الموسوي إلى أن معالجة الطفل وتغيير سلوكه لا يتم بسرعة؛ وإنما يحتاج إلى مراحل تدريجية، وهي:

العلاج النفسي باللعب

يمكن لمراكز العلاج والمتخصصين تقييم سلوك الأطفال ومساعدة الأهل في معالجة المشكلات السلوكية من خلال العلاج باللعب، حيث يفيد اللعب في النمو النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل، فيقوي عضلات الطفل، ويطلق طاقاته الكامنة.

ومن المهم اعتماد اللعب كأسلوب ترفيهي وتربوي وعلاجي يتم من خلاله شرح وفهم شخصية الطفل.

ويتعلم الطفل من خلال اللعب المعايير الاجتماعية وضبط الانفعالات والنظام والتعاون والقيادة، كما يشبع حاجات الطفل مثل حب التملك، عند امتلاكه بعض أدوات اللعب والسيطرة عليها في حرية دون رقيب أو منافس وفي تفكير مستقل منفسا عن ميوله ومشاعره.

لذلك من المهم اعتماد اللعب كأسلوب ترفيهي وتربوي وعلاجي يتم من خلاله شرح وفهم شخصية الطفل.

تاتيانا الموسوي: يمكن تقييم سلوك الأطفال ومساعدة الأهل في معالجة المشكلات السلوكية من خلال العلاج باللعب (الجزيرة)

العلاج الدوائي

أكدت الأبحاث والدراسات في السنوات الأخيرة وشجعت استخدامها للأدوية للسيطرة على كثير من الأعراض المزعجة مثل العنف والاندفاع وكثرة الحركة.

ومما زاد احتمالات الاستفادة من العقاقير-بوصفة طبية من الطبيب المختص- أن هناك نسبة غير قليلة من الأطفال مضطربي السلوك يعانون من حالات اكتئاب أو قلق، وغالبا ما يعبر الطفل عن اكتئابه وقلقه في صورة اضطرابات سلوكية، ولذلك تلعب مضادات الاكتئاب والقلق دورا مهما في علاج هذه الحالات.

العلاج السلوكي الجدلي

وتلفت الموسوي إلى أهمية استخدام العلاج السلوكي الجدلي، وهو أحد أشكال العلاج بالحوار لعلاج اضطرابات الشخصية. ويتكون من جلسات فردية أسبوعية مع معالج. ويمكن أن يستمر العلاج لعام تقريبًا.

ويتضمن العلاج السلوكي الجدلي 4 نقاط مهمة:

ضرورة السيطرة على المشاعر. التعامل مع حالات الضيق. ممارسة التركيز الذهني. التواصل الفعلي مع الآخرين.
علاج الطفل باللعب يفيد في نموه النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي، ويقوي عضلاته ويطلق طاقاته الكامنة (بيكسلز) أبرز علامات السلوك المضطرب

وبيّن تقرير نشره موقع " برايت فيوشر سني" أبرز علامات السلوك المضطرب، ومنها:

العدوانية تجاه الأشخاص والحيوانات وحب إيذاء الآخرين. تدمير الممتلكات مع اعتماد أسلوب السرقة. انتهاك القواعد العامة ومنها الهروب من المنزل أو المدرسة. غالبًا ما يعاني الأطفال والمراهقون المصابون باضطراب السلوك النفسي مشاكل في التحصيل الدراسي، ويتغيب معظمهم عن المدرسة، وقد يؤدي هذا في النهاية إلى رسوبهم. يعاني المصابون من صعوبة بناء العلاقات الاجتماعية والصداقات؛ نتيجة لسوء سلوكهم وتصرفاتهم، ويواجه معظمهم في سن المراهقة مشاكل قانونية وأخلاقية قد تزج بهم إلى السجن، وتؤثر فيما بعد على حياتهم الاجتماعية والوظيفية.
اضطراب السلوك لدى الأطفال يتسم بنمط سلوكي عدواني وتخريبي وعدم اتباع القواعد (شترستوك) إستراتيجيات للحد من اضطراب التصرف

وأشار التقرير نفسه إلى أهمية تعديل اضطراب السلوك لدى الأطفال، فما الإستراتيجيات المساندة للحد من اضطراب التصرف:

يبدأ اضطراب المسلك في عمر 5 إلى 6 سنوات؛ غير أن المعتاد هو أن يبدأ في الطفولة المتأخرة أو المراهقة المبكرة. مسار الاضطراب متغير، حيث يتحسن الاضطراب لدى غالبية الأفراد عند الوصول إلى الرشد. أثبتت الدراسات أن الأطفال الذكور يتعرضون لاضطراب في سلوكياتهم بنسبة أكبر من الإناث. لم يتم التعرف على سببه حتى الآن، وما إذا كان ناتجا عن عوامل مكتسبة من البيئة، أو نتيجة للعوامل الوراثية. يتسم هذا الاضطراب بنمط سلوكي عدواني وتخريبي وعدم اتباع القواعد. العلاج النفسي والأسري

يعتمد الأطباء على جلسات المعالجة النفسية لتقويم سلوك الطفل. وفيها يساعد الطبيب الطفل على تعلم مهارات التعبير عن المشاعر والتحكم في الغضب، وإدارته بطرق سليمة، كما يساعده على تنمية المهارات المتعلقة بحل المشكلات والتفكير المنطقي العقلاني.

ويلجأ الطبيب في بعض الأحيان إلى تعليم الأسرة كيفية تواصل أفراد العائلة السليم مع بعضهم بعضا، ويدرب الوالدين على طرق التعامل المثالية مع سلوك طفلهم في المنزل.

العلاج الجماعي

وضع الطفل وسط مجموعة من الأطفال، أو جمع الوالدين مع آخرين ممن لديهم مشكلات مشابهة مع أبنائهم. ويستخدم هذا العلاج آليات وتقنيات كثيرة للتغيير، من خلال ضغط المجموعة، وتأثيرها، ودعمها؛ لتغيير السلوكيات المرضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من خلال

إقرأ أيضاً:

خبيرة أممية: إجراءات إماراتية صارمة لمكافحة استغلال الأطفال

هالة الخياط (أبوظبي)

أخبار ذات صلة برعاية الشيخة فاطمة.. أبوظبي تستضيف مؤتمر «تمكينها» الإمارات: دعم ثابت لأمن واستقرار وسيادة ووحدة لبنان

أكدت السيدة ماما فاطمة سينغاتة، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بمكافحة بيع الأطفال واستغلالهم جنسياً، التزام دولة الإمارات الراسخ في مكافحة بيع الأطفال واستغلالهم جنسياً.
وقالت في مؤتمر صحفي عقدته في أبوظبي، أمس، للإعلان عن خلاصة زيارتها للدولة التي استغرقت 11 يوماً «إن الدولة تتخذ إجراءات صارمة لمكافحة استغلال الأطفال والاعتداء عليهم، فضلاً عن توفير الرعاية والدعم اللازمين للضحايا». 
وأضافت «إن دولة الإمارات العربية المتحدة قطعت شوطاً طويلاً في تعزيز وحماية حقوق الطفل منذ الزيارة التي قامت بها المقررة السابقة عام 2009، وهناك العديد من التغييرات الإيجابية التي تتماشى مع توصياتها».
وأشادت سينغاتة بالجهود التي بذلتها الحكومة وشركاؤها في الآونة الأخيرة، مؤكدة أهمية تشجيع الإبلاغ عن حالات الاعتداء الجنسي أو العنف ضد الأطفال. إذ يتسنّى تحقيق ذلك من خلال تبسيط قنوات الإبلاغ، وتوسيع نطاق برامج التوعية والتثقيف العام، وتعزيز الدعم المقدم للمنظمات غير الحكومية، وإنشاء قاعدة بيانات مركزية متاحة للجميع. 
وقالت الخبيرة الأممية «أشعر بالغبطة إزاء الإنجازات الكبيرة التي تحققت بالفعل، وآمل أن تسهم زيارتي والتقرير الذي سأقدمه في جهود الحكومة لتعزيز التدابير الجارية ومعالجة الثغرات. وهذا سيتطلب التزاماً وتعاوناً مستداماً من جميع المعنيين بحماية الطفل».
وأشادت الخبيرة الدولية بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لتحسين أطرها السياسية والقانونية والمؤسسية ذات الصلة بحماية الطفل، مثل قانون حقوق الطفل لسنة 2016 «قانون وديمة»، بالإضافة إلى وجود العديد من الهيئات المعنية بحماية الطفل مثل مركز حماية الطفل التابع لوزارة الداخلية، ومراكز الدعم الاجتماعي ووحدة حماية الطفل التابعة لوزارة التربية والتعليم.
وزارت الخبيرة الأممية مركز الطفل في أبوظبي، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، ودار الأمان لرعاية النساء والأطفال في رأس الخيمة، ومؤسسة حماية للمرأة والطفل في عجمان، ومركز كنف في الشارقة.
وأكدت: «تمثل العديد من المؤسسات التي زرتها مراكز جامعة لتخصصات عدة وجهات تعمل في مجال حماية الطفل، وتوفر دعماً شاملاً ومتكاملاً للأطفال، مما يسهم في الحد من خطر التعرض للصدمات النفسية. كما أسعدني معرفة أن هذه الممارسة الجيدة أصبحت تتكرر في جميع أنحاء البلاد».
وتجدر الإشارة إلى أن المقررة الأممية ستقدم تقريراً كاملاً إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس 2026.
وأشادت الخبيرة الأممية بنهج وزارة الداخلية تجاه إعطاء الأولوية للكشف المبكر عن الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت من خلال المتابعة المستمرة وما يشبه «الدوريات» على الإنترنت واستخدام برامج مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وأشادت سينغاتة بجهود وزارة التربية والتعليم من خلال وحدة حماية الطفل التي تم تأسيسها عام 2019 في إطار تنفيذ حماية الطفل في المدارس الحكومية والخاصة على مستوى الدولة، وحماية الطلاب من جميع أشكال الإساءة في البيئة المحيطة بهم سواء في المدرسة أو في المنزل.
ولاحظت خلال زيارتها وجود العديد من الجهات التي تركز على توفير الخدمات للأسرة بهدف تعزيز رفاه العائلة بأكملها، وبالتالي المساهمة في الحد من الحالات التي قد يتعرض فيها الأطفال لخطر الاستغلال والاعتداء الجنسي.
وأشادت الخبيرة الأممية بالخدمات المتاحة لجميع الأطفال في الدولة بغض النظر عن جنسياتهم أو أوضاعهم القانونية والمالية.
وأثنت الخبيرة الأممية على استحداث وزارة الأسرة لأهميتها في توطيد الروابط الأسرية، وتمكين المرأة والشباب، وتعزيز الاندماج الاجتماعي، مشجعة على تعزيز وتخصيص الموارد البشرية والمالية الكافية لضمان عمل الوزارة الجديدة على الوجه الأكمل، آملة إنشاء مفوضية مستقلة للطفولة تكون مكرسة، تحديداً للإشراف المستقل على حماية حقوق الطفل في جميع أنحاء الدولة ورصدها.

مقالات مشابهة

  • متخصصات في أدب الطفل: الجيل الجديد يحتاج أن نرافقه
  • الإمساك عند الأطفال..أسبابه وعلاجه وأنواع الملينات الطبيعية
  • خبيرة أممية: إجراءات إماراتية صارمة لمكافحة استغلال الأطفال
  • إطلاق سياسة حماية الطفل في الحضانات بالتنيق بين وزارة الصحة واليونيسف
  • صواريخ الاحتلال تخطف سمع الغزيين.. والحصار يمنع العلاج والتأهيل
  • رسالة مؤثرة من طفل مصاب بالتوحد لأولياء الأمور .. فيديو
  • سلطان القاسمي يفتتح الدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل
  • صدمات الطفولة.. كيف تترك بصمتها في العقل والجسم؟
  • تشغيل مركز رعاية للأطفال ذوي الإعاقة والأمهات البديلة
  • تعرض للغرق..مبادرة حياة كريمة تنقذ حياة طفل فاقد للوعي بالشرقية