وصف المدنيون الفلسطينيون الذين طلب منهم الجيش الإسرائيلي إخلاء شرق رفح، خوفهم ويأسهم من اقتلاعهم من منازلهم وملاجئهم، في الوقت الذي تقصف فيه الغارات الجوية الإسرائيلية مدينة أقصى جنوب غزة، وذلك رغم أنه كانت هناك آمال في عدم المضي قدماً في هجوم رفح بعد أن قبلت حماس اقتراح وقف إطلاق النار يوم الاثنين، لكن تلك الآمال تبددت بسرعة بعد أن قالت إسرائيل إن الشروط "بعيدة كل البعد عن متطلبات إسرائيل الضرورية" وأنها ستستمر "من أجل ممارسة الضغط العسكري" على الجماعة المسلحة.

 

وبحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، فبحلول صباح الثلاثاء، أدت الغارات الجوية الإسرائيلية على رفح إلى مقتل 23 شخصا، من بينهم ستة أطفال، وفقا لمسؤولين في مستشفى في جنوب غزة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتمتع "بالسيطرة العملياتية" على الجانب الغزاوي من معبر رفح، وهو نقطة دخول حيوية لنقل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى القطاع من حدوده الجنوبية مع مصر، وأن الجيش يقوم بما أسماه "عملية دقيقة لمكافحة الإرهاب" من أجل القضاء على حماس وتفكيك البنية التحتية لها في مناطق محددة في شرق رفح، إلا أن الخوف من الأيام القادمة هو الشعور الذى سيطر على أهل رفح مع بداية رحلتهم إلى المجهول.

 

 

ما بين النزوح السابع إلى العاشر .. إلى متى؟

وتحدث الأشخاص الفارون من المنطقة عن تجارب مرعبة أثناء سردهم للساعات الأربع والعشرين الماضية لشبكة CNN، بعد أن  دعا الجيش الإسرائيلي  ما يقدر بنحو 100 ألف فلسطيني إلى "الإخلاء الفوري" يوم الاثنين، وطُلب من السكان الانتقال إلى المواصي، وهي بلدة ساحلية قريبة من مدينة خان يونس تقول جماعات الإغاثة إنها غير مناسبة للسكن، ويقول رجل يدعى ربيع غرابلة إن هذا هو النزوح السابع لعائلته، فالوضع صعب للغاية، وقد غادرنا في خوف، حيث تم استهداف منازل المدنيين، الأشخاص الذين نعرفهم، ويضيف أن القصف كان عشوائياً وعشوائياً الليلة الماضية.

فيما قالت امرأة أخرى، لم تذكر اسمها، إنها هربت من الموت مع أطفالها، وإن عائلتها نزحت أكثر من 10 مرات منذ اندلاع الحرب و"تحملت الكثير من المعاناة والإذلال"، وقد بدأت الحرب في 7 أكتوبر، وفي ما يقرب من سبعة أشهر منذ ذلك الحين، أدى القصف العسكري الإسرائيلي لغزة إلى مقتل أكثر من 34600 شخص، ودفع أكثر من مليون فلسطيني إلى البحث عن ملجأ في رفح، وهي المدينة التي قالت منظمة أطباء سان فرونتيريس الطبية غير الحكومية إنها كانت مكتظة بالسكان. 

 

 

الذعر يسيطر على الجميع بعد قرار الإخلاء

وبحسب تقرير الشبكة الأمريكية، فقد سيطر على الناس في شرق رفح حالة من الذعر بعد إعلان الإخلاء الإسرائيلي، الأمر الذي أثار موجة من المناشدات من زعماء العالم والأمم المتحدة والجماعات الإنسانية التي تحث  إسرائيل  على عدم تنفيذ هجومها الذي هددت به منذ فترة طويلة، وقد وصف مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك هذه الخطوة بأنها "غير إنسانية" و"تتجاوز القلق" من قبل المجلس النرويجي للاجئين (NRC).

ويقول فيصل بربخ، الذي فر على دراجته، إنه سيترك وراءه ذكريات العمر "إلى المجهول"، وتابع: "أنا أحمل كل حياتي هنا، وعائلتي ممزقة في سبعة أماكن، وأشعر أنها نهاية الحياة، ولا أستطيع التفكير بعد الآن، لقد تركت 59 عامًا من العمر، كل ذكرياتي، صور أطفالي، عقد منزلي"، وتُظهر لقطات الفيديو وصول العائلات إلى طريق شاطئ دير البلح، الذي يقع إلى الشمال من المنطقة الإنسانية التي حددها الجيش الإسرائيلي، على متن شاحنات وعربات تجرها الحمير وسيارات مكتظة، وكانت سياراتهم مكدسة بالمراتب والأمتعة الشخصية، فيما بدأ أشخاص آخرون في نصب الخيام، وكان العديد ممن يغادرون شرق رفح قد نزحوا في السابق عدة مرات مع انتقال تركيز إسرائيل من مدينة إلى أخرى.

 

 

قطع شريان حياة ... إسرائيل تسيطر على المعبر

وبعد اقتحام الجيش الإسرائيلي معبر رفح، تم استبدال الأعلام الفلسطينية بالأعلام الإسرائيلية، والتي يمكن رؤيتها، بحسب الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، معلقة خارج المبنى الرئيسي، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي شوشاني إن المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن الجانب الفلسطيني من معبر رفح "يستخدم لأغراض إرهابية"، وتقول إسرائيل إن عمليات رفح ستمضي قدماً لأن اتفاق حماس لا يزال "بعيداً" عن تلبية مطالبها، ويعد المعبر الحدودي بوابة رئيسية للمساعدات الإنسانية، حيث تدخل عبره ما يصل إلى 300 شاحنة يوميًا، وفقًا لإعلان صادر عن مصر الشهر الماضي.

 

ويقول وائل أبو عمر، المتحدث باسم الهيئة العامة للمعابر والحدود، لشبكة CNN، إن جميع الحركة وشحنات المساعدات عبر رفح توقفت "بعد سيطرة الدبابات الإسرائيلية على مرافق المعبر من الجانب الفلسطيني"، وحذرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة من أن إغلاق معبر رفح "يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية" و"يمثل سياسة عقاب جماعي ضد أكثر من مليوني شخص"، ووصفت الوزارة المعبر بأنه “شريان الحياة الرئيسي للمواطنين في قطاع غزة” والذي “لا يمثل أي تهديد للاحتلال الإسرائيلي”.

 

 

صرخة للإغاثة .. فهل يسمع أحد؟

وسرعان ما أعربت جماعات الإغاثة عن قلقها من أن تؤدي العملية الإسرائيلية هناك إلى توقف جهود الإغاثة الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في العاشر من الشهر الجاري إن "استمرار انقطاع دخول المساعدات وإمدادات الوقود عند معبر رفح سيوقف الاستجابة الإنسانية الحرجة في جميع أنحاء قطاع غزة"، وأضافت أن "الجوع الكارثي الذي يواجهه الناس وخاصة في شمال غزة سوف يزداد سوءا إذا انقطعت طرق الإمداد هذه".

 

ورفض الجيش الإسرائيلي ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق حول، الرد على استفسار الشبكة الأمريكية حول هذا الموضوع والاستفسار عن أي خطط لمواصلة دخول المساعدات إلى غزة، ولكن في الأشهر الأخيرة، أدت الضربات الإسرائيلية إلى مزيد من التدهور في ظروف أولئك الذين يعيشون ويأوون إلى المدينة، بما في ذلك ما يقدر بنحو 600,000 طفل، وقالت منظمة أطباء سان فرونتيرز إن سوء التغذية ينتشر بسرعة، وأصبحت المرافق الطبية "غير فعالة بسبب الحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية".

 

 

لا توجد "مناطق آمنة" فى غزة

وكانت هناك جوقة من الإدانة للوضع الذي يواجهه الكثيرون في رفح وأماكن أخرى في القطاع بعد أن تجاهلت إسرائيل النداءات الدولية ضد المضي قدما في العملية، وحذر منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الثلاثاء من عدم وجود "مناطق آمنة" في غزة بعد انتقاده لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأضاف أنه "يخشى" أن يؤدي الهجوم إلى وقوع العديد من الضحايا المدنيين، وفي الوقت نفسه، منع نقص الوقود في رفح الناس من الفرار والوصول إلى "المنطقة الإنسانية الموسعة" التي حددتها إسرائيل في المواصي، حسبما قالت سوزي فان ميجن، رئيسة عمليات المجلس النرويجي للاجئين في فلسطين لشبكة CNN عبر الهاتف من رفح يوم الثلاثاء.

وقال العديد من الأشخاص في رفح إنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون، وهو ما دفع عودة عسلية، مواطن فلسطيني، إن "الموت أكرم من هذا" وإنه "يصلي لكي يُضرب ويرتاح من كل هذا"، وأضافت عسلية: "لا أعرف إلى أين أتوجه... لا يوجد مكان آمن في كل غزة"، فيما قالت آلاء أبو رمضان: " إن عائلتها كانت تنتظر ضوء النهار للمغادرة، ولا نعرف ماذا نفعل، فنحن نتجه نحو المجهول"، بالنسبة لأولئك القادرين على السفر لعدة كيلومترات إلى المواصي، المدينة الساحلية القريبة من خان يونس، يصلون ليجدوها مكتظة بالفعل بالنازحين، ويبدو بعض الوافدين الجدد مرتبكين ومشوشين، وكانت الشوارع مكتظة بالشاحنات والعربات التي تجرها الحمير، وتحيط بها أكوام ضخمة من القمامة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی معبر رفح شرق رفح أکثر من بعد أن فی رفح

إقرأ أيضاً:

ما الخطر الذي يمثله تشقق اليمين الإسرائيلي على الضفة والقدس؟

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، وتكشُّفِ حقيقة الفشل الإسرائيلي الكبير هناك الذي يتكلم عنه الإعلام والمحللون الإسرائيليون منذ التاسع عشر من الشهر الجاري، واستقالة إيتمار بن غفير وأعضاء الحكومة عن حزب "القوة اليهودية" والانشقاق الواضح بينه وبين حليفه سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي وقائد تيار "الصهيونية الدينية"، ثم استقالة قائد الجيش وقائد المنطقة الجنوبية، تتوالى الأخبار لتتابع انتكاسة لم تكن متوقعةً لليمين المتطرف في إسرائيل، وخاصةً تيار الصهيونية الدينية.

فالتراجع الإسرائيلي في غزة لم يبدأ مع إقرار صفقة وقف إطلاق النار فعليًا، وإنما بدأت بوادر الانشقاقات تظهر في معسكر الحرب في إسرائيل قبل ذلك مع تكشّف إخفاقات الحرب الإسرائيلية على غزة وظهور الفشل المريع الذي مني به الجيش الإسرائيلي هناك حتى لم يعد له أية أهدافٍ واضحة في الحرب سوى التدمير لأجل التدمير، والقتل لأجل القتل، فتحققت فيه مقولة موشيه فيجلين زعيم حزب "الهوية" المتطرف عندما قال خلال اقتحامه المسجد الأقصى المبارك نهاية أغسطس/ آب الماضي: (نحن ننتقل من فشل إلى فشل على الجبهتين؛ الجنوبية والشمالية).

هذه التراجعات في تيار الصهيونية الدينية يبدو أنها تسببت في ارتدادات قوية على وحدته، بعد أن كان قد بات قاب قوسين من إمساك كافة خيوط الحكم في إسرائيل خلال الشهور الخمسة عشر للحرب على غزة.

إعلان

أوّل انشقاق بين أقطاب التيار وجدناها تمثلت في انفراط عقد التحالف بين حزبَي "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير، وحزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش، ففيما استقال الأول من الحكومة وانسحب من الائتلاف احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار، بقي الثاني حتى لحظة كتابة هذه السطور مع التهديد بالانسحاب وإسقاط الحكومة في حال عدم استئناف الحرب، رافضًا جميع مناشدات بن غفير للانسحاب معه من الحكومة.

وبينما جنح الكثير من المحللين إلى الاعتقاد أن منبع هذا الرفض يعود إلى أسبابٍ تتعلق بمبدأ بقاء اليمين في الحكم، إلا أني أرى أن الأمر لا يتعدى المصلحة الانتخابية لسموتريتش هذه المرة، فاستطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل أعطت بن غفير تسعة مقاعد في الكنيست، بينما لم ينجح حزب سموتريتش في تخطي العتبة الانتخابية لدخول الكنيست أصلًا، وبذلك نراه لأول مرة مضطرًا للتعلق بنتنياهو للبقاء في الحلبة السياسية بالرغم من تهديداته المتكررة بإسقاط الحكومة.

ويفسر هذا حماسة بن غفير للخروج من حكومة نتنياهو، وهو الذي يمنّي نفسه بأن يتم ترسيمه وحزبه زعيمًا لليمين في إسرائيل خلفًا لنتنياهو والليكود مستقبلًا، الأمر الذي يكشف لك حجم الشعبوية التي يجنح إليها حاليًا جمهور اليمين في إسرائيل، والذي بات يلهث خلف شعبويات وعنتريات بن غفير في مقابل ابتعاده عن تخطيطِ وذكاءِ سموتريتش!

والحال كذلك، فإن القسم المناصر لبن غفير في تيار الصهيونية الدينية لا بدَّ أن يحاول التعويض عن هذه التراجعات في الملف الأقوى لديه وهو ملف القدس والمسجد الأقصى – الذي يعتبره بن غفير اختصاصه – في مقابل تخصص سموتريتش في الاستيطان في الضفة! ومن الواضح أن التحرك في هذا الاتجاه لا يزال يسير بخطى ثابتةٍ لم تتأثر بما يجري في المنطقة، بل ربما يزيد في الفترة القادمة لتعويض النقص الذي جرى في ملف غزة.

إعلان

في ذروة الصراع الداخلي خلال مناورات ومفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أسبوعين خبرًا حول إيداع لفافةٍ مكتوبةٍ يدويًا من التوراة في إحدى المدارس الدينية اليهودية في مستوطنة "موديعين عيليت" في الضفة الغربية (غربي رام الله) وسط احتفال كبير، وسبب الاحتفاء بإيداع هذه اللفافة من التوراة في هذه المستوطنة هو كونها مخصصة لتوضع في كنيسٍ داخلَ المسجد الأقصى المبارك بمجرد بنائه.

وفكرة التوراة المكتوبة في لفافةٍ واحدةٍ تراثٌ متعارَف عليه في الكنس اليهودية، حيث تُكتَبُ هذه النسخ يدويًا في العادة، وتستغرق سنواتٍ لتجهيزها وتكلّف مبالغ كبيرة، ولذلك فإن مشروع كتابة لفافةٍ من التوراة يعتبر أمرًا مهمًا في التقاليد الدينية اليهودية.

هذه اللفافة تبرع بها الحاخام يسرائيل إلباوم، والد شمعون إلباوم الذي يشغل منصب المدير العام لوزارة شؤون القدس التي يرأسها الوزير مائير بوروش العضو في حزب (يهدوت هتوراه) الحريدي المتدين، وهو – للمفارقة – لا يقتحم المسجدَ الأقصى ولا يدخله ويلتزم بفتوى الحاخامية الكبرى لدولة الاحتلال التي تمنع دخول اليهود إلى المسجد.

وبالرغم من ذلك، فإنه قدم هذه اللفافة لتكون جاهزةً لإدخالها إلى المسجد الأقصى عندما يحين الوقت المناسب. لكن الوقت المناسب في نظر جماعات المعبد المتطرفة وتيار الصهيونية الدينية هو الآن؛ فالحاخام شمشون إلباوم، (وهو من نفس عائلة "إلباوم")، والذي يسمي نفسه "رئيس مجلس إدارة جبل المعبد"، صرّح بوضوحٍ خلال حفل إيداع هذه اللفافة في مستوطنة "موديعين عيليت" أن الخطوة القادمة هي بناء كنيسٍ يهودي داخل المسجد الأقصى المبارك.

وبالنسبة لجماعات المعبد التي تشكل جزءًا مهمًا من تيار الصهيونية الدينية، فإن خطوة بناء كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى هي الهدفُ الإستراتيجي في هذه المرحلة، وهي ترى أن الشخصية السياسية التي تمثل تطلعاتها هذه، هو الوزير السابق إيتمار بن غفير، وليس سموتريتش الملتزم بموقف الحاخامية الكبرى حتى الآن.

ولذلك، فليس مستبعدًا أن تعمل هذه الجماعات في المستقبل القريب على محاولة تخريب أي تقارب بين نتنياهو وسموتريتش لصالح بن غفير، على الرغم من الرشوة السياسية التي قدمها نتنياهو لسموتريتش بإعلان عمليته العسكرية (السور الحديدي) في جنين شمال الضفة الغربية.

إعلان

وهذا يعني أن الانقسام الداخلي في إسرائيل قد وصل إلى قلب تيار الصهيونية الدينية، وقد يتسع قريبًا. لأنه بالنظر إلى استطلاعات الرأي في إسرائيل – كما أسلفنا – يبدو أن سموتريتش بات مقتنعًا أنه يحتاج نتنياهو في الوقت الحالي أكثر مما يرى بن غفير ذلك.

ولا نستبعد أيضًا أن يحاول أنصار بن غفير في تيار الصهيونية الدينية التصعيد في القدس وفي الأماكن المقدسة في الفترة المقبلة؛ سعيًا لرفع شعبيته وشأنه بين أبناء اليمين في إسرائيل، وفي المقابل، فإن سموتريتش يرى في العملية العسكرية في الضفة الغربية طوقًا يحتاجه للنجاةِ من فشل متوقع حال إجراء انتخاباتٍ قادمةٍ ليؤمِّنَ دخوله الكنيست، ويكون رصيدًا له لدى مستوطني الضفة الغربية الذين يشكلون في مجملهم عصبَ تيار الصهيونية الدينية، وخاصةً جناح جماعات المعبد المتطرفة.

محصلة كل هذا أن التركيز في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة، سيكون كما توقعنا على القدس والضفة الغربية، في تنافسٍ غيرِ شريفٍ بين سموتريتش وبن غفير. وقد بدأ الأول بالفعل العمل في الضفة، وهو ما يحتم على فلسطينيي الضفة الغربية والقدس على حد سواء المبادرة بالتحرك ضد هذين الطرفين؛ حتى لا يستفرد كل طرفٍ منهما بقسم من الشعب الفلسطيني.

فكل دقيقةٍ تمر في انتظارِ ما سيفعله نتنياهو وسموتريتش في الضفة من ناحية، أو بن غفير وأنصاره في القدس من ناحية أخرى، هو عنوانٌ لكارثةٍ حقيقيةٍ يريد الاحتلال من خلالها تعويض فشله المدوّي في غزة، وردَّ الاعتبار لكرامة جيشه التي أهدرتها منازلُ غزة المدمرةِ وصمودُ أهلها الأسطوري.

وإن تأخر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس عن التحرك، فإن الطريق سيكون مفتوحًا لاستكمال هذه المنافسة بين أجنحة تيار الصهيونية الدينية على حساب أراضي الضفة شيئًا فشيئًا من الشمال إلى الجنوب.

إعلان

وقد بدأ التحرك بالفعل الآن في جنين، وعلى حساب مقدساتنا الأكثر أهميةً في هذه المعركة، أي المسجد الأقصى المبارك. لا يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشكلة في أي من هذين الطرفين، فهو يعد تيار الصهيونية الدينية كلّه حليفًا له، ولا يهمه ما إذا انتصر سموتريتش أو بن غفير. وذلك يرتب على الشعب الفلسطيني تحمل المسؤولية الأولى للدفاع عن أرضه ومقدساته بنفسه، وألا ينتظر مساندة من أحد ولا سيما إدارة الرئيس الأميركي الجديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • السعودية تعرب عن إدانتها واستنكارها للهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على جنين
  • عاجل المملكة تعرب عن إدانة واستنكار بأشد العبارات الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية على مدينة جنين
  • الخارجية تعرب عن إدانة واستنكار المملكة بأشد العبارات الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية
  • ما الخطر الذي يمثله تشقق اليمين الإسرائيلي على الضفة والقدس؟
  • برتران بلييه.. مخرج السينما الفرنسية الذي تحدى التقاليد وأثار الجدل يودع الحياة عن 85 عامًا
  • كتائب القسام: أطلقنا 7 صواريخ على إسرائيل نهاية العام
  • مصر شريان الحياة للشعب الفلسطيني.. ماذا قالت الصحف العالمية من أمام معبر رفح؟
  • الإعلام الدولي من معبر رفح: مصر شريان الحياة للشعب الفلسطيني في غزة
  • رحلة العافية وإنقاص الوزن تبدأ من عصير ذهبي
  • شريان الحياة يعود إلى غزة.. «الأغذية العالمي» يستهدف إيصال 150 شاحنة محملة بالطعام يومياً