قوة متعددة الجنسيات في غزة.. انفتاح عربي على فكرة سبق رفضها
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن دولا عربية بدأت في تأييد فكرة إنشاء قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات بقطاع غزة والضفة الغربية، ضمن إطار محاولتها وضع خطة قابلة للتطبيق لمرحلة ما بعد الحرب.
وصرح دبلوماسي عربي للصحيفة، دون الكشف عن هويته، أن التحفظات في بعض العواصم تراجعت خلال الأسابيع الأخيرة، مما أثار احتمال المشاركة العربية مع سعي الدول لإظهار "التزامها بعملية السلام".
وقال الدبلوماسي: "نحن نعلم أن لدى إسرائيل مخاوف أمنية بشأن (الدولة الفلسطينية)؛ لذلك فإن هذا يعني ’نحن مستعدون للمساعدة‘".
ورغم الانفتاح المتزايد على مثل هذه الفكرة، فإنه لا يزال من غير الواضح ما هي الدول التي ستكون على استعداد للمشاركة، بحسب الصحيفة ذاتها.
وأشار، مسؤول عربي لم تكشف "فايننشال تايمز" عن هويته، إلى أنها مبادرة تدعمها مصر وأن قوى إقليمية أخرى بما فيها السعودية والأردن وقطر، وهي دول كانت تعارض نشر قوات حفظ سلام عربية في الأراضي الفلسطيني، طبقا للصحيفة.
وقال دبلوماسي عربي آخر إن أي قوة يجب أن تحظى بموافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن يتم نشرها لفترة مؤقتة لمنح السلطات الفلسطينية الوقت لتطوير قواتها الأمنية.
وكان مسؤولون عرب قالوا في السابق إنهم لن يؤيدوا دخول قوة دولية أو إقليمية إلى غزة، مشددين على أن القطاع يجب أن يكون تحت إدارة فلسطينية. وكانت العديد من العواصم العربية تشعر بالقلق من التورط في دخول المنطقة.
وفي مارس الماضي، كشفت مجلة "بوليتيكو" الأميركية في تقرير لها، أن مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، يجرون "محادثات" أولية بشأن خيارات لتحقيق الاستقرار في غزة بعد الحرب، بما في ذلك اقتراح بأن يساعد البنتاغون في تمويل "قوة متعددة الجنسيات، أو فريق حفظ سلام فلسطيني".
ونقلت المجلة آنذاك، أن الخيارات التي يجري بحثها "لن تشمل قوات أميركية على الأرض"، وبدلا من ذلك، سيذهب تمويل وزارة الدفاع الأميركية نحو "احتياجات قوات الأمن، ويكمل المساعدة المقدمة من البلدان الأخرى".
وبحسب تفاصيل الفكرة التي نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز"، فإن مسودة المقترح، الذي تم نقله إلى الولايات المتحدة، تعد من بين خيارات متعددة تجري مناقشتها في الوقت الذي تكافح فيه دول عربية وغربية لتمهيد الطريق نحو الاستقرار الإقليمي وإقامة دولة فلسطينية.
وأثيرت الفكرة عندما التقى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بنظرائه العرب في القاهرة في مارس الماضي، حسبما ذكرت الصحيفة.
وظلت الدول العربية تحاول منذ أشهر صياغة "رؤية" واسعة النطاق لمعالجة الأزمة التي أشعل شرارتها هجوم حماس في السابع من أكتوبر والهجوم الذي شنته إسرائيل بعد ذلك على غزة ومازال مستمرا.
وسيكون مطلب الدول العربية الفاعلة الأساسي أن يتخذ الغرب وإسرائيل خطوات "لا رجعة فيها" نحو حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده.
ويريدون أيضا أن تعترف الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بالدولة الفلسطينية وتدعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، بحجة أن ذلك يجب أن يكون جزءا من العملية، وليس نتيجة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !
صلاح المقداد
حتى وإن بدأ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المُثير للجدل لدى الكثيرين، لا سيما أولئك الذين تنحصر نظرتهم على بعض القشور، الظاهرة رجلاً معتوهًا وكثير التخبط، ونوع من رجال السياسة الذين عدا طوره بما يصدر عنه من تصريحات وتصرفات غير مقبولة تُعبر عن الدولة الأعظم قوة في العالم ، ويعتبرونه بذلك إنسان غير مُتزن تجاوز حدود الممكن والمقبول والمعقول، ويكتفون بهذا التوصيف والتحليل لشخصية ترامب كظاهرة أمريكية قديمة جديدة وتتكرر في التاريخ بإستمرار مع اختلاف في بعض التفاصيل، فإن هذا كله لا يعني كل الحقيقة أو حتى أقل القليل منها .
وتأسيسًا على ما ترسخ في أذهان من انحصرت نظرتهم لترامب على جوانب مُعينة، فلا غرابة أن تقتصر نظرتهم لهذا الرئيس الأمريكي على الإعتقاد الخاطئ بأنه “سوبرمان زمانه وأوانه”، وهؤلاء لا يجدون غضاضة من أن يعتبروا بأن ترامب الذي تم الدفع به للبيت الأبيض تلبيةً لمتطلبات تقتضيها المرحلة، هو أول رئيس أمريكي يستطيع أن يفعل ما يشاء ومتى شاء بلا أي عائق ومانع واعتراض، وتنحصر نظرتهم للرجل عند هذا الحد فقط.
والأكثر غرابة من ذلك أن بدأ ترامب لهؤلاء الذين ينظرون إليه تلك النظرة القاصرة والمحدودة كذلك، وكأنه خارق للعادة ومُغاير لما هو مألوف ومعهود من أمريكا وديمقراطيتها الزائفة التي وصلت اليوم لأسوأ المراحل في تاريخها الأسود لأكثر من سبب يطول شرحه، ويخال لهم أن ترامب جاء بما لم يستطع أن يأتي به من سبقوه في الوصول إلى البيت الأبيض والتربع على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي الحقيقة أن ما بناه أصحاب هذا الإعتقاد عن ترامب يُجافي أهم مضامين الحقيقة التي تُؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ترامب لا يعدو عن كونه رجل المرحلة العُتل الصفيق بالنسبة لأمريكا ولما تحتاجه هذه الدولة الشريرة المارقة التي أشغلت العالم، وقد جاء ترامب هذا ليؤدي دوره ومهمته المحددة والمطلوبة منه ثم يمضي لحال سبيله.
فضلاً عن أن حقيقة ظاهرة ترامب التي حجبت عن الكثيرين هي ذاتها من تشير صراحةً إلى أن ترامب هذا ينتمي لعالم البزنس والمال ويمثل طبقة الإقتصاد الرأسمالي الإستغلالي الجشع وخصوصياته البرجوازية والإحتكارية بكل مساوئه.
ووفقًا لنفس الحقيقة التي تستعصي على الحجب والتغييب، فإن ترامب كظاهرة أمريكية ميكيافيلية مرحلية لا يمكن في الواقع اعتباره استثناء ومن أكثر الرؤساء الأمريكيين صرامة وقدرة على اتخاذ القرار وبأنه يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله وتعطيه حق التصرف ليفعل ما يريد، وتصور أنه يتصرف من تلقاء نفسه بحسب رؤية البعض الضيقة واعتقادهم الخاطئ بشأن الظاهرة الترامبية هذه.
والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تم انتخابه عن الحزب الجمهوري وينتمي إلى طبقة رجال المال والأعمال، هو رجل أمريكا الذي يمثلها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وما يصدر عنه يعبر عنها في كل الأحوال، والأهم من ذلك أنه يُؤدي مهمة وظيفية محددة ومرحلية طُلبت منه أو كُلف به، وما كان له أن يتصرف من رأسه كما يتصور البعض.
وقد أستهل ترامب فترة رئاسته الثانية بسلسلة من التصريحات الصاخبة واصدار القرارات المُثيرة للجدل التي لاقت استهجانًا وانتقادات دولية واسعة، ومنها اعلانه اعتزام ضم الولايات المتحدة، كندا وجزيرة غيرلاند وخليج بنما وأجزاء من المكسيك إليها، ورفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول، والتهديد بإستخدام القوة في بعض القضايا والأماكن في العالم، والدعوة إلى تهجير سكان غزة وتأجيرها للولايات المتحدة وتهديد سكانها بالجحيم إن رفضوا التهجير القسري .
ولم يكتف ترامب بذلك بل وجه الدعوة مُطالبًا دول عربية واسلامية بدفع مليارات الدولارات لأمريكا نظير حماية وخلافه.
حيث طالب السعودية التي وصفها في فترة رئاسته السابقة بـ”البقرة الحلوب” بدفع خمسة ترليون دولار مقابل حماية وعقود سلاح قال أنها سددت ترليون منها قبل زيارته المرتقبة لها قريبا، وطالب دولة الكويت بالتنازل لبلاده عن نصف ايرادات نفطها لمدة 50 عاماً كنفقات خسرتها أمريكا حسب زعمه في تسعينيات القرن الماضي عند تحرير الكويت من القوات العراقية، وردت عليه الكويت بسداد إلتزامتها المالية تلك في حينه.
كما طالب البحرين خلال لقاء جمعه بولي عهدها قبل أيام بدفع الأموال لأمريكا وقال إن امتلاك دولة كالبحرين مبلغ 750 مليار دولار كثيرُ عليها وعليها دفع نصف هذا المبلغ لواشنطن نظير حماية، وطالب مصر بدفع نصف إيرادات قناة السويس للولايات المتحدة، وهذه المطالب من قبل رئيس الولايات المتحدة لدول معينة اعتبره عدد من المحللين والمراقبين بأنها نوع من الإبتزاز الرخيص والإستغلال الفج الذي تلجأ إليه واشنطن عادة وكانت تطلب تلك المطالب في السابق سراً واليوم اعلنتها وطالبت بها جهاراً بلا تحرج ولا خجل .
وما كان ترامب الذي لا يمكن مقارنته بأطنابه من رؤساء وزعماء العالم الثالث الذين يختزلون دولهم وحكوماتهم وقوانينها في شخصياتهم، كون أمريكا دولة مؤسسات وترامب مجرد موظف له صلاحيات محددة لا يتجاوزها، فيما الأمر يختلف بالنسبة لزعماء وحكام العالم الثالث الذين يمسكون بأيديهم مقاليد الأمور ويعتبرون كل شيء في بلدانهم ومصدر كل شيء وفوق كل القوانين.
وترامب الذي يثير اليوم الجدل والإهتمام وتسلط عليه الأضواء، نظراً لتصريحاته الغريبة ومواقفه الأكثر عجبا وإثارة للجدل في قضايا عدة على مستوى العالم، يمثل ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ويعبر عنها، وبإختصار شديد يمكن القول اجمالاً : إن ترامب بصفاقته وجرأته وحدة وقاحته وصراحته هو الرجل الذي اسقط القناع عن وجه أمريكا القبيح وكشف بما يصدر عنه حقيقتها وهذا هو التعليل الأنسب والأصدق للظاهرة الترامبية وما يترتب عليها من آثار وتداعيات.