ماذا يعني احتلال معبر رفح سياسيا وإنسانيا؟
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
غزة- باحتلال معبر رفح البري مع مصر، تشدد إسرائيل من قبضتها الثقيلة على قطاع غزة، وتعزله تماما عن العالم الخارجي، وتحرم المرضى والجرحى من السفر للعلاج، وتمنع تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية، وذلك من شأنه تأزيم الواقع الإنساني المتدهور جراء الحرب المستمرة منذ 7 أشهر.
ودهمت دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، معبر رفح البري، الواقع في جنوب شرقي مدينة رفح المتاخمة للحدود مع مصر، وذلك بعد ساعات قليلة من إنذارات إسرائيلية لسكان أحياء ومناطق شرق المدينة بالتهجير من منازلهم، إيذانا بعملية عسكرية برية.
وبث جيش الاحتلال مقاطع مصورة لدبابات وآليات عسكرية ترفع العلم الإسرائيلي وتجوب ساحات معبر رفح، وبمحاذاة محور فيلادلفيا (الحدود المصرية مع قطاع غزة) في مشهد غير مسبوق، منذ الانسحاب الإسرائيلي من المعبر ومستوطنات قطاع غزة في عام 2005.
ورأت هيئات محلية ودولية في احتلال معبر رفح، وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع غزة، تعميقا للكوارث الإنسانية والصحية التي يعاني منها القطاع الساحلي الصغير منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية إثر هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وفيما يعتبر معبر رفح بوابة الغزيين الوحيدة للتنقل والسفر خارج غزة عبر الأراضي المصرية، فإن معبر كرم أبو سالم هو التجاري الوحيد المتبقي بعدما أغلقت إسرائيل 6 معابر أخرى كانت تربطها بالقطاع، إثر فرض الحصار عليه عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
دخان يتصاعد فوق الجزء الجنوبي من قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي اليوم (غيتي) حكم بالإعداموقال المتحدث باسم هيئة المعابر في غزة هشام عدوان للجزيرة نت إن "احتلال معبر رفح البري سيفاقم الحالة الإنسانية، خاصة بالنسبة للمرضى والجرحى، وسيحكم على السكان بالإعدام نتيجة توقف إدخال المساعدات الإنسانية".
وتشير تقديرات رسمية إلى أن 11 ألفا من جرحى الحرب الإسرائيلية، و10 آلاف مريض بالسرطان، بحاجة ماسة للسفر من أجل تلقي علاج منقذ للحياة بالخارج، بعدما عمدت قوات الاحتلال إلى تدمير ممنهج للمستشفيات، بما فيها مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي الوحيد الخاص بمرضى السرطان.
وجاءت هذه التطورات في شرق رفح، إثر إعلان جيش الاحتلال عن مقتل 3 من جنوده من لواءي "غفعاتي" و"ناحال"، وإصابة 12 آخرين في قصف صاروخي تبنته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، الأحد الماضي، واستهدف قاعدة عسكرية في محيط معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي المدينة.
وعقب هذه العملية أغلقت قوات الاحتلال معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد المتاخم لمعبر رفح، ومنعت مرور شاحنات البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية.
قبل اندلاع الحرب كانت تدخل عبر كرم أبو سالم يوميا أكثر من 500 شاحنة محملة بالبضائع والاحتياجات الإنسانية والوقود (رويترز)وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على حسابها بمنصة (واتساب) إن "استمرار انقطاع دخول المساعدات وإمدادات الوقود عبر معبر رفح سيوقف الاستجابة الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة".
وحذرت الوكالة الأممية من أن "كارثة الجوع التي يواجهها الناس، وخاصة في شمال قطاع غزة ستزداد سوءا إذا توقف دخول الإمدادات"، في إشارة إلى مئات آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وشمال القطاع، الذين تعزلهم إسرائيل عن النصف الجنوبي منه.
وأعادت قوات الاحتلال فتح معبر كرم أبو سالم إثر الهدنة المؤقتة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، تدخل منه يوميا 190 شاحنة محملة بالبضائع التجارية والمساعدات الإنسانية المتنوعة، إلى جانب عدد أقل من الشاحنات عبر معبر رفح، من ضمنها شاحنات وقود وغاز طهي.
وقبل اندلاع الحرب كانت تدخل عبر كرم أبو سالم يوميا أكثر من 500 شاحنة محملة بأنواع مختلفة من البضائع والاحتياجات الإنسانية، إضافة إلى الوقود.
مجاعة
ووضع مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة في حديثه للجزيرة نت قرار الاحتلال بإيقاف إدخال المساعدات وإغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، في سياق "استكمال حرب الإبادة الجماعية"، وقال إن "من شأن ذلك تأزيم الواقع الإنساني بشكل مضاعف وكارثي".
ويشير الواقع شرق محافظة رفح إلى كارثة إنسانية حقيقية ليس فقط بالنسبة لهذه المدينة وحدها، بل تمتد لتشمل كل محافظات القطاع، التي تعيش حالة مأساوية من التجويع الممنهج ونقص في الإمدادات والمساعدات منذ 7 أشهر متواصلة، ثم يأتي قرار الاحتلال بإيقاف المساعدات وإغلاق المعابر، ليعمل على تفاقم الوضع الإنساني بشكل كارثي، بحسب الثوابتة.
واستعرض الثوابتة ما تواجهه مدينة رفح، وهي أصغر مدن القطاع، ويقول إن اقتحام جيش الاحتلال وإغلاقه للمعابر، وقراره بإيقاف المساعدات، وفرض حالة من الإرباك بين صفوف الطواقم الطبية والجرحى والمرضى والنازحين وإرغامهم على ترك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء عبر تهديده باستهدافها، يندرج في سياق جرائم الإبادة المستمرة.
مناطق شرق رفح التي يطالب الاحتلال بتهجير ساكنيها تضم مرافق حيوية أبرزها مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد بالمدينة (الجزيرة) أبعاد سياسية وإنسانيةويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسام الدجني في حديثه للجزيرة نت أن رفح تختلف عن غيرها من المدن في مسألتين: الأولى أنها تؤوي أكثر من مليون نازح، وتعتبر مركزا للعمل الانساني التابع للمنظمات الدولية وعلى رأسها الأونروا بعد انسحابها من مناطق شمال غزة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية.
والمسألة الثانية -وفقا للدجني- تتعلق بموقع رفح الجيوسياسي كونها بوابة غزة على العالم الخارجي بحدود تربطها مع مصر، وأي حرب على رفح وخصوصا على محور فيلادلفيا، قد يفسر مصريا بأنه مساس باتفاقية كامب ديفيد، إضافة للخشية من تدفق الجماهير نحو الجانب المصري من المعبر.
وينظر الباحث المختص بالشؤون الإسرائيلية مصطفى إبراهيم إلى احتلال معبر رفح، وتهجير شرق مدينة رفح، باعتبارها محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لممارسة مزيد من الضغوط على طاولة المفاوضات فيما يخص التوصل إلى اتفاق تهدئة.
كما يسعى نتنياهو -بحسب إبراهيم- إلى ترويج صورة للنصر، وأن يقول للإسرائيليين "لقد دخلنا رفح، وسيطرنا على أحد رموز سيادة وحكم حماس، وهذا سيؤثر على قدراتها".
ويتفق إبراهيم مع الدجني على خصوصية رفح، ويقول للجزيرة نت إن العملية العسكرية الإسرائيلية في هذه المدينة قد أثرت بشكل سريع وفوري على حياة الناس، خاصة وأنها تؤوي أكثر من نصف سكان القطاع، الذين لم يعد أمامهم أي مستشفى للعلاج به وقد خرج مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد عن الخدمة، إثر تهجير الناس منه.
ومع خروج المستشفى عن الخدمة لم تعد تتوفر في مدينة رفح خدمات وحدة غسيل الكلى، وتصوير الأشعة، ويتوقع إبراهيم ارتفاعا في معدلات الوفيات في أوساط المرضى والجرحى إذا ما تواصلت العملية العسكرية واتسعت جغرافيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات معبر کرم أبو سالم عبر کرم أبو سالم للجزیرة نت مدینة رفح قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
«أستاذ قانون دولي»: فتح معبر رفح سيمكن المحققين الدوليين من الدخول إلى غزة
أوضح الدكتور منير نسيبة، أستاذ القانون الدولي، اليوم الخميس، أن صفقة التبادل بين (حماس وإسرائيل) تتم على ما يُرام.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية لقناة «القاهرة الإخبارية»: أن «هناك من خرج من فلسطين إلى مصر الشقيقة ومن ثم سيخرجون إلى بلدان أخرى».
وتابع: «لكن بالنسبة لهؤلاء الأشخاص سيتمكن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ومحققون آخرون سواء من منظمات دولية أو أهلية حقوقية عالمية من التحدث معهم وأخذ شهادتهم حول ما حدث في قطاع غزة خلال فترة العدوان الإسرائيلي طوال الـ 15 شهرًا».
فتح معبر رفح يعطي الفرصة لدخول المحققين لغزةوواصل، «هناك ما لا يقل أهمية عن هذا الأمر وهو فتح معبر رفح»، مشيرًا إلى أنه عند فتح المعبر باتجاه الأشخاص للدخول إلى قطاع غزة وإذا لم يكن الاحتلال الإسرائيلي يتحكم بمفاتيح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
وأردف: «كان هناك حرية فلسطينية بإدخال من أرادوا من العالم إلى فلسطين وغزة بالتحديد، فإن المحققين الدوليين يستطيعون أيضًا الدخول لقطاع غزة وأن يحققوا بجريمة التعذيب وجميع الجرائم الأخرى».
أوضاع سيئة وجدها سكان شمال غزةواختتم: «سيحققون أيضًا بالدمار الشامل الذي تسبب فيه الاحتلال الإسرائيلي في كافة أرجاء قطاع غزة، ونحن الآن نسمع شهادات من ذهبوا شمالًا إلى منازلهم ووجدوا أنه ليس هناك معالم لحاراتهم وبيوتهم، لا يوجد أي بنية تحتية، إذ لا يستطيعون الوصول إلى الماء أو قضاء حاجتهم، بالتالي الوضع سيء جدًا».
اقرأ أيضاًالأسرى الفلسطينيون المبعدون يغادرون معبر رفح باتجاه القاهرة
«إكسترا نيوز»: حجم المساعدات الإنسانية المخصصة لمعبر رفح يتجاوز 30 مليار جنيه (فيديو)
عبد العاطي: فتح كامل لمعبر رفح لإدخال المساعدات لغزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (فيديو)