داخل مستنقع النسيان، يعيش ما يقرب من 45000 شخص من أكثر من 70 دولة وهم محتجزين الآن في مخيمات صحراوية ضخمة وبدائية في شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، وأكثر من 90% منهم من النساء والأطفال، وثلثاهم تحت سن 18 عامًا، وحوالي نصفهم تحت سن 12 عامًا، وتلك المخيمات، التي تضم الأيتام، لا تتمتع إلا بقدر محدود من الرعاية الصحية والتعليم، وتتسم بالعنف في بعض الأحيان, نعم إنها كارثة إنسانية لأسر مقاتلى داعش.

وبعيدًا عن كونه أزمة إنسانية، فإن وجود هذا العدد الكبير من القاصرين الذين يعيشون بين أعضاء داعش الحاليين والسابقين يشكل تهديدًا أمنيًا عالميًا، وقد أُطلق على المعسكرات، التي لا يزال الأطفال يولدون فيها، أرضاً خصبة للإرهاب، وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تضغط على الدول الأخرى للمساعدة في تقليص أعداد المعسكرات من خلال إعادة مواطنيها إلى وطنهم، وكانت البداية مع عودة 23 شخصا خلال الساعات الماضية إلى أوطانهم الأم، وتلك تفاصيل الأزمة بالكامل.

 

 

عودة 23 إلى بلدان غربية يفتح الحديث عن الأزمة

بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فقد عادت الآن عائلة مكونة من عشرة مواطنين أمريكيين كانوا محتجزين لسنوات في مخيم للاجئين السوريين ومركز احتجاز لأقارب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية إلى الولايات المتحدة، نتيجة مفاوضات معقدة أعادت أيضًا ابنين صغيرين لرجل من ولاية مينيسوتا يتوسل بتهمة دعم تنظيم داعش الإرهابي، وكجزء إضافي من هذا الجهد الدولي المنسق، أعادت كندا ودولتان أوروبيتان – فنلندا وهولندا – هذا الأسبوع 11 من مواطنيهم المحتجزين في تلك المعسكرات، معظمهم من الأطفال.

وفي المجمل، تمت إعادة 23 شخصًا، من بينهم 14 قاصرا، إلى بلدانهم الأصلية أو أعيد توطينهم في بلدان أخرى، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية، التي قادت العملية، واختتم الأمر في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، عندما هبطت طائرة عسكرية أمريكية في مطار جون إف كينيدي الدولي وعلى متنها براندي جيه سلمان البالغة من العمر 50 عامًا وأطفالها التسعة، بالإضافة إلى أبناء شاب يبلغ من العمر 27 عامًا يبلغون من العمر 7 و9 أعوام، وتلك التحركات تعيد فتح هذا الملف الإنسانى الملقى فى بئر النسيان.

 

 

مخيمات وأرضا خصبة للإرهاب

ويبدوا أن تلك الجهود مازالت ضئيلة بالمقارنة لحجم الكارثة الإنسانية، فنشير الصحيفة الأمريكية، إلى أن عودة هؤلاء المعقدة إلى الوطن لا تؤثر إلا قليلاً في مشكلة عالمية ضخمة وملحة، حيث يعيش 45000 شخص من أكثر من 70 دولة محتجزين في مخيمات صحراوية ضخمة وبدائية في شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية. وأكثر من 90% منهم من النساء والأطفال، وثلثاهم تحت سن 18 عامًا، وحوالي نصفهم تحت سن 12 عامًا، وفقًا للمسؤولين، ومع ذلك، فإن المخيمات، التي تضم الأيتام، لا تتمتع إلا بقدر محدود من الرعاية الصحية والتعليم، وتتسم بالعنف في بعض الأحيان.

وبعيدًا عن كونه أزمة إنسانية، فإن وجود هذا العدد الكبير من القاصرين الذين يعيشون بين أعضاء داعش الحاليين والسابقين يشكل تهديدًا أمنيًا عالميًا، وقد أُطلق على المعسكرات، التي لا يزال الأطفال يولدون فيها، أرضاً خصبة للإرهاب، لذا فإن الولايات المتحدة تضغط على الدول الأخرى للمساعدة في تقليص أعداد المعسكرات من خلال إعادة مواطنيها إلى وطنهم.

ويقول إيان موس، نائب منسق وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب: "كلما تركناهم هناك لفترة أطول، أصبحوا أكثر عرضة للتطرف والاستغلال من قبل المتطرفين، فهم معرضون للخطر، وأعني أن هؤلاء الأطفال معرضون للخطر بالتأكيد"، ولكن الإعادة إلى الوطن وإعادة التوطين قد تكون صعبة المنال، فالعديد من الدول مترددة أو غير راغبة في السماح للأشخاص الذين كانوا في المخيمات بالعودة، خوفاً من استيراد الجهاديين.

 

 

خطط لتخفيض الأعداد وإعادة الإندماج

وعن الخطط المنوط تنفيذها لحل تلك الأزمة،  يقول موس: "لدينا التزام حقيقي بتخفيض عدد السكان ومنح هؤلاء الناس فرصة لحياة لا يكونوا فيها عرضة للقوى المتطرفة إلى الحد الذي قد يكونون عليه إذا بقوا هناك"، وأضاف أنه لمساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع، يقدم المسؤولون الحكوميون نطاقًا واسعًا من الدعم، بما في ذلك "المتخصصون النفسيون والاجتماعيون والأخصائيون الاجتماعيون"، فضلاً عن تقديم المشورة بشأن الصدمات والتواصل مع أفراد الأسرة.

 

وقد يواجه بعض العائدين المحاكمة والسجن، وفي الواقع، من بين 40 أمريكيًا آخرين عادوا من المخيمات السورية في السنوات الأخيرة، تمت محاكمة 14 منهم على الأقل بسبب تورطهم مع داعش، ويوضح موس أن إعادة سكان المخيم إلى ديارهم يمكن أن تمنع وقوع هجمات إرهابية في المستقبل، وتأمل الولايات المتحدة أن تكون إعادة ما يقرب من عشرة من مواطنيها هذا الأسبوع - وهو أكبر عدد عاد من شمال شرق سوريا بضربة واحدة - قدوة لبقية العالم .

وهذا الهدف أكد عليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إذ قال في بيان، إن "الحل الدائم الوحيد للأزمة الإنسانية والأمنية في مخيمات النازحين ومنشآت الاحتجاز في شمال شرق سوريا هو أن تقوم الدول بإعادة توطينهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم، وضمان المساءلة حيثما كان ذلك مناسباً".

 

 

هكذا كانت رحلة المرأة الأمريكية  

وعن قصة سلمان، والتى ولد أطفالها التسعة في الولايات المتحدة وتتراوح أعمارهم بين 7 و26 عامًا، سيواجه اتهامات جنائية، ويقول المسؤولون إنها ستعيش في البداية على الأقل مع والدتها في نيو هامبشاير، وقد ولدت سلمان في الولايات المتحدة وتزوجت من رجل تركي أمريكي، أخذها وأطفالهما إلى أراضي تنظيم الدولة الإسلامية حوالي عام 2016 وقُتل لاحقًا، ووفقاً لرواية أحد الأطفال، ربما يكون الأب قد خدع عائلته للدخول إلى سوريا من خلال الادعاء بأنهم كانوا في رحلة تخييم إلى تركيا.

وفي نهاية المطاف، تم احتجاز سلمان وأطفالها وإرسالهم إلى معسكر سوري. وتم إيواء بعضهم معًا هناك، وتم إرسال البعض الآخر إلى مرافق منفصلة للمراهقين والرجال، وقد ولدت سلمان في ولاية ماساتشوستس الغربية وتظهر السجلات العامة أنها عاشت أيضًا في ميشيغان ونيو هامبشاير ومدينة نيويورك، حيث يعيش والدها ستيفن آر كارافاليو في هوت سبرينغز بولاية أركنساس، وتعيش أختها ريبيكا جين هاريس في مورفريسبورو بولاية تينيسي.

 

 

20 أمريكيا مازالوا محتجزين بتلك المخيمات

ويقدر المسؤولون الأمريكيون أن ما يقرب من عشرين أمريكيًا إضافيًا محتجزون في معسكرات النزوح والاعتقال السورية، لكن العثور عليهم والتعرف عليهم يمثل تحديًا مستمرًا. وحتى لو تم تحديد موقعها، فقد لا يرغب جميع الأميركيين في العودة، وقد لا يرغب الناس في العودة لأنهم قد يشعرون بالقلق بشأن شكل المساءلة الذي قد ينتظرهم، وربما يكونون قد رحلوا لفترة طويلة لدرجة أنهم فقدوا الاتصال بأسرهم، وقد يكون الأمر ببساطة مجرد خوف من "المجهول"، فبعض هؤلاء الأفراد ظلوا في هذه المعسكرات لمدة أربع أو خمس سنوات، وأصبح ذلك واقعهم اليومي.

وبالإضافة إلى النساء والأطفال في المخيمات السورية، هناك ما يقرب من 8800 من مقاتلي داعش السابقين محتجزين في سجون شمال شرق سوريا التي تضم أكبر تجمع للإرهابيين المحتجزين في العالم، ويحتجز المزيد من النازحين في مخيمات اللاجئين السوريين، وأكبرها مخيم الهول وروج، وما يجب فعله مع هؤلاء الرجال يظل مشكلة أكثر صعوبة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة شمال شرق سوریا محتجزین فی ما یقرب من فی مخیمات أکثر من تحت سن

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تبلغ إسرائيل بالانسحاب التدريجي من سوريا خلال شهرين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، نظراءهم الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة تعتزم بدء انسحاب تدريجي لقواتها من سوريا خلال شهرين، وفقًا لمعلومات حصلت عليها صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.

وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية السابقة لمنع هذا القرار، فقد أوضحت واشنطن أن تلك الجهود لم تُفلح.

ومع ذلك تحاول القيادات الإسرائيلية الضغط على الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في القرار -على حد قول الصحيفة.

ولا يُعد هذا الانسحاب المرتقب مفاجئًا؛ فلطالما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية من المنطقة، تماشيًا مع عقيدته الانعزالية التي يتبناها، بتأثير جزئي من نائبه جي. دي. فانس.

وقد كرر ترامب مرارًا القول: "هذه ليست حربنا"، فيما كان البنتاجون يستعد لهذه الخطوة منذ فترة. والآن، تدخل واشنطن في المرحلة التنفيذية، مع مشاركة منتظمة للمستجدات مع المسؤولين العسكريين الإسرائيليين.

وفي إطار المباحثات بين الجانبين، أعرب ممثلو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن قلقهم العميق إزاء التداعيات المحتملة للانسحاب. ووفقًا لمسؤول إسرائيلي رفيع، فإن الانسحاب قد يكون جزئيًا فقط، هو ما تحاول إسرائيل منعه أيضًا خشية أن يشجّع تركيا، التي تسعى علنًا إلى توسيع نفوذها في المنطقة منذ سقوط نظام بشار الأسد.

وتنتشر القوات الأميركية حاليًا في مواقع استراتيجية عدة بشرق وشمال سوريا، وتؤدي دورًا استقراريًا بالغ الأهمية. وتخشى إسرائيل من أن يؤدي رحيلها إلى إطلاق يد أنقرة لتعزيز مواقعها العسكرية في سوريا.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتزم استغلال التحولات الإقليمية لترسيخ مكانة بلاده كقوة إقليمية كبرى، مع جعل سوريا محورًا لهذا الطموح. وزعمت الصحيفة أن نبرة أردوغان العدائية زادت تجاه إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة، مما ضاعف من قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

وقد حذّرت إسرائيل كلًا من أنقرة وواشنطن من أن أي وجود دائم للقوات التركية في قواعد مثل تدمر وتي-4 سيمثّل تجاوزًا للخطوط الحمراء، ويقيد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية.

وخلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي في أذربيجان، ناقش مسؤولون إسرائيليون وأتراك هذه المسألة، حيث شددت إسرائيل على تحميلها الحكومة السورية الجديدة مسؤولية أي نشاط عسكري يتم على أراضيها، محذرة من أن الانتهاكات قد تؤدي إلى رد عسكري.

وأبدى الجانبان رغبة في التهدئة، وبدأت محادثات لتأسيس آلية تنسيق مشابهة لنموذج فكّ الاشتباك الذي طُبّق سابقًا بين إسرائيل وروسيا في سوريا.

ورغم ذلك، فإن انسحاب القوات الأميركية الوشيك، مصحوبًا بلهجة ترامب الودية تجاه أردوغان خلال لقائه الأخير مع نتنياهو، قد زاد من حدة التوتر داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. ولم يُطمئن عرض ترامب التوسط بين إسرائيل وتركيا المسؤولين في تل أبيب، خاصة في ظل مؤشرات متزايدة على تراجع الالتزام الأميركي بالمنطقة. وقد صرّح مصدر أمني إسرائيلي بأن الغارات الجوية الأخيرة على قاعدة تي-4 تأتي في إطار "سباق مع الزمن" قبل أن "تحزم أميركا حقائبها وترحل".

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تقلص عدد قواتها وقواعدها في سوريا
  • ألف جندي فقط..أمريكا تتجه لتقليص وجودها العسكري في سوريا
  • نائب إيراني: الصراع مع طهران سيعني انهيار الولايات المتحدة الأمريكية
  • وفاة 3 أطفال أشقاء في ظروف غامضة بالعياط| القصة الكاملة
  • الولايات المتحدة تبلغ إسرائيل بالانسحاب التدريجي من سوريا خلال شهرين
  • بين السجن والترحيل| القصة الكاملة للواقعة التي أثارتها الصحافة الهولندية حول سائحة اعتدت على شاب
  • تضم رفات أطفال ونساء.. العثور على مقبرة جماعية في سوريا
  • معظمهم أطفال ونساء.. ارتفاع عدد شهداء العدوان على غزة إلى 50,983
  • أبويا مستشار في أمن دولة| القصة الكاملة لصاحبة فيديوهات الإهانة في أكتوبر
  • محافظ البنك المركزي يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية