مستنقع النسيان داخل مخيمات صحراوية بسوريا وظروف معيشية قاسية.. القصة الكاملة لمعاناة أطفال ونساء مقاتلي داعش| 45 ألفا من 70 دولة
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
داخل مستنقع النسيان، يعيش ما يقرب من 45000 شخص من أكثر من 70 دولة وهم محتجزين الآن في مخيمات صحراوية ضخمة وبدائية في شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، وأكثر من 90% منهم من النساء والأطفال، وثلثاهم تحت سن 18 عامًا، وحوالي نصفهم تحت سن 12 عامًا، وتلك المخيمات، التي تضم الأيتام، لا تتمتع إلا بقدر محدود من الرعاية الصحية والتعليم، وتتسم بالعنف في بعض الأحيان, نعم إنها كارثة إنسانية لأسر مقاتلى داعش.
وبعيدًا عن كونه أزمة إنسانية، فإن وجود هذا العدد الكبير من القاصرين الذين يعيشون بين أعضاء داعش الحاليين والسابقين يشكل تهديدًا أمنيًا عالميًا، وقد أُطلق على المعسكرات، التي لا يزال الأطفال يولدون فيها، أرضاً خصبة للإرهاب، وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تضغط على الدول الأخرى للمساعدة في تقليص أعداد المعسكرات من خلال إعادة مواطنيها إلى وطنهم، وكانت البداية مع عودة 23 شخصا خلال الساعات الماضية إلى أوطانهم الأم، وتلك تفاصيل الأزمة بالكامل.
عودة 23 إلى بلدان غربية يفتح الحديث عن الأزمة
بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فقد عادت الآن عائلة مكونة من عشرة مواطنين أمريكيين كانوا محتجزين لسنوات في مخيم للاجئين السوريين ومركز احتجاز لأقارب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية إلى الولايات المتحدة، نتيجة مفاوضات معقدة أعادت أيضًا ابنين صغيرين لرجل من ولاية مينيسوتا يتوسل بتهمة دعم تنظيم داعش الإرهابي، وكجزء إضافي من هذا الجهد الدولي المنسق، أعادت كندا ودولتان أوروبيتان – فنلندا وهولندا – هذا الأسبوع 11 من مواطنيهم المحتجزين في تلك المعسكرات، معظمهم من الأطفال.
وفي المجمل، تمت إعادة 23 شخصًا، من بينهم 14 قاصرا، إلى بلدانهم الأصلية أو أعيد توطينهم في بلدان أخرى، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية، التي قادت العملية، واختتم الأمر في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، عندما هبطت طائرة عسكرية أمريكية في مطار جون إف كينيدي الدولي وعلى متنها براندي جيه سلمان البالغة من العمر 50 عامًا وأطفالها التسعة، بالإضافة إلى أبناء شاب يبلغ من العمر 27 عامًا يبلغون من العمر 7 و9 أعوام، وتلك التحركات تعيد فتح هذا الملف الإنسانى الملقى فى بئر النسيان.
مخيمات وأرضا خصبة للإرهاب
ويبدوا أن تلك الجهود مازالت ضئيلة بالمقارنة لحجم الكارثة الإنسانية، فنشير الصحيفة الأمريكية، إلى أن عودة هؤلاء المعقدة إلى الوطن لا تؤثر إلا قليلاً في مشكلة عالمية ضخمة وملحة، حيث يعيش 45000 شخص من أكثر من 70 دولة محتجزين في مخيمات صحراوية ضخمة وبدائية في شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية. وأكثر من 90% منهم من النساء والأطفال، وثلثاهم تحت سن 18 عامًا، وحوالي نصفهم تحت سن 12 عامًا، وفقًا للمسؤولين، ومع ذلك، فإن المخيمات، التي تضم الأيتام، لا تتمتع إلا بقدر محدود من الرعاية الصحية والتعليم، وتتسم بالعنف في بعض الأحيان.
وبعيدًا عن كونه أزمة إنسانية، فإن وجود هذا العدد الكبير من القاصرين الذين يعيشون بين أعضاء داعش الحاليين والسابقين يشكل تهديدًا أمنيًا عالميًا، وقد أُطلق على المعسكرات، التي لا يزال الأطفال يولدون فيها، أرضاً خصبة للإرهاب، لذا فإن الولايات المتحدة تضغط على الدول الأخرى للمساعدة في تقليص أعداد المعسكرات من خلال إعادة مواطنيها إلى وطنهم.
ويقول إيان موس، نائب منسق وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب: "كلما تركناهم هناك لفترة أطول، أصبحوا أكثر عرضة للتطرف والاستغلال من قبل المتطرفين، فهم معرضون للخطر، وأعني أن هؤلاء الأطفال معرضون للخطر بالتأكيد"، ولكن الإعادة إلى الوطن وإعادة التوطين قد تكون صعبة المنال، فالعديد من الدول مترددة أو غير راغبة في السماح للأشخاص الذين كانوا في المخيمات بالعودة، خوفاً من استيراد الجهاديين.
خطط لتخفيض الأعداد وإعادة الإندماج
وعن الخطط المنوط تنفيذها لحل تلك الأزمة، يقول موس: "لدينا التزام حقيقي بتخفيض عدد السكان ومنح هؤلاء الناس فرصة لحياة لا يكونوا فيها عرضة للقوى المتطرفة إلى الحد الذي قد يكونون عليه إذا بقوا هناك"، وأضاف أنه لمساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع، يقدم المسؤولون الحكوميون نطاقًا واسعًا من الدعم، بما في ذلك "المتخصصون النفسيون والاجتماعيون والأخصائيون الاجتماعيون"، فضلاً عن تقديم المشورة بشأن الصدمات والتواصل مع أفراد الأسرة.
وقد يواجه بعض العائدين المحاكمة والسجن، وفي الواقع، من بين 40 أمريكيًا آخرين عادوا من المخيمات السورية في السنوات الأخيرة، تمت محاكمة 14 منهم على الأقل بسبب تورطهم مع داعش، ويوضح موس أن إعادة سكان المخيم إلى ديارهم يمكن أن تمنع وقوع هجمات إرهابية في المستقبل، وتأمل الولايات المتحدة أن تكون إعادة ما يقرب من عشرة من مواطنيها هذا الأسبوع - وهو أكبر عدد عاد من شمال شرق سوريا بضربة واحدة - قدوة لبقية العالم .
وهذا الهدف أكد عليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إذ قال في بيان، إن "الحل الدائم الوحيد للأزمة الإنسانية والأمنية في مخيمات النازحين ومنشآت الاحتجاز في شمال شرق سوريا هو أن تقوم الدول بإعادة توطينهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم، وضمان المساءلة حيثما كان ذلك مناسباً".
هكذا كانت رحلة المرأة الأمريكية
وعن قصة سلمان، والتى ولد أطفالها التسعة في الولايات المتحدة وتتراوح أعمارهم بين 7 و26 عامًا، سيواجه اتهامات جنائية، ويقول المسؤولون إنها ستعيش في البداية على الأقل مع والدتها في نيو هامبشاير، وقد ولدت سلمان في الولايات المتحدة وتزوجت من رجل تركي أمريكي، أخذها وأطفالهما إلى أراضي تنظيم الدولة الإسلامية حوالي عام 2016 وقُتل لاحقًا، ووفقاً لرواية أحد الأطفال، ربما يكون الأب قد خدع عائلته للدخول إلى سوريا من خلال الادعاء بأنهم كانوا في رحلة تخييم إلى تركيا.
وفي نهاية المطاف، تم احتجاز سلمان وأطفالها وإرسالهم إلى معسكر سوري. وتم إيواء بعضهم معًا هناك، وتم إرسال البعض الآخر إلى مرافق منفصلة للمراهقين والرجال، وقد ولدت سلمان في ولاية ماساتشوستس الغربية وتظهر السجلات العامة أنها عاشت أيضًا في ميشيغان ونيو هامبشاير ومدينة نيويورك، حيث يعيش والدها ستيفن آر كارافاليو في هوت سبرينغز بولاية أركنساس، وتعيش أختها ريبيكا جين هاريس في مورفريسبورو بولاية تينيسي.
20 أمريكيا مازالوا محتجزين بتلك المخيمات
ويقدر المسؤولون الأمريكيون أن ما يقرب من عشرين أمريكيًا إضافيًا محتجزون في معسكرات النزوح والاعتقال السورية، لكن العثور عليهم والتعرف عليهم يمثل تحديًا مستمرًا. وحتى لو تم تحديد موقعها، فقد لا يرغب جميع الأميركيين في العودة، وقد لا يرغب الناس في العودة لأنهم قد يشعرون بالقلق بشأن شكل المساءلة الذي قد ينتظرهم، وربما يكونون قد رحلوا لفترة طويلة لدرجة أنهم فقدوا الاتصال بأسرهم، وقد يكون الأمر ببساطة مجرد خوف من "المجهول"، فبعض هؤلاء الأفراد ظلوا في هذه المعسكرات لمدة أربع أو خمس سنوات، وأصبح ذلك واقعهم اليومي.
وبالإضافة إلى النساء والأطفال في المخيمات السورية، هناك ما يقرب من 8800 من مقاتلي داعش السابقين محتجزين في سجون شمال شرق سوريا التي تضم أكبر تجمع للإرهابيين المحتجزين في العالم، ويحتجز المزيد من النازحين في مخيمات اللاجئين السوريين، وأكبرها مخيم الهول وروج، وما يجب فعله مع هؤلاء الرجال يظل مشكلة أكثر صعوبة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة شمال شرق سوریا محتجزین فی ما یقرب من فی مخیمات أکثر من تحت سن
إقرأ أيضاً:
ليس مخطوفًا | التحفظ على طفل ألف مسكن وإعادته لأسرته.. القصة الكاملة
أثارت صورة لطفل صغير يبدو عليه الخوف، ظهر بجوار سيدة تمتهن التسول في ميدان الألف مسكن بالقاهرة، ضجة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتداول المستخدمون الصورة بشكل مكثف، وسط تكهنات بوجود واقعة خطف، ما استدعى تدخلاً عاجلاً من الأجهزة الأمنية لكشف الحقيقة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
تحقيقات الأجهزة الأمنية تكشف التفاصيلعلى إثر انتشار الصورة، قامت الأجهزة الأمنية بإجراء تحريات مكثفة في المنطقة، وتمكنت من ضبط السيدة التي ظهرت في الصورة برفقة الطفل. وبعد استجوابها، تبين أنها ليست متسولة، بل تعمل في مهنة تنظيم وقوف السيارات (سايس) في منطقة الألف مسكن، وأن الطفل لم يكن مخطوفًا، بل تركته أسرته لديها بمحض إرادتهم.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الطفل ينحدر من أسرة تمر بظروف صعبة، حيث تعيش والدته منفصلة عن والده، وقد اعتادت تركه هو وشقيقته في الشارع لساعات طويلة. ونتيجة لهذا الإهمال، أصبح الطفل عرضة لمواقف خطرة، منها تلك التي أدت إلى انتشار الصورة المثيرة للجدل.
استدعاء والد الطفل للتحقيقفي إطار البحث عن الأسباب التي دفعت الطفل للبقاء في الشارع، استدعت الأجهزة الأمنية والد الطفل للتحقيق معه حول الواقعة. وأفاد الأب بأنه غير مدرك تمامًا لما تفعله زوجته السابقة، وأنه لم يكن يعلم بوجود أطفاله في الشارع دون رعاية.
كما تم التحفظ على والدة الطفل والسيدة التي ظهرت معه في الصورة، لحين عرضهما على النيابة العامة لاستكمال التحقيقات، والتأكد من حقيقة الإهمال الذي تعرض له الطفل وأبعاده القانونية.
تبرئة السيدة واتخاذ الإجراءات القانونيةبعد مراجعة الأدلة والاستماع إلى الشهادات، ثبت أن السيدة التي ظهرت في الصورة ليست متورطة في أي جريمة، وتمت تبرئتها من أي اتهام يتعلق باختطاف الطفل أو استغلاله. في المقابل، تستمر التحقيقات مع والدي الطفل، حيث قد يواجهان اتهامات تتعلق بالإهمال وتعريض حياة القاصر للخطر.
هذه الواقعة، التي بدأت كحالة اشتباه في خطف طفل، تحولت إلى قضية إهمال أسري تستدعي تدخل الجهات المختصة لضمان حماية حقوق الأطفال. وما زالت السلطات تتابع القضية، مع احتمال اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأسرة، في إطار الجهود المستمرة لحماية الأطفال من الإهمال والمخاطر التي قد تواجههم في الشارع.