هكذا ارتبكت حكومة نتنياهو بعد موافقة حماس على مقترح الصفقة
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
القدس المحتلة- بدت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مرتبكة حيال رد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على مقترح الوسطاء القطريين والمصريين والولايات المتحدة، بشأن التهدئة وصفقة التبادل، وهو رد عمق الشرخ والاستقطاب السياسي بالخارطة الحزبية لدى إسرائيل، والتباين بالمواقف من سير الحرب على غزة وأولويات إعادة الأسرى.
وفي محاولة من حكومة نتنياهو تصدير الأزمة الداخلية عقب رد حماس، سارع الجيش الإسرائيلي -بحسب مراقبين، وبناء على تعليمات المستوى السياسي- إلى تنفيذ عملية برية محدودة شرق رفح، وسط غارات مكثفة وقصف مدفعي عنيف، في رسائل داخلية وخارجية تحمل تناقضات.
ووسط الترحيب الإقليمي والدولي على رد حماس وموقفها الإيجابي من مقترح الوسطاء للتهدئة، بدت إسرائيل منقسمة على ذاتها بكل ما يتعلق في إبرام صفقة تبادل حتى لو كان الثمن وقف إطلاق النار، حيث سارع مجلس الحرب المنبثق عن حكومة الطوارئ إلى الإعلان عن بدء التوغل البري في رفح، كوسيلة ضغط عسكرية مكثفة على حماس في المفاوضات.
جيش الاحتلال اقتحم معبر رفح من الجهة الفلسطينية ورفع العلم الإسرائيلي (مواقع التواصل) هامش المناورة يتقلصويرى خبراء أن إعلان مجلس الحرب عكس في طياته التناقضات والخلافات بالمشهد السياسي الإسرائيلي حيال أولويات الحرب وما إذا حققت الحرب الأهداف المعلنة، وكذلك الموقف الضبابي لحكومة الطوارئ من موافقة حماس على التهدئة وصفقة التبادل، وهو الموقف الذي وضع نتنياهو على مفترق طرق، حيث يسعى للتنصل من استحقاقات التهدئة التي قد تفرضها الضغوطات الدولية والإدارة الأميركية.
وفي محاولة من نتنياهو للتقليل من الإنجاز الإستراتيجي الذي حققته حماس بقبول مقترح التهدئة، ولكي لا يترسخ الانطباع بالمجتمع الدولي أن إسرائيل هي التي تعرقل مفاوضات التهدئة، وترفض وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وافق مجلس الحرب على إرسال الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة المصرية للتفاوض مع الوسطاء لاستنفاذ إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط إسرائيل، على ما أفادت صحيفة "هآرتس".
وتعمد مكتب نتنياهو القول إن "اقتراح حماس بعيد عن مطالب إسرائيل" وهو ما يضع نتنياهو -وفقا لإجماع المحللين الإسرائيليين- ما بين خيار قبول مقترح الوسطاء ورد حماس أو مواصلة المناورة في هامش يتقلص، والتعنت باستمرار الحرب والتضحية بالأسرى لتجنب تفكك ائتلاف حكومته.
تفكك حتمي
وأمام تصاعد احتجاجات عائلات الأسرى، وتجدد أصوات عائلات الجنود القتلى في معارك إسرائيل التي تطالب حكومة نتنياهو بالاستمرار بالحرب وعدم الرضوخ لحماس، رجحت التحليلات أن نتنياهو قد يتجه إلى تكثيف العملية العسكرية في رفح لإرضاء شركائه بالائتلاف ومنع تفكك حكومته، في حال استجاب للضغوطات وقبل مقترح الوسطاء واعتبر موافقة حماس على التهدئة وصفقة التبادل.
وفي قراءة أولية للردود والمواقف الإسرائيلية من قبول حماس مقترح وقف إطلاق النار، يقول أمير مخول الباحث في مركز "التقدم العربي للسياسات" والمختص بالشؤون الإسرائيلية "يبدو أنه انسحب البساط من تحت حكومة نتنياهو التي تترنح نحو خط النهاية".
وقدر الباحث -في حديث للجزيرة نت- أن نتنياهو يقترب من نهاية مساحات المناورة ونهاية الحرب على غزة، وهو ما يشير إلى اشتعال الصراعات السياسية الداخلية. وعليه، لا يستبعد أن تصدر حكومة نتنياهو أزماتها الداخلية نحو اعتماد سياسة تكثيف العدوان السريع والطلقة الأخيرة على رفح، في محاولة لمنع تفكك وانهيار الحكومة.
"التوغل البري في رفح يمكن أن يكون طوق نجاة مؤقتا لحكومة نتنياهو، لكنه لن يجديها نفعا ولن ينقذها من التصدع والتفكك، بحيث لن يحقق نتنياهو وحكومته انتصاره الموعود الذي أكد أنه على بعد خطوة، في وقت لا يملك منافسو نتنياهو بديلا نحو حلول سياسية، وعليه من المتوقع انتخابات قريبة للكنيست قد تكون الخريف المقبل" يضيف مخول.
مدير "سي آي إيه" بيرنز صاغ اتفاق وقف النار من وجهة النظر الإسرائيلية (الفرنسية) خيبة أملمن وجهة النظر الإسرائيلية، يرى المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر أن إسرائيل تشعر بخيبة أمل من الولايات المتحدة، وسط مخاوف لدى حكومة نتنياهو من مغبة موافقة واشنطن على وقف إطلاق النار، حيث تم وصف مقترح التهدئة بـ"الفخ" الذي يهدف إلى الترويج وتصوير إسرائيل على أنها رافضة للتهدئة وصفقة التبادل.
ولفت المراسل السياسي إلى وجود حالة من الغضب في إسرائيل من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعطى الضوء الأخضر لمدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز، وذلك لصياغة اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف "الانطباع بإسرائيل أن واشنطن طبخت هذه الخطوة ووعدت الوسطاء فعليا بضمانات بشأن نهاية الحرب، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا لدى إسرائيل التي ستواصل العمل من أجل التوصل إلى صفقة تبادل، بالتزامن مع الحرب في رفح".
وبحسب المراسل السياسي، فإن مصادر سياسية رفيعة أكدت أن هناك في الوقت الراهن فجوات كبيرة جدا في رد حماس، الذي لا يتماشى مع الاقتراح المصري الذي قبلته إسرائيل التي اضطرت إلى انتداب وفد إلى القاهرة بغية التحقق مما إذا كان من الممكن سد الفجوات.
الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي: حماس تمكنت من إنضاج اتفاق مقنع ومقبول ويستجيب لشروطها الأساسية والكرة في الملعب الإسرائيلي#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/H63qAM3nDq
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 6, 2024
وبعيدا عن المسار السياسي والفجوات الإسرائيلية المزعومة في المفاوضات، يعتقد المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلية، نير دفوري، أن العملية العسكرية في رفح بمثابة محاولة لتليين مواقف حماس، مشيرا إلى أنه بحسب الخطة العملياتية للجيش، فإن إسرائيل ستقوم بتوغل متدرج في رفح.
وأوضح أن العملية المتدرجة في رفح بالتوازي مع استمرار المفاوضات في القاهرة بحضور الوفد الإسرائيلي، يمكن وقفها في أي لحظة مطلوبة إذا حدث تطور إيجابي حقيقي من وجهة نظر إسرائيل في المفاوضات، وفي سياق صفقة إطلاق سراح الأسرى، وختم "أي تحرك عسكري في رفح، يجب أن يكون مدعوما بخطوة سياسية، وإلا فلن يكون من الممكن التوصل إلى النتيجة المرجوة: إطلاق المحتجزين وإلحاق الضرر بحماس".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل مقترح الوسطاء حکومة نتنیاهو رد حماس فی رفح
إقرأ أيضاً:
صحافة عالمية: نتنياهو يجري حسابات سياسية لدعم صفقة الأسرى
تناولت الصحف العالمية التطورات المتعلقة بصفقة الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، مسلطة الضوء على الحسابات السياسية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والدور المحوري لهذه الصفقة في المشهد الإقليمي والدولي.
وذكر تقرير لصحيفة يسرائيل هيوم، أن نتنياهو يعمل بجد للحصول على دعم حكومته للصفقة، مدركا حدود المناورة داخل ائتلافه.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو اكتشف قدرة الحكومة على الاستمرار حتى من دون دعم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزبه اليميني، إلا أنه لا يزال يفضل الإبقاء عليه ضمن التحالف لتجنب مزيد من الاضطرابات السياسية.
بدورها، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن إسرائيل قدمت لحماس قائمة تضم 34 رهينة تطالب بإطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الصفقة، بما في ذلك أسماء لا تفي بمعايير حماس.
وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات ما تزال جارية حول قضايا رئيسة، منها تشغيل معبر رفح، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم، وعودة النازحين إلى شمال غزة، ما يعكس تعقيد التفاصيل التي تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي.
تعميق أزمة النظام العالميفي حين تناول تحليل لصحيفة لوموند الفرنسية، تداعيات الحرب على غزة على النظام العالمي الجديد، مشيرا إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يعمق أزمة النظام متعدد الأطراف الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
إعلانوأضاف التحليل أن الحرب المستمرة في غزة، رغم مرور عام، تزعزع استقرار المنطقة بأكملها، بينما تعزز إسرائيل موقعها في مواجهة حلفاء إيران، من حماس في غزة إلى حزب الله في لبنان، وحتى في سوريا، حيث أشار التقرير إلى سقوط مفاجئ للنظام السوري بقيادة بشار الأسد.
أما وول ستريت جورنال، فلفتت إلى أن القوى الغربية تحاول إيجاد صيغة للتعامل مع الوضع في سوريا، بما في ذلك احتمال رفع العقوبات عن الحكومة الانتقالية.
وأوضح التقرير أن الغرب يواجه خيارا صعبا بين العمل مع الإسلاميين الذين طالما صنفهم كإرهابيين، أو خسارة النفوذ لصالح قوى مثل روسيا وإيران، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في سوريا.
وفي نيويورك تايمز، كشفت الصحيفة تفاصيل جديدة عن الأيام الأخيرة لنظام بشار الأسد، حيث أكدت أنه لجأ بشكل يائس إلى روسيا وإيران والعراق طلبا للدعم العسكري، لكن من دون جدوى.
وأوردت الصحيفة تقارير عن هجمات الطائرات المسيرة القادمة من إدلب، التي كانت تضرب مواقع النظام بلا هوادة، مما أفقده القدرة على المواجهة.
وأشارت إلى أن الأسد غادر البلاد بسرية شديدة، تاركا بعض مساعديه في القصر بانتظار خطاب لم يتم إلقاؤه أبدا، ما يعكس حالة الفوضى والانهيار في صفوف النظام.