علاقات معقدة بين أوروبا وبكين.. المفوضية الأوروبية تنتقد فائض الإنتاج الصيني
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
انتقدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الاثنين، فائض الإنتاج الصيني خلال مقابلتها الرئيس الصيني شي جين بيغ في العاصمة الفرنسية باريس، لكنها في الوقت نفسه أكدت أهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبكين.
بعد أن وصل العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين إلى مستوى قياسي بلغ 396 مليار يورو في عام 2022، انخفض بنسبة 27% في عام 2023 إلى 291 مليار يورو، وفقاً ليوروستات.
وتتزامن زيارة شي مع موجة من التحقيقات التي يجريها الاتحاد الأوروبي لمكافحة الدعم الذي تتلقاه الشركات الصينية من حكومتها، بما في ذلك إجراء تحقيقات موسعة في مجال السيارات الكهربائية، وهي صناعة سعت فرنسا أيضاً إلى حمايتها من خلال دعم المصنعين المحليين والأوروبيين.
وقالت فون دير لاين إن "المنتجات الصينية المدعومة مثل السيارات الكهربائية أو الصلب تغمر السوق الأوروبية، وفي الوقت نفسه، تواصل الصين دعم قطاع التصنيع بشكل كبير، وإذا أضفنا إلى ذلك الطلب المحلي الصيني الذي لا يتزايد فإن العالم لن يتمكن من استيعاب فائض الإنتاج لدى الصين".
وأضافت رئيسة المفوضية الأوروبية "ولذلك، فقد شجعت الحكومة الصينية على معالجة هذه القدرات الهيكلية الفائضة، وفي الوقت نفسه سننسق بشكل وثيق مع دول مجموعة السبع والاقتصادات الناشئة التي تتأثر أيضاً بشكل متزايد بتشوهات السوق الصينية".
الصين وكبح التنمية
ورفضت الصين مزاعم الغرب بشأن الطاقة الإنتاجية الفائضة، واتهمت الاتحاد الأوروبي بالحمائية ومحاولة كبح التنمية الاقتصادية في الصين.
وتحاول بكين الآن توجيه الاقتصاد الصيني، الذي يمر بمرحلة انتقالية مؤلمة من اعتماده على العقارات والتصنيع منخفض القيمة إلى قطاعات واعدة مثل السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والألواح الشمسية.
وفي ظل المخاوف الاوروبية من التراجع اقتصادياً في ظل التنافس بين القوتين الأوليين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.
ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضرراً بالاقتصاد العالمي.
مخاوف أوروبا
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية "علاقتنا الاقتصادية والتجارية مع الصين واحدة من الأهم في العالم، ناقشنا اليوم الاختلالات التي لا تزال كبيرة في الميزان التجاري، وهذا أمر يثير قلقاً كبيراً"، مضيفةً "كما أظهرنا أننا سندافع عن شركاتنا وسوف ندافع عن اقتصاداتنا ولن نتردد أبداً في القيام بذلك".
وشددت فون دير لاين على أن "يكون الوصول إلى الأسواق متبادلاً بين الاتحاد الأوروبي والصين لكي تكون التجارة عادلة وناقشنا كيفية تحقيق هذا، وما زلت على ثقة من إمكانية تحقيق المزيد من التقدم".
وأضافت "في الوقت نفسه نحن على استعداد للاستفادة الكاملة من أدوات الدفاع التجاري لدينا إذا كان ذلك ضرورياً على سبيل المثال منذ بضعة أسابيع أطلقنا تحقيقنا الأول بموجب أداة المشتريات الدولية، ولا يجوز لأوروبا أن تقبل الممارسات المشوهة للسوق والتي قد تؤدي إلى تراجع التصنيع هنا في الداخل".
علاقات معقدة
وأكدت فون دير لاين الحاجة إلى "تحسين مرونة سلاسل التوريد لدى الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال نقوم بمعالجة أزمة التبعية المفرطة من خلال تنويع مصادر المواد الخام المهمة، ولهذا السبب تفاوضنا على عدة اتفاقيات لتوسيع عدد البلدان التي نحصل منها على المواد الخام المهمة"، لافتةً إلى أن السوق الأوروبية ستظل مفتوحة أمام المنافسة العادلة والاستثمارات، و"لكن ليس من الجيد بالنسبة لأوروبا أن تضر بأمنها وتجعل نفسها عرضة للخطر".
وختمت فون دير لاين تصريحاتها بقول "في الختام، العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والصين معقدة، ونحن نتعامل مع الأمر برؤية واضحة وبناءة ومسؤولة لأن الصين التي تلعب بنزاهة أمر جيد لنا جميعا. ومن ناحية أخرى لن تتردد أوروبا في اتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لحماية اقتصادها وأمنها، ومن ثم فإننا نتطلع إلى الاحتفال العام المقبل بالذكرى الخمسين للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين".
وكتب الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مقال موقع لصحيفة لوفيغارو الفرنسية وأعادت طباعته باللغة الإنكليزية صحيفة الحزب الشيوعي الصيني، "نرحب بمزيد من المنتجات الزراعية ومستحضرات التجميل الفرنسية عالية الجودة في السوق الصينية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للشعب الصيني من أجل حياة أفضل".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: استثمارات اقتصاد العالم الاقتصادات الحكومة الصينية السيارات الكهربائي الرئيس الصينى الرئيس العاصمة الفرنسية العلاقات العقارات العجز التجاري رئيسة المفوضية الأوروبية تحقيقات موسعة بین الاتحاد الأوروبی السیارات الکهربائیة المفوضیة الأوروبیة فی الوقت نفسه فون دیر لاین
إقرأ أيضاً:
بحرُ أحمر مشتعل.. ومركز أمني أمريكي يقر: تحالف واشنطن الأوروبي ينهار تحت الضربات اليمنية
يمانيون../
في اعتراف صريح بحجم الأزمة التي تهزُّ الغرب، كشف مركز الأمن البحري الدولي (CIMSEC) أن أزمة البحر الأحمر فضحت هشاشة التحالف الأمريكي الأوروبي، وعرّت واشنطن التي باتت عاجزة عن قيادة حلفائها وسط صعود متسارع للاتحاد الأوروبي كلاعب أمني مستقل.
في تحليل ناري نشره المركز ضمن أسبوع القوة البحرية لحلف الناتو بعنوان “تشريح أزمة البحر الأحمر: الناتو في مواجهة الاتحاد الأوروبي”، أكدت الكاتبة آنا ماتيلد باسولي أن الولايات المتحدة وجدت نفسها معزولة في قلب الأزمة، بينما مضت أوروبا بعيدًا عن مظلتها العسكرية التقليدية، متخذةً قرارها بالعمل تحت راية الاتحاد الأوروبي.
وأكد التقرير أن الخلاف لم يعد مجرد سوء تفاهم عابر، بل تحوّل إلى صراع صامت على من يقود ومن يتبع. أوروبا رفضت الانخراط في عملية “حارس الرخاء” الأمريكية، مفضّلة دعم مهمة “أسبيدس” الأوروبية الدفاعية، في ضربة قوية لهيبة واشنطن التي طالما اعتبرت قيادة التحالف الغربي أمرًا مسلمًا به.
الرسائل المسربة من داخل الإدارة الأمريكية حملت مشاعر مرارة وإحباط، حيث أبدى مسؤولون امتعاضهم من “اضطرار أمريكا لإنقاذ أوروبا مرة أخرى”، غير أن الوقائع على الأرض تفضح فشل واشنطن في التكيف مع واقع جديد باتت فيه أوروبا ترفض الحلول الأمريكية الهجومية، وتصر على حماية مصالحها بنهج دفاعي مستقل.
التقرير لم يكتفِ برصد الانقسام، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة باتت ترى الأزمة فرصة لاستعراض قوتها البحرية ومقارعة الصين، بينما لا تبالي أوروبا بهذا الصراع، متمسكةً بأولوية حماية التجارة وتأمين طرق الملاحة فقط.
ولفت التحليل إلى أن انشقاق دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا عن المبادرة الأمريكية عرّى هشاشة القيادة الأمريكية، في حين أن بعض الدول كإسبانيا امتنعت تمامًا عن تقديم أي دعم، على الرغم من استفادتها من استمرار الملاحة عبر مضيق باب المندب.
وعلى الجانب الآخر، كشف التقرير أن أمريكا لا تزال عالقة في وهم قيادة الناتو، غير مدركة أن أوروبا باتت تمضي بثبات نحو بناء كيان أمني مستقل تحت راية الاتحاد الأوروبي، مدفوعةً بما وصفه التقرير بـ”العدوانية الأمريكية” التي تدفع الحلفاء نحو مزيد من الاستقلال.
في مشهد بالغ الرمزية، بينما كانت السفن الأوروبية ترفع علم “أسبيدس” بعيدًا عن التوتر الأمريكي، كان الحوثيون يحكمون قبضتهم على البحر الأحمر، ويوجهون ضربات موجعة أربكت الأسطول الأمريكي وأفقدت ميناء إيلات الصهيوني أنفاسه الاقتصادية.
واختتم التقرير برسالة واضحة وصادمة:
الوقت ينفد أمام الولايات المتحدة لتدارك الأمور، فإما استراتيجية جديدة تراعي الواقع الأوروبي، أو الغرق أكثر فأكثر في وحل الهزيمة والانقسام.