استراتيجية بايدن المتهورة قد تؤدي لحرب خطرة
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
يتوقف السلام في منطقة المحيطين الهندي والهادي على تعلم الولايات المتحدة والصين التعايش مع بعضهما، والجزر غير المأهولة هناك لا تستحق الحرب مع الصين. كوين مارتشيك – ناشيونال إنترست
إن مضاعفة إدارة بايدن جهودها لتعزيز مصالح دول المحيطين الهندي والهادي في مواجهة الصين يمثل استراتيجية متهورة في منطقة حيث ينبغي لواشنطن أن تكون أكثر ذكاء.
وإحدى الرسائل المهمة لزيارة رئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو والرئيس الفليبيني فرديناند ماركوس إلى الولايات المتحدة هي أن الأخيرة على استعداد للتضحية من أجل الصخور والشعاب غير المأهولة في بحر الصين الجنوبي.
في الواقع ليس للولايات المتحدة مصلحة حيوية في نتيجة النزاعات الإقليمية في جزر سينكاكو/دياويو أو في بحر الصين الجنوبي. فهذه الجزر غير مأهولة وصغيرة الحجم وليس لها قيمة استراتيجية تذكر. والمواقع العسكرية في هذه المناطق المتنازع عليها معرضة بشدة للهجمات، وتواجه كوابيس إعادة الإمداد، والقضايا البيئية المتأصلة. إضافة إلى أن حرية الملاحة في بحري الصين الشرقي والجنوبي تشكل مصدر قلق مشروع، فمن غير المرجح أن توقف بكين التجارة لأنها المستفيد الرئيسي. ناهيك عن أنه يمكن إعادة توجيه التجارة بتكلفة مالية، ولا داعي للتضحية بالأرواح أو تدمير العالم من أجل سلع أرخص قليلاً.
إن إصرار الرئيس جو بايدن على معاهدات الدفاع الأمريكية مع اليابان والفلبين التي تغطي جزر سينكاكو/دياويو والنشاط العسكري الفلبيني في بحر الصين الجنوبي يزيد من التوترات ويخاطر بالصراع مع الصين. وتنظر بكين إلى النزاعين على أنهما مصالح حيوية. وعلى هذا النحو، فإن الصين مستعدة للمخاطرة بالحرب لتأكيد مطالبتها إذا لزم الأمر.
وقد أصبحت بكين أكثر حزماً بعد أن أعلنت واشنطن عن "محورها نحو آسيا"، خوفاً من أنها قد تفقد فعلياً مطالباتها الإقليمية. ولن يختفي تأكيد الصين مع وجود علاقات أقوى بين الولايات المتحدة واليابان والفلبين، ولكن من المرجح أن يتكثف لاختبار العلاقة ومحاولة ردعها.
فضلاً عن ذلك فإن الضمانات الأمنية المقدمة لليابان والأراضي المتنازع عليها في الفلبين تشجع السلوكيات المحفوفة بالمخاطر. وما فاقم الصراع مع الصين هو تأميم اليابان لجزر سينكاكو/دياويو في عام 2012. وقد يخفف إلغاء تأميم الجزر وتنظيم ملكيتها التوترات، ولكن الأمرغير مطروح على الطاولة طالما أن واشنطن تؤيد مطالبات اليابان.
وعلى النقيض من ضبط النفس الذي تمارسه اليابان، شهدت الفلبين توترات متزايدة مع الصين في ظل إدارة ماركوس، حيث رفضت مانيلا التنازلات التي قدمتها الصين للتنمية المشتركة في بحر الصين الجنوبي واختارت توسيع العمليات العسكرية في المنطقة. وسمحت للقوات الأمريكية بالوصول إلى المزيد من القواعد في شمال الفلبين. ويفرض هذا النشاط العسكري الأمريكي في المنطقة ضغوطًا على بكين للرد، مما يزيد من خطر وقوع حادث يمكن أن يتحول إلى صراع.
ومع انجرار الولايات المتحدة إلى حرب للدفاع عن المطالبات اليابانية والفلبينية ضد الصين، فإن واشنطن تخاطر بخسارة منطقة المحيطين الهندي والهادي. وفي حين أن العلاقات مع اليابان وأستراليا ونيوزيلندا من المرجح أن تنجو من الصراع، إلا أن جنوب شرق آسيا قد يضيع. وللمرة الأولى، قد تختار النخب في جنوب شرق آسيا بكين بدلاً من واشنطن إذا اضطرت لذلك.
وفي أفضل الأحوال، قد تؤدي الحرب بين الولايات المتحدة والصين إلى إضعاف الولايات المتحدة بشدة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا. وسيكون الأمريكيون أقل قدرة على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم وتوفير الأمن لهم.
وبدلاً من المخاطرة بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة، يجب على واشنطن التراجع عن التزاماتها بالدفاع عن الصخور غير المأهولة والشعاب المرجانية والجزر في بحر الصين الجنوبي والشرقي. فهل ستخاطر الولايات المتحدة حقاً بحرب نووية على مسافة آلاف الأميال من المياه الضحلة؟
إن السلام في منطقة المحيطين الهندي والهادي يتوقف على تعلم الولايات المتحدة والصين التعايش مع بعضهما، وليس على علاقات أمنية أكثر اتساعًا.
إن إصرار إدارة بايدن على تعريف الشؤون الدولية بأنها صراع كبير بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية يجعل الوضع أسوأ. ورداً على ذلك، ترى بكين بشكل متزايد أن السياسة الأمريكية تشكل تهديداً لسيادتها.
ولذلك لابد من استبدال النهج القائم على الإيديولوجية والعسكرة إلى نموذج جديد يتمحور حول المصالح الحيوية والدبلوماسية.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: المحيط الهندي الاسلحة النووية المحيط الهادي جو بايدن فی بحر الصین الجنوبی الولایات المتحدة مع الصین
إقرأ أيضاً:
هاريس أم ترامب.. من الأفضل لمواجهة الصين وإيران وروسيا؟
تفضِّلُ روسيا فوز دونالد ترامب، على عكس إيران التي ترى فرصةً ذهبية في فوز كامالا هاريس. ويتطلع الناتو للعمل مع هاريس لا مع ترامب. والصين الصامتة تنتظر رئيساً متساهلاً في منافستها لأميركا. فمن منَ المرشحَيَّن سيجدد القيادة الأميركية في عالم غارق بالأزمات، فيما تنتظر دوله من سيّد البيت الأبيض أن يحقق مصالحها لا مصلحة الولايات المتحدة.
أميركا والعالمتقول كامالا هاريس إن "الأمر يتعلق بوقوف أميركا، كزعيمة تحافظ على القواعد والأعراف الدولية. كزعيمة تظهر القوة، وتدرك أن التحالفات التي نقيمها في مختلف أنحاء العالم تعتمد على قدرتنا على رعاية أصدقائنا وعدم تفضيل أعدائنا. إن زعماء العالم يسخرون من دونالد ترامب".
هاريس أم ترامب.. ماذا يعني ذلك لأوكرانيا؟ يصوت الأميركيون لاختيار رئيس للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر، وهو قرار لن يؤثر على الداخل الأميركي فقط، بل يتردد صداه في مختلف أنحاء العالم، وقد تكون أوكرانيا من أوائل تلك الدول التي تشعر بها، على ما أفاد تقرير نشره موقع راديو أوروبا الحرة "ليبرتي".وبالمقابل يقول دونالد ترامب إنه "لا يمكننا التضحية ببلدنا من أجل رؤية سيئة. نحن دولة فاشلة. وأمة في حالة انحدار خطير. نحن نتعرض للسخرية في جميع أنحاء العالم. يعتقد زعماء الدول الأخرى أن هذه الإدارة ضعيفة وغير كفوءة، وهي كذلك بالفعل، ومسؤوليها غير أكفاء إلى حد كبير".
تأثير الصين وروسيا وإيرانعن احتمالات تدخل دول أجنبية لعرقلة الانتخابات الأميركية، يخلص تقرير مكتب مدير مجلس الاستخبارات الوطنية DNI إلى أن اللاعبين الخارجيين، خاصة الصين وإيران وروسيا، يحاولون التأثير على الانتخابات الأميركية لهذا العام، وسيقومون على الأقل بعمليات معلوماتية بعد يوم الاقتراع لغاية اكتمال المسار في يوم تنصيب الرئيس الأميركي.
ويضيف التقرير الرسمي حول "التأثير الأجنبي الخبيث على الانتخابات الأميركية: "من شبه المؤكد أن الفاعلين الخارجيين سيشنون عمليات معلوماتية بعد نهاية الاقتراع لخلق حالة من عدم اليقين وتقويض شرعية المسار الانتخابي في الولايات المتحدة. كما أنه من المحتمل أن تُقدم إيران وروسيا على الأقل على النظر في إمكانية توظيف تكتيكات خاصة يمكن أن تثير أو تؤدي إلى العنف".
برنامج" عاصمة القرار" على قناة "الحرة" سأل جويل روبن، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية سابقاً، فقال: "لقد كان هناك الكثير من المخاوف لدى إدارة بايدن ووزارة العدل بشأن تدخّل روسيا على وجه الخصوص، وبالطبع من قبل الصين وإيران أيضاً. قبل شهرين، كانت هناك بالفعل اتهامات من قبل وزارة العدل لكيانات روسية. وثمة كيان في ولاية تينيسي تحديداً كان يحصل على تمويل من حكومة روسيا لتضليل الناخبين الأميركيين من خلال أشخاص أميركيين. الواضح أن روسيا وإيران والصين تنخرط في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة محاولة تغيير عقول الناخبين الأميركيين، وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة للوضع العام للديمقراطية الأميركية".
وبالمقابل يقول جويل رايبرن، كبير الباحثين في معهد هادسون في واشنطن، إن "الدول تستغل ضعف السياسة الخارجية الأميركية لتحقيق أهدافها، وهذا يمنحها فرصة أساسية لإحداث بعض الفوضى والصراعات في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. أعتقد أن هذه هي القضية الحقيقية في هذه الانتخابات، ويبدو لي أن الرأي العام هنا في الولايات المتحدة يشعر بقلق بالغ إزاء ما يبدو أنه حالة من عدم الاستقرار في مختلف أنحاء العالم".
مرحلة حساسةالصحافيون وصناع الرأي العام الأميركي، يتجادلون حول من هو الأفضل لقيادة الولايات المتحدة في هذه المرحلة الحساسة عالمياً. يقول مارتن غوري في نيويورك بوست، إن كمالا هاريس ستواصل السياسة الخارجية لأوباما وبايدن، واهمال تنامي قوة أعدائنا.
وبالمقابل، يرى جوشوا كيتنغ في موقع Vox أن المخاطر العالمية المترتبة على رئاسة ترامب ستكون أعلى بكثير هذه المرة مما ورثه ترامب في عام 2016 . ويتخوف الكاتب من قدرة ترامبومن مخاطر مقاربة ترامب "غير المتزنة" للسياسة الدولية.
وتقف الصين على رأس الدول التي تتحدى القيادة الأميركية للعالم. اقتصادياً وسياسياً، خاصة عبر دعمها للمجهود الحربي الروسي حول العالم، ودعمها لكوريا الشمالية وإيران. فيما تطرح بكين مبادرات اقتصادية لجذب حلفاء الولايات المتحدة.
وينقسم أعضاء الكونغرس الأميركي حول الصين. فيجادل الديمقراطيون بقدرة بايدن على التعاطي بقوة مع التهديد الصيني المتنامي. ويركز الجمهوريون في الكونغرس على تهديد الصين للامن القومي الأميركي، وينتقدون "تساهل إدارة بايدن مع الصين، خاصة في المجال العسكري".
من الصين والمحيطين الهادي والهندي، مروراً بالحرب في أوكرانيا وتهديد روسيا لأوروبا والناتو، وصولاً إلى غزّة وإسرائيل ولبنان وسوريا والعراق والبحر الأحمر حيث تهدد إيران وأذرعها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها, تقف سلسلة من الأزمات الدولية أمام الرئيس الأميركية العتيد، أيّا يكن أسمه.
النظام الإيراني.. العقدة المزمنةمنذ تأسيسه، يجاهر النظام الإيراني بعدائه للولايات المتحدة، ولم يوقف الاتفاق النووي برنامج إيران للصواريخ الباليستية ولا مساعي إيران الخبيثة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط. ولم تنجح أي إدارة أميركية إلى الآن في ضبط تصرفات إيران. ولم يعتمد الحزبان سياسة أميركية موحدة تجاه نظام الملالي في طهران.
روسيا والصين وإيران.. محاولات مكثفة للتدخل في انتخابات أميركا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأميركية التي ستجري يوم الثلاثاء في الخامس من نوفمبر، توقع مسؤولون أميركيون زيادة التدخل الخارجي في الانتخابات خلال عمليات الاقتراع يوم الثلاثاء المقبل وبعده.يقول السناتور الجمهوري جوش هاولي: "لقد حان الوقت لكي نتوقف عن السماح لإيران بأن تفعل ما تشاء في الشرق الأوسط. هذا ما قام به بايدن وهاريس. علينا أن نعيد حشر إيران في الزاوية. إنه نظام إرهابي، وحاليا تقوم إسرائيل بهذا العمل نيابة عن العالم. إنها خدمة كبيرة لنا تدعم أمننا القومي. إسرائيل تقف في وجه إيران وتساعد على إبطال ما قام بايدن وهاريس في السنوات الماضية. أصبحت المنطقة خطيرة بسبب ما قامت به هذه الإدارة، لذلك نحن بحاجة إلى قيادة جديدة".
ويرفض الديمقراطيون اتهام بايدن وهاريس وأوباما بمحاباة النظام الإيراني، وإطلاق يده في الشرق الأوسط. ويتهمون دونالد ترامب بذلك.
من الأنسب؟ورغم معارضة المرشحَين للحرب ضد إيران، يبقى السؤال: من يستطيع التصدي للنظام الإيراني وضبط تصرفاته في المنطقة وبرنامجه النووي وتطويره للصواريخ باليستية: كامالا هاريس أم دونالد ترامب؟
يعتقد جويل رايبرن أن ترامب هو الرئيس الأفضل لاستقرار الشرق الأوسط فقط، بل وللأمن الدولي أيضاً.
ويضيف المسؤول السابق في إدارة ترامب أن سياسة بايدن وهاريس هي "مجرد تكرار لسياسة أوباما الفاشلة تجاه إيران، والتي كانت تتمحور حول السعي مرة أخرى إلى التوصل إلى اتفاق واسترضاء النظام الإيراني برفع العقوبات عنه دون الطلب منه وقف دعمه للإرهاب، وانتشار الصواريخ الباليستية وما إلى ذلك. وهذا ما أدى إلى اندلاع الصراع الذي نراه الآن. لم يسعى ترامب إلى الحرب مع النظام الإيراني، لكنه كان يمارس الضغط على جميع الجبهات، ومن خلال العزلة الدولية الدبلوماسية للنظام الإيراني، وقد كان هذا النهج ناجحاً. من المؤسف أن فريق بايدن هاريس اتخذ القرار منذ بدء عمله بالتخلي عن سياسة ترامب".
أما جويل روبن، المسؤول السابق في عهد أوباما، فيقول إن لدى كامالا هاريس "موقف قوي تجاه إيران، وقد دعمت بقوة الحد من سلوك إيران، واستمرار العقوبات عليها، والتحرك بقوة مع حلفائنا وضمان عدم تشكيل إيران خطراً وتهديداً لجيرانها. أما دونالد ترامب، فقد أطلق العنان للبرنامج النووي الإيراني حين انسحب من اتفاق مع إيران كان يمنع برنامجها النووي من التقدم. لا نعرف ما الذي سنحصل عليه مع ترامب من يوم لآخر، وهذا حقاً ما يجب علينا القلق بشأنه".
فهل تستطيع واشنطن إيقاف حرب الصين الاقتصادية عليها، وحرب بوتين على الناتو وأوروبا، وحروب إيران في الشرق الأوسط؟ ستكشف الأيام المقبلة اسم الرئيس الأميركي. أما السنوات المقبلة ستُظهر نجاح أو فشل الإدارة العتيدة في قيادة أميركا على الساحة الدولية.