واشنطن– بعد أقل من ساعة على انتهاء مكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبعد عدة ساعات من إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر بخروج السكان النازحين من الأطراف الشرقية لمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة، تمهيدا لشن عملية عسكرية فيها، قلبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الطاولة على الجانب الإسرائيلي بإعلانها قبول المقترح المصري القطري، المدعوم أميركيا، بشأن وقف إطلاق النار.

وفي خضم المباحثات الدبلوماسية الماراثونية التي شهدتها القاهرة والدوحة خلال الساعات الأخيرة، أوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن الخطط العسكرية الإسرائيلية الحالية لغزو رفح لا يمكن أن تدعمها واشنطن، وأن إسرائيل لم تفعل ما يكفي للتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وعقب زيارة استغرقت عدة أيام لعواصم المنطقة لحلحلة صفقة الإفراج عن المحتجزين ووقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، غادر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المنطقة ليلقي باللوم على ما اعتبره رفضا من حركة حماس للمقترحات المصرية القطرية.

وبعد ساعات، عاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز في جولة تفاوضية مكوكية بين القاهرة والدوحة أسهمت في إيضاح الموقف الأميركي من الصفقة محل التفاوض.

جارية بلا توقف

ومن جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "إننا ما زلنا نعتقد أن صفقة الرهائن هي أفضل طريقة للحفاظ على حياة الرهائن، وتجنب غزو رفح، حيث يحتمي أكثر من مليون شخص، وإن المحادثات جارية الآن بلا توقف".

وفي إفادة صحفية عقب إعلان قبول حماس الصفقة، قال كيربي "إننا نراجع رد حماس حاليا ونناقشه مع شركائنا في المنطقة، ولن أتمكن من التعليق أكثر على هذا الأمر حتى نعرف أين وصلت الأمور".

وسبق أن قال الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي "إن غزو رفح سيكون خطأ"، وأكد أن واشنطن لا تدعم هجوما من دون خطة ذات مصداقية لمساعدة نحو 1.2 مليون مدني يحتمون هناك.

وخلال مكالمة مع نتنياهو ظُهر الاثنين، كرر بايدن "موقفه الواضح" بشأن التوغل الذي يلوح في الأفق، وفقا لقراءة قدمها البيت الأبيض الذي أشار إلى استعراض بايدن أيضا "المحادثات الجارية لتأمين إطلاق سراح الرهائن ووقف فوري لإطلاق النار في غزة"، كما "ناقش الزيادة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك من خلال الاستعدادات لفتح معابر شمالية جديدة بدءا من هذا الأسبوع".

تعقّد موقف بايدن الداخلي

ويخشى المسؤولون الأميركيون من أن يؤدي تصميم نتنياهو على تنفيذ اقتحام بري ضخم لرفح إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وأن تزيد هذه الخطوة من حجم الغضب الأميركي الداخلي على موقف بايدن المؤيد لإسرائيل.

ومثّل ضغط إدارة بايدن، من خلال بذلها جهدا دبلوماسيا مكثفا للتوسط في وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل لمنع اجتياح رفح، مع ضرورة الإفراج عن الرهائن والأسرى بمن فيهم 5 مواطنين يتمتعون بالجنسية الأميركية، أولوية خاصة مع قرب الموسم الانتخابي.

وأشارت تقارير إلى قرار اتخذته إدارة بايدن قبل أيام بتأخير تسليم الذخائر إلى إسرائيل في محاولة لإظهار العواقب التي تواجهها واشنطن إذا اختارت إسرائيل المضي قدما في هجوم عسكري ضخم على رفح. ورفض جون كيربي تأكيد أو رفض هذه التقارير.

إستراتيجية "عناق الدب"

ويخشى بايدن أن يوجه اقتحام رفح ضربة أخرى لما تعرف بإستراتيجية "عناق الدب" (دعم بلا حدود لإسرائيل) التي تنتهجها إدارة بايدن والتي ترى أن الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل في العلن يسمح للأميركان سرا بتوجيه الإسرائيليين نحو عمل عسكري أقل حدة.

كما أن تصعيد العنف في غزة من شأنه أن يعقّد السياسة الداخلية لبايدن، الذي يتعامل بالفعل مع تيارات معارضة بحزبه الديمقراطي، وهو ما ظهر بوضوح في نسق التصويت في الانتخابات التمهيدية، إضافة لحركة الاحتجاجات الضخمة التي تعصف بمئات الجامعات الأميركية بسبب سياسته الداعمة لإسرائيل.

ويأمل مساعدو بايدن في أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى منح الرئيس متنفسا، وسط الاحتجاجات الواسعة النطاق والمخاوف من فوضى متوقعة خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي أغسطس/آب المقبل.

وعبر السيناتور المستقل بيرني ساندرز عن ضرورة اتخاذ بايدن موقفا حاسما، وغرد -على منصة إكس- بالقول: "وقد فرّ مليون شخص إلى رفح على مدى أشهر، حذرت الولايات المتحدة من أي هجوم، وتجاهل نتنياهو التحذيرات. الآن، هجوم وشيك سيقتل عددا لا يحصى من المدنيين. يجب على الرئيس بايدن أن يدعم كلماته بالأفعال، وأن ينهي جميع المساعدات العسكرية الهجومية لإسرائيل".

https://x.com/SenSanders/status/1787501616972566898

هل يتحرك بايدن؟

من جهتها، ذكرت هايدي ماثيوز، أستاذة القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة يورك في كندا والتي سبق لها العمل مع محكمة العدل الدولية بالمحكمة الخاصة لسيراليون، أن إدارة بايدن صرحت منذ أسابيع بأنها لا تدعم عملية برية في رفح في غياب خطة إنسانية ذات مصداقية.

وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت أنه قبل مثل هذا الاجتياح، أمرت إسرائيل بتهجير نحو 100 ألف مدني في رفح إلى مناطق لا تتوفر فيها ضروريات الحياة، بما في ذلك السكن والصرف الصحي والتغذية، ودعت إدارة بايدن إلى اعتبار غزو رفح -في ظل هذه الظروف اللاإنسانية- "خطا أحمر من شأنه أن يؤدي إلى تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل".

من جانبه، أشار السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، في حديث للجزيرة نت، إلى أن "أفضل شيء يمكن أن يفعله بايدن في ما يتعلق بالرأي العام الأميركي هو الإعلان عن حظر الصادرات الأميركية إلى إسرائيل من جميع الأسلحة الهجومية حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات وقف إطلاق النار إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

أمريكا تسلم تل أبيب 1800 قنبلة ثقيلة منعتها إدارة بايدن

وصلت شحنة قنابل أمريكية ثقيلة إلى الاحتلال الإسرائيلي ليلة أمس السبت، بعد أن كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد أخرّت إرسالها.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن مصادرها أن "شحنة القنابل الثقيلة، التي تضم 1800 قنبلة من طراز MK-84، والتي تم تأخيرها قرابة العام من قبل إدارة بايدن منذ اجتياح إسرائيل لمدينة رفح في أيار/ مايو 2024، وصلت إلى إسرائيل الليلة الماضية".

قنابل ترمب وصلت إلى نتنياهو ..

شحنة القنابل الثقيلة (1800 قنبلة من طراز MK-84) التي تم تأخيرها لما يقرب من عام من قبل إدارة بايدن (منذ دخول "إسرائيل" إلى رفح في أيار/مايو 2024)، وصلت إلى "إسرائيل" بتوجيه من الرئيس البرتقالي دونالد ترامب.

????القنابل المذكورة هي ذخائر جوية مخصصة… pic.twitter.com/miUUhhSu8D — Dima Halwani (@DimaHalwani) February 16, 2025
وأكد المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، دورون قادوش، أن الشحنة وصلت إلى ميناء أسدود، حيث تم تفريغها عبر عشرات الشاحنات ونقلها إلى القواعد الجوية الإسرائيلية.


وأوضح قادوش في منشور على حسابه بمنصة "إكس" أن الشحنة وصلت بتوجيه من الرئيس الأمريكي، مشيرًا إلى أن هذه الذخائر الجوية مخصصة لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي، ويبلغ وزن كل قنبلة منها طنًا واحدًا.

من جانبه، أشار الصحفي الإسرائيلي ينون ميجال، عبر حسابه على "إكس"، إلى أن سفينة الشحن الأمريكية رست في ميناء أشدود على البحر المتوسط، حيث تم تفريغ حمولتها ونقلها إلى القواعد الجوية الإسرائيلية.

وأضاف أن وزارتي الحرب والجيش الإسرائيليين تواصلان جهودهما لشراء ونقل الذخائر للجيش، حيث وصل أكثر من 76 ألف طن من المعدات العسكرية حتى الآن عبر 678 رحلة جوية و129 بارجة وسفينة حربية، واصفًا العملية بأنها "الأكبر من نوعها في تاريخ إسرائيل".

يذكر أن مسؤولين إسرائيليين كانوا قد أكدوا في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي أن ترامب رفع الحظر الذي فرضته إدارة بايدن على إرسال قنابل MK-84 إلى الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت إدارة بايدن قد فرضت الحظر في أيار/ مايو 2024 بعد أن تسببت هذه القنابل في خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين الفلسطينيين ودمرت منشآت طبية، بما في ذلك المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، الذي تعرض لقصف الاحتلال في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 باستخدام قنبلة من هذا الطراز، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 470 شخصًا.


وتُعتبر قنابل MK-84، التي تنتجها شركة جنرال ديناميكس للذخائر والأنظمة التكتيكية لصالح وزارة الدفاع الأمريكية، من الأسلحة الثقيلة التي يبلغ وزنها طنًا واحدًا وطولها 3.83 مترًا. تم تطويرها خلال حرب فيتنام، وتُعرف بقدرتها على تدمير الكتل الخرسانية وإلحاق أضرار كبيرة على بعد مئات الأمتار.

وكان تقرير إسرائيلي صدر في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 قد كشف عن حاجة الاحتلال الإسرائيلي إلى تعزيز قدرات جيشها عبر شراء مكثف للأسلحة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات والمدفعية والصواريخ والذخائر المتنوعة.

ومن خلال الدعم الأمريكي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير 2025 عمليات عسكرية واسعة في غزة، أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تسلم تل أبيب 1800 قنبلة ثقيلة منعتها إدارة بايدن
  • أمريكا تسلم تل أبيب 1800 قنبلة ثقيلة منعتها إدارة بايدن
  • مصدر مصري يكشف موقف حماس من إدارة قطاع غزة
  • أستاذ علاقات دولية: الالتزام بهدنة غزة يعكس النية الحسنة لوقف إطلاق النار
  • هكذا علق بن غفير على قبول إسرائيل إفراج القسام عن ثلاثة أسرى فقط 
  • مصدر مصري مطلع: حماس تؤكد عدم مشاركتها في إدارة قطاع غزة
  • مصدر: حماس ملتزمة بوقف إطلاق النار وترك إدارة غزة خلال الفترة المقبلة
  • بن غفير يعتبر قبول الحكومة الإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين بغزة "ضعفا"
  • بن غفير: قبول نتنياهو بالإفراج عن 3 أسرى من غزة ضعف غير مبرر
  • بن غفير: قبول نتنياهو بالإفراج عن 3 أسرى من غزة ضعفا غير مبرر