قبول حماس مقترح وقف إطلاق النار.. هل يعقّد موقف بايدن؟
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
واشنطن– بعد أقل من ساعة على انتهاء مكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبعد عدة ساعات من إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر بخروج السكان النازحين من الأطراف الشرقية لمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة، تمهيدا لشن عملية عسكرية فيها، قلبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الطاولة على الجانب الإسرائيلي بإعلانها قبول المقترح المصري القطري، المدعوم أميركيا، بشأن وقف إطلاق النار.
وفي خضم المباحثات الدبلوماسية الماراثونية التي شهدتها القاهرة والدوحة خلال الساعات الأخيرة، أوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن الخطط العسكرية الإسرائيلية الحالية لغزو رفح لا يمكن أن تدعمها واشنطن، وأن إسرائيل لم تفعل ما يكفي للتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وعقب زيارة استغرقت عدة أيام لعواصم المنطقة لحلحلة صفقة الإفراج عن المحتجزين ووقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، غادر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المنطقة ليلقي باللوم على ما اعتبره رفضا من حركة حماس للمقترحات المصرية القطرية.
وبعد ساعات، عاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز في جولة تفاوضية مكوكية بين القاهرة والدوحة أسهمت في إيضاح الموقف الأميركي من الصفقة محل التفاوض.
جارية بلا توقفومن جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "إننا ما زلنا نعتقد أن صفقة الرهائن هي أفضل طريقة للحفاظ على حياة الرهائن، وتجنب غزو رفح، حيث يحتمي أكثر من مليون شخص، وإن المحادثات جارية الآن بلا توقف".
وفي إفادة صحفية عقب إعلان قبول حماس الصفقة، قال كيربي "إننا نراجع رد حماس حاليا ونناقشه مع شركائنا في المنطقة، ولن أتمكن من التعليق أكثر على هذا الأمر حتى نعرف أين وصلت الأمور".
وسبق أن قال الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي "إن غزو رفح سيكون خطأ"، وأكد أن واشنطن لا تدعم هجوما من دون خطة ذات مصداقية لمساعدة نحو 1.2 مليون مدني يحتمون هناك.
وخلال مكالمة مع نتنياهو ظُهر الاثنين، كرر بايدن "موقفه الواضح" بشأن التوغل الذي يلوح في الأفق، وفقا لقراءة قدمها البيت الأبيض الذي أشار إلى استعراض بايدن أيضا "المحادثات الجارية لتأمين إطلاق سراح الرهائن ووقف فوري لإطلاق النار في غزة"، كما "ناقش الزيادة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك من خلال الاستعدادات لفتح معابر شمالية جديدة بدءا من هذا الأسبوع".
تعقّد موقف بايدن الداخليويخشى المسؤولون الأميركيون من أن يؤدي تصميم نتنياهو على تنفيذ اقتحام بري ضخم لرفح إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وأن تزيد هذه الخطوة من حجم الغضب الأميركي الداخلي على موقف بايدن المؤيد لإسرائيل.
ومثّل ضغط إدارة بايدن، من خلال بذلها جهدا دبلوماسيا مكثفا للتوسط في وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل لمنع اجتياح رفح، مع ضرورة الإفراج عن الرهائن والأسرى بمن فيهم 5 مواطنين يتمتعون بالجنسية الأميركية، أولوية خاصة مع قرب الموسم الانتخابي.
وأشارت تقارير إلى قرار اتخذته إدارة بايدن قبل أيام بتأخير تسليم الذخائر إلى إسرائيل في محاولة لإظهار العواقب التي تواجهها واشنطن إذا اختارت إسرائيل المضي قدما في هجوم عسكري ضخم على رفح. ورفض جون كيربي تأكيد أو رفض هذه التقارير.
إستراتيجية "عناق الدب"
ويخشى بايدن أن يوجه اقتحام رفح ضربة أخرى لما تعرف بإستراتيجية "عناق الدب" (دعم بلا حدود لإسرائيل) التي تنتهجها إدارة بايدن والتي ترى أن الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل في العلن يسمح للأميركان سرا بتوجيه الإسرائيليين نحو عمل عسكري أقل حدة.
كما أن تصعيد العنف في غزة من شأنه أن يعقّد السياسة الداخلية لبايدن، الذي يتعامل بالفعل مع تيارات معارضة بحزبه الديمقراطي، وهو ما ظهر بوضوح في نسق التصويت في الانتخابات التمهيدية، إضافة لحركة الاحتجاجات الضخمة التي تعصف بمئات الجامعات الأميركية بسبب سياسته الداعمة لإسرائيل.
ويأمل مساعدو بايدن في أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى منح الرئيس متنفسا، وسط الاحتجاجات الواسعة النطاق والمخاوف من فوضى متوقعة خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي أغسطس/آب المقبل.
وعبر السيناتور المستقل بيرني ساندرز عن ضرورة اتخاذ بايدن موقفا حاسما، وغرد -على منصة إكس- بالقول: "وقد فرّ مليون شخص إلى رفح على مدى أشهر، حذرت الولايات المتحدة من أي هجوم، وتجاهل نتنياهو التحذيرات. الآن، هجوم وشيك سيقتل عددا لا يحصى من المدنيين. يجب على الرئيس بايدن أن يدعم كلماته بالأفعال، وأن ينهي جميع المساعدات العسكرية الهجومية لإسرائيل".
https://x.com/SenSanders/status/1787501616972566898
هل يتحرك بايدن؟من جهتها، ذكرت هايدي ماثيوز، أستاذة القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة يورك في كندا والتي سبق لها العمل مع محكمة العدل الدولية بالمحكمة الخاصة لسيراليون، أن إدارة بايدن صرحت منذ أسابيع بأنها لا تدعم عملية برية في رفح في غياب خطة إنسانية ذات مصداقية.
وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت أنه قبل مثل هذا الاجتياح، أمرت إسرائيل بتهجير نحو 100 ألف مدني في رفح إلى مناطق لا تتوفر فيها ضروريات الحياة، بما في ذلك السكن والصرف الصحي والتغذية، ودعت إدارة بايدن إلى اعتبار غزو رفح -في ظل هذه الظروف اللاإنسانية- "خطا أحمر من شأنه أن يؤدي إلى تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل".
من جانبه، أشار السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، في حديث للجزيرة نت، إلى أن "أفضل شيء يمكن أن يفعله بايدن في ما يتعلق بالرأي العام الأميركي هو الإعلان عن حظر الصادرات الأميركية إلى إسرائيل من جميع الأسلحة الهجومية حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات وقف إطلاق النار إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
هكذا مهدت أضواء ترامب الخضراء لاستئناف إسرائيل عدوانها على غزة
واشنطن – مثل استئناف إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، وهو ما أسفر حتى الآن عن استشهاد ما يزيد على 400 شخص، فصلا جديدا في طريقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأحد أعقد أزمات السياسة الخارجية التي ورثها عن سلفه جو بايدن.
وحتى الآن تتبنى إدارة ترامب الموقف الإسرائيل المبرر لهذا العدوان، وتلقي بالمسؤولية فقط على حركة حماس "لفشلها في إطلاق سراح الرهائن أو قبول مقترحات أميركية لتمديد وقف إطلاق النار الهش الذي استمر لمدة شهرين".
ولم يقتصر استئناف العدوان على الهجمات الجوية والصاروخية الإسرائيلية، بل امتد ليصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء شملت عددا من المراكز السكانية في القطاع، لا سيما مدينة بيت حانون الشمالية وعدة أحياء في خان يونس بالجنوب، وهو ما اعتبره بعض المراقبين بمثابة تحرك إسرائيلي مواز يمهد لترحيل أهل القطاع، وهو ما عبر عنه ترامب في عدة مناسبات.
ترامب يخلف وعده
خلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب بالعمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتحرير المحتجزين لدى حركة حماس. وطالما احتفى ترامب بما اعتبره هدوءا عاما شهدته دول الشرق الأوسط أثناء سنوات حكمه الأربع الأولي، وأكد أنه لو أستمر في الحكم لما وقعت أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما أعقبها.
إعلانوبصورة غير مباشرة، أعطى الرئيس ترامب إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف الهجمات في قطاع غزة، ومن جانبها أعطت إسرائيل واشنطن إخطارا مسبقا بالهجمات. وخلال الأسابيع الأخيرة ضغط ترامب وفريقه التفاوضي من أجل إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين، وهدد ترامب بالجحيم لقطاع غزة وسكانه، وقال مرارا إن حماس ستواجه عودة إلى الحرب إذا لم تمتثل وتفرج عن كل المحتجزين.
ومن بين المحتجزين مواطن أميركي واحد على قيد الحياة، وهو عيدان ألكسندر، الذي كان يخدم في الجيش الإسرائيلي عندما اختطفته حركة حماس. ومن بين الرهائن الـ59 الذين بقوا في غزة، يُعتقد أن ما يصل إلى 24 لا يزالون على قيد الحياة.
No surprise. Trump left tactics on Gaza to Netanyahu. You choose — redeem hostages or try to pressure and eliminate Hamas. And now Netanyahu’s left with no hostages out; Hamas in; and prospects for delivering on both nowhere in sight. And he’s trying to fire Shin Bet head now? https://t.co/9eScHYLqvB
— Aaron David Miller (@aarondmiller2) March 18, 2025
وألقى آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي السابق ومسؤول ملف الشرق الأوسط في عدة إدارات، باللوم على دور ترامب الذي رأى أنه ترك الباب مواربا لمعاودة إسرائيل هجومها على قطاع غزة.
وقال ميلر في تغريدة على موقع إكس "لا مفاجأة. ترك ترامب التكتيكات في غزة لنتنياهو. وكان عليه الاختيار، إما تخليص الرهائن أو محاولة الضغط على حماس والقضاء عليها. والآن نتنياهو اختار التضحية بالرهائن، وما زالت حماس موجودة. وآفاق تحقيق الهدفين لا يمكن حدوثها. في الوقت ذاته يحاول نتنياهو طرد رئيس الشاباك الآن؟".
وأرجع عدد من الخبراء اتفاق 19 يناير/كانون الثاني الماضي إلى إدارة جو بايدن، ومن هنا يرون أن ما تشهده غزة من عدوان يمثل فصلا جديدا تتحمل مسؤوليته بصورة كاملة إدارة الرئيس ترامب.
إعلان أضواء خضراء من واشنطنعاودت إسرائيل عدوانها بعد 8 أسابيع من الهدوء النسبي، في الوقت ذاته تشن الولايات المتحدة غارات جوية منذ 3 أيام على الحوثيين، وهدد ترامب إيران بصورة صارمة، أول أمس الاثنين، بزعم دعمها للجماعة.
ولم تعترض إدارة ترامب على ما قامت به إسرائيل من خطوات تصعيدية على مدار الشهر الماضي لتكثيف الضغط على حماس، بدأت في منع إسرائيل دخول البضائع والإمدادات الطبية إلى قطاع غزة وقطع التيار الكهربائي والمياه.
ومثل تجاهل واشنطن لتنفيذ إسرائيل المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واحتفائها بفكرة تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لما بعد انتهاء شهر رمضان الكريم وأعياد الفصح اليهودية، مقابل الإفراج عن كل المحتجزين، الأحياء منهم والأموات، تشجيعا لتتمادى إسرائيل في مطالبها.
كما منحت فكرة ترامب تهجير أهل غزة، وهي الفكرة التي رحبت بها سريعا الحكومة الإسرائيلية، الكثير من الثقة في دعم واشنطن لأي تصعيد إسرائيلي ضد أهل غزة.
ولم يتردد ترامب كذلك في رفع عقوبات فرضتها إدارة بايدن على عدد من المستوطنين المتطرفين الإسرائيليين ممن لا يتوقفون عن مهاجمة الفلسطينيين العزل، كما سمح بشحن أسلحة جمدتها إدارة بايدن تتضمن قنابل عملاقة زنة ألفي رطل. وطالب كذلك أثناء حملته الانتخابية وبعدها من نتنياهو "أن ينهي العمل (المهمة في غزة)".
لا لوم إلا على حماس!
ولا يذكر المسؤولون والإعلام الأميركي عرض حركة حماس إعادة جميع المحتجزين مقابل هدنة دائمة، ولا يذكرون أيضا رفض إسرائيل وأميركيا لهذا العرض.
كما لا يتطرق مسؤولو إدارة ترامب، وعلى رأسهم مبعوثه للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، إلى رفض إسرائيل الالتزام بالمرحلة الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار، وهو الاتفاق الذي تفاخر ترامب بالضغط على إسرائيل لقبوله.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي براين هيوز "كان بإمكان حماس إطلاق سراح الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار لكنها اختارت بدلا من ذلك الرفض والحرب".
Hamas could have ended the war in Gaza months ago by surrendering and freeing the hostages.
Hamas could have extended the ceasefire deal by accepting the U.S. proposals that Israel accepted.
Hamas chose to continue the war and hold 59 people hostage.
Hamas is responsible.
— AIPAC ????????????????????️ (@AIPAC) March 18, 2025
في حين ألقت منظمة أيباك، كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي في أميركا، باللوم على حركة حماس، وقالت في تغريدة على موقع إكس "كان بإمكان حماس إنهاء الحرب في غزة قبل أشهر من خلال الاستسلام وإطلاق سراح الرهائن. كان بإمكان حماس تمديد اتفاق وقف إطلاق النار من خلال قبول المقترحات الأميركية التي قبلتها إسرائيل. اختارت حماس مواصلة الحرب واحتجاز 59 شخصا كرهائن. حماس هي المسؤولة".
إعلانوعلى النقيض، ارتفعت بعض الأصوات المعارضة للدور الأميركي المتصاعد فيما تشهده المنطقة.
واعتبر جوش بول، المسؤول السابق بوزارة الخارجية، والذي استقال احتجاجا على موقف بلاده الداعم لإسرائيل أن "الغارات الجوية الإسرائيلية، بطائرات وقنابل أميركية، والتي تحصد عشرات الأرواح، بما في ذلك الأطفال، أفضت إلى إنهاء ما يبدو وكأنه وقف إطلاق نار بالاسم من جانب إسرائيل فقط".
وأضاف "ومع الغارات الجوية الأميركية التي تمطر اليمن، ومع اندفاع الرئيس ترامب إلى الدفع بالمزيد من القوات الأميركية، والمزيد من السفن، والمزيد من الطائرات إلى الشرق الأوسط، يبقى السؤال: كيف يكون أي من هذا في مصلحة أميركا؟".
I have not heard a single American say they want another war in the Middle East or anywhere else.
Not one.
All I’ve heard is a loud cry demanding our government and its leaders "PUT AMERICA FIRST!"
I don’t support going to war on behalf of other countries.
I support peace and…
— Rep. Marjorie Taylor Greene???????? (@RepMTG) March 18, 2025
في حين عبرت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، أحد أهم حلفاء ترامب بالكونغرس، عن معارضتها لأي حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وقالت في تغريدة لها على منصة إكس "لم أسمع أي أميركي يقول إنه يريد حربا أخرى في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر. كل ما سمعته هو صرخة عالية تطالب حكومتنا وقادتها بأن يضعوا أميركا أولا! وأنا لا أؤيد الذهاب إلى الحرب نيابة عن دول أخرى. أنا أؤيد السلام وإصلاح مشاكلنا الهائلة هنا لشعبنا. إنه حرفيا المسمى الوظيفي الخاص بي كنائبة ممثلة في مجلس النواب".