إستكمالًا لمقالى "الإقتصاد الجزئى هو سبيلنا للتنمية المستدامة" وكان للحديث بقية....
وفى مقالى هذا أستكمل لحضراتكم رؤيتى بأن تصبح مصر مؤسسة إقتصادية ضخمة، مؤسسة إقتصادية تستغل كل عناصر الأقتصاد على أراضيها وفى باطن تلك الأراضى، وبحارها، وبحيراتها، ونيلها، والبشر الرائع الذى يعيش فى أرجائها، فى الوادى وفى السواحل والصحارى والريف والحضر، الحلم عظيم، وتحقيقه ليس بالشيىء صعب المنال، وليس ببعيد، فلسنا أقل مقدرة أو أقل ذكاء من شعوب وحكام دول كثيرة تحولت من ( مجتمعات بادية ) إلى أرقى المجتمعات الإقتصادية فى العالم، ولسنا ببعيدين عن تجارب أشقاء لنا فى الأمارات العربية، والكويت، ودبى، ولن نذهب بعيدًا إلى ماليزيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، فكل ما تحقق فى مثل هذه الدول، هو أنهم امتلكوا إرادة سياسية على تحقيق هذا التحول وهذا التقدم، وتغيير إسلوب حياة إلى أسلوب أخر بحرية كاملة، ودون ( سفسطة أو فزلكة )، بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وغيرها من أمور بديهية للحياة المعاصرة فى أرجاء المعمورة، فقط كانت هناك إرادة سياسية وشعبية فى الإنتقال من أسلوب حياة إلى إسلوب أخر، فقط بالنظام والجدية، وصرامة تطبيق وتنفيذ القوانين والحرص على تطبيق القواعد دون أستثناء، وبشفافية كاملة 
، وإعطاء الحرية كاملة لكل ما هو صالح وكل ماهو قادم لمصلحة الوطن، ولعل بالنظرة السريعة على سطح مصرنا الحبيبة، نجد أننا منذ القرن الثامن عشر، نعيش على 6% من أرض المحروسة، حينما كان تعداد سكان مصر لايزيد عن 8 مليون نسمة والتقسيم الجغرافى لأقاليم مصر، هو نفس التقسيم العثمانى على شكل محافظات متراصة فوق بعضها البعض، سميت بأسماء منبثقة من تاريخها أو من " مشايخها" ومعتمدة من سلطان الحاكم فى ( الأستانة )، ويقوم " ولاتة " فى القلعة بإدارة شئون ( الولاية المصرية ) ونقل الجباية والخير إلى الأستانة، حتى عمالها المهرة،هم أيضاَ ملك أوامر السلطان " وواليه" فى المحروسة  !! 
ورغم كل ما حدثناه على مدى قرنين ونصف من الزمان مرورا بعصر " محمد على باشا "  " والخديوى أسماعيل باشا " وحتى السلطان " حسين باشا كامل" "وفؤاء باشا " وحتى " الملك فؤاد والملك فاروق الأول "، وحتى إنتقال الحكم إلى النظام الجمهورى، مازالت مصر ترزح تحت هذه الفلسفة العثمانية، بتقسيمات جغرافية لمحافظاتها ووصلت التقسيمات الحديثة إلى "سبعة وعشرون محافظة"، وتعتمد جميعها على مخصصات مالية من الموازنة العامة للدولة 
( المركزية ) وبالتالى ماينتج فى تلك المحافظات على المستوى القومى يؤول للخزانة العامة (وما أتفهه ) وحجمه من ضألة تميزة بالعقم وبالتخلف !! 
وفى أهم دراسة ميدانية وحوارية ومواجهات بين مجموعة عمل إعتنت بهذه القضية وبين مديرى الأقاليم وممثلى شعوبها بكل طوائفهم وإتجاهاتهم أعتقد بأن أهم ماتحصلنا عليه من هذا المؤتمر وهذه المواجهة على مدى ثلاث أيام سبقها عدة شهور إعداد ودراسات هو ضرورة أعادة تقسيم مصر إلى أقاليم أقتصادية وليس تقسيماَ عرضياَ  كما هو شائع حينما ترد جملة ( أعادة التقسيم ) فالأقليم الإقتصادي يمكن أن يتضمن على سبيل المثال وليس الحصر والتأكيد فى جنوب مصر جزء من أسوان وجزء من البحر الأحمر وجزء من توشكى وشرق العوينات  وجزء من الوادى الجديد وجزء من قنا ولا حتمية للإتصال بين أجزاء الأقليم جغرافيًا ولكن بواسطة شرايين الأتصال الطبيعية(طرق حرة سريعة ) مطارات موانىء قطارات وهذا الأقليم وبهذه المكونات الجغرافية سوف يتضمن بحر وبحيرات  وجيولوجيا ( تحت الأرض ) وخدمات وثقافة فوق الأرض وجزء من نهر النيل وصحراوات.

.
وبهذه العناصر يمكن خلق بناء محترم  كما يمكن أستكشاف ثراوات معدنية بتركيز أكثر وزراعة نقية غير ملوثة وعناصر ثقافية تاريخية فريدة عالمياَ وظواهر طبيعية وكذلك من أبداع المصريون المحدثين والقدامى كتعامد الشمس فى وقت محدد على وجة رمسيس فى معبد أبو سنبل " التى يحج إلى هذه البدعة الأنسانية من كل أنحاء العالم معجبين " هذا المثال الأقليمى لاشك يدعنا نحلم بأنه واقع هذا الحلم يمكن أن يكون نواه لجزء من الوطن يتحول إلى مؤسسة إقتصادية عظمى كما أن " أيكولوجيا " يتشكل هذا الأقليم بوجود أكثر من 3 مليون مصرى فى حوزتة الجغرافية ألا يمكن بإدارة أقتصادية لمثل هذا الأقليم بما يمتلك من عناصر إقتصادية  أن ينتج سنوياَ مالا يقل عن عشرين مليار دولار !
هذه دعوة مفتوحة لعلمائنا وأساتذتنا فى الإدارة والأقتصاد وعلى نفس المنوال يمكن أستكمال تقسيم مصر على أن تطبق تلك الأقاليم سياسة مصر المركزية ولكن بإدارة لامركزية لتحقيق تنمية شاملة فى كل أرجاء الوطن وهنا يمكننا أن نجعل مصر مؤسسة أقتصادية كبرى أعظم من أية دولة أشرت اليها فى بداية المقال، ونستطيع أن نحول هذا الحلم إلى حقيقة – الواقع أننا فى أحتياج لإرادة سياسية !!  وللحديث بقية....                            
 أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد
[email protected]

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وجزء من

إقرأ أيضاً:

سامح فايز يكتب: هل نحب ما ندرس حقا؟

قبل عقدين تقريبا منعني مكتب التنسيق من الالتحاق بكلية الآداب، في الحقيقة كنت ضعيفا دراسيا، والتحقت بكلية الحقوق، لأنها الكلية الوحيدة في تلك الفترة التي قبلتني.

ثم مضت السنوات وتخرجت بصعوبة بعد سبع سنوات من الرسوب.

أذكر أنني في أحد أيام الامتحانات اكتفيت بكتابة اسمي فقط في ورقة الإجابة، وبالطبع حصلت على صفر في تلك المادة.

وفي أثناء امتحانات الفرقة الرابعة مر أمامي أحد المعيدين المسؤولين عن المراقبة داخل لجنة الامتحانات، فاكتشفت أنّه زميلي عندما كنت في الفرقة الأولى، ويوما ما ذاكرنا سويا.

أنهيت دراسة الحقوق واكتفيت بوضع الشهادة في درج مكتبتي مقررا العمل في أي شيء غير المحاماة، ليس لأنها مهنة أقل، بالعكس، فهي مهنة مقدسة من وجهة نظري، تدافع عن المظلومين وتحفظ الحقوق، لكنني بكل بساطة لم أحبها.

غريبة تلك الكلمة، لم أحبها!

في مصر يتعامل أولياء الأمور مع التعليم كأنّه مسألة آلية لها درجات ثابتة غير متغيرة؛ فجميع الطلاب يجب أن يحصلوا على أعلى الدرجات في جميع المواد بعد أن يدرسوا بنفس الطريقة في كل الفصول كأنهم شىء واحد.

ثم يبدأ الصراع في الثانوية العامة أملا في كليات القمة -الطب أو الهندسة- وما غيرها باطل.

ونسينا أو شغلتنا الحياة أننا لا نشبه بعضنا، وأن ما أحبه أنا ليس من المفترض أن يحبه غيري، وأنّ الطريقة التي تصلح وسيلة للتعليم مع شخص قد تكون شديدة الضرر مع شخص آخر.

على الهامش من تلك الرحلة غير المجدية بدأت التدرب صحفيا أكتوبر 2012، فأحببت فكرة الصحافة، أحببت الكتابة، وأحببت رحلة البحث عن الإجابات التي تلهمنا إياها صاحبة الجلالة.

وتمنيت لو أنني اكتشفت ذلك الحب مبكرا، ربما درست الصحافة أو الإعلام بدلا من تلك السنوات التي أضعتها هدرا في دراسة لا أحبها.

ورأيتني أحب النقد وتحليل الخطاب.

أحبهما ولم أشرف بدراسة تلك العلوم.

فالمؤسسات التعليمية في مصر إلى جوار أولياء الأمور لا يهتمون كثيرا بما نحب، لكن يهتمون بما يرى الناس أنّه الأفضل لنا.

لذلك فالجميع يجب أن يصبحوا أطباء.

أما الصحافة، والنقد، والأدب، والفنون.. أشياء لا يعرفها أولياء الأمور.

حتى إنها أصبحت عقبة تقابلني عندما أكون مضطرا لتعريف نفسي في أي مقابلة سواء داخل مدارس أولادي أو في المؤسسات الحكومية؛ فعندما أخبرهم أنني أعمل كاتبا يتوقفون للحظة مستفهمين، فأضطر لتبسيط المسألة وأخبرهم أنني كاتب قصص، أقول بتبسيط مخلّ: «بكتب حكايات وقصص وكده».

وفي الغالب يكون الرد: «ودي حاجة بتكسب فلوس؟».

يطرحون السؤال في دهشة من فكرة أنّ الكتابة والقراءة ربما تكون مصدر دخل أحدهم، أو بمعنى أدق، أنها لا تصلح لأن تكون مصدرا للدخل من الأساس.

ذلك العالم غير المتزن الذي فرض علينا معاييره يعيش الآن في الماضي، يقف مشدوها أمام الأجيال التي ولدت من رحم منصات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، عاجزا عن فهم أدمغتهم.. لاهثا خلفهم في محاولة استيعاب ما يحدث في جمهورية التيك توك وتطبيقات المشاهدة وأغاني الراب والتراب والتكنو شعبي.

يصف أصحاب تلك التجارب أنهم فشلة وأغلبهم لم ينهِ دراسته مثل أبنائهم الذين حصلوا على الدرجات الكبرى في مراحل التعليم المختلفة.

دون أن يفكر أولياء الأمور ولو للحظة طرح السؤال الأهم على أبنائهم: «هل تحبون دراسة معينة عن غيرها؟».

وهو السؤال الذي طرحته على نفسي قبل عام وأنا على أبواب العقد الخامس: «هل تحب الالتحاق بكلية الآداب وتجديد الحلم؟».

وهو ما حدث بالفعل عام 2024 وأنا الآن طالب بقسم الدراسات الفلسفية بكلية الحقوق جامعة عين شمس أدرس ما أحب، المحزن في المسألة أنّ أكثر من نصف زملائي في القسم لا يحبون دراسة الفلسفة، لا يحبون الوجود في الكلية من الأساس، وبعضهم يملك مشروعه الخاص أو عمله بالفعل.

لكنهم يجيبون إجابة تكاد تكون متطابقة: «إحنا بندرس عشان أهالينا عايزين يشوفوا معانا شهادة».

مقالات مشابهة

  • إختتام برنامج تدريبيية بمؤسسة نماء للتنمية والتمويل الاصغر بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية
  • الحكيم: يمكن تصدير غاز العراق
  • عمر أبو رصاع يكتب .. العفو العام مرة أخرى
  • بلال قنديل يكتب: هذه هي الحياة
  • وزارة الكهرباء بدعم من حكومة حماد تباشر إنشاء محطة بمنطقة دريانة 
  • النائب عيد حماد: جهود مصر وراء استمرار نجاح الهدنة وتسليم المحتجزين
  • عدنان الروسان يكتب .. عناق يصل الى حد الفاحشة
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: التسامح الممنهج
  • بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي في حوار مفتوح مع مؤسسة الفقيه التطواني
  • سامح فايز يكتب: هل نحب ما ندرس حقا؟