بانجول- الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في مقاومته ضد العدوان الإسرائيلي، ودعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري وغير المشروط لإنهاء الحرب على غزة، كانت أبرز مخرجات قمة منظمة التعاون الإسلامي التي اختتمت أمس الأحد في غامبيا.

وتحت شعار "تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار للتنمية المستدامة"، سلطت القمة الخامسة عشرة للمنظمة الضوء على القضايا الراهنة والملحة في القدس الشريف وغزة، في محاولة لصياغة رد إسلامي موحد وفعال، وذلك بمشاركة 57 دولة.

وجاءت القمة التي تحمل بعدا طارئا بعد تجاوز الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 200 يوم، أدت إلى استشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني، نصفهم من النساء والأطفال، وأجبرت ما يقرب من 1.5 مليون مهجر على التجمع في رفح تحت ظروف مأساوية، مع استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة بجانب سياسات التجويع.

إحدى جلسات القمة التي عقدت على مدار يومين (الأناضول) إعلان بانجول

وتبنت القمة في أهدافها تحقيق توافق في الرؤى بين الدول الأعضاء لتعزيز الضغط الدولي ضد الإجراءات الإسرائيلية وتقديم دعم ملموس للشعب الفلسطيني، وخلصت إلى ما سمّي بـ"إعلان بانجول"، كإطار للعمل المشترك وإدانة العدوان الإسرائيلي. وشمل الإعلان خطوات فعالة لدعم فلسطين في المحافل الدولية.

وتضمن "إعلان بانجول"، قرابة 34 مبدأ ومبادرة، تركز 8 منها على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أبرز هذه المبادئ تشمل تأكيد الدعم الكامل لفلسطين في مقاومتها ضد العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية التي تشهدها غزة، مع دعوة قوية للمجتمع الدولي للتحرك الفوري وغير المشروط لإنهاء العدوان.

وأكدت القمة ضرورة تقديم الدعم لفلسطين في نيل الاعتراف الدولي والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وحماية الهوية الإسلامية للقدس الشريف من التهويد، كما حثت القمة على وحدة الفلسطينيين تحت راية منظمة التحرير، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتقديم الإغاثة الإنسانية لغزة، مع التنديد بمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين.

في هذا الإطار وصف عضو جمعية السنة في غامبيا الدكتور هاشم غوماني في حديث للجزيرة نت القمة بأنها تميزت بلون أفريقي بارز تمثل في حضور قوي للقادة الأفارقة، فيما اكتفت الغالبية من الدول الأعضاء الكبرى بإرسال ممثلين فقط.

وأشار غوماني، إلى تصريحات الرئيس السنغالي، بشيرو جوماي فاي، الذي طالب بتعبئة أكثر فعالية من أجل وقف فوري لإطلاق النار في غزة والسعي نحو تحقيق حل الدولتين، كضمان لسلام دائم في المنطقة.

جانب من المشاركين في القمة الإسلامية بغامبيا (الأناضول) مرصد إعلامي

وعلى هامش القمة، أُعلن عن جهود إنشاء مرصد إعلامي لتوثيق جرائم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وإنشاء مرصد قانوني للجرائم الإسرائيلية.

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي، يرى أن هذه المبادرات والدعوات، مع كونها تحمل نوايا حسنة، فإنها لم تترجم بعد إلى أفعال ملموسة تضغط على إسرائيل بشكل فعّال.

ويضيف الشايجي، في حديث للجزيرة نت، أن البيانات الختامية لهذه القمم، مهما بدت جريئة، تبقى في كثير من الأحيان من دون تأثير حقيقي على الأرض، "فلم يُشاهد في مخرجات القمة أي تغيير إستراتيجي في النهج تجاه إسرائيل، كفرض عقوبات سياسية أو اقتصادية جماعية تُحاكي ما قامت به تركيا من مقاطعة حتى يتم إنهاء العدوان".

القمة أكدت ضرورة تقديم الدعم لفلسطين في نيل الاعتراف الدولي (الأناضول) دبلوماسية رمزية

ورغم محاولات إعطاء القمة طابعًا استثنائيًا، يُظهر الإعلان الختامي للقمة أنها لم تخرج عن كونها سلسلة من التصريحات الدبلوماسية الرمزية التي لم تتبعها خطوات فعلية تؤثر في مجريات الأحداث على الساحة الدولية، حسب الشايجي.

ورغم توقيتها اللافت، يرى الخبير في المنظمات الدولية من السنغال الدكتور بشير جوب، أن القمة الإسلامية لم تُحدث ضغطا حقيقيا على الدول الكبرى، بل أوجدت فقط نوعًا من الإحراج الدولي الذي يصعب تحويله إلى تأثير فعّال.

إلا أن جوب، ثمن في حديث للجزيرة نت، المبادرات التي صدرت عن القمة مثل إنشاء مرصد إعلامي وقانوني داخل المنظمة لتوثيق جرائم العدوان الإسرائيلي، معتبرًا إياها خطوات جديرة بالتقدير "إذا كانت ستُستخدم لتأسيس قضايا قانونية مبنية على الأدلة المجمعة".

وانتقد جوب المستوى الحالي للتأثير الذي يمكن أن تحققه القمة، مشيرا إلى أن الدرجة الجريئة التي تُبديها المنظمة حاليًا ربما تكون أقصى ما يمكن تحقيقه في ظل غياب آليات تنفيذية فعّالة.

في حين خلص، المتحدث ذاته، إلى أن إنشاء المرصد الإعلامي والقانوني بمنظمة التعاون الإسلامي يعزز الوعي العالمي ويسهم في تجميع الأدلة لدعم القضايا الفلسطينية دوليًا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العدوان الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله

 

ارتكب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدّو العالم كله، خطيئته العسكرية، أو خطأه العسكري الأوّل، بشنّ حرب عدوانية على اليمن. فقد أخطأ ترامب، من حيث لا يدري، أنه ذهب إلى الحرب ضد شعب اليمن، الذي طالما هزم دولاً كبرى، معتمداً على عدالة قضيته (تعرّضه للعدوان العسكري)، ومستنداً إلى مناعة جباله، وشدة شكيمة شعبه وإيمانه، وحساسية موقعه الاستراتيجي، ولا سيما سيطرته على باب المندب، من جهة، ووجوده الخليجي، في العصر الراهن، المؤثّر في الاقتصاد العالمي، في حالة تهديده لإنتاج النفط، أو خطوط نقله، من جهة أخرى.

فإلى جانب دروس التاريخ المتعدّدة، في مناعة اليمن على السيطرة العسكرية والاحتلال، ثمة تجربة الحرب الأخيرة، التي لم تحقّق انتصاراً، من خلال القصف الكثيف، لسنوات كذلك. أي إن تهديد ترامب، بالتدخل العسكري البرّي، سيواجَه، يقيناً بالصمود، وبمقاومة قاسية، تنتظره حيثما حلّ أو تحرّك.

إذا كان العدوان العسكري الذي شنّه ترامب في 15 /3 /2025، مصيره الفشل، ما لم يتدحرج إلى حرب إقليمية أوسع (هذه لها حساب آخر) في احتمالات الفشل أيضاً، فإن ترامب يكون قد ذهب إلى الاختبار الأقسى لاستراتيجيته التي لم تترك دولة، أو قوّة، في العالم، إلّا عادتها، بشكل أو بآخر، ولا سيما بالتهديد والوعيد، أو بالحرب الاقتصادية، من خلال العقوبات، أو رفع الجمارك، كجزء من الحرب الاقتصادية، والضغوط، بما هو دون استخدام القوّة العسكرية، التي تبقى كمسدس، تحت طاولة المفاوضات.

في الواقع، إن ما يُهدّد به ترامب، في شنّه الحرب على اليمن، لا يمكن اعتباره جديداً، لأن إدارة بايدن وبريطانيا، مارستا القصف الجوّي، والتهديد، من قبل، ولكن من دون نجاح، أو تحقيق هدف العدوان العسكري الجويّ، في التأثير على قدرات اليمن الصاروخية، أو استراتيجيته، المساندة، حتى المشاركة، للمقاومة في قطاع غزة. بل وصل الأمر، بعد كل ذلك، وبعد تهديدات ترامب، إلى توسّع اليمن في دعم المقاومة والشعب في قطاع غزة، ردّاً على سياسات التجويع، ووقف المساعدات الإنسانية. أي الانتقال إلى درجة أعلى وأقوى، في الوقوف اليمنيّ، إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة.

على أن التأكيد أعلاه، على فشل ترامب، في مغامرته العسكرية العدوانية ضد اليمن، لا يعني أن أحداً في اليمن، يمكنه أن يقف متفرجاً، أو شامتاً، وإنما يجب أن يتّحد اليمن كلّه خلف قيادة أنصار الله. بل يجب على الدول العربية، والشعوب العربية، والدول الإسلامية، والشعوب الإسلامية، وكل أحرار العالم، أن يرفعوا الصوت عالياً، ضدّ ترامب وعدوانه، وأن يقفوا، وفي المقدّمة الشعب الفلسطيني وفي طليعته المقاومة والشعب في غزة، إلى جانب اليمن الفلسطيني العربي المسلم، الحرّ الشجاع، القدوة والنموذج.

* كاتب وسياسي فلسطيني

 

مقالات مشابهة

  • سوريا تعرب عن تقديرها للدعم الدولي للحكومة الجديدة
  • بوشناف: نجاح اللجنة الاستشارية في حل الأزمة السياسية مرهون بحجم الدعم الدولي
  • حماس: شعبنا ومقاومته لن ينكسرا أمام العدوان الإسرائيلي
  • نائب رئيس حزب الأمة القومي إبراهيم الأمين: هناك فرق بين القوات المسلحة والحركة الإسلامية
  • حصيلةُ ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة 50.357 شهيدًا
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • حركة الفصائل الفلسطينية: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة وعجز المجتمع الدولي وصمته المشين
  • العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله
  • العدوان الإسرائيلي يغتال فرحة أطفال غزة
  • الخرطوم: الوهج الجاسر