شهدت المعالم الأثرية والتاريخية في اليمن وبشكل خاص المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي عملية تجريف وتدمير ونهب واسعة منذ انقلاب الجماعة تتزعمها مافيا تهريب للآثار تقودها قيادات حوثية.

وفي آخر الاعتداءات وعمليات السطو بحق الآثار، اعتدى مسلحون حوثيون على إحدى المقابر الأثرية في مدينة جبلة التاريخية بمحافظة إب (وسط اليمن).

وقالت مصادر محلية، إن عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي اعتدت على إحدى المقابر الأثرية في مدينة جبلة، للبحث عن "كنوز" تزعم أنها مدفونة في تلك المقابر، ونشبت خلافات بين عناصر المليشيا أثناء عمليات الحفريات واندلعت على إثرها اشتباكات داخلية في صفوفهم.

وتعيد الحادثة إلى الأذهان سلسلة عمليات سطو وعبث ممنهج طالت المواقع والمعالم الأثرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين كان احدثها، إقدام ميليشيا الحوثي الإرهابية على هدم مسجد النهرين التاريخي والأثري المدرج في قائمة التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو الواقع بالقرب من سائلة صنعاء القديمة في صنعاء بذريعة ترميمه وتوسعته.

ويعتبر مسجد النهرين التاريخي الذي شيد في صدر الاسلام ويتجاوز عمره ألفا وثلاثمائة عام، احد ابرز المعالم الأثرية بصنعاء وقد تم توسعته في القرنين الحادي عشر والثالث عشر الهجري.

وفندت مصادر مطلعة، رواية مليشيا الحوثي ودوافعها عن هدم مسجد النهرين الأثري وتحويله إلى رُكام بذريعة ترميمه وتوسعته لانحراف قبلته وبسبب تأثره بالأمطار وانهدم جزء منه، والذي تم هدمه بالكامل بدلا من ترميمه من قبل مليشيا الحوثي ممثلة بهيئة الأوقاف والهيئة العامة للمدن التاريخية التابعة لها.

وأكدت المصادر أن عملية الهدم تمت على خلفية اعتقاد المليشيا ان المسجد فوق مدافن لكنوز عظيمة وجواهر كثيرة بناء على روايات كتب تاريخية عن مدينة صنعاء القديمة ومنها انه في عهد الإمام المتوكل محمد بن يحيى (1844 – 1849) تم حفر صرح مسجد النهرين ووجد في تلك الحفرة تمثال من ذهب في عام 1847م وأن تحت هذا المسجد كنوزاً عظيمة.

ليس هذا فحسب فقد تحدثت تلك الكتب ومنها كتاب تاريخ اليمن المسمى “فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن” للقاضي العلامة عبدالواسع بن يحيى الواسعي عن مدافن وكنوز كثيرة وعظيمة في اماكن عديدة وسراديب مدفونة بمدينة صنعاء القديمة وبساتينها وبالقرب من الجامع الكبير.

وهو ما يفسر تعرض مدينة صنعاء التاريخية وعلى وجه الخصوص المنازل القديمة الواقعة بمحيط الجامع الكبير بمدينة صنعاء القديمة لعمليات كثيرة لحفر انفاق ينفذها عناصر حوثية وبعض الأهالي بحثاً عن الرقوق القرآنية والكنوز الدفينة والآثار القديمة والتاريخية المزعومة التي تغذيها تلك الروايات وأحلام الثراء منذ انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر 2014 حتى العام الجاري.

وحذر باحثون ومهتمون في مجال الآثار من انهيار وسقوط منازل أثرية في صنعاء القديمة جراء كثرة عمليات الحفر الحوثية التي تتعرض لها المدينة والذي بات يهدد سلامة المباني التاريخية والموروث الحضاري لمدينة صنعاء القديمة التي أعلنت "اليونسكو" عام 2015 إدراجها على قائمة التراث العالمي المهدّد بالخطر.

وحمل الباحثون وسكان صنعاء، هيئة المدن التاريخية وسلطة الأمر الواقع "الحوثيين" المسؤولية القانونية الكاملة، كون ما يحدث من خراب وتدمير ونبش وتشويه داخل مدينة صنعاء القديمة يقع تحت اعينهم وفي نطاق اختصاص الهيئة التي لم تحرك ساكنا.

ويتهم مهتمون في مجال الآثار، قيادات حوثية بارزة (تنتمى إلى صعدة)، بتهريب أكثر من 4800 قطعة ومخطوطة أثرية، يعود تاريخها لمئات السنين، إلى كل من إيران ولبنان ودول أخرى بعد سرقتها من متاحف ومواقع أثرية واقعة تحت سيطرة الجماعة، علاوة على استحواذها حتى اليوم على قطع آثار كثيرة، من بينها تماثيل برونزية كبيرة وصغيرة ونقوش وعملات ذهبية وفضية وتمائم نحاسية وألواح حجرية ورؤوس سهام وغيرها.

ومنذ بداية الحرب تشهد أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي والمقابر والحصون والمواقع الأثرية اعتداءات متكررة وحفريات من قبل عصابات مرتبطة بالحوثيين تنشط في مهمة تهريب الآثار والبحث عن المكنوزات.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: مدینة صنعاء القدیمة ملیشیا الحوثی

إقرأ أيضاً:

لماذا تصر المنظمات الأممية على العمل في مناطق الحوثي؟.

ما زالت العديد من المنظمات الأممية والهيئات الدولية العاملة في اليمن، تحجم عن نقل مقارها الرئيسة من صنعاء إلى عدن.

 

وعدن هي المدينة المُعلن عنها عاصمة مؤقتة للبلاد، منذ العام 2015، وتحظى باعتراف أممي ودولي وإقليمي بذلك، حيث اتخذتها السلطة الرئاسية والحكومة الشرعية مقرًّا رسميًّا لها.

 

ووجهت الحكومة اليمنية العديد من الدعوات، التي تُطالب تلك الجهات بنقل مقارها من صنعاء إلى عدن، مع فتح حسابات مصرفية في البنك المركزي اليمني في عدن. 

 

ومع ذلك فإن العديد من هذه المنظمات ظلت مستمرة في أداء عملها من داخل المناطق التي تُسيطر عليها ميليشيا الحوثي، ولم تستجب لدعوات الحكومة الشرعية، رغم الوعود والضمانات بتوفير الأجواء الملائمة لأداء مهامها على أكمل وجه.

 

وأثار ذلك العديد من الشكوك إزاء إصرار هذه المنظمات على البقاء في صنعاء، مع كل الممارسات التعسفية التي تنتهجها ميليشيا الحوثي ضدها، من تحجيم دورهم وفرض الإملاءات عليها، فضلا عن الاستحواذ على المساعدات.

 

ولم يقتصر الأمر على هذا الحدّ، بل وصل إلى اختطاف الموظفين اليمنيين العاملين في هذه المنظمات، وهو ما بدأ مطلع شهر يونيو/حزيران من العام الماضي واستمر في الأشهر التالية بوتيرة ضيقة، إلى أن تجدّد خلال الأيام القليلة الأخيرة بوتيرة عالية ومتصاعدة.

 

وأجبرت عمليات الاختطاف هذه الأمم المتحدة على التعاطي مع القضية بشكل أكثر جدية، إذ أعلنت يوم الجمعة الماضي، تعليق جميع تحركاتها الرسمية في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك حتى إشعار آخر، عازية القرار لضمان سلامة موظفيها بعد أن شنّ الحوثيون حملة اختطافات جديدة على الموظفين في صنعاء.

 

ويلصق الحوثيون بالموظفين المعتقلين تهم التجسس والتخابر مع دول تصفها بالمعادية لها، ما يُرجّح تعرضهم لانتهاكات جسيمة من المتوقع ممارستها عليهم داخل السجون الحوثية.

   

وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان لقطاع الشراكة والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًّا نبيل عبدالحفيظ، يقول: "خلال السنوات العشر الماضية، كانت هناك جهود متواصلة من قبل الحكومة اليمنية لضمان أن تعمل المنظمات الدولية وفقًا لما هو متعارف عليه عالميًّا، بحيث تتواجد على الأقل بفروعها الرئيسة حيثما توجد الحكومة الشرعية".

 

وأضاف عبدالحفيظ، "على مدى هذه السنوات، استمرت عملية انتقال المنظمات إلى عدن، ويمكننا القول إن هناك فرقًا كبيرًا بين الوضع في السنوات الماضية والوضع الحالي، حيث أصبح عدد كبير من المنظمات بالفعل موجودًا في عدن".

 

واستدرك بالقول: "مع ذلك، لا تزال العديد من المنظمات الأخرى تبرر استمرار وجودها في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بحجة أن معدلات الفقر هناك أعلى، وأن احتياجات المواطنين في تلك المناطق أكبر".

 

وأكد عبدالحفيظ: "أصبح الوضع في صنعاء غير آمن، خاصة مع استمرار الميليشيات في تهديد الملاحة الدولية والقيام بضربات تؤدي بدورها إلى ضربات مضادة من قبل القوى الدولية؛ مما يجعل صنعاء بيئة غير آمنة للعمل".

 

 وكشف المسؤول اليمني أن "الميليشيا الحوثية تمارس ضغوطًا على المنظمات الدولية، ما يؤدي إلى انحراف عملها عن أهدافه الإنسانية، فبدلًا من تقديم المساعدات للمحتاجين، يتم توجيه جزء كبير منها لصالح ما يُسمى بـ(المجهود الحربي) للحوثيين، أو لصالح منظمات تابعة لهم، ما يجعل هذه الجهود غير مثمرة على أرض الواقع لصالح المواطنين اليمنيين المحتاجين".

 

وأشار إلى أنه "منذ يونيو حزيران الماضي، تصاعدت وتيرة عمليات اختطاف الموظفين الأمميين التابعين للمنظمات الدولية على يد الميليشيات الحوثية، حيث استمرت هذه العمليات لتشمل دفعات جديدة من المختطفين".

 

وأضاف أن "هذا الأمر يضع موظفي المنظمات الدولية في خطر داهم، مما يجعل استمرار عمل هذه المنظمات في صنعاء مجازفة كبيرة بحياة موظفيها".

 

وأكد أنه "في ظل هذه التطورات، لم يعد أمام المنظمات الدولية أي مبرر للاستمرار في صنعاء"، لافتًا إلى أن "بعض المنظمات بدأت بالفعل في سحب أرصدتها من البنوك في صنعاء، تمهيدًا لهذه الخطوة".

 

بدوره، يقول وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي: "يُفضّل بعض الموظفين الدوليين العمل من داخل صنعاء، ويبدو أن لديهم ارتباطات بشكل أو بآخر مع جماعة الحوثي، كما أن الحوثيين عمدوا إلى تصفية الكوادر المؤهلة واستبدالهم بعناصر موالية لهم أو حاصلة على تزكية أمنية من الميليشيا".

 

ولفت الشرمي، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه "من بين النقاط المثيرة للجدل أيضًا، موقف المنسق المقيم للأمم المتحدة، حيث صمّم على البقاء داخل العاصمة المحتلة صنعاء والتعاون مع ميليشيا الحوثي".

 

وأضاف الشرمي: "كما شهدت العلاقة بين المنظمات الأممية والموظفين الدوليين العاملين في اليمن العديد من التجاوزات المشبوهة، بما في ذلك تهريب عناصر تابعة لإيران والحرس الثوري الإيراني عبر رحلات خاصة بالأمم المتحدة، بعلم بعض قيادات المنظمات الدولية العاملة في صنعاء".

 

ونوه المسؤول اليمني إلى أن "هناك الكثير من التفاصيل التي يجب كشفها خلال هذه الفترة، خاصة مع بدء الأمم المتحدة في تبني موقف أكثر وضوحًا تجاه ممارسات ميليشيا الحوثي بحق موظفيها"، مؤكدًا أن "الوقت الآن هو وقت الوضوح".

 

ويعتقد الشرمي أنه "منذ قدوم إدارة ترامب وتصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية أجنبية، بدأت الأمم المتحدة في التفاعل مع هذا التوجه الأمريكي من خلال تعليق بعض أعمالها في صنعاء".

 

وشدد بقوله: "ويجب علينا في المرحلة القادمة منع أي محاولات من قبل اللوبيات الدولية المتعاونة مع إيران، لإيجاد استثناءات تتيح استمرار عمل هذه المنظمات من داخل صنعاء".

 

وأوضح أن ذلك "يُعرّض الجهود الإنسانية للاستغلال من قبل جماعة الحوثي، ويمنع المنظمات من العمل وفقًا للأهداف المرسومة لها من قبل المانحين والداعمين، بل وحتى وفقًا للمعايير العامة للأمم المتحدة".

مقالات مشابهة

  • مركز حقوقي: ما تقوم به مليشيا الحوثي بحق الإعلامية سحر الخولاني وأفراد أسرتها نوع من العقاب الجماعي
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • مليشيا الحوثي تُجبر وجهاء آل مسعود على حضور دورات طائفية
  • لماذا تصر المنظمات الأممية على العمل في مناطق الحوثي؟.
  • تدشين المسابقة العلمية الثالثة بين طلبة الجامعات اليمنية
  • تدشين حملة رقابة وتفتيش على محلات بيع اللحوم في صنعاء القديمة
  • صنعاء القديمة.. حملة رقابة وتفتيش على محلات بيع اللحوم
  • السويد تدعو مليشيا الحوثي إلى الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات
  • اعتداءات مستمرة.. إصابة 14 لبنانياً جراء غارة صهيونية على النبطية
  • مليشيا الحوثي تمنى بخسائر إثر إفشال محاولات تسلل لها واستهداف مواقعها في مأرب