كيف استغلت مواهب سوريا الشابة موسيقى الدراما التصويرية في العبور إلى عالم الشهرة؟
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
خلال سنوات الازدهار للدراما السورية، حققت الموسيقى التصويرية وأغاني الشارات انتشارا واسعا وصنعت قيمة مضافة كرست نجاح تلك الأعمال.
في موسم دراما رمضان 2023، تحققت المعادلة مجددا في مسلسل "الزند" عندما حققت أغنية شارته التي أدّتها مها الحموي، والموسيقى التصويرية، وحتى الأغاني الداخلية التي أدّتها سارة فرح، نجاحا باهرا لأنها أتت كثمرة بحث عميق عمّا يشغف المنطقة الجغرافية التي تدور فيها قصة المسلسل، وكانت النتيجة بالعتابا والمواويل.
هكذا، لعب التدوير العصري لعتابا وأغانٍ أدّاها مغنٍ شعبي اسمه برهوم رزق إلى حصد شعبية كاسحة، خاصة أن العمل يتكئ على نجم بحجم تيم حسن.
صاحب المنجز الموسيقي ذاك كان خرّيج المعهد العالي للموسيقى في دمشق عام 2012 آري جان سرحان، والذي جرّب سابقا في مناسبات عدة الابتكار من خلال آلة البزق التي يعزف عليها، كما بحث في التراث السوري الغني بما فيه من مكونات عربية وسريانية وكردية، واستوحى من الواقع السوري الأليم بالاتكاء على ما يحمله السوريون من تنوع، وما عايشوه من مآسٍ وخصوصا في السنوات الأخيرة.
كما صاغ موسيقى تصويرية لأعمال درامية محلية صار عددها 11، ومجموعة من الأغاني، اشتغل مع جيل شاب ومغنيات ناشئات وأنجز لأصالة نصري أيضا، لكنّ لحظة تتويجه المهني كانت في شارة مسلسل "الزند" وحملت عنوان "رفاق الدرب".
أعاد المخرج سامر البرقاوي في الموسم الأخير تعاونه مع سرحان ليؤلف الموسيقى التصويرية لمسلسل "تاج"، فكان قرار الفنان السوري بالابتعاد عن خيار الأغنية في الشارة، والاكتفاء بالموسيقى كي لا يحدث أي مقارنة مع "الزند" باعتبار أن المقترح الدرامي يختلف جذريا، لكنّه اختتم جهده الموسيقي بإعادة توزيع للموّال السبعاوي الشهير "الشام لولا المظالم" للمغني الشعبي تيسير السقا "أبو رياح"، والذي غنّته سارة درويش ليتصل معه نشيد "في سبيل المجد" للشاعر الراحل عمر أبو ريشة، لكن بتوزيع جديد للموسيقي الشاب الذي يعتني بالمقال النقدي أكثر من اهتمامه بأي محتوى إعلامي قد يواكب عمله.
ولدى سؤال آري جان سرحان عمّا إذا استطاعت الدراما السورية صناعة هوية للموسيقى التصويرية أم أنها ما زلت تقلّد وتستفيد من تجارب مكرّسة، أجاب "كانت للدراما السورية دائما هوية موسيقية، لأن لدينا أساتذة كثيرين اشتغلوا في السنوات الماضية، ونحن نحاول أن نسير على خطاهم، وبما أنه يوجد جيل جديد يُفترض أن يكون التطور موجودا، والغاية صناعة موسيقى وهوية سمعية لكل عمل نشتغله، لكن لا يوجد نظام واحد عملنا عليه إنما هناك الكثير من الأسماء الواعدة التي قدّمت موسيقى خلاقة".
من جانب آخر، بات واضحا للجمهور أن المخرج سامر برقاوي والنجم تيم حسن وشركة "الصباح" هم فريق واحد ينتج مسلسلا رمضانيا بشكل سنوي، ويبدو أن سرحان انضم إليهم كمؤلف موسيقي، لكن هل العمل ضمن منطق الفريق يعتبر حالة مثمرة أم أنه فرصة للاتهام بـ "الشللّية"؟
يرد المؤلف الموسيقي السوري بالقول "باعتقادي أي شراكة ستؤدي إلى نتائج جيدة، ولا يمكن أن تكون "شللية" بقدر ما هي تفاهم وانسجام مهني، لأن الشغل المستمر مع الفريق يعمّق نقاط الالتقاء، ويوَضح الصيغ النهائية التي يمكن أن يظهر المشروع بطريقة مميزة ومختلفة، لذا فإن تكرار الشراكة سيصنع تحديا أكبر، بسبب الرغبة والبحث عن شيء جديد".
ولدى الحديث عن تجاربه الموسيقية التصويرية، والتي لم تحقق الأثر الذي أنجزه في "الزند"، وإن كان هذا النجاح تأخر، فرد سرحان "على العكس، لأنه عندما نريد قطف ثمرة عمل ما، فإنّ ذلك يحتاج إلى فترة زمنية معينة، وبالنسبة لي هي تلك الـ10 سنوات منذ تخرجي من "المعهد العالي للموسيقى" والآن تبدو وكأنها الفترة الطبيعية التي يجب أن نظهر فيها إلى الجمهور. ثم إن الموسيقى التصويرية جزء من عمل شامل، ويجب أن يكون هذا العمل مكتمل الجوانب ومتماسك المعالم، انطلاقا من النص إلى الإخراج ومن هم الأبطال، ثم رؤية شركة الإنتاج في تقديم رؤيتها.. وسط ترابط تلك العناصر ظهر دوري وطُرِح اسمي وبدأ بالتداول".
مع ذلك يبقى كعب النجاح أعلى في "الزند" من وجهة نظر نقدية مختصّة، وتحديدا على المستوى الموسيقي، "لا أريد الحديث عن النجاح، لأنه يخص الجمهور الذي يتلقى المادة. كل ما يمكنني قوله إنني أتعاطى مع المادة الموسيقية بكل صدق، وهذا ما حصل في "الزند" وفي "تاج" هذا العام، وقد حاولت بالاتفاق مع مخرج العملين وضع أغنية شارة في الأوّل، أما في الثاني، فكان الاتفاق أن يكون مجرّد موسيقى فقط من دون أغنية علما بأن تتحول الموسيقى إلى تريند أمر لا يحدث عادة، وبالتالي كان هناك شبه تحدٍّ أن تناسب الموسيقى المرحلة الزمنية والصورة، والقصة التي يقّدمها المسلسل وفي الحلقة الأخيرة جرّبنا تتويج جهدنا بإعادة إنتاج موال: "بلاد الشام لو لا المظالم" متصلاً مع نشيد "في سبيل المجد".
وعن الهدف من التعاون مع مغنيات شابات مثل مع مهى الحموي في "الزند" أو مع سارة درويش في "تاج"، يقول سرحان "مجرّد البحث عن أصوات مختلفة وإعطاء فرصة للشباب يعد أمرا مهما، ولكن الكل يعرف واقع سورية وانعدام شركات الإنتاج الموسيقية والغنائية فيها، لتبقى الدراما بالنسبة لنا هي المساحة الوحيدة الغنية التي نستطيع من خلالها تعريف الجمهور العربي أو السوري على أصوات جديدة".
ويضيف، "عندما قمت بانتقاء مها الحموي لشارة "الزند" لم يكن على أساس دراستها الأكاديمية فقط، بل لأنها أيضا من تلك المنطقة التي حاكتها الدراما، وتجيد العتابا بشكل ممتاز لذا كان هذا الخيار. وعندما غنت سارة درويش الموال في "تاج" لأنه يشهد لها في الوسط السوري والعربي وبصوتها الجميل جدا، لكن تبقى هذه الإطلالات ضمن محاولتنا البحث عن الصوت المناسب للعمل، هذا الشيء أكثر من بحثي عن الموهبة لأني لست شركة إنتاج أستغل هذا النجاح وأتبناه كمشروع، لكن إذا وجدت فرصة لإنتاج ألبوم لها أحب أن أشاركها بلحن أو أقدم لها توزيعا".
"من ناحيتي أبدي استعدادي الدائم مع كل من يعمل معي لأكون بجانبه على كل المستويات المهنية" يشرح سرحان، ثم يستطرد بما يشبه الخلاصة التي تفيد بأن "مبادرتنا تختصر في جعل هذه الأصوات تُسمع، لأنها أصوات أكاديمية ومثقفة ومحترفة، ولكن لكي نصنع تجربة غنائية سورية فنحن بحاجة إلى شركات إنتاج وطنية".
أما عن رأيه فيما يخص بعض القرارات المتعلقة بالمعهد العالي للموسيقى والتي تنص على أن أي طالب من السنوات الأولى يطرح أغنية في السوق دون إذن إدارته يتم فصله، فيقول "بالنسبة لي ليس لدي أي علاقة بالمعهد الموسيقي، لكنني أدرس في "المعهد العالي للفنون المسرحية" وتواصلي ينحصر على طلاب التمثيل المتذوقين للموسيقى، وعندما أريد التحدث عن المعهد العالي للموسيقى أحتاج إلى 6 مقابلات وأفضل عدم الحديث عنه، لا توجد لدي أي مشكلة، لكن هذه القوانين الخاصة به أعتقد أنها ليست من اختصاصي لأتحدث عنها".
ولدى سؤاله عن رأيه -كموسيقي- بالأكاديمية الموسيقية الرسمية في سوريا وقراراتها، شرح "المعهد العالي للموسيقى هو أهم أكاديمية موسيقية في بلادنا، وليس لدي مشكلة مع قوانينها، ولا يحق لي إدلاء الرأي في مثل هذا القانون إن كان موجودا. لأن مجلس الإدارة هو من يضع القوانين بناء على رؤية محددة، ولأكون موضوعيا يفترض بالطالب في سنواته الأولى التركيز على دراسته فقط، لأنه قادم من خلفية ليست أكاديمية، لذا عليه الاهتمام في معطيات دراسته، وفهمها أكثر، وينغرس في كل التفاصيل الموجودة في المعهد".
وختم سرحان، "من واجبنا كخريجين من هذه المؤسسة أن نكون على صلة معها ومع أساتذتها والموسيقيين بشكل عام، ونحاول تطوير الحالة الموسيقية في سوريا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الموسیقى التصویریة
إقرأ أيضاً:
أكرم حُسني: أشعر بالذنب تجاه أعمالي الفنية.. وأذهب لطبيب نفسي
حل الفنان المصري أكرم حسني، ضيفاً على أحدث حلقات برنامج "حبر سري"، تقديم أسما إبراهيم، حيث كشف أسراراً عن حياته الشخصية والفنية، مشيراً إلى وجود شعور بالذنب يتملكه دائماً دفعه للمتابعة مع طبيب نفسي، فضلاً عن رده على مسألة ضلوعه في طلاق زوجة شاعر شهير، وغيرها.
قال أكرم حسني، إنه دائم الشعور بالذنب بشأن الأعمال الفنية التي يقدمها، وإحساسه دائماً بالتقصير، بقوله: "لو فيه أي عمل مظهرش بشكل كويس بشعر بالذنب إني قصرت وأجلد في ذاتي، وهذا الأمر دفعني للمُتابعة مع طبيب نفسي".
كما عبر حُسني، عن شعوره بالتقصير تجاه أطفاله بسبب تصوير الأعمال الفنية التي يستغرق فيها وقتاً طويلاً والتي غالباً ما تكون بعيدة عن منزله.
وحول اتهام طليقة شاعر شهير له بالضلوع في طلاقها، رد أكرم حسني بأنه يحترم خصوصية حياة الآخرين، ويرفض إطلاقاً التدخل فيها.
وأوضح حسني، أنه ليس له علاقة إطلاقاً بطلاق صديقه، رافضاً الحديث عن هذه المسألة، بقوله: "لا أحب الحديث في هذه الأمور، أو الرد فيها، لأنها أمور تخص البيوت، وربنا يستر بيوتنا وأعراضها، ويخلي الحاجات داخل البيت ما تطلعش برة، وأنا لا ظلمت ولا اتظلمت ولا أريد الحديث في هذه القصة".
نفى حسني، وجود أي خلافات بينه وبين المخرج شريف عرفة، مؤكداً أن ما حدث بينهما كان مجرد اختلاف في وجهات النظر وليس خلافاً شخصياً.
وعن ذلك يقول أكرم: "لا يصح أن أختلف مع أستاذ بقيمة واسم شريف عرفة، لكنه كان قد رشحني لفيلم وسألته عن دوري، فقال لي: دورك الآن أن تنتظر حتى نهاية كتابة السيناريو، وسأرسله لك فور الانتهاء منه لتدوين ملاحظاتك عليه".
وأضاف حسني أنه بعد استلام السيناريو، وجد بعض الملاحظات التي طرحها على شريف عرفة، لكنه لم يتفق معه في وجهة نظره، مما أدى إلى عدم إكمال المشروع، مشيراً إلى أن الاختلاف كان فنياً.
وحول اعتذاره عن هذا العمل، لفت أكرم حسني، إلى أنه لم أشارك في الفيلم لأنه اعتاد على تقديم الأدوار التي يشعر بها، ولم يكن متأكداً من قدرته على أداء هذا الدور بالشكل الذي يرضيه.
أبدى أكرم، رغبته في التوسع بمجال كتابة الأغاني، وأن يكون لديه مساحة كبيرة في هذه الصناعة، واصفاً الأمر بأنه أشبه بزراعة البذور وروايتها وإظهارها في النهاية.
وعن ذلك يقول: "إن يجيلك فكره تكتبها، مهم توفر لها مساحة أكبر، المشكلة عندي أنه لا يوجد وقت يسمح بذلك، أنا أحب جداً مجال الأغاني وفي حال لدي وقت سأقدم أعمالا جيدة".
شدد أكرم على أن طريقة النشأة والتربية تلعب دوراً أساسياً في تشكيل شخصية الإنسان، وقد تتطلب الضغوط والتحديات اليومية التوجيه العلمي الصحيح لفهم الذات والتعامل مع الحياة بتوازن.
ووصف حسني، مسلسله "بابا جه" يُعد عملًا مهماً، لأنه يتناول قضية التربية وتأثيرها على الطفل، كونه يناقش كيف يمكن للنشأة أن تؤدي إلى تكوين شخص صالح أو شخص سيء، مُشدداً على أن دور الأسرة هو الأساس في تشكيل شخصية الأبناء وتوجيههم نحو الطريق الصحيح.
وأوضح أكرم حسني، أن السوشيال ميديا ليست بالضرورة معيارًا دقيقاً للحكم على الأمور، لكنها قد تكون مؤشراً أو جزءًا من رأي الجمهور.
وعما يُنشر فيها، قال إنه لا يصدق كل ما يُنشر على هذه المنصات، ودائماً ما يسعى للتأكد من المنشور.
عبر الفنان أكرم حسني عن سعادته البالغة بإشادة الإعلامية هالة سرحان بمسلسله "الكابتن"، وأنها ترى أنه من أعظم نجوم الكوميديا في مصر.
وقال أكرم: "هالة سرحان أستاذتنا، وشهادة كبيرة إنها تقول رأيها في مسلسلي".
من جانبها، كشفت الإعلامية أسما إبراهيم، عن تلقيها اتصالاً من هالة سرحان قبل دخولها البلاتوه، حيث أخبرتها بأنها تتابع مسلسل "الكابتن" بحماس، وأبدت إعجابها الشديد بأداء أكرم حسني، مطالبة بتوجيه تحية خاصة له.