كييف- الضربات الروسية على مختلف المقاطعات الأوكرانية حدث يومي يقل أو يزيد بحسب الأسباب والظروف، لكنه لا يتوقف منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكن اللافت مؤخرا أن الضربات تركز على مقاطعتي خاركيف شرقا وأوديسا جنوبا بوتيرة وبكثافة دمرتا معظم مرافق بنيتها الحيوية.

فعلى الحدود مع خاركيف تستمر روسيا منذ شهور بحشد أعداد كبيرة من الجنود، قريبا من مدينة كوبيانسك الإستراتيجية التي حررتها أوكرانيا إلى جانب مدن عدة وبلدات في سبتمبر/أيلول 2022.

وبحسب المتحدث باسم مديرية الاستخبارات في وزارة الدفاع الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، فإن روسيا حشدت هناك 35 ألفا من جنودها، وتخطط لزيادة العدد إلى 50 أو 70 ألفا، مع إمكانية إضافة 15-20 ألفا آخرين يتم تدريبهم.

هذه الأعداد -بحسب سكيبيتسكي- ليست كافية للاستيلاء على خاركيف (ثاني أكبر مدن أوكرانيا)، لكنها كافية لشن "عملية دخول وخروج" في خاركيف وسومي المجاورة، وهي متوقعة في أواخر مايو/أيار الجاري أو أوائل يونيو/حزيران المقبل.

جانب من نتيجة قصف استهدف بشكل مباشر مبنى فندق في وسط خاركيف مطلع العام الجاري (الجزيرة) نموذج حلب

وبحسب مسؤولين وخبراء عسكريين، فإن الهدف من الهجوم على خاركيف لن يكون السيطرة عليها فعلا، بل التخريب والاستطلاع وتحويلها إلى "منطقة رمادية" تخفف الضغط الأوكراني على بيلغورود الروسية وجبهات إقليم دونباس.

ويوضح ذلك الخبير العسكري دينيس بوبوفيتش في حديث مع الجزيرة نت، مؤكدا أن خاركيف أصبحت مصدر صداع للروس، لأنها كسرت شوكتهم في بداية الحرب، وباتت نقطة انطلاق للصواريخ والمسيّرات ضدهم في العمق، خاصة نحو منطقة بيلغورود المجاورة.

ويضيف أن "السيطرة على خاركيف ليست سهلة، فهي تحتاج إلى أضعاف تلك الحشود الموجودة، وهذا أمر يستغرق أكثر من سنة، حيث يريد الروس الانتقام من مقاومة المدينة لهم، وتحويلها إلى منطقة رمادية بتخريب قدراتها الدفاعية والهجومية، وبالتالي تخفيف الضغط عليهم في جبهات دونيتسك التي يتقدمون فيها ببطء مكلف للغاية".

وفي هذا الإطار، قال إيهور تيريخوف عمدة مدينة خاركيف إن "جعل خاركيف غير صالحة للسكن هو أحد أهداف المعتدي، الروس يريدون تحويل خاركيف إلى حلب السورية بعد أن استعصت عليهم"، في إشارة إلى الضربات الصاروخية وضربات المسيّرات شبه اليومية التي تنشر الدمار على نطاق واسع في المرافق الحيوية والمباني السكنية بكل الأحياء.

القصف الروسي طال جميع مرافق البنية التحتية في خاركيف (الجزيرة) لماذا أوديسا؟

ورغم أن أوديسا بعيدة عن إمكانية الاجتياح فإنها -بحسب خبراء- من أكثر المقاطعات التي "توجع" الروس في البحر الأسود جنوبا، ولا سيما بعد أن استعصى عليهم حصارها.

ويظهر ذلك من خلال الموانئ التي عادت إلى العمل دون رقابة روسية والمسيّرات التي تنطلق منها (كما تقول موسكو) ودمرت سفنا عدة تابعة للأسطول الروسي في البحر.

وهذا يفسر جانبا من الاهتمام الروسي بضرب أوديسا، لكن الخبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل" إيهور تيشكيفيتش ينظر إلى الأمر من زوايا أخرى، ويقول للجزيرة نت إن "أوديسا هي ثالث أكثر 3 مدن تهم روسيا بعد كييف وخاركيف، فهي بالنسبة لهم رمز تاريخي للوجود والانتصار على الغرب في الحرب العالمية الثانية".

وأضاف أن أوديسا أيضا بوابة أوكرانيا الوحيدة على البحر الأسود حاليا، وفرصة الروس للسيطرة على شماله بالكامل تقريبا إذا حُيدت عن المشاركة في العمليات العسكرية ضدهم.

حلول كييف

الحل بالنسبة لأوكرانيا يمكن في توفير أنظمة الدفاع الجوي الأميركية الفعالة "باتريوت"، وتسريع وصول طائرات "إف 16" التي يتدرب عليها الأوكرانيون.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال منتقدا بطء الدعم الغربي إنه "لا توجد أي تفسيرات عقلانية لغياب نظم "باتريوت" عن سماء خاركيف رغم أن العالم يمتلك أعدادا كافية منها"، ملمحا إلى حاجة بلاده لوجود 25 نظام باتريوت مع 6-8 قاذفات لكل منها من أجل حماية كامل سماء أوكرانيا.

وبحسب الخبير في مركز "مقاومة العملومات" أولكسندر كوفالينكو، "من غير المرجح أن يحل نشر باتريوت مشكلة الهجمات الصاروخية، خاصة في ظل وجود صواريخ "إس 300″ التي تمتلك روسيا آلافا عدة منها، وفي هذه المرحلة قد يكون اعتراضها مكلفا للغاية نظرا لمحدودية إمدادات الصواريخ الاعتراضية".

دمار لحق بأحد المباني السكنية في حي سالتوفكا شمال شرق مدينة خاركيف (الجزيرة)

لكن رئيس مركز الدراسات العسكرية أولكسندر موسينكو يرى أن الأمر لن يكون سهلا في خاركيف حتى وإن توفرت تلك الأنظمة، موضحا في حديث مع الجزيرة نت "نظام باتريوت واحد مع 8 قاذفات سيكون كافيا لخاركيف، خاصة إذا غطى التجمعات السكنية المتوسطة والصغيرة".

ويتابع "هذه النظم يجب أن تبقى مفعلة، وقربها من الحدود الروسية سيجعلها هدفا ضعيفا، لذلك تبقى في الأمر ثغرة، فمن الضروري إيجاد توازن بين تغطية سماء خاركيف وعدم تعرض نظم الدفاع الجوي نفسه للخطر".

وبحسب موسينكو، فإن الدفاع عن خاركيف يجب أن يشمل عناصر عدة، أبرزها عمليات جديدة ينفذها من سماهم "المتطوعين الروس" داخل روسيا، ونقل الحرب إلى أراضي منطقة بيلغورود وتدمير قدراتها العسكرية والبنية التحتية فيها، واستهداف المطارات العسكرية والطرق اللوجستية، ثم يأتي بعد ذلك -وفقا له- دور منظومة الدفاع الأميركية "باتريوت" لحماية سماء أوكرانيا من الهجمات الروسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

أكدت إسقاط 57.. أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 طائرة دون طيار

أكدت القوات الجوية الأوكرانية اليوم السبت، أن روسيا أطلقت هجوماً بـ 113 طائرة دون طيار، خلال الليل، وأنها أسقطت 57 منها، في حين لم تصل 56 أخرى لأهدافها، بسبب التشويش الإلكتروني عليها.

وقالت القوات الجوية إن روسيا أطلقت أيضاً صاروخاً من طراز إس-400 على وسط أوكرانيا، لكنه لم يسفر عن أضرار.

The moment of a Russian ballistic missile strike on the center of Kyiv this morning. pic.twitter.com/bjjmq93IxJ

— KyivPost (@KyivPost) December 20, 2024

وتشن موسكو هجمات شبه يومية على أوكرانيا بعشرات الطائرات دون طيار  لاستنزاف دفاعاتها الجوية.


مقالات مشابهة

  • روسيا تصف بيع الغاز إلى أوروبا بالمعقد مع قرب انتهاء اتفاق مع أوكرانيا
  • الجزيرة تكشف مقبرة جماعية بحمص وتلتقي شهودا أشرفوا على دفن المعتقلين
  • «س وج».. كل ما تريد معرفته عن تقييمات أولى وثانية ابتدائي
  • كيف تستخدم أوكرانيا تكتيكات الموساد لملاحقة الروس؟
  • أوكرانيا تتهم روسيا بإعدام أسرى حرب
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • أوكرانيا تنقل الحرب إلى "قلب" روسيا
  • أوكرانيا تقصف منطقة في عمق روسيا
  • روسيا تهاجم أوكرانيا بمئات المسيّرات
  • أكدت إسقاط 57.. أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 طائرة دون طيار