تطوير مجهر بدقة قياسية.. يرى أوضح بـ30 مرة أجزاء البكتيريا
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
عادة ما يكون الفحص المجهري بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة منخفض الدقة، مقارنة بالتقنيات الأخرى مثل المجهر الفلوري فائق الدقة. فالمجهر الفلوري يتجاوز حد حيود الضوء (أصغر مسافة يمكن تحديدها بين نقطتين في الصورة)، مما يسمح بتصوير الهياكل البيولوجية بدقة أعلى بكثير، ويحقق دقة تصل إلى عشرات النانومترات (1 نانومتر يمثل واحد على مليون من المليمتر)، أما الفحص المجهري بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة فيقتصر على نحو 3 ميكرومترات (1 ميكرومتر يمثل واحد على ألف من المليمتر)، وهي المشكلة التي تغلّب عليها باحثون من جامعة طوكيو اليابانية ونجحوا في تعزيز دقته لتصل إلى 120 نانومترا، مما مكّنهم من رؤية أوضح بـ30 مرة للأجزاء الداخلية من بكتيريا "الإشركية القولونية".
ويهدف الفحص المجهري بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة إلى تحليل العينات بناء على تفاعلها مع الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، فيستخدم مجهرا مزودا بمصدر ضوء الأشعة تحت الحمراء وكاشف لتحليل العينات. وتتفاعل الأشعة تحت الحمراء مع العينة مما يسبب اهتزازات جزيئية مميزة للروابط الكيميائية المختلفة الموجودة بها. ومن خلال قياس امتصاص أو انعكاس ضوء الأشعة تحت الحمراء بواسطة العينة بأطوال موجية تصل إلى 3 ميكرومترات، يمكن الحصول على معلومات مفصلة عن تركيبها الكيميائي وبنيتها.
رسم توضيحي لبكتيريا تُضاء بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة الجديدة (نيتشر فوتونكس) 5 مزايا حركت جهود التطويرواهتم الباحثون بتطوير تلك التقنية على الرغم من أن المجهر الفلوري فائق الدقة يتيح دقة أعلى، وذلك لعدة أسباب ذكرها الباحثون في الدراسة المنشورة بدورية "نيتشر فوتونكس"، وهي:
أولا: يتمتع الفحص المجهري بالأشعة تحت الحمراء بالقدرة على تصوير الهياكل الخلوية دون الحاجة إلى وضع علامات على العينات أو إتلافها، بينما يتطلب الفحص المجهري الفلوري فائق الدقة ذلك، وهذه العلامات يمكن أن تكون مواد سامة للعينات في بعض الأحيان وتغير سلوكها الطبيعي. ثانيا: يوفر معلومات هيكلية وكيميائية عن العينات التي تُدرس، وهذا يمكن أن يكون ذا قيمة لا تقدر بثمن في البحوث البيولوجية، ويمكن أن يوفر فهمُ التركيب الكيميائي للمكونات الخلوية نظرة ثاقبة عن وظيفتها وسلوكها. ثالثا: يسمح بتصوير الخلايا الحية دون الحاجة إلى ظروف قاسية مثل وضع العينات في الفراغ (أي إزالة الهواء أو أي غازات أخرى من البيئة المحيطة بالعينة)، وهذه القدرة ضرورية لدراسة العمليات البيولوجية الديناميكية في الوقت الحقيقي. رابعا: يمكن لضوء هذه الأشعة اختراق العينات البيولوجية بشكل أعمق مقارنة بالضوء المرئي المستخدم في الفحص المجهري الفلوري، ويتيح هذا الاختراق الأعمق تصوير عينات أكثر سمكا، مثل الأنسجة أو الأغشية الحيوية. خامسا: التطبيقات الأوسع لهذه التقنية، فبينما يتفوق الفحص المجهري الفلوري فائق الدقة في بعض التطبيقات مثل تصوير هياكل محددة ذات علامات محددة بدقة عالية، فإن هذه التقنية لها مكانتها في التطبيقات التي تكون فيها المعلومات الكيميائية وعدم التدخل الجراحي وتصوير الخلايا الحية ذات أهمية قصوى. فعلى سبيل المثال يمكن استخدامه لدراسة التمثيل الغذائي الخلوي والتفاعلات الدوائية وعلم الأمراض بطرق لا يستطيع المجهر الفلوري إجراءها. ماذا فعل الباحثون لتطوير التقنية؟من أجل تطوير تقنية الفحص المجهري بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة حتى تحقق دقة عالية تكتمل معها المزايا، أعلن الباحثون عن مجموعة من التدخلات التي نفذوها في دراستهم، بما مكنهم من رؤية أوضح للهياكل الداخلية من بكتيريا "الإشركية القولونية".
ووفق الدراسة، عمل الباحثون على ما يلي:
أولا: استخدم الفريق البحثي تقنية تسمى "الفتحة الاصطناعية"، والتي تتضمن الجمع بين عدة صور مأخوذة من زوايا مضيئة مختلفة لإنشاء صورة شاملة أكثر وضوحا، وتعمل هذه الطريقة على تحسين دقة وتفاصيل الصور الملتقطة بواسطة المجهر. ثانيا: معالجة امتصاص الضوء، ففي المعتاد يتضمن الفحص المجهري للأشعة تحت الحمراء المتوسطة وضع العينة بين عدستين، مما يمتص عن غير قصد بعضا من ضوء الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وهو ما يقلل من جودة الصورة، وللتخفيف من هذه المشكلة وضع الباحثون العينة -وهي بكتيريا "الإشريكية القولونية"- على لوح سيليكون يعكس الضوء المرئي وينقل ضوء الأشعة تحت الحمراء، وسمح لهم هذا التدخل باستخدام عدسة واحدة، مما أدى إلى تحسين إضاءة العينة والحصول على صور أكثر تفصيلا.ويقول الأستاذ بمعهد علوم وتكنولوجيا الفوتون بجامعة طوكيو "تاكورو إيديغوتشي" والباحث الرئيسي بالدراسة، في بيان نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: إن "الدقة المحسنة للمجهر تفتح إمكانيات لمختلف مجالات البحث، وخاصة في العلوم الطبية الحيوية، فعلى سبيل المثال يمكن أن يساعد في دراسة مقاومة مضادات الميكروبات، وهي قضية عالمية ملحة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن إجراء المزيد من التحسينات على هذه التقنية -مثل استخدام عدسات أفضل وأطوال موجية أقصر للضوء المرئي- يمكن أن يدفع الدقة المكانية إلى أقل من 100 نانومتر، مما يتيح مراقبة أكثر وضوحا لعينات الخلايا".
فحص الأجزاء الداخلية للبكتيريا بالتقنية الجديدة يفيد في فهم أسباب مقاومتها للعلاج (أدوب ستوك) دراسات إضافية تمهد للبعد التطبيقيولا يزال البعد التطبيقي لهذا التطوير يحتاج إلى مزيد من الدراسات في رأي أستاذ علوم الضوء بجامعة بني سويف المصرية "محسن القاضي". وفي حديث هاتفي مع "الجزيرة نت" يقول القاضي إن الباحثين سيحتاجون إلى إجراء المزيد من الدراسات التي تهدف إلى خفض كلفة تلك التقنية، حتى تكون هناك سهولة في الوصول إليها مقارنة بطرق التصوير الأخرى عالية الدقة، كما سيحتاجون إلى إجراء دراسات لتوسيع نطاق الاستخدام لتشمل التطبيقات المحتملة للمجهر بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة خارج نطاق البحوث البيولوجية، وكيف يمكن تكييف هذه التقنية لمواجهة التحديات في علوم المواد أو المراقبة البيئية أو المجالات الأخرى.
ويضيف أنه من الأسئلة الهامة التي يجب معالجتها أيضا في الدراسات القادمة؛ التأثيرات طويلة المدى لتعرض عينات الخلايا الحية للأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وكيف يمكن تحسين بروتوكولات الاستخدام لتقليل أي ضرر محتمل أو آثار ناتجة أثناء التصوير، كما سيكون من المهم معرفة كيفية ترجمة نتائج الدراسات إلى تطبيقات عملية أو منتجات تجارية تفيد الرعاية الصحية أو التكنولوجيا الحيوية أو الصناعات الدوائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات هذه التقنیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
أرقام قياسية ولا حل في الأفق لمعضلة الهجرة إلى جزر الكناري: إنقاذ 578 شخصا في 24 ساعة
وسط أمواج المحيط الأطلسي المتلاطمة، أصبحت جزيرة إل هييرو الإسبانية، التابعة لجزر الكناري، والتي يبلغ عدد سكانها 11,400 نسمة، الخط الأمامي الجديد في مواجهة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
اعلانيوم دام آخر في يوميات الهجرة، حيث أنقذ عناصر خفر السواحل الإسباني في جزيرتي غران كناريا وإل هييرو نحو 578 شخصا في الساعات ال24 الماضية كانوا على متن 9 قوارب بدائية فيما لقي 8 آخرون مصرعهم غرقا.
وخلال العام الحالي، استقبلت الجزيرة عددًا من المهاجرين يفوق عدد سكانها، مع وصول ما يزيد عن 19,400 شخص حتى منتصف نوفمبر، معظمهم من مالي وسنغال، غادروا أوطانهم هربًا من العنف والفقر.
في مشهد يومي متكرر، تتحوّل المرافق العامة إلى مراكز طوارئ، حيث يعاني الكثير من المهاجرين من حالات مثل الجفاف وانخفاض حرارة الجسم بعد رحلة بحرية شاقة تستغرق نحو ثمانية أيام عبر قوارب بدائية تُعرف بـ"الكايكوس". وقد تجاوز المستشفى الوحيد في الجزيرة، المجهز بـ31 سريرًا فقط، طاقته الاستيعابية، مما دفع السلطات لإقامة خيام طبية في مواقف السيارات وحتى في الميناء لاستقبال الوافدين.
حكومة إسبانيا تقرر إصلاح قانون الهجرة لتنظيم 900,000 مهاجر غير شرعي: "إسبانيا بحاجة لـ300,000 عامل أجنبي سنويًا".وعلى الرغم من تضاعف أعداد المهاجرين اليافعين غير المصحوبين بذويهم إلى أكثر من 5,600 شخص، فإن حكومة جزر الكناري ترى أن دعم الذي تقدمه مدريد غير كافٍ لمواجهة هذه الأزمة المتصاعدة. وبينما تشير التقارير إلى تخصيص الحكومة الإسبانية نحو 100 مليون يورو بين عامي 2022 و2023 لمساعدة السلطات هناك، يبقى الوضع بعيدًا عن السيطرة، بحسب نائب رئيس جزر الكناري.
وعلى الصعيد الوطني، تجاوز العدد الإجمالي للمهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا إسبانيا من 1 يناير إلى 15 نوفمبر من عام 2024 أكثر من 54,000 مهاجر، بزيادة قدرها 15.8% مقارنة بعام 2023.
وقد أصبح الطريق إلى جزر الكناري، المعروف بخطورته العالية، الخيار الرئيسي بعد تضييق الخناق على مسالك أخرى بفعل اتفاقيات أمنية مع دول مثل المغرب وليبيا. لكن هذا التحول أدى إلى كوارث إنسانية، حيث غرق أكثر من 60 شخصًا قبالة سواحل إل هييرو في حادث يُعد الأسوأ من نوعه بالمنطقة.
في جزر الكناري، يوجد 41,756 مهاجراً غير شرعي، منهم 32% من مالي، 23% من السنغال، و9% من المغرب، حيث تدخل 73% من الهجرة غير الشرعية الأفريقية عبر الجزر، ما يمثل 19% من الهجرة غير الشرعية في الاتحاد الأوروبي.وتشهد مغامرة الوصول الى الكناري مسارات جديدة مفاجئة، حيث وصل مهاجرون من باكستان وأفغانستان واليمن عبر طرق معقدة تمر بالإمارات وإثيوبيا وموريتانيا قبل الإبحار نحو الجزر. وتعكس هذه التحركات واقعًا أوسع: فلطالما بقيت أسباب الهجرة غير المعالجة وغياب قنوات الهجرة القانونية، سيستمر تدفق المهاجرين عبر طرق أشد خطورة.
Relatedإسبانيا تحتفل بتأكيد استضافتها لكأس العالم 2030 مع البرتغال والمغربإسبانيا في حداد: حادث مأساوي يودي بحياة مؤسس شركة الأزياء الشهيرة "مانجو" أكثر من 41 ألف مهاجر إلى جزر الكناري في 2024.. رقم قياسي يثير القلق في إسبانيا وأوروبافي مواجهة هذه الموجة، تعمل إسبانيا على تعزيز تعاونها مع دول غرب إفريقيا مثل السنغال وموريتانيا لتعزيز مراقبة الحدود وإحياء برامج المراقبة الجوية والبحرية التي أوقفتها سابقًا. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، خصوصًا مع نقص الاتفاقيات الثنائية لترحيل المهاجرين إلى دول مثل مالي وغامبيا والسنغال.
أمام هذه الأزمة الإنسانية والضغوط السياسية، يبدو أن الحلول المطروحة تتطلب أكثر من مجرد تدابير أمنية. معالجة جذور المشكلة عبر تنمية اقتصادية ودعم استقرار الدول المصدرة للمهاجرين قد تكون الخطوة الأولى نحو تخفيف الأعباء عن جزر مثل إل هييرو.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مسؤولة يونانية تتهم الاتحاد الأوروبي بالفشل في التعامل مع قضية الهجرة في ظل الحرب وتغير المناخ تحديات الهجرة في أوروبا: بين الحدود المغلقة وحقوق الإنسان المهددة خلاف حاد بين المجر والمفوضية على ملفات الهجرة والطاقة والحرب.. نقاش ساخن في البرلمان الأوروبي ضحاياإسبانياالاتحاد الأوروبيغرقالهجرة غير الشرعيةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next إسرائيل تتوغل جنوبا في العمق السوري.. فما هو "حوض اليرموك" ولماذا يمثل هدفًا استراتيجيًا لتل أبيب؟ يعرض الآن Next استدعاء للسفراء وإصدار مذكرات اعتقال.. ما الذي يحدث بين بولندا والمجر؟ يعرض الآن Next عاجل. عيد الميلاد يتحول إلى كابوس في ماغديبورغ الألمانية.. سيارة تدهس المتسوقين والسلطات تتحرك يعرض الآن Next "الهيكل سيُبنى".. مستوطنون يشعلون النار في مسجد بالضفة الغربية ويتركون شعارات تهديدية يعرض الآن Next عاجل. بعد محادثات إيجابية.. أمريكا تلغي مكافأة الـ10 ملايين دولار لاعتقال الجولاني اعلانالاكثر قراءة غارات إسرائيلية على اليمن تقتل 9.. والحوثيون يعلنون استهداف أهداف حساسة في تل أبيب وأبو عبيدة يُبارك بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.. هل تعلم أن للأسد 348 اسمًا؟ بوتين: لم ألتق بشار الأسد بعد قدومه إلى روسيا وما حصل في سوريا ليس هزيمة لنا السينما كما لم تعرفها من قبل.. متفرجون يخلعون ملابسهم لمتابعة فيلم في إسبانيا مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومهيئة تحرير الشام سوريابشار الأسدأبو محمد الجولاني عيد الميلادضحاياألمانياإسرائيلروسياالحرب في سوريابنيامين نتنياهوقصفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024