يبدو أن قيس سعيد تفاجأ بوجود مرشحين جديين للرئاسة، وقد كان مطمئنا إلى كون المعارضين مقاطعين لكل استحقاقات 25 تموز/ يوليو الانتخابية بما فيها الرئاسية، لذلك بدا حاسما وحازما معتبرا الأمر "قضية بقاء أو فناء". ولعل أكثر ما جعل سعيد ينتبه لوجود منافس جدي هو ظهور الوزير السابق في زمن حكم الرئيس الراحل بن علي، وهو منذر الزنايدي الذي برز في زمن "الذروة السياسية" بخطاب اعتبره متابعون جاذبا ومُبشّرا ومطمئنا.



لقد بات واضحا أن البلاد دخلت مرحلة الترتيبات للمرحلة القادمة، أي مرحلة ما بعد نهاية عُهدة قيس سعيد الحالية، سواء فاز هو بالانتخابات القادمة أو فاز غيره.

هذه الترتيبات يتداخل فيها السياسي والقضائي والإعلامي والداخل والخارج، وهي ترتيبات خاضعة لموازين قوى تتحددّ على أساسها حظوظ المنافسة وفرص التفاوض ضمن تقاليد العمل السياسي وقاعدة الشدّ والجذب ونظرية "فن الممكن"، حيث المواءمة بين السيادة الوطنية وبين الأمن الإقليمي، وهنا علينا فهم دوافع بعث "الكيان المغاربي" الثلاثي بين تونس والجزائر وليبيا.

الترتيبات يتداخل فيها السياسي والقضائي والإعلامي والداخل والخارج، وهي ترتيبات خاضعة لموازين قوى تتحددّ على أساسها حظوظ المنافسة وفرص التفاوض ضمن تقاليد العمل السياسي وقاعدة الشدّ والجذب ونظرية "فن الممكن"، حيث المواءمة بين السيادة الوطنية وبين الأمن الإقليمي
5- ما موقع حركة النهضة في هذه الترتيبات؟

تظل حركة النهضة دائما هي محور كل عملية سياسية وكل مناسبة انتخابية،لكونها الحزب الأكثر "خزانا انتخابيا" كما يصفها المحللون وكما ينظر إليها الفاعلون السياسيون، وهي محل متابعة دقيقة لكون مواقفها محددة بشكل كبير لنتائج كل انتخابات وخاصة منها الرئاسية.

فهل تشارك الحركة بمرشح للرئاسة؟ أم هل تدعم مرشحا ضمن تحالفها السياسي في جبهة الخلاص الوطني؟ أم هل تعلن دعمها لمرشح آخر ترى لديه مشروع خروج من الأزمة السياسية والاجتماعية؟

في حوارات إعلامية سابقة، ظل أمين عام الحركة العجمي الوريمي يؤكد أن "جبهة الخلاص الوطني" ليست تحالفا انتخابيا إنما هي تحالف سياسي هدفه إسقاط الانقلاب، وعن سؤال حول إمكانية دعم مرشح من بين عدة أسماء مترشحة، أجاب الوريمي بأن الحركة مستعدة للجلوس مع أي مرشح بمن فيهم الرئيس الحالي قيس سعيد للاطلاع على برامج مختلف الأسماء وما يمكن أن يقدموه من حلول للأزمة. وكان يربط دائما موقف الحركة من الانتخابات بتنقية المناخ السياسي وبتوفير شروط ممارسة الناخبين لإرادتهم الحرة في اختيار رئيسهم القادم.

يبدو أن تلك الرسائل الإيجابية لم تتفاعل معها السلطة بأي شكل من الأشكال، بل زادت مواقفها تصلبا بتجاهلها نداءات الحقوقيين وعائلات المساجين، فلم يتغير موقفها في ملف "التآمر على أمن الدولة" ولم تطلق سراح أي سجين ولم "تنزعج" من دخول بعضهم إضراب جوع وحشي.

قد يكون هذا "التصلب" هو الذي سيدفع رئيس جبهة الخلاص الوطني الأستاذ نجيب إلى إعلانه في آخر ندوة صحفية منذ خمسة أيام بأن الجبهة لن تشارك في انتخابات هي "مهزلة"، وأن الظروف الحالية لا تسمح بانتخابات رئاسية، وأن موقف الجبهة هو النضال من أجل "تغيير الشروط"، مع تحميل السلطة مسؤولية الأزمة السياسية.

أمين عام حركة النهضة أعلن أيضا أن "جبهة الخلاص ترفض أن تكون ديكورا في مسرحية انتخابية"، وعدّد شروط المشاركة وأبرزها: إطلاق سراح المعتقلين، واستقلالية هيئة الانتخابات، وعدم "التحرش" بالمترشحين، مع حياد الإدارة وإلغاء المرسوم 54، وضمان مصالحة التونسيين مع الصندوق برفع الوصاية الانتخابية عن التونسيين.

هذه الأجواء "الساخنة" سمحت بطرح سؤال حول إمكانية حصول انتخابات رئاسية في موعدها، خاصة وأن هيئة الانتخابات لم تُعلن حتى الآن عن تاريخ محدد، وأعلنت في بيانها الأخير أن "تحديد تاريخ الانتخابات راجع لرئيس الجمهورية قيس سعيد"
وفي هذه الأجواء "الساخنة" تتراكم مظاهر الاحتجاج وترتفع أصوات جديدة مطالبة بالكف عن ملاحقة المعارضين من سياسيين وإعلاميين وقضاة ومحامين، وقد أعلن عميد المحامين السابق شوقي الطبيب عن دخوله في إضراب جوع في مقر هيئة المحامين، كما بدأ المحامون منذ ثلاثة أيام إضرابا داخل قصر العدالة، وقد منعت السلطة وسائل الاعلام من تغطية الإضراب مما تسبب في احتجاج عدد من الصحفيين ورفعهم شعارات تطالب بحرية الصحافة.

هذه الأجواء "الساخنة" سمحت بطرح سؤال حول إمكانية حصول انتخابات رئاسية في موعدها، خاصة وأن هيئة الانتخابات لم تُعلن حتى الآن عن تاريخ محدد، وأعلنت في بيانها الأخير أن "تحديد تاريخ الانتخابات راجع لرئيس الجمهورية قيس سعيد".

ولما كانت "حادثة" 25 تموز/ يوليو 2021 هي من فعل "الغالب"، فليس مُستبعَدا أن يتصرف هذا "الغالب" وفق تقديرات "علمية" تكشف له نسبة حظوظ فوزه إذا حصلت الانتخابات في موعدها، أو نسبة فوز أحد منافسيه.

وعلينا أن نتذكر دائما قول قيس سعيد عند زيارته السنة الماضي لضريح الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في ذكرى وفاته، حيث أكد أنه لن يُسلم "الأمانة" إلا لـ"الوطنيين"، كما علينا أن نستحضر ما قاله هذه السنة في نفس المناسبة وفي نفس المكان بأنها ّقضية "بقاء أو فناء".

فهل تشهد تونس في الأيام القادمة تطوراتٍ تدفع باتجاه "قرار" حاسم يتخذه قيس سعيد في موضوع الانتخابات الرئاسية القادمة؟

twitter.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد تونس انتخابات جبهة الخلاص تونس انتخابات الرئاسة قيس سعيد جبهة الخلاص مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جبهة الخلاص قیس سعید

إقرأ أيضاً:

ما هي أهم التعديلات الجديدة بـ القانون الانتخابي التونسي 2024؟

مقالات مشابهة الواجهة الرئيسية الجديدة لـ Google TV محدودة وتقتصر على تشغيل أو إيقاف معظم الأجهزة فقط

‏40 دقيقة مضت

تطورات حريق مصنع بطاريات السيارات الكهربائية الصينية

‏47 دقيقة مضت

وزارة التنمية المحلية المصرية تعلن عن تعديلات اشتراطات البناء الجديدة وتقدم معلومات مهمة

‏ساعة واحدة مضت

بالخطوات.. كيفية التقديم في وظائف جامعة الجوف 1446 والشروط المطلوبة

‏ساعة واحدة مضت

رابط وخطوات حجز تذاكر مباراة الاهلي ضد الهلال في دوري روشن السعودي 2024

‏ساعتين مضت

تريزيجه يواجه رونالدو.. ما هو موعد مباراة النصر القادمة أمام الريان؟

‏ساعتين مضت

يتابع العديد من المهتمين بتركيز تفاصيل القانون الانتخابي التونسي، وخاصة آخر التغييرات المفاجئة التي قد تؤثر على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في سنة 2024، حيث تعتبر هذه التعديلات خطوة مثيرة للجدل خاصة أنها جاءت قبل أيام قليلة من الاستحقاق الرئاسي، كما أثارت هذه التطورات تساؤلات واسعة حول تأثيرها المحتمل على مجريات العملية الانتخابية ونتائجها، مما ساهم في تفاقم الانقسام والتوتر في الساحة السياسية.

القانون الانتخابي التونسي

تحتل مسألة تعديل القانون الانتخابي بدولة تونس مركز الصدارة في الجدل القائم، حيث تم التصويت على القانون المعدل قبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر، كما يشير المراقبون إلى أن هذا التوقيت قد يؤثر سلبًا على تكافؤ الفرص بين المرشحين، مما يعكس تراجعًا عن مبدأ الديمقراطية في تونس، فإليك أهم البيانات فيما يلي:

لقد انتقد القيادي في حزب التيار الديمقراطي، مجدي الكرباعي هذا التعديل بشدة، معتبرًا إياه انتهاكًا لحق الترشح العادل.كما أكد الكرباعي أن تغيير قواعد اللعبة في اللحظات الأخيرة يزيد من صعوبة التحديات التي يواجهها المرشحين بالانتخابات.التعديلات الانتخابية التونسية

أثارت التعديلات التي أقرها الرئيس قيس سعيد على القانون الانتخابي اهتمامًا كبيرًا، كما تعتبر هذه الخطوة سابقة تاريخية في تاريخ الانتخابات الرئيسية التونسية، إليك أبرز ما تضمنته هذه التعديلات فيما يلي:

إدخال فصل سادس يتناول آليات جديدة في عملية الانتخاب.بالإضافة على ذلك تعديل الفصول الثلاثة السابقة لتعزيز الشفافية والمصداقية.الترشح للرئاسة مع التعقيدات القانونية

ترافق التعديلات بقانون الانتخابات تحديات جديدة تواجه المرشحين الرئاسيين، حيث يبرز المرشح العياشي الزمال كأحد الشخصيات السياسية البارزة، لكنه يواجه عددًا من الصعوبات، وهي:

قضايا قانونية تتعلق بتزوير التوقيع، مما يزيد من تعقيد الوضع الانتخابي.من جهة أخرى تمكنت المحكمة الإدارية من إعادة ثلاثة مرشحين آخرين إلى السباق.وذلك أسهم في تعزيز المنافسة وتوسيع الخيارات المتاحة للناخبين.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • في الانتخابات القادمة..«لطفي» و«حسن» يترشحان لرئاسة «محرري الاتصالات» بنقابة الصحفيين
  • تعديل قانون الانتخابات في تونس يعمق الشكوك في نزاهتها
  • 6 أكتوبر.. الانتخابات الرئاسية بتونس والجامعة العربية تشارك ببعثة مراقبة
  • ما هي أهم التعديلات الجديدة بـ القانون الانتخابي التونسي 2024؟
  • تفاصيل مسلسل حكيم باشا لـ مصطفى شعبان
  • رئيس الوزراء الياباني الجديد إيشيبا يدعو إلى انتخابات خلال الأيام القادمة
  • رفضه سعيد مرشحا وباركه رئيسا.. مجلس نواب تونس يقر تنقيح القانون الانتخابي
  • قيس سعيد يستقبل السفير المصري بمناسبة انتهاء مهامه في تونس
  • شبوة.. استكمال الترتيبات لفعالية الاحتفاء باليوم العالمي للسياحة
  • رويترز: مصدر في حزب الله يؤكد بقاء هاشم صفي الدين على قيد الحياة