لندن- أسدل الستار على الانتخابات المحلية في بريطانيا والتي شملت مئات المجالس البلدية، وأسفرت كما كان متوقعا عن هزيمة مدوية لحزب المحافظين، لكنها في الوقت ذاته لم تحمل الانتصار الكاسح الذي كان يتوقعه حزب العمال رغم تحقيقه نتائج إيجابية.

في المقابل، كان أكبر المستفيدين من هذه الانتخابات الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي حل ثانيا فيها خلف حزب العمال، في حين حل حزب المحافظين بالمركز الثالث.

أما على صعيد عمداء المدن فقد كانت الأنظار مسلطة على سباق منصب عمدة لندن، بين العمدة الحالي صادق خان ومنافسته من حزب المحافظين سوزان هول المعروفة بمواقفها العنصرية والمعادية للمسلمين، ونجح صادق في الفوز بولاية ثالثة بفارق مريح عن منافسته.

وتعتبر الانتخابات المحلية المحطة الأخيرة قبل الدخول في سباق الانتخابات العامة المتوقع إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتعطي صورة تقريبية عن المزاج العام للمواطن البريطاني مع أن نسبة المشاركة فيها لم تتجاوز 40%.

صادق خان (يمين) احتفظ بمنصبه عمدة للندن متغلبا على منافسته من حزب المحافظين سوزان هول (الفرنسية) غزة حاضرة بقوة

بات حزب المحافظين يقتنع أكثر فأكثر بأن الهزيمة ستكون من نصيبه في أي استحقاقات انتخابية قادمة بعد أن مني بأسوأ هزيمة انتخابية له منذ 40 عاما.

ويرى رئيس منتدى التفكير العربي في لندن محمد أمين أن هذه النتائج لها أسباب عدة، وهي:

الوضع الاقتصادي المتردي وغلاء المعيشة. طريقة إدارة ملف المهاجرين. السياسة الضريبية التي أثقلت كاهل الطبقة المتوسطة. عدم دعم الحزب الذي يقود الحكومة أي سياسات تساند المواطنين خلال أزمة التضخم. هناك عامل داخلي يهم الحزب، وهو أزمة القيادة، فقد قام بتغيير قيادته 4 مرات خلال 4 سنوات. السياسة الخارجية، فقد كانت حاضرة في الانتخابات المحلية، حيث أثرت الحرب في غزة بقوة، وكانت محددا أساسيا في تصويت عدد كبير من الناخبين.

ومع أن حزب العمال أيضا لم يكن موقفه جيدا من الحرب على غزة لكن كثيرا من الناخبين صوتوا لمرشحين منه كانت مواقفهم الفردية أفضل من مواقف المحافظين المجمعين على مساندة إسرائيل.

ويقول أمين إن عمدتي لندن ومانشستر وغيرهما حصدوا أصوات العرب والمسلمين والأقليات، لأن مواقفهم أكثر اعتدالا وتعاطفا مع الفلسطينيين، ولهم تصريحات قوية ضد إسرائيل.

واعتبر محمد أمين نتائج الانتخابات المحلية مؤشرا واضحا على تضاؤل فرص حزب المحافظين في الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، وهي استفتاء مبكر على شعبيتهم وتشي بحجم الهزيمة المتوقع أن يُمنوا بها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتعكس فقدان ثقة الجمهور بحزب المحافظين بعد 14 عاما في الحكم.

عزوف المسلمين

يعتبر فوز صادق خان بولاية ثالثة عمدة لمدينة لندن خبرا جيدا للأقلية المسلمة في بريطانيا وكذلك لأنصار القضية الفلسطينية، بالنظر إلى مواقف منافسته سوزان هول التي كانت تدعي أن خان حوّل لندن إلى "لندنستان"، وأن الجالية اليهودية فيها تشعر بالرعب بسبب سياساته، وكان لها موقف غير مرحب بالمظاهرات المؤيدة لغزة.

ومع ذلك، فإن أنس التكريتي مدير مؤسسة "قرطبة" -وهي مركز بحثي في لندن- يرى أن الجاليتين العربية والمسلمة صوتتا "بصعوبة بالغة لصادق خان بسبب موقف قيادة حزب العمال من الحرب في غزة، وكان هذا التصويت تصويت المضطر لقطع الطريق على مرشحة حزب المحافظين".

ويعتقد التكريتي في حديث للجزيرة نت أن الانتخابات البلدية شهدت انحسارا لحزب العمال وعزوفا للناخب العربي والمسلم الذي كان خزانا انتخابيا تقليديا للحزب، بسبب موقف قيادته من الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق أهالي قطاع غزة، فلم تصل نسبة تصويت الأقليات المسلمة لصالحه إلى 30%، وهي نسبة ذات دلالات واضحة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الناخب البريطاني على العموم لم يشارك بالكثافة المطلوبة في هذه الانتخابات، يقول المتحدث.

زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر وزوجته فيكتوريا خارج مركز اقتراع خلال الانتخابات المحلية في لندن (رويترز) التصويت العقابي

ومن وجهة نظر التكريتي سيكون سلوك الصوت المسلم مختلفا في الانتخابات العامة، وقال "إذا كانت الجاليات المسلمة في انتخابات عمدة لندن مجبرة على الاختيار بين اثنين ففي الانتخابات العامة سيكون أمامها طيف واسع من المستقلين وخيارات أكبر تحررها من ثنائية العمال أو المحافظين".

ورأى أن الناخب سيجد متسعا للتعبير عن إرادته الانتخابية في الانتخابات العامة وممارسة خيار التصويت الغاضب ومعاقبة من يرى أنه ليس الأنسب للتعبير عنه.

أما بشأن حضور القضية الفلسطينية والعدوان على غزة في الانتخابات المقبلة فيرى التكريتي أنه من الصعب وغير الواقعي أن تصبح القضية المركزية في الانتخابات المقبلة "ولكنها في اعتقادي ستصبح معيارا أخلاقيا يحتكم إليه الناخب حين يريد التصويت"، كما قال.

ويضيف "النائب الذي لم يصغِ لصوت الناس ولم يدن الإبادة الجارية في غزة أو رفض وقف إطلاق النار لا يمكن أن يؤتمن على صوت الناخبين، وبالتالي سيقررون عدم التصويت له، فالموقف من الحرب في غزة أصبح الآن معيارا أخلاقيا بالأساس".

ودعا التكريتي إلى عدم الإفراط في التفاؤل خلال التعامل مع مواقف عمدة لندن صادق خان "صحيح أن موقفه من المظاهرات التي شهدتها وتشهدها العاصمة لندن كان إيجابيا ومتقدما لكنه سيصبح محل تساؤل لو تقلد حزب العمال الذي ينتمي إليه السلطة واتجه للتضييق على المظاهرات أو منعها".

وعبر عن اعتقاده بأن خان سيتماهى حينها مع الموقف السياسي لحزبه، وقد يتغير موقفه من المظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية، وبالتالي يجب عدم التعامل مع موقفه من المسيرات المناصرة للفلسطينيين بالكثير من التفاؤل أو اعتباره موقفا مبدئيا لأنه سيخضع لتقلبات السياسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الانتخابات المحلیة الانتخابات العامة حزب المحافظین فی الانتخابات حزب العمال صادق خان فی غزة

إقرأ أيضاً:

"آكل لحوم البشر".. أخطر سجين في بريطانيا يضرب عن الطعام

دخل روبرت مودسلي، الملقب بـ"هانيبال آكل لحوم البشر"، في إضراب عن الطعام بعد أن قامت سلطات سجن وايكفيلد في ويست يوركشاير بإنجلترا، بمصادرة أجهزته الإلكترونية وكتبه، مما أثار قلق عائلته بشأن حالته النفسية والجسدية.

ووفقاً لموقع ميرور البريطاني، يقبع مودسلي، البالغ من العمر 71 عاماً، داخل زنزانة زجاجية معزولة منذ عام 1983، حيث يقضي 23 ساعة يومياً منفرداً بعد قتله لثلاثة سجناء آخرين داخل السجن.
وبدأ الإضراب بعد مصادرة جهاز البلايستيشن الخاص به، إلى جانب تلفازه ومكتبته الصغيرة، في أعقاب تفتيش أمني شامل داخل السجن، إثر مزاعم بتهريب سلاح ناري إلى داخله.


وصرّح شقيقه بول مودسلي، 74 عاماً، بأن روبرت أجرى اتصالاً هاتفياً يوم الجمعة الماضي، بدا فيه غاضباً ومضطرباً، قائلاً: "أنا مضرب عن الطعام، لا تتفاجأ إذا كان هذا آخر اتصال مني".
وأضاف بول: "منذ ذلك الحين، لم يتصل بنا مجدداً، ونعتقد أن إدارة السجن قد صادرت هاتفه أيضاً".
وأفادت عائلته أنه كان يعتمد على قراءة الكتب وممارسة ألعاب الفيديو كوسائل وحيدة لإشغال وقته ومنع تدهور حالته النفسية.

وأوضح شقيقه: "بدون أي وسائل ترفيه أو تحفيز ذهني، سيعود إلى حالته السابقة حيث كان يجلس لساعات دون حركة، مما قد يدفعه إلى الجنون".



لماذا سُمي بآكل لحوم البشر؟

وتمت تسمية روبرت مودسلي بلقب "هانيبال آكل لحوم البشر"، بسبب الشائعات التي انتشرت حول إحدى جرائمه داخل السجن.
ففي عام 1978، قتل مودسلي سجيناً يُدعى ديفيد فرانسيس، كان مداناً بالاعتداء على الأطفال.
ووفقاً لبعض التقارير، قيل إن الحراس عندما وصلوا إلى موقع الحادث وجدوا جزءاً من دماغ الضحية مفقوداً، مما أدى إلى انتشار شائعات بأنه أكل جزءاً من دماغه، على غرار شخصية "هانيبال ليكتر" في الفيلم الشهير Silence of the Lambs.
لكن لم يتم تأكيد هذه المزاعم رسمياً، وتظل مجرد روايات تداولتها وسائل الإعلام، حيث لم تذكر التحقيقات الرسمية أي دليل ملموس عليها.

مقالات مشابهة

  • أخطر سجين في بريطانيا يضرب عن الطعام
  • كاتس: الحكومة ستسمح للعمال الدروز من سوريا بالعمل في الجولان المحتل
  • بعد تعطيل جلساته.. توجه داخل البرلمان العراقي لحله والمضي بانتخابات مبكرة
  • "آكل لحوم البشر".. أخطر سجين في بريطانيا يضرب عن الطعام
  • فوضى في رحلة طيران.. مشاجرة تتسبب فى هبوط اضطراري| ماذا حدث؟
  • التنمية المحلية تتابع الجولات الميدانية للمحافظين خلال شهر رمضان
  • زيارة ترامب إلى بريطانيا قد تخلق أزمة دستورية في بريطانيا
  • ألمانيا: اتفاق مبدئي بين المحافظين والاشتراكيين على تشكيل حكومة
  • خسارة جديدة لرفاق غوارديولا في البريمييرليغ
  • إيران تحذر بريطانيا عبر سفيرها: سياساتكم تزعزع الثقة