محمد فضل علي .. كندا

حفل تاريخ البشرية المعاصر بمحاولات مثيرة لتوثيق اللحظات الاخيرة لبعض الزعماء والرؤساء الذين حكموا بلادهم الذين انتهت فترات حكمهم عن طريق الثورات والانتفضات الشعبية والانقلابات العسكرية والحروب العابرة للحدود علي سبيل المثال لقد وثقت اجهزة الاعلام الالمانية والعالمية علي الرغم من تواضع حالها وقدراتها المهنية والفنية انذاك لفترة سقوط النازيه ومقتل وانتحار الزعيم النازي ادولف هتلر في وكره المهجور وقامت الصحافة واجهزة الاعلام المصرية والعربية في وقت لاحق من انتهاء الحرب العالمية الثانية والاخيرة بالتوثيق لوقائع وتداعيات ثورة الثالث والعشرين من يوليو التقدمية 1952 وتغطية المتغيرات واللحظات الصعبة والعسيرة علي ايام العدوان الثلاثي والحصار الاممي المحكم علي الجمهورية العربية المتحدة الوليدة والتهديد باحتلال مصر واعتقال قيادات الثورة المصرية ثم تحول الامر بصورة درامية مفاجئة الي التوثيق الدرامي والاعلامي للحظات كسر الحصار وطرد الغزاة واجبار اساطيلهم علي مغادرة الشؤاطي المصرية وسط الاهازيج والاغنيات الشعبية للمقاومة المصرية للعدوان الاممي وتاميم قناة السويس في مشهد اسطوري .


تم توثيق النهايات الدرامية لبعض انظمة الحكم في العراق ومقتل عبد الكريم قاسم وظهور نظام البعث ونهاية حكم شاوسيسكو في رومانيا واعدامه رميا بالرصاص مع زوجته علي الهواء مباشرة خلف المبني الذي شهد محاكمتهم القصيرة حتي وصل الناس بعد ذلك الي التعاطي الاعلامي مع احدث سبتمبر 11 والهجوم الدرامي علي ابراج التجارة الدولية وردود فعل الادارة الامريكية الطائشة والحرب علي العراق وحتي مرحلة الحروب الراهنة التي لم تكتمل التغطية الاعلامية والوثائقية لاحداثها من عودة طالبان الي الحكم دون ان تطلق رصاصة واحدة الي حرب حماس واسرائيل بنتائجها وتداعياتها الكارثية المثيرة الي الحرب الغير ضرورية بين روسيا واوكرانيا وانعكاساتها المخيفة علي الاقتصاد العالمي والسلم والامن الدوليين الي حرب السودان البدائية المستمرة منذ عام كامل حتي يومنا هذا.
وهنا ياتي الحديث عن نصيبنا من توثيق ومعرفة ما حدث في السودان وحتي اليوم بعيدا عن مجالس الونسة و الانطباعية الشخصية وغياب التوثيق القانوني لمجريات الامور منذ الاستقلال وميلاد الدولة السودانية واختفاء فترات كاملة من تاريخ السودان المعاصر لم يعرف الناس حقيقة ما حدث فيها خاصة فترة الثلاثة عقود من حكم جماعة الاخوان ونظام عمر البشير الاكثر بشاعة والتي انتهت اليوم الي الحرب التي تعود جذورها واسبابها الحقيقية الي زمن البشير وحكم الانقاذ الذي لم يتعامل معه الناس والنخبة السياسية بما يستحق علي الاصعدة القانونية والعدالة المفترضة التي كان من الممكن ان تردع المغامرين وتجار الحروب وللاسف الشديد لاتزال الساقية تدور ولايزال الافلات من العدالة مستمرا في السودان وسيستمر حتي اشعار اخر تعود فيه هيبة الحكم والدولة وسيادة القانون وتسود فيه الحريات الاعلامية والسياسية المحمية بقوة القانون لمواجهة التحدي الاكبر بوقف الحرب الراهنة ومحاسبة المتسببين فيها واعادة بناء الدولة والمرافق السودانية ومؤسسات الحكم والدولة في فجر جديد .
لقد نجحت قناة العربية بعد الاستناد الي شخصيات عامة ومعروفة في نظام الاخوان والمعارضة وشهادات اخرين كانوا حول البشير في الساعات الاخيرة بالخروج بوثيقة افتراضية تشبه في خطوطها العريضة مسلسل الاختيار المصري الذي سلط الضوء في سيناريو خيالي وافتراضي استند الي وقائع حية وواقعية علي اللحظات الاخيرة لحكم الاخوان في مصر ومرشحهم المعزول الدكتور محمد مرسي في يونيو 2013 وبيان الرئيس السيسي الاكثر درامية واثارة .
الذي لم تذكرة قناه العربية في تلك الوثيقة الافتراضية ان الانتفاضة السودانية التي كانت اشبه بالزلزال قد تسببت في انفضاض الكيزان والنخبة الاخوانية الحاكمة من حول البشير وتركوه وحدة مع بعض اقاربه وعمال النظافة والطباخين و مجموعة من الجنود كانوا يتلقون التعليمات والاوامر المشددة عبر الهاتف المحمول من احد قيادات جهاز الامن والمخابرات السودانية بعدم المغادرة وترك البشير وحده في الوقت الذي كان فيه قيادات الحكم والدولة والتنظيم الحاكم في المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية يحزمون حقائبهم ويتدبرون امر نقل اسرهم وعوائلهم الي مناطق امنة بعيدا عن مرمي الهتاف والجموع الثائرة والانتفاضة الشعبية الغاضبة خوفا من ان ينتهوا الي المصير الذي انتهي اليه القذافي .
ومن المفارقات التي لم تذكر اعلاميا في هذا الصدد انه حتي الكاهن العراف المعروف بله الغائب تخلي عن عمر البشير ولم يرد علي اتصالاته التلفونية المتكررة في لحظاته الاخيرة
وكان ذلك هو حكم التاريخ وعدالة السماء علي الرئيس الصوري المعزول عمر البشير الهارب من العدالة والمحاكمة الهزيلة التي لم تكتمل بسبب الاداء الهزيل للحكومة الانتقالية وبعض الشخصيات والافراد في تلك الايام .
لقد كان البشير يموت تدريجيا في اللحظات الاخيرة لحكمه واصيب بصدمة افقدته القدرة علي التصرف بصورة سليمة وطلب من احد اقاربة ان يبحث له عن تلفون الشيخ العراف بله الغائب الذي كان يعلن علي الدوام ان البشير سيكمل 35 عام في الحكم وظل يتصل به مرات كثيرة وتلفون الشيخ لايرد حتي لحظة مغادرة البشير قصر الضيافة والمنزل الرئاسي بالقيادة العامة للمرة الاخيرة .
الذي لم تذكرة قناه العربية في تلك الوثيقة الافتراضية ان الانتفاضة السودانية التي كانت اشبه بالزلزال قد تسببت في انفضاض الكيزان والنخبة الاخوانية الحاكمة من حول البشير وتركوه وحدة مع بعض اقاربه وعمال النظافة والطباخين و مجموعة من الجنود كانوا يتلقون التعليمات والاوامر المشددة عبر الهاتف المحمول من احد قيادات جهاز الامن والمخابرات السودانية بعدم المغادرة وترك البشير وحده في الوقت الذي كان فيه قيادات الحكم والدولة والتنظيم الحاكم في المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية يحزمون حقائبهم ويتدبرون امر نقل اسرهم وعوائلهم الي مناطق امنة بعيدا عن مرمي الهتاف والجموع الثائرة .
المقارنة بين نظام الاخوان وعمر البشير في لحظاته الاخير وبين حكومة الامر الواقع التي تدير السودان اليوم عبر تحالف غير معلن بين البرهان وبقايا زمن الانقاذ وحكم الاخوان لاتميل لصالح البرهان وتركيبة الحكم الخفية التي تحكم السودان عبر تحالف الوان طيف واسعة من الارزقية والمغامرين معدومي الهوية وكتائب الجهل المسلح التي تجهل بتاريخ وجغرافيا العالم والسودان لكل ذلك ستكون نهاية البرهان والاسلاميين والذين من حولهم نهاية درامية وفريدة من نوعها مالم يبادر البرهان بمحاولة حقيقية للتصالح مع شعب السودان بوقف الحرب واعادة اعتقال البشير وقيادات الاخوان وتشكيل حكومة تكنوقراط من غير الذين عملوا في زمن الانقاذ اما التفاصيل الافتراضية لنهاية زمن البرهان الغامض فلا يعلمها الا الله وان كانت خطوطها الرئيسية واضحة كل الوضوح ..
اللهم نسالك اللطف بالسودان واهله وان تعوضهم خيرا علي صبرهم الطويل علي مدي عقود طويلة علي العقوق والاضرار التي الحقها بالناس والبلاد بعض المنتسبين اليها بشهادات الميلاد وبعض الاوراق الثبوتية ليس اقل او اكثر .

رابط له علاقة بالموضوع :https://www.youtube.com/watch?v=FIfHZv-cRrA  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عمر البشیر

إقرأ أيضاً:

ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)

سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.

لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.

بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.

بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.

نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.

في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.

وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.

لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.

لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.

اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.

ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.

وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.

لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.

هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ???????? يوميات ضابط بـ القوات المسلحة السودانية في القيادة العامة 22 شهراً .. بلا كلل ولا ملل
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع طنين من التمر في محلية مدني الكبرى بولاية الجزيرة السودانية
  • مدير الأمن الداخلي بجوبا: سنلتزم بالاتفاق الذي وقعناه بمراقبة من الحكومة السودانية
  • برعاية البرهان.. أبرز معارض عسكري وسياسي في جنوب السودان يتصالح مع سلفاكير
  • الصدر يندد بقرارات ترامب الاخيرة ومنها تهجير اهالي غزة
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • خبير جيولوجيّ لبنانيّ ينشر خريطة للزلازل التي ضربت شرق المتوسط عبر التاريخ... هكذا علّق عليها
  • البرهان: القوات المسلحة السودانية اقتربت من النصر الكامل
  • سيكتب التاريخ ان الصياد هو المتحرك الذي أفترس متمردي الدعم السريع وسلبهم الحياة