طالما كان وما زال الوضع في السودان مثار قلق العديد من المراقبين والشركاء الإقليميين في جميع أنحاء العالم. إن الدعوة الأخيرة التي وجهتها المملكة العربية السعودية للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع في السودان لاستئناف المفاوضات في جدة قد أثارت الآمال بين الأتباع والشركاء الإقليميين بأن الحل السلمي للصراع قد يكون في متناول اليد.
رغم أن آفاق السلام في السودان قد تبدو غير مؤكدة، إلا أنه لا يزال هناك أمل في أن تؤدي المفاوضات المقبلة إلى نتيجة إيجابية. ومن الضروري لجميع الأطراف المعنية إعطاء الأولوية لمصالح شعب السودان والعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي يحقق الاستقرار والازدهار للبلاد. ودعونا جميعا نأمل أن تكون الجولة المقبلة من المحادثات خطوة نحو جسر الانقسام وإنهاء دائرة الصراع والمعاناة في السودان.
تأتي الجولة القادمة المزمعة من المفاوضات بعد أن افادت وكالة الأنباء التركية الرسمية بأن نجل رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، توفي في المستشفى يوم الجمعة بعد شهرين من إصابته البالغة في حادث دراجة نارية في العاصمة التركية، أنقرة. وذكرت وكالة انباء الأناضول أن محمد عبدالفتاح البرهان كان يتلقى العلاج في أحد مستشفيات أنقرة منذ الحادث الذي وقع في 6 مارس الماضي عندما اصطدمت دراجته النارية بسيارة في ضواحي المدينة. وبحسب وسائل إعلام تركية، فقد وقع الحادث في منطقة جولباشي، أمام مبنى المحكمة الدستورية. ونقل نجل رئيس مجلس السيادة السوداني إلى مستشفى مدينة بيلكنت، حيث أدخل العناية المركزة، حيث أكدت تقارير إخبارية آنذاك خطورة حالته.
وكما كتب سابقاً رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي الاستاذ بابكر فيصل مفاوضات جدة القادمة : داحسٌ وغبراء أم بشائر للسلام، فإن المفاوضات القادمة تعد مفصلية في تحديد مصير السودان " ستُعطي جولة التفاوض القادمة إجابة عن مستقبل الحرب في السودان, وهل ستستمر لسنوات طويلة قادمة كما حدث في بلدان أخرى (الصومال, سوريا, اليمن, ليبيا الخ ..), أم سيكون هناك حلاً وشيكاً يبدأ بالتوصل لإتفاق وقف إطلاق النار الذي يسمح بحماية المدنيين وتوفيرالممرات الآمنة لوصول المساعدات تمهيداً لعودة النازحين واللاجئين ومن ثم إطلاق العملية السياسية لاستئناف المرحلة الإنتقالية."
سامر عوض حسين
6 مايو 2024
samir.alawad@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
سودانايل تنشر نص خطاب دكتور عبدالله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) حول نداء سلام السودان .
الأشقاء في الأسرة الإقليمية والدولية: يعاني شعبنا الويلات جراء تقاتل أطراف الحرب وسط المدنيين الذين يعانون الامرين من جحيم القذائف والبراميل المتفجرة التي لا تفرق بين مدني وعسكري. والعنف الجنسي - الواسع وتجنيد الأطفال والكوليرا وحمى الضنك وغيرها من الأوبئة.
نداء سلام السودان
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعب السوداني العظيم
الأشقاء في الأسرة الإقليمية والدولية
يعاني شعبنا الويلات جراء تقاتل أطراف الحرب وسط المدنيين الذين يعانون الامرين من جحيم القذائف والبراميل المتفجرة التي لا تفرق بين مدني وعسكري. والعنف الجنسي - الواسع وتجنيد الأطفال والكوليرا وحمى الضنك وغيرها من الأوبئة. حرب نتج عنها اقتلاع أكثر من 12 مليون من نازح ولاجئ، وضعف هذا العدد يعانون من أزمة جوع حادة، فيما يحتاج حوالي ال 26 مليون انسان الي مساعدات إنسانية عاجلة. يضاف الي ذلك الانهيار التام للخدمات الصحية والتعليمية وتدمير البنى التحتية ووسائل الإنتاج ووسائل كسب العيش. حقائق صادمة صنفتها الهيئات الدولية كأكبر كارثة إنسانية في عالمنا المعاصر.
في خضم هذا المناخ الكارثى تتصاعد خطابات الكراهية ورفض الاخر المختلف مما يضع بلادنا على حافة هاوية التمزق. وفى ظل مناخات الحشد والتعبئة لأجل الاستقطاب وحيازة السلاح دخلت المجموعات الإرهابية والمليشيات المتطرفة فقطعت الرءوس وبقرت البطون باسم الجهاد. ان ما يحدث في بلادنا اليوم لن يتوقف في حدود السودان وقد يصبح احد اكبر مهددات الامن والسلم الاقليمى والدولى.
أتوجه إليكم بهذا النداء مع حلول شهر رمضان المبارك، وهو الثالث الذي يمر على السودان منذ اندلاع الحرب التي سرقت من أهلنا معاني هذا الشهر الكريم. أخاطبكم اليوم باسم القوى التي رفضت الحرب منذ اندلاعها، ولم تنحز لأي من أطرافها، بل ظلت تبحث عن السلام وتعمل على إنهاء هذه المأساة التي عصفت ببلادنا.
إن هذه الحرب ليست مجرد صراع عسكري بين قوتين، بل هي تعبير عن اختلالات بنيوية لازمت تاريخنا منذ فجر الاستقلال، حيث فشلت كل النظم العسكرية في إدارة التنوع وتحقيق التنمية المتوازنة. وقد حاولت ثورة ديسمبر وضع اسس جديدة للبلاد تجعلها في سلام مع نفسها والعالم ولكن المؤتمر الوطني / الحركة الإسلامية عرقل الانتقال المدني الديمقراطي بكل السبل، بما في ذلك تدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021، واشعال هذه الحرب اللعينة لخلق حالة من الفوضى التي قد تعيدهم للسلطة حتى ولو تدمر السودان.
تؤكد حقائق التاريخ السوداني ومعطيات الواقع إنه لا حل عسكري لهذا النزاع مهما تطاول الأمد، وإن الخيار الوحيد لوضع حد لمعاناة الشعب والحفاظ على وحدة البلاد ومقدراتها، هو الإنهاء الفوري للحرب، والاتفاق على مشروع وطني جديد يؤسس لنظام مدني ديمقراطي، يقوم على المواطنة بلا تمييز وفق نظام فيدرالي حقيقي، وجيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة والاقتصاد.
لكل ما تقدم، فإني أتوجه لكم بهذا النداء لإيقاف النزيف في بلادنا، ووضع أسس متينة تخاطب جذور الأزمات بما يجعل هذه الحرب آخر حروب السودان، وفق الخطوات التالية:
أولاً: ندعو إلى عقد اجتماع مشترك عاجل بين مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، بحضور قائدي القوات المسلحة والدعم السريع، وقائد الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، والقوى المدنية الديمقراطية، وذلك للاتفاق على الآتي:
1. التوصل إلى هدنة إنسانية ووقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار.
2. اتخاذ حزمة إجراءات لبناء الثقة وتهيئة المناخ لإنهاء الحرب، تتضمن:
• الاتفاق على آليات مراقبة فعالة لوقف إطلاق النار، بما فيها نشر بعثة سلام إقليمية ودولية.
• فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر حدود السودان وداخل المناطق المتأثرة.
• ضمان حرية الحركة للمدنيين في كافة أرجاء السودان.
• الاتفاق على إنشاء مناطق آمنة خالية من الأنشطة العسكرية، توفر بيئة مناسبة للعيش الكريم.
• وقف التصعيد الإعلامي بين الأطراف المتنازعة.
• إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين.
3. مناشدة كافة الأطراف الإقليمية والدولية للامتناع عن أي فعل يطيل أمد النزاع، بما في ذلك فرض حظر شامل على توريد السلاح لكافة أطراف النزاع، وضمان تجفيف موارد تمويل الحرب.
4. الدعوة لمؤتمر للمانحين الدوليين لسد فجوة تمويل الاحتياجات الإنسانية التي حددتها خطة الاستجابة الأممية.
5. إطلاق عملية سلام شاملة ذات مصداقية، يقودها السودانيون، تهدف إلى إيجاد حل سياسي يخاطب جذور الأزمة، عبر ثلاث مسارات متزامنة ومتكاملة تشمل:
• المسار الإنساني: إيصال المساعدات وحماية المدنيين.
• مسار وقف إطلاق النار: الاتفاق على وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الدائمة تبنى على اتفاق جده.
• المسار السياسي: إطلاق حوار وطني يخاطب جذور الأزمة ويرسي سلاماً مستداماً في البلاد.
ثانياً: النتائج المرجوة من العملية السلمية:
نعمل أن تفضي هذه العملية إلى:
- وقف دائم لإطلاق النار واتفاق سلام شامل.
- ترتيبات دستورية انتقالية تنهض على توافق عريض واستعادة مسار ثورة ديسمبر في الانتقال المدني الديمقراطي.
- إعادة بناء وتأسيس منظومة أمنية وعسكرية موحدة، مهنية، وقومية، بعيدة عن السياسة والاقتصاد.
- إرساء عملية عدالة وعدالة انتقالية تحاسب على الانتهاكات وتحقق الإنصاف للضحايا.
- تشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تقود البلاد حتى الانتخابات.
- تصفية آثار الحرب وإعادة إعمار السودان.
الشعب السوداني العظيم
الأصدقاء في الأسرة الإقليمية والدولية
استشعاراً للمخاطر المحدقة التي يمر بها السودان ولتحقيق هذه الرؤية والمقترحات التي طرحناها أعلاه، سوف نبدأ منذ اليوم عملاً دؤوباً وجاداً، بالآتي:
1. التواصل مع الأطراف السودانية العسكرية والمدنية لمناقشة هذا النداء وما طرح فيه من أفكار.
2. التواصل مع القوى الإقليمية والدولية لحشد الدعم لتنفيذ هذه الخطوات.
3. طرح رؤية تفصيلية حول أسس إنهاء الحروب وتحقيق السلام المستدام وتأسيس الدولة السودانية على أسس ديمقراطية.
4. السعي لتحقيق توافق واسع حول أسس ومبادئ إنهاء الحرب، عبر مائدة مستديرة/حوار سوداني-سوداني يشمل أوسع قطاع ممكن من القوى الراغبة في إنهاء الحرب، تنظم هذه العملية عبر لجنة تحضيرية من الأطراف السودانية الرئيسية، تضمن مشاركة كافة الأطراف ما عدا المؤتمر الوطني وواجهاته. هذه العملية يجب أن تكون امتدادًا لثورة ديسمبر المجيدة، وألا تؤدي إلى إعادة تمكين النظام السابق الذي رفضه الشعب السوداني عبر ثورته.
5. تشكيل فريق عمل من الخبراء والمختصين السودانيين لقيادة جهود تقييم الأضرار الجسيمة التي خلفتها الحرب، ووضع خطة عملية وواقعية لإعادة الإعمار والتعافي الوطني، مع استكشاف موارد وحلول مبتكرة تتيح الشروع الفعلي في تنفيذها.
أخيراً إن مسؤوليتنا التاريخية تحتم علينا جميعًا—مدنيين وعسكريين، قوى سياسية واجتماعية، فاعلين إقليميين ودوليين—العمل فورًا لإنهاء هذه الحرب الكارثية. شعبنا العظيم يستحق السلام، يستحق الحرية، ويستحق العدالة. وإنني أناشدكم جميعًا للعمل سوياً من أجل سلام السودان ووحدته وأمنه واستقراره ولأجل عزة مواطنيه وحريتهم وازدهارهم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
د. عبد الله حمدوك
رئيس الوزراء السابق
رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)