د. أحمد جمعة صديق
في المقالين السابقين تحدثنا عن رواية في "قلب الظلام" وبالتحديد عن شخصية كيرتز، الذي كان يظن ان وجوده في افريقيا هو رسالة انسانية على كاهن الرجل الابيض، في أن يحمل عبء نقل الحضارة بمنظورها الغربي الى الانسان البدائي في افريقيا. واكتشفنا ان السلطة والثروة بجانب (طفولة) المجتمع الاقريقي وبراءته عملت كمغريات للتحول الذي طرأ على كيرتز، من مثقف وانسان شفاق يريد ان يخدم الانسانية الي حيوان متوحش تفجرت في دواخله كل ارواح الشياطين، التي كانت مختبأة في المظهر الحضاري، كانسان أبيض البشرة، طويل القامة, وجيه ويحسن الحديث، يتحول فجاة الى شيطان، ثم يتحول الشيطان الى اله، ليجعل من طفولة وبراءة المجتمع الافريقي مرتعاً خصباً لاوهامه واسرافه في اشباع رغباته الحيوانية، حيث انعدمت التقوى والخوف من الله والحياء من الانسانية، فمهدت له الطريق الى الانحراف العظيم ليجعل من الاقارقة سوقا لبضاعته الاستعمارية الكاسدة.
هذه الصور سيعززها هذا المقال وهو عبارة عن قراءة نقدية لاراء الكاتب النيجيري الافريقي العالمي شنوا ـشيبي عن اقصوصة (قلب الظلام) لجوزف كونراد، في مقال له بعنوان An Image of Africa)). والمقال عبارة عن محاضرة القاها اشيبي في معهد ماسوتس في اميركا. ودونكم ترجمة للقراءة التحليلية للنص انجليزيي في الWikipedia
شينوا اشيبي يشن هجوما ضاريا على جوزف كونراد في اقصوصة (قلب الظلام)
على الرغم من أن رواية "فلب الظلام" تعد قطعة أدبية جميلة، إلا أنها مثيرة للجدل بصورة واسعة. ويصف آشيبي جوزيف كونراد بأنه "عنصري متطرف"ويرى بأن رواية كونراد "قلب الظلام" تقدم فقط صوراً ضارة بالجنس الأسود كما ورد في المقال
يبدأ الكاتب بتقديم بعض الآراء وبشكل رئيسي حول رأي المجتمع الغربي الصريح عن المجتمعات والثقافة الأفريقية، والقارة بشكل عام. واستنادًا إلى هذه القصص، يستخدم آشيبي رواية "قلب الظلام" التي كتبها كونراد، في تأييد مزاعمه. وفي الحقيقة، يقدم العديد من الحجج التي تقول إن أفريقيا كقارة يُنظر إليها بوصفها بدائية، من قبل الأوروبيين بصورة عامة. وهذا الرأي لا يحمل أي قدر من الصحة على الإطلاق، اذ أثبتت أفريقيا كقارة، وبلا ادنى شك، أن لديها القدرة على التقدم.
ونجد في ثنايا القصة، ان نقطة التركيز هي كيف ينظر الأوروبيون إلى الأفارقة ومدى اختلافهم في ذلك. وبالنظر إلى أن كونراد ينظر للافارقة وكأنهم ليسوا بشراً أو من هم من نفس طينة النوع الانساني في الغرب، فإن ذلك يظل نقطة تحول تستحق الاستتكشاف.
يقدم آشيبي عدة حجج لإبطال صحة الصورة النمطية التي حافظ عليها الأوروبيون لفترة طويلة عن أفريقيا. فوفقاً لرأيه، يُجادل بأن الاعتقاد الذي عليه الغربيون والأوروبيون حول مجتمع وثقافة أفريقيا بشكل عام هو الصواب، حيث يُنظرون إلى مجتمع وثقافة أفريقيا على أنها أدنى من مجتمعاتهم وثقافتهم، وبالتالي، يترك لنا نقطة أساسية في التأمل الى دور الأعمال الأدبية في المجتمع الحديث؛ اذ ينبعي ان يقوم الادب بالتحذير والنقد والكشف عن الآفات في المجتمع وتصحيح الصور النمطية التي تربى عليها البشر لفترة طويلة في التاريخ.
يقدم الكاتب حججاً اضافية في عمله الأدبي لإثبات فشل أيديولوجية العنصرية التي يقدمها الأوروبيون من خلال أدبية أقصوصة "قلب الظلام" لكونراد. وتأتي كل هذه النقاط في محاولة المفاهيم الرئيسية التي أثارها كونراد عن الجنس الأفريقي بشكل عام.
يُلاحظ أن "قلب الظلام" لجوزيف كونراد وُصفت من قبل العديد من الناس على أنها واحدة من أفضل ست روايات كتبت باللغة الإنجليزية على الإطلاق. ومع ذلك، وفقاً لتشينوا آشيبي، فإن رأيه في ذلك مختلف، حيث أكد في مقالته "صورة عن أفريقيا: العنصرية في قلب الظلام" أن كونراد كان عنصرياً متطرفاً. يقدم الكاتب حججه بأن العنصرية التي يُلاحظها في "قلب الظلام" تظهر نتيجة لما يمكن تسميته بالرغبة أو النفسية الغربية التي تهدف إلى تصوير أفريقيا لبقية العالم على أنها صورة معكوسة لأوروبا.
أشاد آشيبي في البداية بكونراد كشخص كأديب يتمتع بمهارة رائعة في الكتابة وخيال واسع. بالإضافة إلى ذلك، يمنح اشيبي الكثير من الثناء لمواهب جوزيف البارزة في الأدب ولكنه لا يزال يؤكد أن عنصرية جوزيف جلية إلى حد كبير ولم يستطع كبحها بالكامل. ويقدم تشينوا آشيبي وصفاً أكثر تفصيلًا حول الطرق التي يتبعها كونراد.
يُطرح تشينوا آشيبي في مقاله الأدبي "صورة عن أفريقيا" حجة في أنه ينبغي لرواية"قلب الظلام" ألا تعتبر- الى حد ما- وبأي حال من الاحوال عملاً عظيماً بسبب تجريدها الجنس البشري بأكمله ووصفه بأنه قبيح ووحشي بطبيعته. هذا برأيه مفهموم يجب ألا يُقبل في المجتمعات الحديثة حيث تأخذ الحضارة موقعها. وهذا يبرز التحدي في أن تجد رواية كونراد قبولاً في بعض الأحيان من قبل الكثيرين الذين لديهم عقول أكثر تسامحاً.
وفي استكشاف أعمق للمقال "صورة عن أفريقيا"، يُجادل آشيبي بأن العلاقة بين الأفارقة والأوروبيين ضارة للغاية بطبيعتها. فوفقًا له، فإن معظم الأوروبيين يحملون اعتقاداً راسخاً بأن أفريقيا إلى حد كبير هي مجاهيل غير متحضرة بطبيعة حالها. وهناك من يعتقدون بشدة أن لديهم ما يلزم لتحديث أفريقيا وتقديم العلاج المناسب، بصورة رئيسية عن طريق طرح ثقافتهم الأعلى التي يعتقدون بأنهم يمتلكونها كبديل للثقافة الافريقية.
السؤال الأساسي كان، كيف يمكن توجيه تفوق الثقافة الأوروبية بالمظر إلى معدل التحضر المتزايد الآن. وهل من المفيد النظر في تقييم شخص ما بناءاً على مظهره العام أو بناءاً على محتوى عقله.
وباختصار انه في اطلاعنا الدقيق لمقالة "صورة عن أفريقيا"، يُقدم آشيبي حججاً إضافية لتعزيز ايمانه في قدرة القارة السوداء على التحدي بشكل عام. وينبغي الادراك التام بأن هذا ليس بأي حال من الأحوال هجوماً مباشراً على عمل كونراد "قلب الظلام" بقدر ما هو هجوم على الصور النمطية التي تم رسمها من قبل البيض لفترة طويلة عن انسان هذه. وقد أصبح جلياً مع زيادة التحضر، أن المفاهيم التي يحملها الأوروبيون عن الجنس الأفريقي لا تحتوي على أي اسس في الوقت الحاضر.
ان "صورة عن أفريقيا" في النهاية هو عمل يهدف إلى تحدي مختلف الآراء التي يحتفظ بها الأوروبيون ضد الجنس الأفريقي
حيث يُنظر إلى العرق الأفريقي على أنه أقل قيمة ولديه ثقافة بدائية، يمكن تحسينها فقط بالثقافة الحديثة، التي يعتقد الأوروبيون أنهم يمتلكونها بالفعل. يكشف المقال ان رواية " في قلب الظلام" غنية الجوانب العنصرية مع استخدام مفرط للكلمات مثل الأسود والسود، ويتجلى في الموقف الذي مثلته شخصية مثل كورتز بشكل رئيسي تجاه أفريقيا كقارة وانسان. يُعتبر الأوروبي وفقاً لمؤلف "قلب الظلام" مترادفاً للنجاح، وامتلاك الثروة والرفاهية الجيدة للغاية. وعلى العكس من ذلك يعتقد كثيرون بأنه لا يمكن أن ياتي شيء مفيد من قارة إفريقيا حيث يتم ربط السواد بالفقر والقدرات الفكرية المتدنية، والثقافة السوداء في أدنى سلم الحضارة. سعى آشيبي عبر مقاله الأدبي لتصحيح هذه الصورة النمطية التي كانت سائدة عن أفريقيا لفترة طويلة.
وسنتناول في المقال القادم عملاً روايئاً آخر أسس في تنميط الانسان الاسود في الثقافة الاوربية.
aahmedgumaa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: النمطیة التی لفترة طویلة بشکل عام من قبل التی ی
إقرأ أيضاً:
الكهرباء تباع.. الظلام يخيّم على كردستان.. من المسؤول ؟
بغداد اليوم - السليمانية
ما إن يحل فصل الشتاء، وتنخفض درجات الحرارة لمستويات قياسية، تتفاقم أزمة الكهرباء في إقليم كردستان، حيث تعاني المدن من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. وبسبب تغيير جدول تشغيل المولدات الأهلية، يعيش سكان الإقليم ظلاماً دامساً من الساعة الواحدة ليلاً حتى الواحدة ظهراً.
ويعتمد سكان الاقليم مباشرة على وسائل تدفئة أخرى مثل تلك التي تعمل على النفط الأبيض، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يقضون ليالهم ملتحفين بالأغطية السميكة نظرا لشدة البرد.
وأوضح الخبير في شؤون الطاقة عثمان كريم لـ"بغداد اليوم" الثلاثاء (5 تشرين الثاني 2024)، أن "الأزمة تتزايد خلال الشتاء بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء نتيجة التدفئة وتشغيل السخانات، إضافة إلى دوام الجامعات والمدارس".
وأشار إلى أن "أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة هو توسع المجمعات السكنية التي زادت في الآونة الأخيرة وتوفر الكهرباء 24 ساعة يومياً بأسعار مرتفعة، مما يدفع العديد من المواطنين للانتقال للعيش فيها".
وأضاف كريم، أن "إنتاج الطاقة الكهربائية في إقليم كردستان ينخفض خلال فصل الشتاء إلى حوالي 2800 ميغاواط، في حين يحتاج الإقليم إلى أكثر من 6 آلاف ميغاواط لتلبية الطلب بالكامل".
وأوضح أن "غالبية المجمعات السكنية مملوكة لشركات ومستثمرين متنفذين، ويُخصص جزء كبير من الطاقة الإنتاجية لها على حساب الأحياء السكنية".
يشار إلى أن مدن الإقليم، فيها مجمعات سكنية حديثة، تعمل بنظام ما يسمى "الكارت"، وهو نظام دفع مسبق، حيث تتم تعبئة الكارت بمبلغ مالي لغرض الحصول على الكهرباء، وعند نفاد المبلغ يتم التجديد، وبهذه الطريقة تستمر الطاقة على مدار الساعة دون انقطاع.
وعلى عكس محافظات العراق، فأن المولدات الأهلية في محافظات الإقليم تعمل بنظام الجدول ولها ساعات تشغيل محددة، تبدأ من الواحدة ظهرا لغاية الواحدة بعد منتصف الليل، وتكون أجور الأمبير الواحد معتدلة بين 8 – 10 آلاف دينار، حيث لا تتوفر لديهم مولدات تعمل على مدار الساعة بأجور مرتفعة، كما في العاصمة بغداد.