تحت زخات الرصاص وزيارات الدعامة [9_ 10]
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
Rasheed132@hotmail.com
الرشيد جعفر على
أن قصة التهجير القسرى للانسان السودانى ، لم تكن فى حقيقة حالها سواء مأساة تحكى قصة الرحيل عن الأرض البكر الطيبة ، أنها الضياع والهوان انها الجرح الذى لا يندمل ، أن لم تكن الموت بالبطى ومغادرة الرجال وهم واقفين إلى الدار الآخرة ، من شدة الحسرة والألم لما جرى لهم .
فما يجرى الان اكبر من تبادل الاتهامات بين القوى السياسية فى من بدا الحرب ، انه افراغ ممنهج ومتكامل للانسان السودانى من أرضه ودياره دون رجعة تقف خلفه دوائر خارجية تسخر له من الاسلحة والاموال ما لا يخطر على بال ، أن لم نرتقى لمستوى الحدث ونرتفع لمستوى المسوولية ، فانه الخروج بدون عودة للديار والوطن الحبيب .
ما كنت اتهيب الدعامة ابدا ، وهم يمتطون اسلحتهم وجها لوجه فى طرق الحى او لدى زيارتهم المتكررة للمنزل فمهما كانت المخاطر ، فما تراه العين وتقراه انت من قسمات وجه الواقف أمامك بالسلاح يسهل التعامل معه ، لكن ما كان يقف خارج المنزل وانت لا تشاهده ويطلق النار دون سبب ودون حاجة لذلك ، وخاصة صوت تعمير السلاح كان يدخل الرعب فى نفسى بصورة كبيرة جدا لانك لا تامن ولا تعرف ما هى ارادته ورغبته فى ذلك التصرف الاعمى خلف الجدران .
فى احدى المرات وانا عائد للمنزل ، وجدت مجموعة من الدعامة تقف أمام البيت ، فذكرت لهم هذا بيتى فاشتاط أحدهم غضبا ووضع السلاح خلفى وامرنى بالتحرك أمامه للضابط المسوول عند نهاية الشارع ، فقابلنى الضابط بابتسامة وصورة ودوده أزالت التوتر الذى اعترانى ، يا زول انت شكلك عميد ، فاجلسنى معه لفترة طويلة ، ففى الحقيقة كان رجلا لطيفا وراقيا فى تعامله ، له ضربه كبيرة فى عنقه ذكر لى بأنها نتاج إصابته عند هجومهم الاول على القيادة اول يوم فى الحرب .
تم اكرامى بالماء البارد والشاى مع البسكويت ، و تسامر معى فى الكثير من المواضيع الدينية والسياسية وانطلاقة الحرب وعن دور الدعم فى إمكانية إصلاح البلاد ، وأكد لى بأنه لا علاقة لهم باى مواطن وطلب منى مصحف للتلاوة ، احضرته له واضفت اليه كتاب آخر هو الرحيق المختوم عسى ولعل يكون باب معرفة ومنجاة لى من هجمات وزيارات الدعامة ، فاصبح كلما يتم ايقافى من قوات الدعم اذكر اسمه او يتم اخذى له بصفته قائد المجموعة فيتم اخلاء سبيلى ، فكل ما اكدته له فى حديثى معه بان طرفى الحرب سودانيين اولا واخيرا ومن مصلحة البلاد انتهاء الحرب باسرع وقت لان المتضرر اولا واخيرا هو المواطن المغلوب على امره .
كانت مظاهر وعلامات قرب مغادرتنا للحى تكثر يوما بعد الاخر ، ذهبت إلى الجزء الشمالى من المربع حيث صمم الجميع على الخروج مع زيادة وتيرة الاعتداءات على المواطنين ، تم جلد شباب بيت الطاقة المشهور حيث كان بمثابة معسكر للشباب لتوفر الخدمات به ، كانت صورة الاعتداء مشينة وقبيحة ببطحهم على بطونهم فى الارض مع الجلد بالسياط على الظهر ، لتبقى اثار الضرب على اجساد الشباب لفترة طويلة ، بدا الجميع فى الترتيب للخروج مع مطالبات الدعم بتفريق المربع الذى اصبح عبارة عن ثكنة عسكرية من كثرة الاعداد القادمة يوميا .
طلبت من المجموعة البقاء يوم او يومين لتتضح الرؤية لأن الدعم كان مختلف فى اوامره مجموعة تامر بالخروج ، وأخرى توكد بانهم لا علاقة لهم بالمواطن ابدا حسب تداعيات الفترة الماضية ، ولكن أغلبية المتبقين من الحى كانت مع الخروج حيث طالت ووصلت المعاناة الى قمة الذروة ، وبدأت رحلة التيه إلى أين الذهاب
فكلا أصبح يمتطى امتعته او ساحبا لحقيبته فى منظر محزن لآخر مجموعة خرجت من المربع ، لم يبقى بعدها الا ثلاثة منازل خرجت بعد يومين او ثلاثة مع تسابق الاحداث وظلت واحدة متخندقة حتى الآن ونحن نتجاوز العام على بداية الحرب نسأل الله أن يحفظهم ويهى لهم كل مامن الاستقرار والأمان .
خرجنا الى أقصى شمال المربع مع الحدود المتاخمة للمدرعات حتى نرتب للصباح وجهات السفر او الرحول ، كان لجارنا كلب لم يطيق أن يفارقه ابدا ظل متابعا لنا حتى موطى نزولنا فى منظر موثر لم تفلح معه كل محاولات صده لمتابعتنا حيث لا ندرى إلى أين المسير ، بدأت اتذكر حديث الاعرابى الذى سئل عن ما هى الغبطة ؟ فقال الكفاية، ولزوم الأوطان والبقاء مع الاخوان وقيل له ما الذلة قال التنقل فى البلدان والتنحى عن الأوطان .
خرجنا بعد تردد فى صور حزينة ومولمة والأغلبية لا تعرف أين المسير وسط الدموع المحبوسة عند حواف أعين الرجال وانكسارتهم وضعفهم ، لا تستطيع بنت عدنان مهما كانت بلاغتها أن توضح ما اختلج النفوس من اوجاع واحزان لحظة المغادرة ، نجر حقائبنا وخيباتنا واحلامنا الميتة ، فى رحلة لكثيرين منا هى للمجهول ....تسأل أحدهم أين المسير ؟ يجيبك بأنه سيقرر فى الصباح ، ذهبنا الى احد اقاربنا فى أقصى شمال المربع حيث القرب من المدرعات ريثما يحل الصباح ويقرر لنا الوجهة
عند الصباح سافر من سافر وبقى من بقى فخرجت إلى المربع ابحث عن حقيقة الوضع هنالك عند حدود منطقتنا ، فحملت جزء من ملابسى وتركت الباقى حيث أصبحت اشيائى مقسمة إلى خمسة منازل حسب تداعيات الاحداث ومحاولة لملمة ما يمكن اخذه بعد الخروج ، كنت فى حالة منازعة شديدة للخروج او البقاء مع ضعف كل فرضيات الإقامة بالحى ، كاد راسى أن يعصف بى ، اين المسير واى وجهة اقبل عليها ، قضيت ليلتى دون نوم .
وفى الصباح قررت الرجوع إلى منزلنا لشدة ما كنت كاره لخيار المغادرة ، وليكن ما يكن عدت وحدى إلى المربع تضامنا مع من بقى لاخر ثلاثة اسر ، وعند مدخل الشارع وجدت عسكرى دعم مرابط عند بداية الشارع ، فاخبرته اننى اسكن هنا وعدت من زيارة اقاربى بالجزء الشمالى بالمربع المعلوم انه فى نطاق الجيش فقال لى يا زول واحد من اتنين يا بهنا يا بهناك مافى مشية وجية فاكدت له هنا حيث المنزل ، فرجعت وما اطمانيت له أن المنزل لم يعتدى عليه طيلة ذلك اليوم رغم قرب الدعم منه .
عدت إلى المنزل مع راحة نفسية قضيت النهار به وبالليل متنقلا بين الجيران الاثنين الذين لما يفارقا بعد الحى ، فى اليوم الأول نمت فى فناء الحوش مع صديقى الشيخ حيث الراحة النفسية والخطورة المتوقعة من الدانات التى أصابت الكثير من منازل المربع ، فى الليلة الثانية مع جارى وحبيبنا وليد حيث وقعت دانة بالقرب من منزله حتى خلت انها فى نفس منزله ، فقذفت بنفسى لحظة وقوعها إلى الداخل من شدة تفجرها ، ولكنها كانت فى الشارع قادمة من اتجاه المدرعات فمع صوت الدانة المخيف ترددنا فى المبيت فى الخارج حيث الدانات المتواصلة ام بالداخل حيث السخانة القاتلة فاخيرا توكلنا على الله وبتنا ليلتنا بالخارج .
وعند الصباح وجدت اثار الدانة بالقرب من منزل الجيران ، فرجعت متخفيا إلى المنزل حيث كانت الزيارة الاخيرة للدعامة لى ، والتى افضت الى اقتيادى بصورة مذلة الى ارض المعسكرات بسوبا ومنها مغادرة المنزل بسبب مليشيات الدعم السريع لعن الله من انشاها ، ومن لم يبادر بادانة افعالها البربرية الوقحة فى حق الوطن وابناءه ولو بكلمة واحدة ، كان المنشى والمتحالف الان لا يعلم بأنها كانت وظلت وستكون اكبر مهدد للامن القومى السودانى متى بقت على ارض الواقع السودانى ، لكنها لعبة التوازانات التى لا تراعى ولا تعرف مصلحة الوطن والمواطن ابدا .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
اكتشاف مقبرة جماعية تضم مئات الجثث شمال الخرطوم
تتواصل المعارك قرب القصر الجمهوري في الخرطوم، تخللها دوي انفجارات، في حين أفاد مصدر أمني للجزيرة باكتشاف السلطات السودانية مقبرة جماعية سرية داخل قاعدة قري العسكرية في الجيلي شمال بحري، يُرجح أنها تضم ضحايا تمت تصفيتهم على يد قوات الدعم السريع.
وبحسب تحقيق لصحيفة الغارديان، فإن مئات الأشخاص ربما تعرضوا للتعذيب أو التجويع حتى الموت قبل دفنهم في مقبرة جماعية سرية شمال الخرطوم.
وأضافت الصحيفة أن زيارة إلى قاعدة لقوات الدعم السريع، بعد أن تمكن الجيش السوداني من استعادتها، أظهرت وجود مركز اعتقال غير معروف، فيه أغلال معلقة وغرف للعقاب وبقع من الدماء على الأرض.
وذكرت الصحيفة البريطانية أنه يوجد على مقربة من مركز الاعتقال 550 قبرا على الأقل بلا أسماء، الكثير منها حُفرت في وقت قريب، ويحتوي بعضها على عدد من الجثث.
"إحدى أسوأ جرائم الحرب"
ووصفت الصحيفة المقبرة بأنها الأكبر من بين المقابر التي عُثر عليها خلال الحرب في السودان، وقد تكون إحدى أسوأ جرائم الحرب خلال هذا الصراع الدامي.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على هذه القاعدة شمال الخرطوم، وأنشأت فيها مركزا للقيادة والتدريب بعد أن بدأت الحرب في السودان.
وأكدت صور الأقمار الصناعية والمصادر العسكرية عدم وجود أي مقابر في هذه المنطقة قبل أن تبدأ الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، بحسب الصحيفة.
إعلانوقال ناجون من مركز الاحتجاز شمال الخرطوم إن العديد من المحتجزين لقوا حتفهم ويُرجح دفنهم قرب الموقع، في حين كشف فحص طبي عن آثار تعذيب وتجويع شديد.
من جهتها، قالت هيومن رايتس ووتش إن مركز الاحتجاز قد يكون "أحد أكبر مواقع الجرائم الوحشية المكتشفة في السودان منذ بداية الحرب"، داعية إلى السماح لمحققي الأمم المتحدة بالوصول إلى الموقع.
وتعتقد المصادر العسكرية أن قوات الدعم السريع لم تكن تتوقع العثور على مركز الاحتجاز وأرض الدفن شمال الخرطوم.
وخلال الآونة الأخيرة، استعاد الجيش من قوات الدعم السريع كل مدن ولاية والجزيرة وقراها باستثناء أجزاء صغيرة شمالي وشمال غربي الولاية المتاخمة للعاصمة الخرطوم.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة وشمال كردفان (وسط)، والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق (جنوب).
وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش يسيطر بالكامل على مدينة بحري شمالا، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان غربا، و75% من عمق مدينة الخرطوم التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي، بينما لا تزال "الدعم السريع" في أحياء شرق المدينة وجنوبها.
ويخوض الجيش السوداني والدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.