هل شم النسيم للمسيحيين فقط والاحتفال به حرام شرعا؟.. ثوابه جزيل فاغتنمه
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
لعل ما يطرح السؤال عن هل شم النسيم للمسيحيين فقط ؟، وما حكم احتفال المسلمين به؟ هل الاحتفال به حرام؟، واستفهامات أخرى كثيرة تطرحها عادة المصريين بالاحتفال بيوم شم النسيم وتزامنه مع أعياد إخوتنا المسيحيين حيث عيد القيامة المجيد، ومن تلك المشاركة في الاحتفال بهذا العيد - شم النسيم- بين المسلمين والإخوة المسيحيين ينبع سؤال هل شم النسيم للمسيحيين فقط؟.
ورد أن شم النسيم عيد لا علاقة له بأي دين، فهو عيد مصري قديم احتفل به قدماء المصريين، حيث تتجدد الحياة، وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو بدء خلق العالم، وسجل على جدران المعابد أن المعبود رع يقوم في ذلك اليوم بالمرور في سماء مصر داخل سفينته المقدسة ويرسو فوق قمة الهرم الأكبر وعند الغروب، يبدأ رحلته عائدا للأرض صابغا الأفق باللون الأحمر رمزا لدماء الحياة، الذي يبثها من أنفاسه إلى الأرض معلنا موت المعبود (ست) إله الشر.
حقيقة تحريم الاحتفال بشم النسيموقالت دار الإفتاء المصرية، إن ما يقال من أن مناسبة "شم النسيم" لها أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأي مبادئ أو عقائد دينية، لا في أصل الاحتفال ولا في مظاهره ولا في وسائله، وإنما هو محض احتفال وطني قومي بدخول الربيع؛ رُوعِيَ فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوي الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد، والسلوكيات المحرمة إنما هي فيما قد يحدث في هذه المناسبة أو غيرها من سلوكيات يتجاوز بها أصحابها حدود الشرع أو يخرجون بها عن الآداب العامة] .
هل الاحتفال بشم النسيم حراموأكدت دار الإفتاء المصرية، أن شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية.
وأوضحت “ الإفتاء” في إجابتها عن سؤال : ( هل الاحتفال بشم النسيم حرام ؟) ، أنه يحتفل المصريون جميعًا في هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المنتزهات.
وتابعت: وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا، فبعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل؛ كصلة الأرحام.
وأضافت: وبعضها من المباحات التي يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها؛ كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام، منوهة بأنه كان الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه - والي مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- يخطب المصريين في كل عام ويحضّهم على الخروج للربيع.
وأشارت إلى أن ذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب"، وابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها"، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف".
ونبهت إلى أن الأصل في موسم "شم النسيم" أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنساني اجتماعي لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى.
وبينت أنه كما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم "عيد شموس" أو "بعث الحياة": احتفل البابليون والآشوريون "بعيد ذبح الخروف"، واحتفل اليهود "بعيد الفصح" أو "الخروج"، واحتفل الرومان "بعيد القمر"، واحتفل الجرمان "بعيد إستر"، وهكذا.
واستطردت : ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس في البلدان التي دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.
وأفادت بأنه لَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.
ولفتت إلى أن هذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هل شم النسيم شم النسيم هل الاحتفال بشم النسيم هل الاحتفال بشم النسيم حرام الاحتفال بشم النسيم هل شم النسیم بشم النسیم
إقرأ أيضاً:
الدماء الفقيرة.. ما وراء إصابة ثلث المصريين بالأنيميا
القاهرة – تشير معطيات رسمية مصرية إلى ارتفاع معدلات الإصابة بفقر الدم (الأنيميا) بين المصريين لنسب اعتبرها مراقبون مقلقة على صعيدي الصحة المجتمعية والطاقة الإنتاجية.
وكشف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري (جهة رسمية) عن ارتفاع معدل الإصابة بفقر الدم بين المواطنين إلى نحو 40%، وحذَّر في تقرير له من أن هذا المرض يمثل عبئا اقتصاديا على الدولة، إذ يتسبب في خفض الطاقة الإنتاجية للأفراد.
ومن زاوية المخاوف نفسها، علَّق وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار على الموضوع، وأبدى قلقه من تداعيات سوء التغذية قائلا "لا تقتصر على الصحة العامة، بل تمتد لتؤثر على الاقتصاد والمجتمع كله".
وقال الوزير عبد الغفار خلال احتفالية إطلاق البرنامج الوطني لدعم رغيف الخبز بالمغذيات الأساسية، إن "الحكومة تحركت لدعم رغيف الخبز بالمغذيات الأساسية ومنها الحديد"، مبينا مخاطر فقر الدم على الأطفال حيث يؤثر سلبا على الإدراك.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يعد فقر الدم حالة صحية يقل فيها عدد خلايا الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي، وقد تنتج عن عدة عوامل منها النظم الغذائية غير الملائمة أو الأمراض المزمنة أو الالتهابات.
وحسب وزارة الصحة المصرية، ينتج فقر الدم لنقص في كمية الطعام المتناولة بفعل الفقر أو عدم تناول وجبات غذائية غنية بالحديد أو سوء امتصاصه أو فقده داخل الجسم بسبب أمراض معينة.
إعلانومن أعراض الأنيميا الصداع والشعور بالتعب والإعياء وضيق التنفس وزيادة معدل ضربات القلب، كما أنها تؤدي لضعف النمو وضعف التركيز لدى الأطفال.
مرضى فقر الدم، وبخاصة أصحاب الأمراض المزمنة، يرهقهم التنقل بين أروقة الجهات الصحية سواء المملوكة للدولة أو الخاصة للحصول على أكياس الدم أو الأدوية المعالجة.
معاناة العلاجويقوم المواطن "رضا" برحلة مرهقة شهريا للحصول على حقن "إيبوتين" من هيئة التأمين الصحي (جهة حكومية تصرف الأدوية مجانا للمواطنين المنتسبين لها) أو كيس دم من المستشفيات القريبة من محل سكنه.
يعاني رضا -وهو موظف حكومي- من مرض قصور الكلى الذي يسبب له انخفاضا دائما بمستوى الهيموغلوبين في الدم حيث يتراوح بين 7 إلى 9، وطبقا للبرنامج العلاجي المقر لحالته الصحية فهو "يحتاج شهريا للحقن بـ12 أمبولة من عقار إيبوتين".
ويقول رضا للجزيرة نت "في ظل أزمة الأدوية الأخيرة، صار تحصيل الدواء من التأمين الصحي شاقا، فإما العقار غير متوفر وإما تُعقّد الإجراءات بشكل يصعب على المرضى إنهاؤها، كالخضوع لتحليل مخبري شهري لإثبات تراجع مستوى الهيموغلوبين والحصول على موافقة أكثر من جهة ومسؤول".
ويضيف "لا أستطيع شراء الحقن من الصيدليات، إذ يبلغ سعر الحقنة الواحدة 200 جنيه (الدولار يساوي 51.76 جنيها)، لذا أحتاج 2400 جنيه لشراء نوع دوائي واحد رغم أن راتبي لا يتعدى 6 آلاف جنيه".
وكذلك ارتفع سعر كيس الدم ببنوك الدم في المستشفيات من 300 جنيه قبل عامين إلى نحو 900 جنيه، ويشترط البنك -إضافة لدفع ثمن الدم- توفير متبرع.
ومع ذلك، يصف رضا نفسه بـ"المحظوظ" لأنه يأخذ الدواء بالمجان، في حين أن من هم خارج مظلة التأمين الصحي أو منظومة العلاج على نفقة الدولة تتضاعف معاناتهم.
ولا يبدو ارتفاع فقر الدم بين المصريين مستغربا بالنظر لمعدلات الفقر بالبلد، التي وصلت -وفق آخر إحصاء رسمي- إلى 29.7% عام 2020، في حين ارتفعت إلى 32.5% في 2022، وفق تقرير للبنك الدولي.
إعلانويؤدي سوء التغذية، وفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، لمخاطر عديدة منها أنيميا نقص الحديد (فقر الدم)، وتؤثر على كثير من الأطفال والمراهقات والنساء بمصر.
كما أن ضعف الحصول على نظام غذائي متوازن لدى الشرائح الأفقر من المجتمع أو انعدام الأمن الغذائي ضمن أسباب سوء التغذية بمصر.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي، خلال كلمتها أمام مجلس النواب، إن "نحو 12 مليون أسرة تقع تحت خط الفقر".
وفي 20 مارس/آذار الماضي، نشر مركز بصيرة (جهة رصد إحصائي) تقريرا أظهر انخفاض استهلاك المصريين للحوم إلى النصف خلال أربع سنوات، حيث تراجع استهلاك اللحوم من 18 طنا لكل ألف مواطن عام 2018 إلى 9 أطنان فقط عام 2022.
كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أن 74% من الأسر المصرية خفضت استهلاكها من السلع الغذائية، في حين قللت 93% من الأسر استهلاك اللحوم والدواجن.
ورغم إعلان الحكومة البرنامج الوطني لدعم رغيف الخبز بالمغذيات الأساسية، فإن شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية تتوقع زيادة سعر رغيف الخبز خلال الأيام القادمة بنحو 30% أو تخفيض وزنه بنحو 20 غراما نتيجة لزيادة أسعار المحروقات نهاية الأسبوع الماضي.
رأس المالمن جهته، يرى مدير المركز الدولي للدراسات التنموية مصطفى يوسف أن الحكومة المصرية تفتقد للاهتمام بالاستثمار في رأس المال البشري رغم الكثافة السكانية العالية.
ويقول يوسف للجزيرة نت إن "الاهتمام بقطاعي الصحة والتعليم ينعكس على بناء رأس مال بشري مبدع وقادر على العمل"، ويضيف "لا تنتظر من إنسان جائع أو مرهق بسبب سوء نظامه الغذائي أن يعمل جيدا أو يقدم أفكارا إبداعية".
ويُحذر من تداعيات ارتفاع فقر الدم بين المصريين من الناحية الاقتصادية، حيث تقل إنتاجية المصابين، فضلا عن إنفاق مبالغ طائلة لعلاجهم.
إعلانويشير الخبير التنموي إلى انخراط الحكومة المصرية في العمران كتشييد الجسور والمقار الرسمية وتنشغل عن بناء الإنسان، إذ لم تضع خطة للوقاية من سوء التغذية بتوفير البروتين الحيواني أو النباتي بأسعار مناسبة للمواطنين مقارنة بمداخلهم.
ويلفت الخبير في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) نادر نور الدين محمد إلى حصول الفقراء على البروتين من مصادر نباتية غير حيوانية مثل البقوليات كالفول والعدس، التي ارتفع سعرها خلال السنوات الأخيرة وأصبح توفيرها يشكل عبئا على منخفضي الدخل.
ويرى بمقال له بعنوان "التصدي للأنيميا وتراجع استهلاك اللحوم"، أن ارتفاع نسب فقر الدم والسمنة بين الأطفال "يُنذر بجيل قادم ضعيف وقصير العمر ومتعدد الأمراض تغير التوزيعة السكانية بحيث تكون السيادة لكبار السن الذين تربوا في زمن الغذاء الرخيص".
ويطرح محمد حلولا لمواجهة فقر الدم بمصر، منها الاهتمام بوجبات الطعام بجميع المدارس لتكون غنية بالعناصر الغذائية المتكاملة، ومضاعفة الحصص التموينية للأسر بالمناطق الأكثر فقرا كمحافظات الصعيد، وصرف وزارة التموين "زيت الصويا" الذي يحوي نسبة مرتفعة من البروتين تتراوح بين 40% و44% بدلا من زيت "عباد الشمس".
كما دعا الحكومة للنظر في تأجيل أو تعديل بعض القرارات الاقتصادية التي تمس الطبقات الفقيرة والمتوسطة حتى تتحسن صحة العامة.