أكاد أجزم أنه لم يكن يدور في خلد نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا للحظة واحدة، عندما استدعت الشرطة الأميركية لتفريق تظاهرة طلبة الجامعة ضد الحرب على غزة، أنها تشعل بيدها انتفاضةً عاتيةً ستمتدّ على طول الجامعات الأميركية الكبرى وعرضها، وتتجاوز الولايات المتحدة لتنتشر في جامعات دولية عريقة في مختلف دول العالم ولا سيما في القارة الأوروبية.

ولعل من المفارقات اللافتة أن تكون بداية هذه الأحداث قد جرت على يد أستاذةٍ من أصل مصري وُلدت في الإسكندرية قبل أن تهاجر عائلتها خارج مصر إلى بريطانيا، فالولايات المتحدة وتحملَ جنسيتهما. فمصر هي الجارة الأقرب لقطاع غزة المحاصر، وهي بوابة غزة الوحيدة إلى العالم، والأستاذة المصرية كانت من حيث لا تدري البوابةَ الكبرى التي أوصلت صوت غزة للمجتمع الطلابي الأميركي، وتسببت في انتفاضةٍ حقيقيةٍ في الجامعات قد يدفع الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن وإدارته ثمنها غاليًا في الانتخابات القادمة بعد ستة أشهر.

انتفاضة الجامعات الأميركية التي انطلقت من جامعة كولومبيا لم تكن الوحيدة في التاريخ الأميركي، فقد عرفت الولايات المتحدة انتفاضتين مشابهتين لهذه الحالة في ستينيات القرن الماضي ضد الحرب في فيتنام – وللمفارقة فقد انطلقت تلك الانتفاضة أيضًا من جامعة كولومبيا – وفي الثمانينيات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وكانت الحركة الطلابية في الجامعات الأميركية قد نجحت في هاتين الحالتين في تشكيل حالةٍ عارمةٍ تسببت لاحقًا بشكل غير مباشر في تغيير مسار السياسة الأميركية تجاه فيتنام بالانسحاب منها، وفي فرض العزلة على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا – الذي كانت الولايات المتحدة من أشد الداعمين له – بما ساهم في سقوطه وتفكيكه لاحقًا.

ولعل هذا ما أصاب اللوبي المتحالف مع إسرائيل في الولايات المتحدة بالرعب من الحركة الطلابية الحالية ودفعه لرفع كافة البطاقات الحمراء التي يملكها في وجه طلبة الجامعات؛ ابتداءً بورقة معاداة السامية، وليس انتهاءً بالاتهامات بدعم الإرهاب، وقد أثبت الطلاب في هذه المرة أن هذه الاتهامات المعلبة التي كانت تنجح في لجم أي حراكٍ معادٍ لإسرائيل على مدى سبعين عامًا لم تفلح هذه المرة في ترهيب الطلبة وإرغامهم على التراجع عن مواقفهم.

إسرائيل نفسها أصيبت بالرعب، ووصل الأمر بنتنياهو شخصيًا للتدخل السافر في شأنٍ يعتبر أميركيًا داخليًا، فحرّض علنًا على ضرورة قمع حركة طلبة الجامعات، الأمر الذي حدا ببعض الصحفيين الأميركيين لاعتبار ذلك تدخلًا في الشؤون الأميركية الداخلية بشكل فجّ ووقح.

ثم أتى جلعاد أردان مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة ليعلن أمام أمم العالم كافةً إعلانًا سرياليًا يدعي فيه أن إسرائيل "اكتشفت" أن حماس "تختبئ" في جامعتَي هارفارد وكولومبيا! بل من الطريف أن نجد أن بعض الساسة الأميركيين اضطروا للاستعانة بالأفكار التي استعملتها بعض الأنظمة القمعية فيما يسمونه: "العالم الثالث" عبر استئجار بعض البلطجية للاعتداء على المتظاهرين في جامعة كاليفورنيا، بما يذكرنا بالأسلوب المسمى إعلاميًا: "المواطنون الشرفاء" الذي اتبعته بعض الأنظمة في سنواتٍ ماضيةٍ لقمع التظاهرات.

هذه الحركة الطلابية التي تزداد قوتها يوميًا في الجامعات الأميركية وتنتقل فكرتها إلى الخارج جعلت بعض الأصوات تتعالى في العالم العربي والإسلامي متسائلةً عن دور الجامعات العربية والإسلامية فيما يحدث في قطاع غزة، وعن سبب الهدوء النسبي في الجامعات العربية والإسلامية مقابل ما يحدث في الجامعات الأميركية والأوروبية.

وفي رأيي فإن هذه المفارقة ليست عادلة من عدة وجوه، حيث إن الواجب فهم طبيعة الاختلافات الجوهرية في الحياة الجامعية والعامة بين الولايات المتحدة والبلدان الغربية من ناحية، والبلدان العربية والإسلامية من ناحية أخرى. لا أعني هنا الممارسات الديمقراطية والحرية النسبية الأوسع في العالم الغربي بشكل مختلف كثيرًا عن العالم العربي، بل إن طبيعة وشكل الحراك الاجتماعي الطلابي في هذه المناطق يختلف باختلاف طبيعة المجتمع نفسه.

ففي العالم العربي، لابد من الاعتراف بأن طلبة الجامعات كانوا على الدوام القوة الأسرع تحركًا والأقوى حضورًا في الشارع خارج حدود الجامعات، ولعل حراك طلبة الأردن الذين حاصروا السفارة الإسرائيلية على مدى أكثر من أسبوعين في شهر رمضان المبارك مجرد مثال واحد على طبيعة الحراكات الطلابية في العالم العربي والميدان الذي تتحرك فيه.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجامعات التركية لا تترك أسبوعًا دون تظاهرات في مختلف الجامعات، بحيث تشكل حالةً عامةً للطلبة تعبر عن غضب الشارع مما يجري وترد على بعض الساسة الأتراك الذين هاجموا المقاومة الفلسطينية، كما فعل بعض طلبة الجامعات قبل أيامٍ حين نشروا لوحاتٍ في خطوط المترو في إسطنبول ترد على رئيس بلدية المدينة المنتمي للمعارضة التركية أكرم إمام أوغلو، الذي وصف حركة حماس بالإرهاب. وهذا ما نراه كذلك لدى طلبة الجامعات في دول أخرى مثل المغرب ومصر وغيرهما عبر حراكات في الشوارع، وليس بالضرورة بأسلوب الاعتصامات في الجامعات كما يجري في الولايات المتحدة.

إن الفارق الأساسي بين هذه التحركات وحركة الجامعات الأميركية هي أنها تعمل في بلدان يعتبر الجو الشعبي العام فيها متعاطفًا بشكل كامل وطبيعي مع الشعب الفلسطيني، بعكس الحالة لدى الولايات المتحدة والدول الأوروبية المختلفة، وهذا فارق جوهري يضاف إلى فارق الحقوق المدنية وحقوق التعبير التي يتمتع بها العالم الغربي بشكل أعلى نسبيًا من المنطقة العربية.

لابد هنا من الإشارة إلى أنني أرى أن التقصير حاصلٌ بالفعل في الحالة العربية الشعبية والرسمية العامة تجاه ما يجري في غزة في مقابل حجم المعاناة غير المعهودة في القطاع الذي يتعرض لحملة إبادةٍ حقيقية، الأمر الذي يجعل أي حراك مجتمعي أو سياسي في المنطقة المحيطة بالأراضي الفلسطينية يبدو غير ذي قيمة كبيرة، إذا ما قُورن بحجم الوحشية الإسرائيلية في غزة، والتي تجعل أي تحرك تقل نتائجه عن وقف هذه المجازر الوحشية يبدو أقل من المطلوب.

لكن من ناحية أخرى، لابد من القول إن تراكم هذه الأعمال بشكلٍ متتالٍ ومتنوع حسب طبيعة البلد وثقافته وهويته، وتصاعُدَ الغضب العالمي بشكل تدريجي، هي مسألة يجب البناء عليها، بل إنها تعتبر الاتجاه الطبيعي لدى الشعوب بشكل عام، لأنَّ حركة الشعوب تعتبر في العادة بطيئة مقارنة بحجم الأحداث، ولكن في مقابل هذا البطء فإن التحرك الشعبي غالبًا ما يكون – عندما يحصل – فعالًا وقويًا وصادمًا، لأنه يكون مبنيًا على تراكم الانفعالات، حتى تتحول إلى تيارٍ جارفٍ لا يمكن الوقوف في وجهه.

وهذا ما يمكن القول إنه يحدث في العالم العربي والغربي على حد سواء اليوم، فالغضب يتصاعد ويتراكم شيئًا فشيئًا، وفي لحظةٍ فارقةٍ لا أحد يستطيع أن يحددها يمكن أن يتحول هذا الغضب إلى حراكٍ عارمٍ. ولعل هذا ما يمكن فهم الحراك الطلابي الأميركي أيضًا في إطاره.

فالطلبة الأميركيّون كانوا يرون ضرائبهم تذهب منذ سنواتٍ لدعم ومساندة إسرائيل بمباركة منظمات اللوبي الصهيوني كالأيباك وغيرها. ولعل من أبرز إشارات هذا التململ الطلابي الشبابي خلال السنوات الماضية كان الدعم الكبير الذي حظي به السيناتور الديمقراطي اليهودي بيرني ساندرز المنتقد علانيةً لإسرائيل لدى طلبة الجامعات الأميركية عام 2016، للفوز ببطاقة الترشح في الانتخابات الرئاسية في وجه هيلاري كلينتون، حيث كانت تلك إشارةً كان على الساسة الأميركيين أن يلتقطوها ليفهموا طبيعة التحولات في المجتمع الطلابي الأميركي الذي يشكل مستقبل التوجه العام للمجتمع الأميركي.

لكن كما يبدو لم يفهم الساسة الديمقراطيون تلك الرسالة، واستمروا في تجاهل التحولات في المجتمع الطلابي الأميركي، لتأتي أحداث حرب غزة الحالية وتطلق العنان للحراك الطلابي بشكل غير مسبوق بعد تراكماتٍ استمرت سنواتٍ طويلة.

ولا أرى ما يشير إلى أنّ مثل هذه الحالة لا تنطبق أيضًا على العالم العربي، وقد رأينا مسبقًا تراكماتٍ أدت إلى انفجار ثوراتٍ كان عمودها الفقري من طلبة الجامعات، وبرأيي فإن على ساسة العالم كله عمومًا، والعالم العربي خصوصًا، أن يلتفتوا إلى شكل وطبيعة حراك الطلبة ويستجيبوا له ولا يحاولوا معاندته أو قمعه، لأنه المظهر الأبرز لطبيعة تحولات الشارع، فمن لم يفطن لهذه المعادلة المتكررة تاريخيًا فسيجد نفسه خارجها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الجامعات الأمیرکیة الولایات المتحدة فی العالم العربی طلبة الجامعات فی الجامعات هذا ما

إقرأ أيضاً:

ما يفعله الثور في مستودع الخزف

(1)

بعيداً من دونالد ترامب وأفاعيله، علينا أن ندرك أن ما يدور في الساحة الدولية وفي المستوى العالمي يعزّز حقيقة أنّ ثمّة حرباً "معولمة" (لا عالمية)، نعيش تجليّاتها وتتنفّس هواءها، وما بقي للعاقل إلا أنْ يتحسّب لتداعياتها. لا يحتاج المرء أن يعينه ناصحٌ لأنْ يرى كيف هي غضبات الطبيعة ممّا نرى من مشاهد تحوّلات المناخ، واجتياح النيران للخضرة، واهتزاز الأرض من تحت أقدامنا بالزلازل، وكثير كثير من مظاهـر ذلك الغضب. لكأنّ ذلك لا يكفي، فإذا بغضبات البشر من أنفسهم على أنفسهم تزيد الأمر ضِغثاً على إبَّالة. تجتاح الصراعات الأصقاع وتضرم الحروب نيرانها في الأنحاء شرقيها وغربيها، ولا تملك آليات حفظ الأمن والسلم، التي أقرّها ميثاق الأمم المتحدة وما تفرّع منها من مؤسّسات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو قانونية، فعّاليةً تُعين. تبدّى عجز أكثر تلك المنظّمات، وتضعضعت فعّاليتها من نقص تمويلها بإرادة القابضين على من بيدهم المنح والمنع، ومن المتنمّرين من أقوياء العالم، مثل رئيس الولايات المتحدة، الذي يسعى بوفاض خال من فكرٍ ومن رؤى لحلّ أزمات العالم وحروبه، في أقل من مائة يوم (كما زعم)، وهو يجالس أهل الإعلام في مكتبه.

(2)
يقف العالم في دهشةٍ أمام سياسيٍّ مشكوكٍ في قدراته السياسية، كسب انتخابات الرئاسة الأميركية وصار في رأس أقـوى دولة في العالم الماثل

خلال أسـابيعه الأولى، استعدى الرّجل جيران بلاده بصورةٍ استفزازيةٍ غير مسبوقة. على كندا أن تكون الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة، وعلى المكسيك أن تستعدّ لبناء جدار بينها وبين بلاده، ولن يحقّ لها أن تعطي اسمها للخليج المطلّ على السواحل الأميركية. وعلى دولة بنما ألا تستمتع بالسيطرة على القناة الاصطناعية الفاصلة بين المحيطين الأطلسي والهادي، وأنّ عليها أن تعيدها إلى الولايات المتحدة. أمّا غرينلاند، فلها أيضاً أن تكون ولايةً ضمن الولايات الأميركية.

(3)
ثمّ هنالك الحروب الثلاث المشتعلة منذ أكثر من عامين. الأولى بين روسيا وأوكرانيا (فبراير/ شباط 2023)، والثانية حرب السودان الكارثية (إبريل/ نيسان 2023)، والثالثة حرب إسرائيل لإبادة الفلسطيني في غزّة (أكتوبر/ تشرين الأول 2023). إنّ الرئيس الأميركي قد ألزم نفسه بما أوتي (حسب ما جعلنا نظن) من قدراتٍ "سحريةٍ" خارقة باحتواء هذه الحروب، بأعجل ما يمكن. وفيما سارع الرئيس ترامب إلى طرح ما يشبه الوساطة لوقف الحـرب بين روسيا وأوكرانيا، فقد بادر باستدعاء رئيس أوكرانيا إلى واشنطن، ثمّ تعمّد إذلاله في مكتبه البيضاوي أمام عدسات الإعـلام العالمي. كان واضحاً أنّ المبادرة التي طرحها على الرئيس الأوكراني مجرّد مناورة تستبطن أمرين: أولهما التودّد لروسيا، وثانيهما قضم نصيبٍ من الموارد الطبيعية من أوكرانيا. أما دول الاتحاد الأوروبي فلها أن تلعب الوسيط المستتر لإقناع الرئيس الأوكراني بالتعاون مع الرئيس الأميركي.
أمّا عن حرب غزّة، فقد اقترح الرئيس ترامب "الساحر" على إسرائيل، التي أبادتْ الفلسطينيين في غزّة، أن تكون غـزّة كلّها وساحلها منتجعاً إسرائيلياً أميركياً مشتركاً بين البلدَين. وهكذا فإن كان "الديمقراطيون"، خلال إدارة بايدن السابقة، أكثر موالاة لليهود، فإن "الجمهوريين" صهاينة أكثر من نتنياهو. أمّا حرب السودان فلها أن تنتظر بعض الوقت، إذ التنافس بين طرفيها كفيل بدمار البلاد في حرب إبادة جماعية ذاتية، يسهل بعدها إعادة رسم خريطة جديدة من ثلاث أو أربع دويلات تفرزها دولة كانت من أكبر البلدان الأفريقية. ... وهكذا تنجلي للناظر بعمق، كيف تتقاطع المصالح وتتلاقى، والرابح معروف والخاسر يعرف مبلغ خسارته.

(4)
لم يؤجّل الرئيس "الساحر" أيّاً من مبادراته لاستعادة "العظَمة الأميركية"، فاتجه نحو الداخل الأميركي مستعيناً بمستشار أشدّ "سحراً" منه. جاء الرئيس بإيلون ماسك لرسم سياسات داخلية يتخلص عبـرها من جيوشٍ من عناصـر الخدمة العامّة في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأميركية. لم تعفِ تلك السياسة الاستخبارات المركزية ولا وزارة التعليم ولا الجيش، فيما شـرع الدبلوماسيون في وزارة الخارجية الأميركية يبلون رؤوسهم أمام سيل المبعوثين الذين عُيّنوا من ساكن البيت الأبيض لتولّي عديدٍ من ملفات السياسة الخارجية، وجلّهم من صفوف الشعبويين والجمهوريين من بين مؤيّدي ترامب. لا ينظر أحد إلى خبرات الدبلوماسية العميقة لمعالجة أزمات وصراعات مستفحلة، بل التكليف لخبرات سياسية محضة.
جاء الرئيس بإيلون ماسك لرسم سياسات داخلية يتخلص عبـرها من جيوشٍ من عناصـر الخدمة العامّة في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأميركية

(5)
وقبل إكماله مائة يوم لبدء استعادة العظمة الأميركية، يشعل الرئيس الأميركي حرباً اقتصادية وتجارية مع أطرافٍ عديدةٍ عالمية، لكأن تجليات الحرب العالمية الثالثة لن تكتمل إلا بعـد إشهار الأسـلحة التجارية بما يقـوّض مسلمات التجارة الدولية، ومن دون أدنى مبادرات للحوار والتشاور والتناصح. لا يرى الرئيس الأميركي أن هنالك كياناً دولياً من مهامه رعاية التجارة الدولية وتنظيمها، وإن لم يعلن ترامب أنه قد ينسحب من منظّمة التجارة الدولية، لكنّه قد يمارس هوايته في الانسحاب الفعلي من دون إعلان. ما أثاره الرجل من رفع الرسوم الجمركية، قد يحدث خراباً تجارياً في الساحة الدولية، مثلما قد يؤذي الاقتصاد والتجارة الداخلية في الولايات المتحدة.

(6)
الشاهد أنّ الرئيس الأميركي الآن يمارس نوعاً من السياسة التي تربك العالم بأكمله، وهو عالمٌ تضطرب أحواله السياسية، جرَّاء الصراعات والحروب بصورة غير مسبوقة، فيما تعاني كيانات ومؤسّسات المجتمع الدولي من عجز بائن. يبقى السؤال: من يقول يا هذا إنّ "البغلة في الإبريق"، أم ترى سيطول انتظار العالم لعقلائه وأيضاً عقلاء الولايات المتحدة، فيما الثور يمارس هوايته في مستودع الخزف؟

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • مسؤول أميركي: الشركات الأميركية مهتمة بالاستثمار في قطاع الطاقة الليبي
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • خلال لقاء عبدالعاطي ومسؤول بـ«البرنامج الإنمائي».. دعم أممي لتنفيذ الخطة العربية لإعمار غزة
  • الحوثيون ردا على العملية الأميركية: لن تمر دون رد
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • كندا ترفع شكوى لمنظمة التجارة بشأن الرسوم الأميركية
  • بعد عرض «80 باكو» و «إش إش».. رسالة بدرية طلبة لـ انتصار
  • "البطاقة الذهبية" الأميركية.. خطوة جريئة في سياسة الهجرة
  • ما يفعله الثور في مستودع الخزف
  • بسبب ترامب.. جامعة جونز هوبكنز تسرح 2000 موظف حول العالم