صيف ساخن جديد جنوب اليمن: هل ستؤدي أزمة الكهرباء لاندلاع احتجاجات شعبية؟
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص
يمثل انقطاع الكهرباء في المحافظات المحررة واحدة من المعضلات المزمنة التي تواجه الحكومة اليمنية، مع تراجع الخدمة خصوصا في العاصمة المؤقتة عدن.
وتعاني عدن كغيرها من المحافظات من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي تبلغ ذروتها في فصل الصيف الذي تزداد فيه درجات الحرارة لتصل إلى 40 مئوية، ولم تتمكن الحكومة الشرعية من معالجة مشكلة الكهرباء على الرغم من الوعود التي يطلقها عادة مسؤولين عبر وسائل الإعلام.
وكانت مؤسسة كهرباء عدن أطلقت، قبل أيام، مناشدة للحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي، محذرة من تفاقم الأزمة إثر نفاذ الوقود في محاط توليد الطاقة التي تغطي مديريات عدن.
وتقابل الجهات الحكومية المعنية المناشدات، بصمت مريب، في الوقت الذي يعيش فيه المواطن قصة معاناة لا تنتهي فصولها، فقد أصبحت الشكوى من سوء هذه الخدمة جزءا من الروتين الحياتي الممل. فالمواطن اليمني يعيش تفاصيل هذه المعاناة في كل مرحلة من مراحل حياته ومع ذلك لا يبدو أن المسؤولين يملون من تكرار وعودهم بتحسين هذه الخدمة وإيصالها لكافة المواطنين دون انقطاع.
ويلجأ بعض المواطنين المستورين الحال، لحلول إسعافية كشراء مولد كهربائي أو منظومة طاقة شمسية، إلا أن هذه الحلول مكلفة وغير مجدية بحسب المواطن عبده محمد في المناطق الحارة “فمن غير الممكن أن تعمل المكيفات بالمولدات الكهربائية الصغيرة، كما أن عدم توفر الديزل يحول دون القدرة على تشغيلها مع كل انقطاع.
وقال إن أزمة الكهرباء في الحافظات المحررة أصبحت لغزا أو مجموعة ألغاز يصعب حلها، دون تنفيذ استراتيجية شاملة لدفع وتيرة الإصلاح، تبدء بالقضاء على الفساد وسوء الإدارة.
الفساد وسوء الإدارة
ويرى مراقبون أن تردي خدمة الكهرباء في عدن ومعظم المحافظات يتعلق بالفساد وسوء الإدارة، وفي معظم الأحيان ليست سوى أزمات مفتعلة تقف خلفها بعض الجهات لخدمة أجنداتها ومشاريعها.
وكشف تقرير سابق للبرلمان عن تحول ملف كهرباء العاصمة المؤقتة عدن إلى” ثقب أسود “لابتلاع المال العام، لصالح شبكات مصالح وشركات الطاقة المشتراه، ومستوردي الوقود، مع تفشي ظاهرة الفساد المالي والاختلالات الإدارية وتعطيل في ثلاث جهات ذات علاقة بهذا القطاع الذي أرهق موازنة الدولة والمواطنين الذين يعيشون- الآن- تحت رحمة حرارة الصيف.
ويعزز ذلك ما كشفه الخطاب الموجه من شركة النفط اليمنية لوزير النفط حول كمية النفط الخام الذي تضخه محافظة مأرب لمحطة توليد كهرباء عدن يوميا.
وأفاد الخطاب أن محافظة مأرب تضخ لمحطة توليد كهرباء عدن 9000 برميل نفط خام، أي ان الفاتورة التي تدفعها محافظة مأرب يوميا حسب تسعيرة سعر النفط (82) دولارا ما يزيد عن مليار و200 مليون ريال- اكثر من 36 مليار ريال شهريا.
وتصدر محافظة مارب النفط الخام من حقول الإنتاج في القطاع ال18 بمأرب، المخصص لتشغيل محطة توليد كهرباء عدن” بترومسيلة “،.
ويتم التصدير عبر الأنبوب الرابط بين آبار الإنتاج في مأرب والقطاع الخامس بعسيلان، ووصولا إلى منطقة عياذ، وميناء النشمية على ساحل البحر العربي.
وقالت شركة النفط في مأرب في وقت سابق عبر خطاب موجه لوزير النفط، إنه تم استئناف ضخ النفط الخام لتوليد المحطة، مشيرة إلى قيام” صافر بضخ نفط خام من قطاع 18 بمأرب لتشغيل محطة كهرباء عدن (الرئيس) منذ بدأ تشغيلها، وبكمية إجمالية تقدر ب 745 ألفا، و955 برميلا، ل (83 يوم ) خلال الفترة من 7/8/2021 وحتى 29/10/2022 م…
مواعيد عرقوب
يقول المتحدث باسم مؤسسة كهرباء عدن نوار أبكر إنه ومنذ ليلة عيد الفطر ونحن نتلقى وعودا بتأمين كميات وقود تسهم برفع التوليد إلا أن تلك الوعود تتأجل يوما بعد يوم
وشدد على ضرورة أن توجه الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي برفع مخصص محطة الرئيس الذي يأتي مجانا وإدخال 200 ميجا للخدمة والتي بدورها ستخفف من حدة انقطاعات التيار في ظل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في بداية الصيف وبشكل غير مسبوق، ولكن لا ألقى إجابة حقيقية حول صمت الحكومة والرئاسة إزاء عدم رفع مخصص النفط الخام للمحطة!
وقال أبكر: أتمنى من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ودولة رئيس الوزراء التدخل العاجل والفوري بتأمين الوقود ثم الوقود ثم الوقود حتى نأمن ولو بالشيء اليسير من لسعات هذا الصيف فلا نطمح إلا بتوفير وقود وإدخال التوليد المتاح للخدمة وخفض ساعات الانطفاء التي للأسف يعاني منها المواطن بشكل غير مسبوق في أولى أيام صيفنا هذا…
وضع استراتيجية لحل معضلة الكهرباء
من جانبه يشير محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة لحل أزمة الكهرباء المتفاقمة في اليمن، والتي تتكرر كل عام، وتزداد سوءا مع حلول فصل الصيف دون أي تحسن يذكر.
وقال في منشور بصفحته على منصة “إكس”، إن المعاناة التي يكابدها المواطن اليمني تتعدد منذ عقد من الزمن فالحرب والدمار وانهيار الاقتصاد وتدهور العملة وغياب الخدمات هي عناوين لما يعانيه الناس.
وأضاف أن بعض هذه الملفات تتطلب جهدا أكبر في التعامل معها وفي المقدمة وضع استراتيجية لحل مشكلة العجز في الكهرباء الذي يتكرر كل عام ويتفاقم كل صيف دون تحسن يذكر.
وتابع: فخدمة الكهرباء ليس ترفا بل هي ضرورة لا تستقيم حياة الناس بدونها هي دعوة جادة لوضع استراتيجية تضع هذه الخدمة ضمن الاولويات الملحة التي يجب معالجتها.
ومن أجل تعافي وإصلاح قطاع الكهرباء في اليمن يؤكد الخبراء أنها مشكلة كبيرة تتطلب عملا شاقا وقرارات جريئة وقوية لمعالجتها، من بينها تبني خطة تعافٍ منهجية وقابلة للتنفيذ، وفي مقدمتها إعادة المحطة الغازية في مأرب للعمل وإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص في الكهرباء.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاحتجاجات الشعبية الكهرباء اليمن عدن الکهرباء فی النفط الخام کهرباء عدن
إقرأ أيضاً:
انقطاعات الكهرباء في إيران تدمر الصناعة وسط مخاوف من ضغوط ترمب
الاقتصاد نيوز - متابعة
اعتاد رجل الأعمال الإيراني أمين سميعي بور، طوال مسيرة حياته المهنية على حالات انقطاع التيار الكهربائي التي تمتد لثلاثة عقود، لكنه لا يتذكر وقتاً أسوأ من موجة انقطاعات الكهرباء الحالية التي شلّت مصنع أدوات المطبخ التابع له.
قال سميعي بور، البالغ من العمر 42 عاماً: "يُعد انقطاع الكهرباء على مدار ساعات العمل أمراً مروّعاً، ما يترك الموظفين بلا عمل". مضيفاً "الوضع الحالي في أسوأ حالاته على الإطلاق، ولن يتحسن بل سيزداد سوءاً في المستقبل القريب".
منذ نوفمبر، استمر انقطاع التيار الكهربائي عن المنتجين لمدة تصل إلى يومين أسبوعياً، مع تعطل الشبكة الكهربائية القديمة نتيجة العقوبات الدولية وغياب الاستثمارات الأجنبية. تستعد الحكومة الإيرانية لمواجهة طريق أكثر صعوبة مع استعداد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب لتشديد الضغط، وتحضير حزمة عقوبات جديدة تستهدف صناعة النفط.
تُعد سلسلة انقطاعات الكهرباء الأسوأ في إيران منذ عقود، حيث أصابت قطاعات واسعة من الاقتصاد بالشلل، ما أضر بالصناعات الرئيسية ودفع بلداً غنياً بموارد الطاقة إلى أزمة أعمق. يعاني المصنعون بالفعل من مزيج من العقوبات، وتضخم بنسبة 30%، وانهيار العملة الإيرانية.
تحديات إيران
قال عبدالكريم معصومي، 36 عاماً، الذي يدير شركة "سورن" للكيماويات: "لا أشعر بالتفاؤل تجاه المستقبل ضمن هذا المسار". مضيفاً "فكرت بجدية في تقليص حجم العمل، بل وحتى إغلاقه تماماً عدة مرات".
التحديات بالنسبة إلى إيران لا تتعلق باستمرار منتجي الطاقة والصلب والسيارات فحسب، بل أيضاً النظام الديني الذي يدعم البلاد منذ الثورة عام 1979.
واجه رجال الدين في الحكم خلال السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة من عدم الشعبية، وتفاقم هذا الوضع الهش بفقدانهم السريع لنفوذهم الإقليمي في ظل حروب إسرائيل في غزة ولبنان، وتغيير النظام في سوريا.
حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يبقى الصراع المباشر مع إسرائيل احتمالاً قائماً. وإذا تعرضت إيران لضربة عسكرية استهدفت مواقع حيوية من شبكتها الكهربائية، أو منشآتها النووية، أو بنيتها التحتية الأخرى، ستعيق العقوبات عملية التعافي.
تقدر غرفة التجارة والصناعات والمناجم والزراعة الإيرانية أن انقطاعات الكهرباء تكلف الاقتصاد نحو 250 مليون دولار يومياً.
تعطيل إمدادات الغاز
حوالي 40% من القدرة الإنتاجية لصناعة الصلب معطلة، وتم تعليق إمدادات الغاز الطبيعي إلى ما لا يقل عن اثنتي عشرة منشأة بتروكيماوية، كما خُفضت تدفقات الغاز إلى قطاع الإسمنت بنسبة 80%، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
قال أمين سميعي بور: "الوضع هو الأسوأ الذي شهدتُه خلال الأعوام الـ25 الماضية".
أظهرت بيانات غرفة التجارة الإيرانية أن مؤشر مديري المشتريات انخفض على مدى تسعة أشهر متتالية، مشيرة إلى أن هذه التراجعات مرتبطة بانقطاعات الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن ينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف بحلول عام 2027، وفقاً لتوقعات البنك الدولي. كما يُتوقع أن يشهد نمو الصادرات انخفاضاً حاداً.
قال المحلل المستقل دانيا رحمت، المقيم في طهران: "أزمة الطاقة في إيران جزء من انهيار اقتصادي أوسع يشبه تأثير الدومينو، حيث يؤدي الفشل في قطاع واحد إلى تأثيرات متتالية في قطاعات أخرى".
ارتفع استهلاك الكهرباء بأكثر من الضعف منذ عام 2005، ويرى البعض أن الدعم الكبير للغاز يشجع على عادات استهلاكية مهدرة، مثل تشغيل أجهزة التكييف مع ترك النوافذ مفتوحة.
في الوقت نفسه، لم تواكب القدرة الإنتاجية الجديدة الطلب المتزايد، حيث يتجنب المستثمرون الأجانب المحتملون التعرض للعقوبات الأميركية.
حذر وزير الطاقة عباس علي آبادي هذا الشهر من أن العجز في الكهرباء يتوقع أن يرتفع إلى 25 ألف ميغاواط بحلول منتصف العام، مقارنة بـ20 ألف ميغاواط الصيف الماضي.
قال علي آبادي للنواب في الخامس من يناير، وفقاً لما نقلته وكالة "إرنا": "الحقيقة أن هناك اختلالات في الطاقة. تنويع الإنتاج جزء من خططنا، لكنه يتطلب وقتاً".
مشروعات قصيرة الأجل
أشار الوزير إلى أن الحكومة لديها 14 مشروعاً قصير الأجل مخططاً لفصل الصيف، بما في ذلك العمل على وحدات وقود النفط، وتخفيف قيود الشبكة، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة. ولم يكشف الوزير عن التكلفة المتوقعة لهذه المشاريع.
رغم أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم، إلا أنها تواجه صعوبات في استغلالها، مع عجز في الغاز لا يقل عن 200 مليون متر مكعب يومياً، بحسب رضا بديدار، نائب رئيس اتحاد صناعة النفط الإيراني. ويعادل هذا تقريباً متوسط الاستهلاك اليومي في ألمانيا.
قال بديدار: "الاستجابة للعقوبات الدولية غير المسبوقة كانت غير كافية. الطاقة، التي كانت يوماً ما محركاً للنمو الاقتصادي، أصبحت الآن عائقاً".
استغرق إنجاز مرحلة رئيسية من حقل "بارس" الجنوبي الضخم 18 عاماً بسبب الخلافات المالية والجولات المتكررة من العقوبات المتصاعدة.
حاولت شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية مرتين المساهمة في تطوير الموقع قبل أن تنسحب، ما دفع شركة محلية إلى استكمال المشروع باستخدام منصة مستعملة من منطقة أخرى في الحقل.
غياب الطاقة المتجددة
الطاقة المتجددة تكاد تكون غير موجودة في إيران، حيث يعتمد أكثر من 92% من إمدادات الطاقة على النفط والغاز، مقارنة بـ60% على مستوى العالم، وفقاً لما أوردته وكالة "شانا" الرسمية في 13 يناير.
يعمل مفاعل نووي بقدرة 1000 ميغاواط في بوشهر الساحلية، بينما يتوقع أن ينتج مفاعل آخر قيد الإنشاء في محافظة خوزستان 300 ميغاواط يومياً.
اتفاق 2015 مع الولايات المتحدة كان يهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى الأسلحة النووية، مقابل تخفيف العقوبات.
لكن الرئيس دونالد ترمب انسحب من الاتفاق في عام 2018، معتبراً أنه غير شامل بما فيه الكفاية، وأعاد فرض العقوبات على قطاعات الطاقة والشحن والمصارف.
منذ ذلك الحين، تراجع الريال الإيراني بشكل كبير أمام الدولار، فاقداً نحو 90% من قيمته في السوق غير الرسمية.
شهد القطاع الصناعي إضرابات متزايدة، حيث نظم المتقاعدون والعاملون في القطاع الصحي والتجار في البازار الكبير بطهران، الذي يمتد عمره لقرون، احتجاجات وإضرابات خلال الأشهر الأخيرة.
محاولات الحكومة السابقة لرفع أسعار البنزين أدت إلى احتجاجات عنيفة، كان آخرها في نوفمبر 2019.
من دون تخفيف العقوبات، يرجح أن يتفاقم عجز الطاقة. وتحتاج البلاد إلى إنفاق حوالي 15 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2029 لمعالجة هذا النقص، وفقاً لمسؤول في وزارة النفط صرح بذلك في نوفمبر.
شهدت صادرات النفط الإيرانية، وهي عضو في منظمة "أوبك"، انتعاشاً في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث ارتفعت بنسبة 65% لتصل إلى متوسط حوالي 3.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ".
لكن هذا الانتعاش قد لا يستمر طويلاً بعد تنصيب ترمب يوم الاثنين. وتشير التقارير إلى وجود توافق عام بين مستشاريه الرئيسيين لتشديد العقوبات على إيران عبر استهداف اللاعبين الرئيسيين في صناعة النفط، وفقاً لما أوردته "بلومبرغ" في 16 يناير، وقد يتم الإعلان عن العقوبات الجديدة في وقت مبكر من الشهر المقبل.
إبرام صفقة جديدة مع ترمب يُعد أولوية بالنسبة للرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي يعتبرها حاسمة لبقاء الاقتصاد.
عقدت الحكومة هذا الشهر الجولة الثالثة من المحادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بشأن القضية، حيث وصف نائب وزير الخارجية الجلسات في جنيف على منصة "إكس" بأنها "جادة وصريحة وبنّاءة".
هذا الاحتمال يمنح عبدالكريم معصومي، مورد الكيماويات، بصيصاً من الأمل.
قال معصومي: "مع البراغماتية الجديدة التي أظهرتها المنظومة الحاكمة، أعتقد أن الأمور يمكن أن تتحسن"، مضيفاً: "إلا إذا عرقلت القنابل أو الصواريخ الطريق إلى الأمام".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام