منذ افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي مركز «البيانات والحوسبة السحابية» و«الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة» وقبلهما، التوجيهات الرئاسية في يوم «تفوق جامعات مصر» في 26 سبتمبر 2023، حول ضرورة «ربط التخصصات الجامعية بسوق العمل، خاصة في مجال الرقمنة» لم تتوقف التساؤلات التي تشغل الكثير من الأسر: من أين نبدأ؟ ما السن المناسبة لالتحاق الأطفال بعالم البرمجة والذكاء الاصطناعي؟ ما المطلوب لكل فئة عمرية؟ كيف يتعامل الطفل مع التكنولوجيا، وهو محصن من أخطارها؟ إلى أي مدى يستفيد المقبلون على هذا القطاع في الحصول على وظيفة المستقبل؟ في ظل استراتيجية الدولة المتعلقة بـ«الرقمنة» والاستفادة ومُواكبة التطور التكنولوجي الهائل، عالميا.

الواقع التقني:

قبل توسع الدولة في مجال مهارات البرمجة والذكاء الاصطناعي، كانت هناك مراكز وكيانات «خاصة» تتناقس فيما بينها علي تقديم خدمات «تجارية - مدفوعة» تتراوح أسعار المستوى فيها بين 1000 و5000 جنيه، لتعليم الأطفال البرمجة بمناهج وبرامج معتمدة دوليا، مع توفير «كورسات، أون لاين» عبر نظام التعلم الذاتى (الاشتراك فى كورسات متعددة للأطفال، تتم بمساعدة الأسر) أو عبر الدراسة «لايف» على أحد تطبيقات الاتصال، مع وجود مدربين متخصصين.

تحقيقا لـ«رؤية مصر 2030» تتبنى مصر استراتيجية وطنية متكاملة لتطوير نظم العمل بكافة قطاعات الدولة، والانتقال إلى «مصر الرقمية» بعدما أصبح «التحول الرقمي» ضرورة حتمية، لذا أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مشروع أجيال مصر الرقمية، لإعداد جيل من المختصين في مجال التقنيات الحديثة، وتمكين الفئات العمرية، بداية من طلاب المرحلة الإبتدائية، حتى خريجي الجامعات، من المشاركة في تنفيذ الرؤية الرقمية المصرية.

مبادرات رقمية:

ينقسم مشروع «أجيال مصر الرقمية» إلى 4 مبادرات، وفقا لسنوات الدراسة: «طلاب الصف الرابع الابتداىي حتى السادس الابتدائى. طلاب الصف الأول الإعدادى حتى الثانى الثانوى.. جميع طلاب وخريجي الكليات. طلاب كليات الهندسة، حاسبات ومعلومات، علوم تخصص حاسب آلي أو إحصاء، الفنون التطبيقية، الفنون الجميلة، التخطيط العمرانى، الاقتصاد، والتجارة» مع تركيز واضح على مبادرة براعم مصر الرقمية في تزويد النَّشْء بأحدث وأفضل المهارات الرقمية والتكنولوجية، بشرط أن تكون لدى المتقدمين المعايير المؤهلة، والرغبة في تعلم التكنولوجيا.

في المقابل، تشترط مبادرة أشبال مصر الرقمية علي المتقدمين من المرحلتين الإعدادية والثانوية التفوق العلمي في الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية، واجتياز اختبارات القبول - قياس مدى الإلمام العام باللغة الإنجليزية، مستوى المهارات التكنولوجية والتعامل مع الكمبيوتر، مستوى المهارات المنطقية والحسابية والشخصية، كون تعلم لغة البرمجة ليس سهلا، وغير مستحيل في الوقت نفسه.

إسهامات مجانية

يوضح خبير تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، د.محمد عزام، أن الدولة طرحت مبادرات لتعليم التكنولوجيا للأطفال، مجانا، تعتمد على الموهبة والاستعداد ودعم الأسر، التي يجب أن تدرك أن الأطفال تختلف درجات إدراكهم ومعرفتهم. مصر، تسير باتجاه تكنولوجيا جديدة. إلى كتابة البرامج بدون أكواد، مع استخدام الذكاء الاصطناعي. في السابق، كان ذلك يعتمد على الأكواد الخاصة. حاليا، هناك توجه لعدم استخدام الأكواد.أدوات التكنولوجيا تتطور بسرعة، مواكبة هذا التطور في دول العالم، ليس سهلا، وأي منظومة تعليمية لا تستطيع الإلمام بكل تفاصيل هذا التطور. الكل يستخدم التكنولوجيا، لكن الكل لا يشاركون في صناعتها.

يرى د.محمد عزام أن الطفل الموهوب في التكنولوجيا، يظهر مبكرا، على الاقل من خلال استخدامه غير التقليدي للموبايل. هم شريحة ليست كبيرة، وليس لها عُمر معين. البيئة تحكم سلوكة، وتصوب مساره. وينصح بالتعليم والتدريب المتخصص، المتاح لمراحل الابتدائي، الإعدادى، الثانوى، الجامعات، وما بعد المرحلة الجامعية، أقصد، من يرغبون في تغيير المهنة.. كل هذا متوفر عبر المنصات والمبادرات التى أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. لا بد من تعريف الناس بهذه المبادرات وحثهم علي التسجيل فيها، خاصة أنه متاح بالمجان، هذا الدور التوعوى يجب أن تشارك فيه أيضا مؤسسات المجتمع المدنى. من لا يستطيع اللحاق بهذا الركب، سيواجه مشكلة مستقبلية.رغبة الإنسان في التعليم والتطوير، يرتبط بتغير نمط تفكيره.

يشير د.محمد عزام إلى أن مبادرات وزارة الاتصالات تغطى أساسيات كثيرة في مجال البرمجة، لكن لا توجد جهة تستطيع أن توفر كل شيء. لدينا مشكلة في العقل الجمعي، فالأغلبية تريد كل شيء بسهولة. المستقبل، لا مجال فيه للاعتمادية والتواكل، وانتظار مكاسب بدون عمل.

يستشهد د.محمد عزام بـ بما قاله الملياردير، إيلون ماسك، من أن الشكل التقليدى للتعليم وارتباطه بسنوات العمر سيكون خارج التاريخ نتيجة التطور التكنولوجى الكبير. سيؤثر ذلك على طبيعة الوظائف. هناك فرص عمل كبيرة للشباب، عن بُعد.المكاسب المالية كبيرة. وبخصوص المراكز والكيانات الخاصة التى توفر خدماتها التكنولوجية للأطفال، يرى د.محمد عزام أن هناك مواد شديدة التخصص، تكلفتها عالية.. الفرص المجانية متاحة. يمكن البدء بها، وإذا كانت هناك حاجة لتطوير القدرات، وغير متوافرة بالمجان، فيمكن الدفع للحصول على الخدمة.

رؤية استباقية:

تؤكد، عميد كلية التربية للطفولة المبكرة جامعة القاهرة، استاذ مناهج وبرامج الطفل، د.جيهان عبد الفتاح عزام، أن من سمات العصر، استعداد الأطفال لتعلم التكنولوجيا، بصورة تتفوق على الكبار. أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030، تدرك هذا. ومن هذا المنطلق، افتتحنا برنامج تكنولوجيا التعليم بالكلية، لدعم تنمية المهارات التكنولوجية عند المعلم، حتى تكون لديه القدرة على توصيلها للأطفال بشكل مبسط، سواء عبر إنتاج وسائل تعليمية رقمية أو من خلال القصص الرقمية التى تنمى القيم. أصبحت معلمة الروضة قادرة علي تعليم التكنولوجيا مع مرعاة خصائص نمو الطفل والمرحله العمرية.

تشير د.جيهان عزام، إلى أن البرنامج، يستهدف معلمى المستقبل فبعد التحاق الطلاب بكلية التربية للطفولة المبكرة، قسم التكنولوجيا. يتعلمون تصميم البرامج التنموية التربوية الرقمية للأطفال، وكيفية توصيلها للأطفال، لتنمية جوانب الشخصية، والمهارات التكنولوجية. الطفل، من سن 24 شهرا، مؤهل لتعلم التكنولوجيا، من واقع تعاملهم مع الهواتف والألعاب. وجدنا الكثير من الأطفال لديهم شغف بالأنشطة الرقمية. لديهم عزوف عن الأنشطة التفاعلية الحركية، لذلك دشنا برامج تتماشي مع ما يحبه الأطفال، وينمى جوانب الشخصية الإيجايبة.

لا تنكر د.جيهان عزام مخاطر الإنترنت، دفعت الكلية لتقديم الكثير من الأبحاث والدراسات الميدانية، لاسيما أن تأثيرها علي النَّشْء له جانبان:

الأول- سلوكى، عبر تعرض الطفل لمواقع غير إيجابية، وبتكرار الدخول تتكون لديه اتجاهات سلبية ومشكلات سلوكية، ومن ثم، تتعدد التوصيات التي نقدمها للتفريق بين المواقع الإيجايبية والمواقع السلبية.

الآخر- تقنين الوقت الذي يتعرض فيه الطفل للتكنولوجيا، رغم أهميتها، بحيث لايزيد خلال اليوم على 90 دقيقة متفرقة. هناك بروتوكولات بين الكلية ووزارة التربية والتعليم والتضامن الاجتماعي، تعجل بتعيين خريجي الكلية فورا، مدعومين بتخصصاتهم، علما بأن استراتيجيات ورؤي الدولة تدفع كل المؤسسات التعليمية والتربوية لمحاولة ترجمة المستهدفات.

مكتسبات تعليمية:

تتبنى الدولة المصرية، منذ 9 سنوات، استراتيجية إصلاح قطاع التعليم قبل الجامعي، لاسيما التوسع في الأبنية التعليمية، تطوير المناهج التعليمية التي لا تعتمد على الحفظ والتلقين بحيث تعزز نمو الشخصية المتكاملة، الاهتمام بالمعلم، التعليم الفني، ووجود معلمين متوافقين وقادرين على مواكبة التطوير، بالتزامن مع ثورة تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى، التي تسببت في اندثار وظائف واستحداث وظائف جديدة.

استراتيجية الإصلاح، تطلبت رفع ميزانية قطاع التعليم قبل الجامعي من 80.9 مليار جنيه في 2014 إلى 160 مليار جنيه في 2024، لمحاولة تلبية احتياجات حوالي 750 ألف طالب وطالبة ينضمون، سنويا، لمنظومة التعليم، مما يتطلب 20 ألف فصل، و 20 ألف معلم لمواجهة الزيادة، وتجهيز المباني المدرسية تكنولوجيًا في عدد 552 ألف فصل، وتطوير أكثر من 9246 معمل حاسب آلي مطور، و36210 شاشات ذكية، واستخدام شبكات الفايبر في توصيل الإنترنت في 2476 مدرسة، وفي مجال تعزيز المحتوى الرقمي، تم التوسع في المواد التعليمية الرقمية على المنصات المتخصصة وبنك المعرفة والقنوات التعليمية، ومواد تعليمية وتدريبية قامت بإعدادها كوادر تعليمية متميزة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: البرمجة الذكاء الاصطناعي الرئيس عبد الفتاح السيسي الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة لغة العصر مجال الرقمنة مركز البيانات والحوسبة السحابية يوم تفوق جامعات مصر تکنولوجیا المعلومات مصر الرقمیة د محمد عزام فی مجال

إقرأ أيضاً:

«بريسايت» و«مايكروسوفت» تدعمان شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة


أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت بريسايت، عن توقيع مذكرة تفاهم مع مايكروسوفت لدعم برنامج بريسايت لتسريع نموّ الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويهدف البرنامج الذي يتخذ من دولة الإمارات مقراً له إلى تمكين الشركات الناشئة الواعدة في مجال الذكاء الاصطناعي من تحقيق ميزة تنافسية والوصول إلى أحدث الموارد التقنية، وتوسيع شبكاتها داخل الدولة وعبر منظومة جي 42 الأوسع وأسواق بريسايت العالمية، بالإضافة إلى فرص التمويل الاستثماري التي تسرّع نموها وتوسعها.
في إطار هذا التعاون، ستساهم مايكروسوفت بخبرتها في التمكين التقني والتوجيه وتسريع دخول الأسواق من خلال مبادرة Microsoft Founders Hub وسيتيح هذا التعاون أمام الشركات الناشئة إمكانية الوصول إلى الحوسبة عالية الأداء وخدمات الحوسبة السحابية والنماذج الأساسية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك نماذج اللغات الكبيرة والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.
كما ستستفيد الشركات المختارة للبرنامج من شبكة الإرشاد التابعة لمايكروسوفت، مما يضمن حصولها على رؤًى استراتيجية وخدمات دعم تقني طوال رحلتها.
وقال توماس براموتيدهام، الرئيس التنفيذي لشركة بريسايت: يعكس تعاوننا مع مايكروسوفت حماسنا المشترك للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وسعينا لدعم روّاد الأعمال في المستقبل، ومن خلال برنامج بريسايت لتسريع نموّ الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، نؤكد على التزامنا بتمكين الشركات الناشئة بالأدوات والخبرات والفرص التي تحتاجها للنجاح. سنعمل معاً على تعزيز منظومة حيوية تتيح تطور وازدهار الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال نعيم يزبك، المدير العام لشركة مايكروسوفت الإمارات: يسعدنا التعاون مع بريسايت لدعم الشركات الناشئة في رحلتها نحو النجاح، والذي يأتي ضمن مبادرة Microsoft Founders Hub التي تلتزم بتوفير الموارد التقنية والتوجيه ودعم دخول الأسواق لضمان امتلاك الشركات الناشئة ما تحتاج إليه من بنية أساسية لازمة للابتكار والتوسع. من خلال تعاوننا مع بريسايت، سنسهم في تعزيز تبني الذكاء الاصطناعي وتطوير حلول مبتكرة تحدث تحولاً في مختلف القطاعات حول العالم».
وتمّ إطلاق برنامج بريسايت لتسريع نموّ الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال معرض جيتكس العالمي العام الماضي، وهو برنامج يُركز على الشركات الناشئة، التي طوّرت نماذج أولية لمنتجاتها، وتستعد لاختبار السوق. يساعد البرنامج الشركات الناشئة على تحسين منتجاتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتعزيز استراتيجياتها لدخول السوق والتكامل مع منظومة بريسايت، مما يوفر فرصاً فريدة للبيع المشترك والتواصل والترويج.
وستكون الشركات التي تتخرّج من برنامج بريسايت لتسريع نموّ الشركات الناشئة مؤهلة لدخول السوق بقدرات تنافسية أكبر، بعد أن تُحدد ملاءمة منتجاتها للسوق وتثبت قيمتها للعملاء وتؤسس نموذجاً تجارياً مستداماً.
و من خلال الجمع بين خبرات بريسايت ومايكروسوفت، ستحصل الشركات الناشئة على بنية تحتية وتوجيه وفرص تجارية عالمية المستوى في مجال الذكاء الاصطناعي، مما سيعزز نجاحها على المدى الطويل.
وجدير بالذكر أن هذه المبادرة تعتمد على استثمار مايكروسوفت البالغ 1.5 مليار دولار في مجموعة جي 42 لتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، كما تعمل بريسايت ضمن إطار منظومة جي 42، مع مايكروسوفت بالفعل في العديد من المشاريع المشتركة.

مقالات مشابهة

  • طائرات الدرون والذكاء الاصطناعي لرصد هلال شوال في الإمارات
  • الإمارات ترصد هلال شوال بطائرات الدرون والذكاء الاصطناعي
  • كيف تستفيد من اقتراحات الذكاء الاصطناعي في مجال التغذية؟
  • أخبار التكنولوجيا | 3 وظائف لن يتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي.. إيلون ماسك يدمج Grok AI في تطبيق تيليجرام
  • مسلسل «لام شمسية».. طبيب نفسي يكشف لـ «الأسبوع» التأثير المدمر للتحرش بالأطفال
  • «بريسايت» و«مايكروسوفت» تدعمان شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة
  • ‎بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي لن يجعل هناك حاجة للبشر في معظم الأشياء
  • أخبار التكنولوجيا | آبل تحدد موعد مؤتمرها السنوي للمطورين.. إنفيديا تطلق مساعد الذكاء الاصطناعي
  • رسام وكاتب الأطفال أحمد عبدالنعيم لـ«البوابة نيوز»: يعقوب الشارونى مُعلمى الأول.. والذكاء الاصطناعى يُصيب الصغار بالعجز الفنى.. ملف ثقافة الطفل يحتاج إلى جهد كبير
  • رئيس الوزراء: برنامج رد الأعباء التصديرية أعيد صياغته من أجل تشجيع ودعم الصناعة المصرية بصورة أكبر.. مدبولي: جميع مُؤشرات الاقتصاد المصري تسير في المسار الصحيح