سلط الرصيف البحرى الذى أنشأته الولايات المتحدة بالقرب من ساحل غزة الضوء على وجود القوات الأمريكية فى إسرائيل، والمهام التى تقوم بها داخل دولة الاحتلال، حيث لم يقتصر الوجود الأمريكى على مهمة إقامة الرصيف العائم، بزعم إيصال المساعدات للمدنيين الفلسطينيين، لكن هناك وجودا عسكريا أمريكيا داخل إسرائيل لم يفصح البلدان عن تفاصيله.

يرى مراقبون أن وجود الجنود الأمريكان في إسرائيل له دوافع وأهداف غير معلنة، وفق تقارير أمنية، تم تسريبها مؤخرا، فيما أعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، أن القوات الأمريكية التى يبلغ قوامها 1000 جندى أمريكى، كجزء من مشروع بناء الرصيف البحرى ستستخدم العنف إذا تعرضت لأية هجمات، وأنهم "عبر الرد بإطلاق النار".

رغم إعلان أوستن أنه "لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض" أكد وزير الدفاع الإسرائيلى، بينى جانتس، أن نشر جنود أمريكيين لإدارة الرصيف لا يختلف كثيرا عن نشر القوات داخل القطاع، إذا كان لدينا أشخاص يطلقون النار علينا فى غزة، فمن المحتمل أن نتشاور بشأن ذلك وفقا لسلطاتنا الحربية".

تسلط هذه الملابسات الضوء على مشاركة الجنود الأمريكان بشكل مباشر في الهجوم على الفلسطينيين سواء بذريعة مفتعلة أو غير مفتعلة أو قيام تلك القوات بإجبار جموع من أهالي غزة على الهجرة عبر الرصيف العائم. وأكدت صحيفة، جيروزاليم بوست، الإسرائيلية، أن فكرة الرصيف البحرى اقترحها نتنياهو فى أكتوبر الماضى على الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، لتهجير الفلسطينين من غزة إلى قبرص تمهيدا لنقلهم إلى أية دولة أخرى.

الرصيف العائم

تنفق الولايات المتحدة ما لا يقل عن 320 مليون دولار لتدشين الرصيف. وأعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه أمر بإنشائه للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع بدلا من الضغط على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية البرية. ووفقا للخطة الأمريكية فإن الرصيف العائم القريب من ساحل غزة، الذى سيتم تشغيله الأسبوع المقبل، سيقوم باستقبال شحنات مساعدات وصلت إلى قبرص ليتم تسليمها إلى قوارب صغيرة تابعة للجيش الأمريكى والتى ستأخذها إلى جسر متصل بشاطئ غزة، مما يجعل الأفراد الأمريكيين قريبين جدا من الساحل، وستقوم الشاحنات التى تقودها دولة شريكة (لم يتم الإفصاح عنها) بتسلم المساعدات ونقلها عبر الجسر الذى يبلغ طوله 100 متر.

يرى مراقبون أن وجود القوات الأمريكية علنا على الأرض الفلسطينية يثير حفيظة الفلسطينيين الذين استشهد منهم أكثر من 34 ألفا معظمهم من النساء والأطفال بقنابل وصورايخ أمريكية، خاصة إذا شاركت تلك القوات فى إجبار الفلسطينيين على الهجرة من بلادهم.

لم يكن وجود القوات الأمريكية فى إسرائيل لبناء الرصيف العائم هو الحدث الأول من نوعه، فقد شارك جنود أمريكيون فى قصف غزة عندما أرسل "بايدن" قوات خاصة تسمى بـ "قوات الدلتا" لمساعدة الإسرائيليين فى قصف غزة بحثا عن الأسرى الإسرائيليين. وكشفت تقارير استخباراتية نشرتها صحيفة "ذا انترسبت" مؤخرا عن وجود مزيد من القوات الأمريكية بالقاعدة الجوية التى أنشأتها الولايات المتحدة مؤخرا فى صحراء النقب والتى تقع على بعد 20 ميلا من غزة. ويخشى مراقبون استخدام هذه القاعدة لمحاربة الفلسطينيين إذا دارت أعمال عنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين والجنود الأمريكيين(العاملين بالرصيف) لإجبار الفلسطينيين على الهجرة.

كانت وزارة الدفاع الأمريكية، قد منحت عقدا بملايين الدولارات لبناء منشآت للجنود الأمريكان وتوسيع القاعدة الجوية السرية التى تحمل اسم "الموقع 512"، وذلك قبل شهرين من طوفان الأقصى، وهى عبارة عن منشأة بها العديد من الرادارات تراقب السماء بحثًا عن هجمات صاروخية على إسرائيل. ولكن عندما أطلقت حماس آلاف الصواريخ على دولة الاحتلال فى السابع من أكتوبر لم يتم التقاطها عبر الرادارات الأمريكية، لأن صواريخ حماس قصيرة المدى. ويؤكد مسؤلون وخبراء أمريكيون أن هذه القاعدة تم إنشاؤها لحماية إسرائيل من الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى.

الجيش الأمريكي

ويمضي الجيش الأمريكي بهدوء في أعمال البناء بالموقع 512، تلك القاعدة السرية التى تقع على قمة جبل هار كيرين بالنقب، ليشمل ما تصفه السجلات الحكومية بأنه "مرفق دعم الحياة"، فيما يتحدث الجيش عن هياكل خرسانية تشبه الثكنات للأفراد.وبالرغم من أن وزارة الدفاع بذلت جهودا كبيرة لإخفاء الطبيعة الحقيقية للموقع الذى تكلف حوالى 35.8 مليون دولار، فإن وثائق الميزانية الأمريكية أقرت بوجوده. وتؤكد العقود والوثائق الحكومية أن الوجود الأمريكى فى إسرائيل يزداد بشكل واضح.

ويقول بول بيلار أحد الخبراء الأمريكيين فى مجال حقوق الإنسان لصحيفة "ذا انترسبت": إنه "فى بعض الأحيان يتم التعامل مع شىء باعتباره سرا رسميا، وذلك ليس على أمل ألا يكتشفه الخصم أبدا، بل لأن حكومة الولايات المتحدة، لأسباب دبلوماسية أو سياسية لا تريد الاعتراف به رسميا". مضيفا أنه "إذا تم استخدام تلك القاعدة لدعم العمليات فى أماكن أخرى بالشرق الأوسط، فسيكون أى اعتراف بأنها انطلقت من إسرائيل أو بالتعاون معها، يثير ردود أفعال سلبية أكثر من تلك التى أثارتها العملية.

ويرى مراقبون أن وجود جنود أمريكيين بهذا العدد (1000 جندى للرصيف البحرى) وعدد غير معلوم بالقاعدة الجوية، ربما ينطوى على تنسيق بين واشنطن وتل أبيب فيما يخص إيران واحتمال ضربها فى المستقبل، لا سيما بعد التحديث الإسرائيلى الأخير لنظام الباترويوت المضاد للصواريخ وإحلاله بنظام أكثر تطورا، كما أن قاعدة جوية أمريكية داخل دولة الاحتلال يسهل من مهمة الطائرات المقاتلة إذا عزمت الولايات المتحدة وإسرائيل على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وذلك بعد أن واجه الخبراء العسكريون الأمريكيون مشكلة المسافة وتزويد الطائرات بالوقود لتكون إسرائيل هي الأقرب مسافة فضلا عن مهمة أخرى تشمل حماية الكيان الصهيونى من الصواريخ الإيرانية. كما أن أى اعتداء على دولة الاحتلال سيكون بمثابة اعتداء على الولايات المتحدة وفى هذه الحال يستدعى ردًا من حلف الناتو إذا توسعت الحرب.

اقرأ أيضاًالبنتاجون: اكتمال أكثر من 50% من أعمال بناء الرصيف البحري العائم قبالة سواحل غزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: غزة تحت القصف الجيش الاسرائيلي الموقع 512 الموقع 512 في إسرائيل القاعدة الامريكية 512 الرصيف البحري العائم الرصيف البحري الرصيف الميناء العائم ميناء غزة العائم رصيف عائم رصيف بحري ميناء عائم في غزة القوات الأمریکیة الولایات المتحدة دولة الاحتلال الرصیف العائم

إقرأ أيضاً:

صحف عبرية: الانقسام اللاهوتى يضرب إسرائيل.. حاخام يهودى يطالب حزب «ديجل هاتوراه» بالانسحاب من المؤسسات الصهيونية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر الحاخام دوف لاندو، أحد أبرز زعماء المجتمع الليتوانى الأرثوذكسى المتطرف فى إسرائيل، توجيهات لممثلى حزب "ديجل هاتوراه" السياسى بالانسحاب من جميع المشاركات فى المؤسسات الصهيونية، مشيرًا إلى الاختلافات الأيديولوجية التى لا يمكن التوفيق بينها وبين الأسس العلمانية للصهيونية.
وفى رسالة نشرتها صحيفة "ياتيد نئمان" الصحيفة الرسمية لليهود الغربيين الأرثوذكس أمس الأول الثلاثاء، كتب لاندو: "الصهيونية حركة تهدف إلى تأسيس الشعب اليهودى على أساس علمانى صريح، متجذر فى البدعة والتمرد ضد السيادة الإلهية".
وأضاف: "لا يُسمح بالمشاركة معهم، أو الخدمة فى أى دور داخل مؤسساتهم، أو التصويت فى انتخاباتهم بأى شكل من الأشكال".
وأكد الحاخام أن الانخراط فى هذه المؤسسات يشكل دعما لمعتقدات تتعارض مع القيم اليهودية التقليدية، محذرا من أنها تؤدى إلى "تدنيس اسم الله".
تحول فى ديناميكيات المنظمة الصهيونية العالمية
ووفقا لصحفية « جيروزاليم بوست» العبرية، جاء تصريح لاندو فى خضم مناقشات أوسع نطاقا حول دور المجتمعات الأرثوذكسية والدينية فى المؤسسات الصهيونية.
وتشرف المنظمة الصهيونية العالمية، التى أسسها ثيودور هرتزل فى عام ١٨٩٧، على مؤسسات بالغة الأهمية مثل الوكالة اليهودية لإسرائيل، والصندوق القومى اليهودي، وكيرين هايسود.
وكان التحول نحو الفصائل الدينية اليمينية فى هذه المؤسسات واضحًا فى السنوات الأخيرة. وكما ذكرت صحيفة جيروزالم بوست فى عام ٢٠٢٠، شهدت انتخابات المؤتمر الصهيونى العالمى الثامن والثلاثين اكتساب القوائم الأرثوذكسية أرضية كبيرة، حيث حصل فصيل أرض القدس - وهو تحالف من الشخصيات الدينية الصهيونية المحافظة والأرثوذكسية المتطرفة - على أكثر من ٢٠ ألف صوت.
وتجنب برنامجهم بشكل ملحوظ مصطلحى "الصهيونية" أو "دولة إسرائيل" وطمأن الناخبين المحتملين بأن المشاركة فى انتخابات المنظمة الصهيونية العالمية لا تعنى الانحياز الأيديولوجى للصهيونية.
كما ذكرت صحيفة "بوست" أن حركة "أرض المقدس" نجحت فى استقطاب الناخبين المتدينين المتشددين من خلال تسليط الضوء على ما اعتبروه جهوداً تبذلها الحركات اليهودية الليبرالية لتقليص الممارسات الدينية التقليدية فى إسرائيل.
وحذرت إحدى رسائل حملتهم الانتخابية من التعددية الدينية المتنامية، بما فى ذلك الصلوات التى يقيمها غير المتدينين عند الحائط الغربي.
الانقسام اللاهوتي
إن معارضة لاندو للمؤسسات الصهيونية ترجع إلى اللاهوت الأرثوذكسى المتشدد الراسخ، والذى يرفض المشروع الصهيونى باعتباره مشروعاً علمانياً قومياً. وقد أكدت رسالته على هذه النظرة:
"الصهيونية هى حركة هدفها إقامة الشعب اليهودى على أسس علمانية صريحة، متجذرة فى الهرطقة والتمرد على السيادة الإلهية. كل المؤسسات الوطنية مبنية على هذه الأيديولوجية. لا يجوز المشاركة فيها، أو الخدمة فى أى دور داخل مؤسساتها، أو التصويت فى انتخاباتها بأى شكل من الأشكال. إن القيام بذلك يشكل دعمًا للهرطقة وتدنيسًا لاسم الله"، كما كتب يوم الثلاثاء.
وأوضح لاندو أن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية مسموح بها بناء على توجيهات من السلطات الحاخامية السابقة، التى رأت فى ذلك إجراءً ضروريًا لحماية الطابع الدينى للدولة اليهودية. ومع ذلك، يُنظر إلى المشاركة فى المنظمة الصهيونية أو الهيئات التابعة لها على أنها تتعارض جوهريًا مع المبادئ الدينية.
أعرب الدكتور يزهار هيس، نائب رئيس المنظمة الصهيونية العالمية وممثل الحركة المحافظة، عن خيبة أمله إزاء الاستقالة المحتملة لممثلى حزب ديجل هاتوراه: “أعترف بأننى سأشعر بالحزن إذا أُجبِر ممثلو ديجل هاتوراه على الاستقالة من المؤتمر الصهيونى والمؤسسات الوطنية”، مضيفا أن حقيقة تمكن الممثلين الأرثوذكس المتطرفين والإصلاحيين والمحافظين من التغلب على خلافاتهم والتوقيع على اتفاقية ائتلافية مشتركة أعطتنى شعوراً بالتفاؤل".
وتابع "لقد تعلمنا كيف نتعرف على بعضنا البعض، وكيف نتجادل، ولكن أيضاً كيف نتوصل إلى اتفاق بشأن العديد من القضايا - وحتى كيف نشارك لحظات الضحك، عندما تعمل معا لتحقيق أهداف مشتركة، فإنك تقترب أكثر".
وأضاف هيس أن الروابط التى نشأت من خلال هذه التفاعلات كان لها تأثير إنساني: "أكثر من مرة، تساءلت عما إذا كان شموئيل ليتوف (ديجل هاتوراه/أرض المقدسات) ورونيت بيتنر (نساء الحائط/حركة الإصلاح) قد تتاح لهما الفرصة للقاء - ناهيك عن أن يصبحا صديقين - لولا اجتماعاتهما التى لا تعد ولا تحصى حول نفس الطاولة والزيارات المشتركة لمشاريع مختلفة."
وأشارت صحيفة جيروزليم بوست العبرية، إلى أن حزب يهدوت هتوراه تجنب عبر تاريخه الدعم الأيديولوجى للصهيونية فى حين انخرط فى آليات الدولة لتأمين التمويل للتعليم الدينى واحتياجات المجتمع الأخرى.
 

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن المرشح الجديد لرئاسة هيئة الأركان المشتركة الأمريكية؟
  • تهديدات وتفاصيل شيقة في برومو مسلسل أثينا.. ماذا تفعل ريهام حجاج؟
  • بعد محادثات الولايات المتحدة وروسيا.. من هما المرشحان للسفارتين في موسكو وواشنطن؟
  • أهالي غزة.. معاناة لا تنتهي مع السرطان
  • أمنستي تنتقد إدارة ترامب لـتدميرها الحق في طلب اللجوء على حدود المكسيك
  • شهادات إسرائيلية تكشف جرائم مروعة بحق فلسطينيين في قطاع غزة
  • «وسط قلق أوروبي».. ترجيحات بسحب القوات الأمريكية من دول البلطيق
  • ذا ناشيونال إنترست: «زيلينسكى».. عّراف ميونخ.. الرئيس الأوكرانى يطالب أوروبا بجيش موحد ويعلن نهاية عصر الاعتماد على الحماية الأمريكية
  • وسط قلق أوروبي.. صحيفة ألمانية: ترامب قد يسحب القوات الأمريكية من دول البلطيق
  • صحف عبرية: الانقسام اللاهوتى يضرب إسرائيل.. حاخام يهودى يطالب حزب «ديجل هاتوراه» بالانسحاب من المؤسسات الصهيونية