بعد طي صفحة الانتخابات.. لماذا تحتاج تركيا لدستور جديد الآن؟
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
أنقرة- يتسم المشهد السياسي في تركيا بديناميكية متواصلة، فبعد عام حافل بالأحداث الكبرى، شهدت فيه البلاد انتخابات رئاسية وبرلمانية في مايو/أيار 2023، وانتخابات محلية في 31 مارس/آذار الماضي، يبرز مجددا موضوع إعادة صياغة دستور جديد كأولوية على الساحة السياسية في البلاد.
وفي هذا الإطار، بدأ رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش سلسلة من اللقاءات المهمة مع قادة الأحزاب السياسية في البلاد، وافتتح هذه الجولة بزيارة إلى أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة.
تلت ذلك لقاءات متتالية مع قيادات حزب الجيد وحزب السعادة وحزب المساواة الشعبية والديمقراطية الكردي، في خطوة تظهر توجه البرلمان نحو تحقيق توافق واسع النطاق قد يشكل ملامح المستقبل السياسي لتركيا.
وفي تصريح له عقب الزيارات، أشار قورتولموش إلى أنه بعد إنهاء المشاورات مع الأحزاب السياسية الأخرى، من المرجح أن يتم بدء النقاشات المتعلقة بمحتوى هذه القضية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، عقب تحديد الطرق والإجراءات اللازمة.
متطلبات المرحلةفي إطار التحركات المتصاعدة حول الدستور، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهشلي، في منزله بأنقرة، وتبعه لقاء مع رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل، في أول لقاء رسمي بين الطرفين، وهو الأول منذ 8 سنوات بين الرئيس وزعيم المعارضة.
وأكد حزب الشعب الجمهوري التزامه بالحوار، وأنه سيدعم دستورا ينسجم مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، شريطة أن تكون محادثات الحزب الحاكم مبنية على حسن النية.
ويتطلب تمرير دستور جديد في تركيا أو إجراء أي تعديلات دستورية موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، أي ما يعادل 400 نائب من أصل 600، وفي حالة الرغبة بطرح الأمر للاستفتاء الشعبي، يلزم الحصول على موافقة 360 نائبا على الأقل.
لكن في الوقت الراهن، لا يحظى أي طرف سياسي في تركيا بالأغلبية اللازمة لتمرير الدستور بشكل مباشر، إذ يمتلك التحالف الجمهوري الحاكم 323 مقعدا فقط، وهو ما يحتم على الحكومة البحث عن تحالفات وتوافقات إضافية مع الأحزاب الأخرى، لضمان تمرير الدستور الجديد، مما يضعها في موقف يتطلب المزيد من التفاوض والتوافق السياسي.
محاولات سابقةلا تعتبر قضية إعداد دستور جديد لتركيا أمرا مستحدثا، إذ طُرحت العديد من المقترحات والمشاريع المختلفة خلال الأعوام 2011 و2013، إلى أن تم تشكيل "لجنة توافق لصياغة الدستور" عام 2016، والتي ضمت ممثلين من جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان.
وعلى الرغم من أن لجنة المصالحة الدستورية قد اكتسبت خبرات وتجارب مهمة خلال عملها، فإنها لم تنجح في تحقيق هدفها النهائي، ونتيجة لذلك، تم حل اللجنة قبل أن تتمكن من إنجاز مسودة دستور متكاملة.
ومنذ عام 2021، دعا أردوغان مرارا إلى ضرورة صياغة دستور جديد لتركيا، يعكس القيم الديمقراطية والليبرالية الحديثة، ويكون ملائما لـ"قرن تركيا"، ويعمل على إنهاء عصر الوصاية والدساتير التي تمت صياغتها في أعقاب الانقلابات.
وقد تنشب مجموعة من الاختلافات بين الأحزاب السياسية التركية بشأن بعض البنود والعناصر الرئيسية للدستور الجديد، إلا أن هناك إجماعا عاما على ضرورة تحديث دستور عام 1982، الذي أُعد بواسطة مجموعة عسكرية بعد الانقلاب الذي وقع عام 1980.
وخضع الدستور الحالي لـ23 تعديلا خلال الـ41 عاما الماضية، كان آخرها إقرار الانتقال إلى النظام الرئاسي في البلاد عام 2017.
وعن مدى حاجة تركيا لدستور جديد قال الباحث القانوني يوجال أجير للجزيرة نت، إن الدستور الحالي لم يعد يلبي التطلعات الديمقراطية والحقوقية للمجتمع التركي، ولا يزال يفتقر إلى الشرعية الكاملة في عيون الشعب، حيث لم يُصَغ بمشاركة شعبية واسعة.
فتركيا -حسب أجير- بحاجة لدستور مدني يُصاغ في جو من الديمقراطية والتوافق، ويأخذ بعين الاعتبار السياقات الاجتماعية والسياسية الراهنة، على عكس الدساتير السابقة التي تم إعدادها في ظل ظروف استثنائية مثل الحروب أو الانقلابات.
واعتبر الباحث أن النضال ضد الانقلابات والدساتير الناتجة عنها في تركيا لم يبدأ بشكل جدي حتى وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، قائلاً "هذا النضال توج بالنجاح بفضل التعديل الدستوري الذي تم بالاستفتاء في 12 سبتمبر/أيلول 2010، الذي مثّل نقطة تحول في العملية الديمقراطية التدريجية للبلاد".
ونفى أجير أن يكون هناك أي عائق قانوني يمنع إعادة صياغة الدستور في حال موافقة العدد الكافي من الأعضاء، ووجود لجان رقابة تابعة للبرلمان التركي تشرف على جميع مراحل الإعداد.
مبادئ وثوابتيعتقد تحالف الشعب (الجمهور) بقيادة الرئيس أردوغان أن الظروف قد نضجت لإعداد دستور مدني جامع تتم صياغته عبر التوافق والحوار، بهدف مواكبة تطلعات تركيا الراهنة والمستقبلية، بحيث يسعى هذا الدستور لأن يشمل جميع المواطنين الأتراك وأن يضمن لهم حرياتهم الأساسية.
كما يهدف هذا الدستور الجديد لجلب إصلاحات للنظام القضائي لتعزيز العدالة والكفاءة، بالإضافة إلى التخلص من البيروقراطية المعرقلة للتقدم، إلى جانب إعادة تعريف مفهوم المواطنة بما يفصل بين الانتماء العرقي والوطني.
وقال مستشار الرئيس التركي محمد أوجوم، إن الدستور الجديد لن يتم بناؤه من الصفر ولن يتم المساس بالبنود الثلاثة الأولى من الدستور الحالي المتمثلة في المبادئ الأساسية للجمهورية التركية.
وأشار إلى أهمية الحفاظ على النظام الرئاسي وتطويره كونه المنجز الأساسي لإرادة الشعب، وضرورة الحفاظ على "قاعدة 50% + 1" في الانتخابات، والتي تعني الحصول على أكثر من 50% من الأصوات الصحيحة بصوت واحد.
وأوضح المستشار أن المبادئ الرئيسية للدستور الجديد هي:
"دستور جديد" متوافق مع العصر، يقوم على الجمهورية والديمقراطية. "دستور مدني" يتم إعداده وفقا لإرادة الشعب. "دستور شامل" يشمل جميع أفراد الأمة التركية. "دستور تحرري" يضمن جميع الحقوق والحريات. "دستور وقائي" يحمي البيئة والموارد الطبيعية. "دستور اجتماعي" يعزز العدالة الاجتماعية ويقلص الفوارق بين فئات الدخل. "دستور يتيح الديمقراطية المتطورة" ويسمح بالمشاركة الإلكترونية وتنويع قنوات مشاركة الجمهور في العملية التشريعية. مصالح الأطرافمن جانبه، يشير المحلل السياسي والباحث القانوني تونج يلدرم في حديثه للجزيرة نت، إلى أن جميع الأحزاب السياسية التركية تمتلك مصالح ظاهرة وخفية قد تحققها من خلال صياغة دستور جديد للبلاد.
ويوضح أنه في حين يهدف تحالف الجمهور من التغيير -على سبيل المثال- إلى إزالة العقبات القانونية التي يفرضها الدستور الحالي أمامه في اتخاذ بعض القرارات، يسعى كذلك لكسب تأييد شريحة واسعة من المواطنين من خلال تضمين نص دستوري يضمن للمرأة الحق القانوني في ارتداء الحجاب دون أي شروط أو قيود.
ومن جهة أخرى، تعمل المعارضة التركية على استغلال الدستور الجديد كفرصة لإلغاء النظام الرئاسي الذي تبنته تركيا عام 2017، والذي تراه المعارضة مقيدا للأحزاب الأخرى وللحريات العامة، ومضرا بالحياة السياسية التركية.
كما لفت المحلل السياسي إلى أن المعارضة عبّرت سابقا عن قلقها بشأن إمكانية إجراء تعديلات جذرية على النظام الانتخابي للرئاسة، والتي قد تتيح للرئيس التركي فرصة الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2028.
وقال يلدريم إن "الدساتير تعبر عن توافق اجتماعي"، مؤكدا أن زيادة عدد الأطراف المشاركة في صياغة الدستور تعزز من قوته وشرعيته، ومضيفا أنه حتى في المجتمعات التي تسودها روح التجانس والتصالح، من الصعب تحقيق إجماع تام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الأحزاب السیاسیة الدستور الجدید الدستور الحالی دستور جدید فی ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
زيارة سرية لرئيس الشاباك الإسرائيلي إلى تركيا لبحث ملف المفاوضات مع حماس
أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أنّ مصادر مطلعة كشفت عن زيارة سرية أجراها رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى تركيا، حيث التقى رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم كالين، وسط أنباء عن وصول قيادات من حركة حماس إلى أنقرة قادمين من دولة قطر.
اعلانكما أفادت مصادر "مطلعة" لموقع "والا" العبري، أن اللقاء بين بار وكالين جرى يوم السبت، في إطار "الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات حول صفقة تبادل الرهائن"، حيث تضمن جدول الأعمال إمكانية تقديم تركيا "مساعدة" في هذا الملف.
وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإنّ مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أوضح أن تركيا لن تتولى دور الوسيط في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، مشيراً إلى أن دورها قد يقتصر على ممارسة الضغط على حركة حماس، مؤكداً أن مصر ستكون الوسيط الرئيسي في العملية، خاصة بعد إعلان قطر تجميد جهود وساطتها.
متظاهرون يهتفون بشعارات خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بالقرب من القنصلية الألمانية في اسطنبول، تركيا، الأحد، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. Emrah Gurel/Copyright 2024 The AP. All rights reservedالوساطة بين حماس وإسرائيلفيما نفى مصدر دبلوماسي تركي التقارير التي تحدثت عن انتقال المكتب السياسي لحماس من قطر إلى تركيا، مضيفاً أن قيادات الحركة يزورون البلاد من حين لآخر، كما نفت حماس هذه التقارير، واصفة إياها بـ"مجرد شائعات يحاول الاحتلال الترويج لها من وقت لآخر".
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً مطولاً مع كبار الوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية لمناقشة جهود تحرير الرهائن، حيث قدم بار تفاصيل محادثاته في تركيا، فيما عرض رئيس الموساد ديفيد بارنياع الاستراتيجية الإسرائيلية لدفع استئناف المفاوضات.
Relatedصور الأقمار الاصطناعية تكشف.. إسرائيل تخرق اتفاقية عمرها 50 عامًا في مرتفعات الجولانفندق إيطالي يرفض حجز سائحيْن إسرائيلييْن بسبب "الإبادة الجماعية" في غزةأهالي الرهائن الإسرائيليين يُناشدون ترامب للتحرك فوراً: "لن يصمد أبناؤنا حتى يناير"قطع العلاقاتوكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن إثر عودته من القمة المشتركة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في السعودية، أن بلاده قطعت علاقاتها مع إسرائيل بشكل كامل بما فيها العلاقات التجارية، مؤكداً وقوف تركيا مع فلسطين، معتبرا أن "القيود التجارية والحظر على إسرائيل" يمثلان شكلاً من أشكال النضال.
يشار إلى أنّ إلى قطر قرّرت في وقت سابق الانسحاب من جهود الوساطة بعد "تزايد الإحباط من عدم إحراز تقدم بين طرفي النزاع في غزة".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أزمة غزة تتفاقم مع حلول الشتاء وفشل محاولة التهدئة في لبنان ووقوع جنود إسرائيليين في كمين مجددًا دعوات ومواقف في القمة العربية الإسلامية غير العادية بالسعودية بشأن حرب غزة ولبنان اليوم الـ 402 للحرب: إسرائيل تستمر في قصف غزة ولبنان وتعلن إصابة 26 في الجبهتين.. ومقتل ضابط و5 جنود حركة حماستركياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. أزمة غزة تتفاقم مع حلول الشتاء وفشل محاولة التهدئة في لبنان ووقوع جنود إسرائيليين في كمين مجددًا يعرض الآن Next عاجل. أسلحة أمريكية تصل للعمق الروسي.. كييف تستهدف مستودعًا على بُعد أكثر من 100 كيلومتر يعرض الآن Next رئيس بولندا يهاجم شولتس: الاتصال ببوتين كان محاولة لوقف الحرب في أوكرانيا قبل تولي ترامب الرئاسة يعرض الآن Next بوتين يوقع مرسوماً يوسع إمكانية اللجوء إلى السلاح النووي يعرض الآن Next أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية اعلانالاكثر قراءة مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع وقف إطلاق نار فوري في السودان غانتس يدعو للتعامل مع جنوب لبنان كمناطق "أ" في الضفة الغربية.. ماذا يعني ذلك؟ حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان "يجب استعمال المصحف كورق مرحاض".. غضب عارم بسبب صورة جندي إسرائيلي وهو يتبوّل على القرآن اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامبحركة حماساحتجاجاتالحرب في أوكرانيا تغير المناخغزةجمالأسلحةمنظمة السوق المشتركة لدول الجنوبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024