اشارات قضائية ونقدية تنعش مقاربات التعافي وخريطة طريق معدّلة
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
كتب علي زين الدين في" الشرق الاوسط": تشهد مراكز القرار المالي والنقدي حراكاً لافتاً على المستويين الحكومي والإداري، يؤمل أن يفضي إلى وضع خريطة طريق محدثة للخروج من دوامة الأزمات وتداعياتها، بما يتماهى مع مقتضيات الاستجابة لشروط الإصلاحات الهيكلية التي يشترطها صندوق النقد لإبرام اتفاق ناجز ومعزز ببرنامج تمويلي لا يقل عن 3 مليارات دولار.
ووفق معلومات لـ«الشرق الأوسط»، فإن التحول النوعي المتمثل بوجوب إدخال تعديلات أساسية وغير ثانوية، تكفل إنعاش الخطة الحكومية الأخيرة، التي تضمنت حزمة من الاقتراحات التشريعية والتنفيذية تحت عنوان إعادة هيكلة المصارف، اكتسب دفعاً قوياً بفعل التقييم الإيجابي لفاعلية السياسات النقدية الجديدة، وإمكانية استخدامها في تصويب مسار المالية العامة، ومن ثم وضع إطار مناسب لمعالجة حقوق المودعين، توطئة لإعادة تنشيط الوظائف الأساسية للبنوك في مجالي إدارة الأموال والتمويل.
بعتبر رئيس «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» الدكتور جوزف طربيه أن حزم القضاء في إقرار مسؤولية الدولة عن خسائر مصرفها المركزي والأموال التي أودعتها المصارف لديه، يشكّل إشارة حاسمة للمستقبل على استمرار أهلية لبنان كبلد حامٍ للاستثمارات بحكم نظامه القانوني المرعي الإجراء، الذي يحفظ حق المستثمرين في أموالهم، وهذا ما يرسي الأساس الصالح لإعداد خطة نهوض حقيقية تحمي الودائع وتحفظ القطاع المصرفي، ويحول دون سيطرة الاقتصاد النقدي في البلد، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض تصنيف لبنان على صعيد مكافحة تبييض الأموال، وتعريضه للعقوبات الدولية، وعزله عن النظام المصرفي العالمي.
وبالفعل، تعكف حاكمية البنك المركزي، وفق مصادر معنية ومتابعة، على صياغة تصنيف جديد للودائع العالقة في الجهاز المصرفي، ارتكازاً إلى الإقرار بالحقوق المتوجبة لكل المودعين، وإجراء ما يلزم من عمليات تحقّق للفصل بين شرائح الأموال المشروعة وتلك الواقعة تحت الشبهات، بما يسهم بتسريع وضع برنامج واضح وقابل للتطوير المستدام لضمان السداد المتدرج، بوسائل نقدية أو استثمارية، بموافقة طرفي العلاقة، أي المودع والبنك.
في المقابل، من المتوقع وضع منهجية متدرجة أيضاً لاستعادة وظيفة الائتمان والتمويل التي تشكل ركيزة النشاط المصرفي وشرطاً لازماً لإصلاح الميزانيات وإعادة هيكلة بنودها في جانبي الأصول والخصوم، وذلك عبر تشريع واضح يقضي بإيفاء أي قروض جديدة بذات العملة التي يطلبها العميل، خصوصاً الدولار النقدي.
وتصر المصارف على أولوية استعادة حركة التسليف، انطلاقاً من معادلة أن النهوض يبدأ بالنمو الاقتصادي الذي لا يمكن تحقيقه إلا بتعزيز التسليف للقطاع الخاص تحديداً، كونه المحرّك الرئيس للعجلة الاقتصادية، والتسليف ينطلق عبر ضخّ المال في المصارف، ومن ثم تنظيم آلية الإقراض على أساس «التسديد بعملة القَرض».
وفي تأكيد جديد لالتزام روزنامة العمل الخاصة بتحضيرات الموازنة السنوية، طلب وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، من الوزارات والإدارات المعنية، المباشرة في إعداد مشروع موازنة عام 2025، متمنياً «أن يتضمن توجهاً إصلاحياً»، بعد موازنتين تصحيحيتين، وملمحاً إلى تضمينه توجهات واضحة لتعزيز الإنفاق الاستثماري الذي من شأنه إعادة العجلة الاقتصادية.
كما تضمن التعميم الإطار العام المطلوب في إعداد الموازنة، ومن أبرز بنوده وضع سقوف للإنفاق، بحدود اعتمادات موازنة العام الحالي، في ظل توقع أن تتأثر الإيرادات بالأوضاع الأمنية غير المستقرة، وأهمية عدم ترتيب أي عجز يهدد الاستقرارين المالي والنقدي، علماً بأن الوزارة تبحث مع مجموعة ممثلين عن الجهات المانحة التفاصيل التقنية للتصور المقترح للموازنة.
ويبقى ملحاً البتّ في موضوع السحوبات المصرفية، وتحديد السعر العادل بالليرة، لتفادي التضليل والاستنسابية والإطاحة بحقّ المودعين، حسب تأكيد وزير المال، الذي يشير إلى وجوب إجراء دراسة دقيقة للمعطيات في ما يخصّ الإمكانات المتوفّرة لدى المصرف المركزي، وذلك حرصاً على عدم المسّ بالاستقرار المالي والنقدي من جهة، وحرصاً، في المقابل، على ضمان حقوق المودعين.
كما يرى وزير المالية أنّ تكبيل الودائع إلى حين إقرار القوانين المؤاتية، يرتّب كلفة على الاقتصاد وعلى المودع. وهو لن يترددّ في تحملّ مسؤولية القرار المناسب في ظلّ توفّر المعطيات اللازمة، وفور استلامها من المصرف المركزي سوف يعرضها ويناقشها مع الحكومة، لاتخاذ الإجراءات التي تخدم المصلحة العامة، مؤكداً في هذا الإطار دعمه للسلطات النقدية في عملية توحيد سعر الصرف.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
العلاق: سنشهد تحولاً رقمياً شاملاً في القطاع المالي
الاقتصاد نيوز - بغداد
أعلن محافظ البنك المركزي، علي العلاق، السبت، قرب تحويل المصارف إلى منصات ذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرا الى أن العراق سيشهد تحولاً رقمياً شاملاً في القطاع المالي.
وقال العلاق، في تصريح، أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إنه "رغم الشوط الكبير الذي تم قطعه لتنشيط وسائل الدفع الإلكتروني التي تُعد خطوة أساسية في التحول الرقمي، إلا أننا سنضع هذه المرحلة خلف ظهورنا قريبا، لأنه حتى الوسائل وأدوات الدفع الإلكترونية الحالية يجري تغييرها وتطويرها بشكل سريع جداً".
وأشار إلى أنه "في وقت قريب سنلاحظ اختلافاً كبيراً في مهام ووظائف المصارف، وسنشاهد الكثير من المصارف تغير من طبيعة عملها، وستكون هناك هوية رقمية مالية لكل مواطن يستطيع من خلالها إجراء العديد من العمليات في حساباته أو الوقوف على أرصدته أو حتى الاستثمار داخل وخارج العراق"، مؤكداً أن "المصارف ستتحول قريباً إلى منصات ذكية تتولى عملية تنظيم العمليات المالية والاستفادة من التقنيات والذكاء الاصطناعي".
وأضاف أن "هذا العمل الكبير يصحبه عمل البنك المركزي، كبقية البنوك المركزية، بالتفكير في أن تكون لدينا عملة رقمية تحت إشراف البنك المركزي، نحن لا نتكلم عن العملات المشفرة التي هي خارج إطار البنوك المركزية، وإنما عن عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي، وهذا عمل كبير يجري العمل عليه في البنك المركزي بالتنسيق مع منظمات وجهات مختصة دولياً وعربياً، وبشكل مباشر مع صندوق النقد العربي".
وتابع: "أننا نعتقد أن هذا التوجه هو الذي سيكون في المستقبل القريب وسيُفرض نفسه، وهذا يمثل حلولاً لمشاكل اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة، وكذلك سيضع إطاراً محكماً لمراقبة الأموال والحد من عمليات الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، لأن جميع الحركات المالية ستكون ضمن نظام محكم وشفاف يستطيع أن يراقب كل العمليات المالية، وفي نفس الوقت يسهل على حامليه إجراء عمليات واسعة حتى في دول العالم الأخرى".
وأردف: "نتوقع أن يستفيد الشباب، ومن خلال الأدوات والموارد البشرية التي لدينا، من هذه الأدوات، فعلاً نحن نتابع أن كثيرا من الشباب يستثمرون عبر هذه المحفظات والأدوات في مجالات متعددة خارج العراق، ولكن البعض يحتاج إلى الحيطة والحذر لأن هناك الكثير من التحايل الذي يحدث، ونعمل على عدم وقوع المواطن ضحية لأي عملية احتيال".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام