العلاقات التجارية والموقف من روسيا.. الرئيس الصيني في أوروبا لأول مرة منذ 5 سنوات
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ الأحد جولة تشمل ثلاث دول في أوروبا وسط انقسام في القارة بشأن كيفية التعامل مع قوة الصين المتنامية والتنافس بين واشنطن وبكين.
وفي زيارته الأولى إلى أوروبا منذ العام 2019، اختار شي اعتماد التوازن الدبلوماسي في محطاته: فبعد زيارة الدولة إلى فرنسا التي تدعوه منذ زهاء عام إلى "حمل روسيا على تحكيم العقل" بشأن الحرب في أوكرانيا، يتوجه الرئيس الصيني إلى صربيا والمجر القريبتين من موسكو.
وفي ظل المخاوف الأوروبية من التراجع اقتصاديا في ظل التنافس بين أقوى اقتصادين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.
ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي.
وتخسر شركات صناعة السيارات الأوروبية قوتها أمام السيارات الكهربائية الصينية المدعومة. ويشعر الدبلوماسيون بالقلق من وجود جواسيس صينيين مزعومين في العواصم الأوروبية. ويثير استمرار التجارة الدفاعية بين الصين وروسيا قلق أي شخص في أوروبا يدعم أوكرانيا التي مزقتها الحرب ويخشى ألا يتوقف الجيش الروسي عند هذا الحد.
وتربط بين أوروبا والصين علاقات اقتصادية قوية، حيث تقدر التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين بنحو 2.3 مليار يورو يوميا، ويبدو شي عازما على إعادة بناء وتعميق العلاقات مع الزعماء الأوروبيين بعد غياب طويل بسبب جائحة كوفيد-19.
وستحظى رحلة شي بمتابعة وثيقة في واشنطن بحثا عن علامات على تراجع الدعم الأوروبي لأهدافها الرئيسية في السياسة الخارجية. وفي الوقت نفسه، هناك حالة من عدم اليقين المتزايد في أوروبا بشأن الدعم الأميركي المستقبلي للحلفاء عبر المحيط الأطلسي، بحسب "أسوشيتد برس".
ووصل شي الأحد إلى فرنسا حيث كان في استقباله بعيد الساعة الرابعة بعد الظهر (16,00 بتوقيت غرينتش) رئيس الوزراء غابرييل أتال في مطار أورلي.
ويعقد شي الاثنين خلال الزيارة التي تتزامن مع ذكرى مرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الصينية، سلسلة اجتماعات مع ماكرون الذي استبق زيارته بمشاورات مع المستشار الألماني أولاف شولتس.
وصباح الاثنين، تنضم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى الرئيسين في قصر الإليزيه في جلسة يتوقع أن تثار خلالها النزاعات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وفي حين لم يتم الكشف بعد عن توقيع أي عقد كبير، ستتواصل النقاشات بشأن الاستثمارات حتى النهاية. ومن المقرر أن يعقد منتدى اقتصادي صيني-فرنسي الاثنين في مسرح مارينيي.
بعد الظهر، يُنظم حفل استقبال رسمي للرئيس الصيني بحفاوة بالغة في قصر ليزانفاليد. وقبل مأدبة في الإليزيه، يلتقي ماكرون وشي على انفراد في اجتماع طابعه سياسي، ثم يتحدثان أمام الصحافة.
ومن المتوقع أن يحث الرئيس الفرنسي نظيره الصيني على تقليص أوجه الخلل التجاري بين البلدين واستخدام نفوذه على روسيا في ما يتعلق بالحرب على أوكرانيا.
ومن غير المرجح أن يتحقق ما يأمل فيه ماكرون بسهولة في وقت تتزايد فيه الخلافات التجارية بين أوروبا والصين.
وتدعم فرنسا تحقيقا يجريه الاتحاد الأوروبي بشأن صادرات السيارات الكهربائية الصينية، في حين تتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحا في باريس.
وفتحت الصين في يناير تحقيقا بشأن الدعم الحكومي لبعض المنتجات مثل مشروب الكونياك الفرنسي، وهو ما يتوقع أن يثير ماكرون تحفظات بشأنه.
وقال مسؤولون إن فرنسا ستسعى أيضا إلى إحراز تقدم بشأن فتح الأسواق الصينية أمام صادراتها الزراعية وحل القضايا المتعلقة بمخاوف صناعة مستحضرات التجميل الفرنسية بشأن حقوق الملكية الفكرية، بحسب وكالة "رويترز".
ويعتزم الرئيس الفرنسي أن يطلب من الصينيين دعم "هدنة أولمبية" لتعليق "كل" النزاعات خلال دورة ألعاب باريس هذا الصيف.
وتحرص فرنسا على مطالبة الصين بالضغط على موسكو لوقف عملياتها في أوكرانيا. ولم يتحقق تقدم يذكر حتى الآن، باستثناء قرار شي الاتصال بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي للمرة الأولى بعد وقت قصير من زيارة ماكرون لبكين العام الماضي.
تقدّم الصين دعماً للاقتصاد الروسي، مع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 30 في المئة تقريباً في العام 2022، في اتجاه شهد نمواً في العام 2023، وفقاً لأليس إيكمان من معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (IESIE).
وقفزت واردات النفط الروسي في الصين بنسبة 55 في المئة في مايو 2021 ومايو 2022، لتصبح موسكو تاليا المورد الرئيسي للنفط إلى الصين، وفقاً لأرقام الجمارك الصينية.
وتتهم واشنطن بكين بتقديم مساعدات حاسمة لروسيا. ويقول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إنّها "المورّد الرئيسي للآلات والإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات المتفجّرة التي تعتبر ضرورية لتصنيع الصواريخ والذخائر، بالإضافة إلى المكوّنات الأخرى ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تستفيد منها موسكو لتعزيز صناعتها الدفاعية".
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي "إذا كان الصينيون يسعون إلى تعميق العلاقات مع الشركاء الأوروبيين، فمن المهم حقا أن يستمعوا إلى وجهة نظرنا ويبدأوا في أخذها على محمل الجد"، بحسب ما تنقل عنه "رويترز".
وفي مقابلة مع صحيفة "لا تريبون" نشرت الأحد، أقر ماكرون بعدم وجود "إجماع" لدى الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها، لأن "بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كسوق للبيع"، في حين أنها "تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا".
وحضّ على "حماية أفضل لأمننا القومي"، والتمتع "بواقعية أكبر بكثير في دفاعنا عن مصالحنا"، و"نيل المعاملة بالمثل" في التبادلات مع الصين.
وتؤكد الصين رسميا أنها على الحياد في حرب أوكرانيا، إلا أنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الغزو الروسي. كما شهدت العلاقات بين موسكو وبكين تقاربا منذ اندلاع النزاع في فبراير 2022.
وقال شي في مقال نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية "نأمل أن يعود السلام والاستقرار بسرعة إلى أوروبا، ونعتزم العمل مع فرنسا والمجتمع الدولي برمته لإيجاد سبل جيدة لحل الأزمة".
ويؤكد الإليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حلّ للنزاع".
وكان ماكرون نقل الرسالة نفسها قبل عام خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى الصين، وحقق نتائج متواضعة.
سيحاول ماكرون تكرار هذا الموقف خلال محطة في جبال البيرينيه الثلاثاء، ستكون شخصية أكثر، إذ يترافق فيها الرئيسان مع زوجتيهما. وتهدف هذه المأدبة في ممر تورماليه الجبلي حيث كان ماكرون يمضي إجازاته طفلا لدى جدته، إلى كسر البروتوكول الدبلوماسي وخوض نقاش صريح ومباشر خصوصا بشأن أوكرانيا، بحسب وكالة "فرانس برس".
أما بشأن قضايا حقوق الإنسان في الصين، فأكد ماكرون أنه يؤثر إثارة "التباينات... خلف الأبواب الموصدة". ولا تصرّ باريس على منح مسألة تايوان أولوية، على رغم ما تشكّله من نقطة خلاف أساسية بين بكين وواشنطن.
وتجمع مئات من الناشطين التبتيين الأحد في ساحة الجمهورية في باريس احتجاجا على زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا "دولة حقوق الإنسان" التي ترحب بـ"ديكتاتور".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الرئیس الصینی فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
قبل أي معاهدة سلام مع أوكرانيا.. روسيا تطالب بضمانات "صارمة"
قال نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات نشرت اليوم الإثنين إن روسيا ستسعى للحصول على ضمانات "صارمة" في أي اتفاق سلام بشأن أوكرانيا بأن تستبعد دول حلف شمال الأطلسي كييف من العضوية وأن تظل أوكرانيا محايدة.
ويحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحصول على دعم الرئيس فلاديمير بوتين لمقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً الذي قبلته أوكرانيا الأسبوع الماضي والذي يقول بوتين إنه يحتاج إلى تلبية شروط حاسمة ليكون مقبولاً.
وقال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لقناة "سي.إن.إن" أمس الأحد بعد عودته من اجتماع وصفه بأنه "إيجابي" مع بوتين في موسكو إنه من المتوقع أن يتحدث ترامب مع نظيره الروسي هذا الأسبوع بشأن سبل إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا.
وفي مقابلة واسعة النطاق مع صحيفة إزفستيا الروسية لم تشر إلى مقترح وقف إطلاق النار، قال ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية إن أي معاهدة سلام طويلة الأمد بشأن أوكرانيا يجب أن تلبي مطالب موسكو.
ونقلت الصحيفة عن غروشكو قوله "سنطالب بأن تصبح ضمانات أمنية صارمة جزءا من هذا الاتفاق". وأضاف "ومن بين هذه الضمانات الوضع المحايد لأوكرانيا ورفض دول حلف شمال الأطلسي قبولها في التكتل".
وأكدت موسكو معارضتها القاطعة لنشر مراقبين من حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، كما شدد غروشكو مجدداً على موقف الكرملين في هذا الشأن.
وقال غروشكو "لا يهم تحت أي تسمية يتم نشر قوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية، سواء كانت تابعة للاتحاد الأوروبي، أو حلف شمال الأطلسي، أو بصفة وطنية".
وتابع "إذا ظهروا هناك، فهذا يعني أنهم منتشرون في منطقة صراع مع كل العواقب التي ستترتب على هذه القوات باعتبارها أطرافا في الصراع".
#مدفيديف يهدد بالحرب مع حلف الناتوhttps://t.co/PPo8mdG4Pr
— 24.ae (@20fourMedia) March 16, 2025وعبرت بريطانيا وفرنسا عن استعدادهما لإرسال قوة حفظ سلام لمراقبة أي وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. وصرح رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بأن بلاده منفتحة أيضاً على أي طلبات.