تعد أذكار الصباح والمساء، من الذكر العظيم الذي حضت عليه الآيات والأحاديث النبوية، لكن ما الوقت الشرعي لقراءة أذكار الصباح والمساء؟ وهل يجوز قراءتها بعد طلوع الشمس أو بعد غروبها؟.

أذكار الصباح والمساء

تقول دار الإفتاء إن وقت أذكار الصباح يبدأ من ثلث الليل أو نصفه إلى الزوال، وأفضله بعد صلاةِ الصُّبح إلى طلوعِ الشمس، ووقتُ أذكار المساء يبدأ مِن زوال الشَّمس إلى الصّباح، وأفضله مِن بعد صلاة العصر حتّى غروب الشمس، وتجوز قراءةُ أذكار الصباح بعد طلوع الشمس، وكذا أذكار المساء بعد غروبها، ويكون للقارئ الأجر والثواب كامِلًا.

ومِن المقرَّر شرعًا أنَّ ذِكرَ الله تعالى مِن أفضل الأعمالِ؛ لأن سائر العبادات وسائل يتقرب بها العبد إلى الله عزَّ وجلَّ، بخلاف الذكر الذي هو المقصود الأسنى؛ كما في "شرح المشكاة" لشرف الدين الطيبي (5/ 1733، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز).

ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِن إِنفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِنْ أَن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْناقَكُمْ»؟ قالوا: بلى، قال: «ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى» أخرجه الترمذي في "سننه".

فضل المحافظة على أذكار الصباح والمساء والحث عليها

قد حثَّ الشرع الشريف على الإكثار مِن الذكر على الوَجهِ الذي يعُم كلَّ الأوقاتِ وأنواعِ الذكر؛ فقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41].

ومِن الوظائف الشرعيَّة المطلوبة: أذكارُ طرفي النهار؛ لقوله تعالى عقبَ الأمر بذكرِهِ على جهةِ العموم: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 42].

قال العلَّامة ابنُ عطية في "تفسيره" (4/ 388، ط. دار الكتب العلمية): [أراد في كلِّ الأوقات مجدَّد الزمان بطرفي نهاره وليله] اهـ.

وحضَّ عليها الشارع في مواضع أخر من كتابه الحكيم؛ فقال تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: 39]، وقال تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: 130]، ونحو ذلك من الآيات التي تدل على الأمر بأذكار الصباح والمساء مع تنوع المترادفات الدالة عليها؛ للدلالة على عظمها، إذ كثرة المسميات تدل على شرف وعِظَمِ المسمَّى.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ مَائةَ مَرَّة، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول إذا أصْبَحَ: «اللَّهُمّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ» أخرجه أبو داود في "سننه".

وقد ورد في اختصاص أول النهار وآخره بالأذْكارِ عدة معانٍ؛ منها:

- فضل هذا الوقت على ما سواهُ؛ كما في "أنوار التنزيل" للإمام البيضاوي (4/ 233، ط. دار إحياء التراث العربي).

- كون الذكر في هذين الوقتين مكفِّرًا لما يقع مِن الذنوبِ بينهما؛ كما في "دليل الفالحين" للعلَّامة ابن علان البكري (7/ 258، ط. دار المعرفة).

- أن يستقبل الإنسانُ بالذكر حياة الانتباه من موت النوم، وكذا يستقبل النوم الذي هو الموتة الصغرى بالذكر لشبهه بالموت الحقيقي، ولأن الإنسان لا يدري أيقوم من نومته هذه أم لا، فيكون موته على ذكر الله؛ كما في "تفسير الخطيب الشربيني" (1/ 550، ط. الأميرية).

علي جمعة: البعض اتهم أهل الذكر بالخرافة .. ونسوا ذكر الله وقت أذكار الصباح والمساء

قد قسَّم الإمام أبو حامد الغزالي أورادَ النهار إلى سبعة، وأورادَ اللَّيل إلى أربعة؛ فقال في "إحياء علوم الدين" (1/ 331، ط. دار المعرفة): [اعلم أنَّ أوراد النهار سبعة: فما بين طلوعِ الصبح إلى طلوع قرص الشمس وردٌ، وما بين طلوع الشمس إلى الزوال وردان، وما بين الزّوال إلى وقت العصر وردان، وما بين العصر إلى المغرب وردان، والليل ينقسم إلى أربعة أوراد: وردان من المغرب إلى وقت نوم الناس، ووردان من النصف الأخير من الليل إلى طلوع الفجر] اهـ.

ولا خلافَ بين الفقهاءِ فيما ورد مِن الأذكار مقرونًا بذِكْر اليوم مطلقًا في جواز الإتيانِ به في أيّ وقتٍ مِن أوقات اليوم، وأن كونه في أول اليوم أفضل مما سواهُ.

قال العلَّامة شرف الدين الطيبي في "شرح المشكاة" (6/ 1819): [قوله: (في يوم) مُطلق، لم يُعلم في أيّ وقتٍ من أوقاتِهِ، لا يُقيَّد بشيء منْه] اهـ.

واختلفوا في ما جاء مِن الأوراد مقرونًا بذكر الصَّباح أو المساء؛ تبعًا لاخْتلافِ تفسيرهما على ما جاء في كلام العرب.

فأمَّا الصباح: فأكثرُ أهل اللغة على أنه مِن نصف اللَّيل الأخير إلى وقتِ الزوال، وهو ما حكاهُ ابنُ الجوالِيقي، وابنُ دريد. ينظر: "المصباح المنير" للفيومي (1/ 331، ط. المكتبة العلمية)، و"نظم فصيح ثعلب" لابن المرحَّل (ص: 173، ط. دار الذخائر).

وفي الشرع: فليس المرادُ كونَ نصف الليلِ هو وقتُ الصباحِ حقيقةً، ولكنْ ما قد اطَّردَت العادةُ على كونه أوَّلَ النهار، وهو طلوعُ الفجر؛ ويؤيّد ذلك: ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادِي حتى يُقال له: أصبَحْتَ أصبحْتَ.

قال الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 248، ط. مكتبة الرشد) نقلًا عن ابن حبيب: [ليس معنى قوله: (أصبحت أصبحت) إفصاحًا بالصبح على معنى أن الصُّبح قد انفجَرَ وظهر، ولكنَّه على معنى التحْذير مِن اطِّلاعه والتحضِير له على النّداء بالأذان؛ خِيفةَ انفجارِهِ] اهـ.

وعليه: فالصَّباح إنما يكون ابتداؤه مِن هذا الوقت وما قرُب منه، لا مِن نصف الليل، فيبدأ وقتُ أذكار الصباح حينئذٍ ويمتدُّ إلى الضحى، وما بقي وقتُه فحكم الصباح منسحِبٌ عليه إلى زوالِ الشمس. يُنظر: "التوقيف على مهمَّات التعاريف" للعلَّامة المناوي (1/ 212، ط. عالم الكتب)، و"الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" لابن علَّان (3/ 74، ط. جمعية النشر والتأليف الأزهرية).

وأمَّا المساءُ: فالمشهور أنه يبدأ مِن وقت الزَّوال إلى العتْمة، وقيل: إلى آخر نصفِ الليل الأوَّل، وهو مروِيٌّ عن "ثعلب" وحكاه ابنُ السَّمين الحلبي عن "الراغب". يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (1/ 331).

ومِن ثَمَّ فيُرجع فيما يُسمَّى بالعشاء للعُرف، وهو مِن زوال الشمس إلى الصَّباح، فيبدأ وقتُ أذكار المساء مِن بعد صلاة العصر إلى المغرب، ويمتدُّ إلى أن يمضي ثلث الليل أو نصفه. ينظر: "الدر المصون" للسمين الحلبي (3/ 167، ط. دار القلم)، و"الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" لابن علَّان (3/ 74).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أذكار الصباح اذكار الصباح والمساء وقت أذكار الصباح والمساء دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم أذکار الصباح والمساء رضی الله الله عن کما فی

إقرأ أيضاً:

دعاء الصباح اليوم الأربعاء 12 مارس 2025.. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

دعاء الصباح اليوم الأربعاء.. يبحث الكثير من المسلمين في بداية يومهم عن دعاء الصباح لبدء اليوم بتكرار الأذكار والصلاة على النبي من الأعمال المستحبة، والتي يمكن أن تأتي بالخير لصاحبها، وهناك الكثير من صيغ دعاء الصباح التي يمكن حفظها والدعاء بها في الصباح يوميا، لضمان يوم جديد مباركًا فيه، حيث يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى في كل وقت وحين.

دعاء الصباح دعاء الصباح اليوم الأربعاء 12 مارس 2025

يعتبر دعاء الصباح واحدًا من أذكار المسلم، والذي يعتبر من الأعمال المستحبة في الصباح مع الإكثار من ذكر الله تعالى، فعن أنس بن مالك قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

-من قال حين يُصبح أو يُمسي اللهم إني أصبحتُ أُشهدك، وأُشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك، أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، وأنَّ محمدًا عبدك ورسولك، أعتق اللهُ رُبْعَه من النار، فمَن قالها مرتين أعتق اللهُ نصفَه، ومَن قالها ثلاثًا أعتق اللهُ ثلاثةَ أرباعه، فإن قالها أربعًا أعتقه اللهُ من النار.

-اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت، اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.

الدعاء

-ربي إني احتسبت يومي هذا لوجهك الكريم، فيسره لي وبارك لي فيه، وتقبله مني، اللهم أرني ما يرضيك، واسمعني ما يرضيك، وانطقني ما يرضيك، واستعملني في طاعتك، وافتح لي أبواب رحمتك، وارزقني من حيث لا أحتسب، اللهم رزقًا حلالاً طيبًا، يرضيني يا رب العالمين.

-اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر.

-اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده.

-سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

-رضيتُ باللهِ ربا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا.

-بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ، في الأرضِ، ولا في السماء، وهو السميع العليم.

-حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

-اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا.

دعاء الصباح

-أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.

-اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والكسل والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال.

-يارب اجعل دعواتنا لا ترد، وهب لنا رزقا لا يعد، وافتح لنا بابا للجنة لا يسد.

اللهم إنا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئًا نعلَمُه، ونستغفرك لما لا نعلمُه.

-ربي عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت.

اللهم ارزقني رزقًا لا تجعل لأحدٍ فيه منه ولا في الآخرة عليه تبعةٌ برحمتك يا أرحم الراحمين.

-أستغفر الله العظيم الّذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، وأتوب إليه.

دعاء الصباح المستجاب

اقرأ أيضاًدعاء الصباح اليوم الثلاثاء 11 مارس 2025

رب إني احتسبت يومي لوجهك الكريم.. دعاء الصباح اليوم الإثنين 10 مارس 2025

اللهم ارزقني من واسع كرمك.. دعاء الصباح اليوم الأحد 9-3-2025

مقالات مشابهة

  • أذكار الصباح اليوم الجمعة 14 مارس 2025
  • دعاء الصباح اليوم الجمعة 14 مارس 2025
  • لو استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس هل أصلي الصبح فقط أم أصلي السنة؟.. لجنة الفتوى تجيب
  • هل يجوز قضاء صلاة العشاء في الصباح لمن فاتته؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول بعض المسائل الرمضانية الشائعة
  • زكاة الفطر 2025 .. قيتمها وآخر موعد لها ولمن تعطى؟ اعرف التفاصيل كاملة
  • أذكار الصباح اليوم 13 مارس 2025
  • هل يجوز أداء صلاة التراويح بأقل من 8 ركعات.. اعرف الموقف الشرعي
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 12 مارس 2025
  • دعاء الصباح اليوم الأربعاء 12 مارس 2025.. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق