«الحنين إلى الماضي» يهدد آمال بايدن في الفوز بولاية ثانية
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
دينا محمود (واشنطن، لندن)
أخبار ذات صلة اليابان والهند تردّان على تصريحات لبايدن مستشارة سابقة لترامب تدلي بشهادتها في محاكمتهوسط تقارب شديد في شعبية كلا المرشحيْن الطامحيْن إلى إحراز النصر في انتخابات الخامس من نوفمبر بالولايات المتحدة، الرئيس الديمقراطي جو بايدن وغريمه الجمهوري دونالد ترامب، كشف خبراء أميركيون في دراسات الرأي العام، عن أن بايدن بات يواجه الآن عقبة غير متوقعة، قد تقوض مسعاه للبقاء في البيت الأبيض، وتتعلق بحنين بعض الناخبين لحقبة سلفه ومنافسه.
فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية قبل أيام، أن 55% من هؤلاء الناخبين، يعتبرون أن فترة رئاسة ترامب كانت ناجحة، مقابل 44% يتبنون موقفاً مغايراً، وهو ما يتناقض بشكل كبير، مع ما كان قد أسفر عنه استطلاع مماثل، شهدته الولايات المتحدة، قبيل مغادرة الملياردير الجمهوري المكتب البيضاوي، في يناير من عام 2021.
ففي ذلك الاستطلاع، الذي أُجري بعد أيام من مهاجمة محتجين لمبنى الكابيتول في محاولة لعرقلة جلسة مشتركة لمجلسيْ النواب والشيوخ عُقِدَت وقتذاك للتصديق على فوز بايدن بانتخابات عام 2020، اعتبر 55% من الناخبين، أن رئاسة ترامب فاشلة.
وعزا محللون آنذاك هذا التوجه، إلى الأحداث الفوضوية التي شهدتها الشهور الأخيرة من ولاية الرئيس الجمهوري، لا سيما اقتحام الكابيتول، الذي أعقبه صدور توصية من لجنة تحقيق شُكِلَت للنظر في تلك الواقعة، باتخاذ إجراءات جنائية ضد ترامب، بدعوى «دعوته للتمرد، والتآمر ضد المؤسسات الأميركية».
ولكن نتائج الاستطلاع الأخير، كشفت عن أن أصداء هذه الأحداث وغيرها من المصاعب التي واجهها الأميركيون خلال حقبة ترامب، خاصة جراء السياسات التي تم اتباعها للتعامل مع أزمة وباء «كورونا»، قد تلاشت بشكل كبير من أذهان الناخبين، إلى حد أن 61% منهم، يرون الآن أن رئاسة بايدن تتسم بالفشل، مقابل 39% يعتبرون أنها ناجحة.
ويربط جانب كبير من الأميركيين ذلك الحكم، بأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي في بلادهم خلال السنوات الأربع الأخيرة.
فرغم التراجع النسبي الذي شهدته معدلات التضخم، فإنها لا تزال أعلى مما كانت عليه عندما كان ترامب في منصبه، وهو ما أدى إلى ألا تتعدى نسبة تأييد السياسات الاقتصادية لإدارة بايدن، 34% من الناخبين، بحسب استطلاع «سي إن إن».
وتنخفض هذه النسبة لتصل إلى 29%، إذا ما كان الأمر يتعلق بتأييد الأميركيين للإجراءات التي اتخذتها الإدارة الديمقراطية، لكبح جماح التضخم، الذي بلغ معدله 2.7% خلال مارس الماضي، بزيادة تصل إلى 1.2 % عما كان عليه في فبراير، حينما كان يدور حول مستوى 2.5%.
وشدد محللون على أن هذه النتائج، تجعل من الصعب على الرئيس الديمقراطي، اعتبار الانتخابات المقبلة بمثابة استفتاء على غريمه الجمهوري نفسه، أو محاولة الاستفادة من الأخطاء، التي وقعت الإدارة الجمهورية في ما بين عاميْ 2016 و2020.
وأشار المحللون إلى أن ما بات يعرب عنه جانب كبير من الناخبين، من حنين لفترة الولاية الوحيدة لترامب، يعني كذلك أنه يتعين على بايدن وفريق حملته الانتخابية، بذل مزيد من الجهد لتذكير مواطنيه بالاضطرابات التي شهدتها تلك الحقبة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جو بايدن البيت الأبيض دونالد ترامب مجلس النواب الأميركي مجلس الشيوخ الأميركي ما کان
إقرأ أيضاً:
ترامب والأردن… وتجارب الماضي!
توجد لاءات عربية ذات طابع سلبي وأخرى ذات طابع إيجابي. تشير اللاءات السلبية، مثل لاءات قمة الخرطوم في العام 1967 إلى رغبة في استمرار الجمود السياسي في المنطقة، فيما تعبّر اللاءات الإيجابية، مثل لاءات الأردن في شأن القدس ورفض توطين الفلسطينيين خارج أرضهم ورفض الوطن البديل، عن رغبة في دعم السلام والاستقرار الإقليميين وتكريسهما.
ليس سرّاً أنّ السلام والاستقرار غير قابلين للتحقيق من دون دولة فلسطينية مستقلة، تقوم بموجب شروط معيّنة، في مقدّمها أن تكون دولة مسالمة بطبيعة الحال. يفرض وجود مثل هذه الدولة واقعا لا يمكن الهرب منه مهما طال الزمن. لهذا الواقع اسم واضح هو الشعب الفلسطيني الموجود على خريطة الشرق الأوسط سياسيا. لا مفرّ من ترجمة هذا الوجود السياسي إلى وجود ذي طابع جغرافي في كيان محدّد المعالم.عبّرت لاءات قمة الخرطوم التي تلت حرب حزيران – يونيو 1967 عن عقل عربي عقيم لم يستوعب في حينه معنى الهزيمة وكيفية التعاطي معها. انعقدت وقتذاك في العاصمة السودانيّة قمة عربيّة خرجت ببيان يتحدث عن ثلاث لاءات: لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات مع إسرائيل. ولا شكّ أن إسرائيل رحبت في حينه باللاءات الثلاث التي خدمت مشروعها الهادف إلى تكريس الاحتلال للقدس ولقسم من الضفّة الغربيّة.
غابت وقتذاك عن العقل العربي فكرة الحلول العملية والقدرة على التصالح مع الواقع. لم تكن هزيمة 1967 سوى امتداد للرفض العربي لقرار التقسيم الذي صدر عن الأمم المتحدة في آخر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 1947 والذي قسّم أرض فلسطين بين العرب واليهود. قال العرب لا لقرار التقسيم، فكانت حرب 1948 التي أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم. لم يتعلّم العرب شيئاً من حرب 1948. لم يكن جمال عبدالناصر أكثر من ضابط مصري جاء من الريف للانتقام من المدينة وأهلها. أخذ ناصر مصر وسوريا والأردن إلى هزيمة 1967 بعدما وقع في فخّ رسمه له كثيرون، بمن في ذلك دوائر في الاتحاد السوفياتي التي كانت تعرف الكثير عن موازين القوى في المنطقة.
المهمّ في المرحلة الراهنة معالجة الخطورة الناجمة عن وجود إدارة أميركيّة ترفض التعاطي مع لاءات عربيّة إيجابية مثل لاءات الأردن الذي يصرّ منذ سنوات طويلة على خيار الدولة الفلسطينيّة. يطرح توجه دونالد ترامب، الذي دعا إلى توطين فلسطينيي غزّة في مصر والأردن، تساؤلات بشأن القدرة التي تمتلكها الإدارة على أن تكون في مستوى الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط.
في النهاية، لا يمكن لأيّ إدارة أميركيّة تجاهل الدور الأردني في المنطقة على الرغم من كلّ التغييرات التي طرأت، وهي تغييرات تشمل الوضع العراقي برمته والانقلاب الكبير في سوريا… إضافة في طبيعة الحال إلى أن دولاً عدة في المنطقة لم تعد في حاجة إلى قناة ثالثة للتحدث إلى إسرائيل!
ثمة ثوابت أردنية يستحيل تجاوزها. في مقدّم هذه الثوابت الدور الأردني في رسم حدود الدولة الفلسطينيّة وذلك منذ اتخذ الملك حسين صيف العام 1988 قرار فكّ الارتباط مع الضفّة الغربيّة.
حدّد الأردن منذ فترة طويلة الإطار الذي لا سلام من دونه. ليست الإدارة الأميركيّة الحالية سوى إدارة أخرى ترفض الاعتراف بأنّ ثمة بديهيات لا يمكن تجاوزها وهي بديهيات عبّر عنها الملك عبدالله الثاني بكلّ وضوح. فعل ذلك قبل خطابه التاريخي أمام مجلسي الكونغرس في السابع من آذار – مارس 2007 وبعده. أكّد العاهل الأردني الذي يمتلك بعد نظر وخبرة في شؤون المنطقة قل مثيلهما أنّ لا بديل من الدولة الفلسطينية المستقلة. الأهمّ من ذلك كلّه التشديد على أن الأردن ليس الوطن البديل كما يحلم بنيامين نتنياهو.
لا يجوز بالطبع تجاهل هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته “حماس” والذي أساء لكل فلسطيني ولكلّ غزّاوي وللقضيّة بشكل عام. لكن “طوفان الأقصى” لا يبرّر انضمام إدارة ترامب إلى اليمين الإسرائيلي الذي لا يمتلك أيّ مشروع سياسي لا على الصعيد الفلسطيني ولا على صعيد المنطقة.
ليس مطلوباً من إدارة ترامب أن تكون تابعا لإسرائيل بدل أن تتولى دورا قيادياً يأخذ في الاعتبار أنّه لا يمكن حلّ القضيّة الفلسطينيّة وتصفيتها على حساب دولة أخرى في المنطقة في حجم الأردن. في استطاعة الولايات المتحدة الاستفادة من تجارب عدة حاولت فيها تجاوز الأردن كما حصل في عهد الرئيس الراحل جيمي كارتر الذي فعلت إدارته كل ما تستطيعه للإساءة إلى المملكة الأردنية الهاشمية وإلى الملك حسين شخصيا في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي. لم ينجح كارتر في تعاطيه مع الأردن. كان كارتر رئيساً ضعيفاً لم يدرك في خريف العام 1979 أبعاد احتجاز أفراد طاقم السفارة الأميركيّة في طهران على يد “طلاب” تابعين للنظام الجديد الذي أقامه الخميني.
لن ينجح دونالد ترامب، الرئيس القوي، في تعاطيه مع الأردن أيضا. يعود ذلك إلى جهله بهذا البلد ودوره على الصعيد الإقليمي وبالتجارب التي مر بها منذ نشأته. لا يمكن الاستخفاف بالأردن من جهة ولا يمكن، من جهة أخرى، تبسيط المشاكل العميقة التي تمرّ بها المنطقة… عن طريق الارتهان لليمين الإسرائيلي. لا يمتلك اليمين الإسرائيلي مشروعاً سياسياً للمنطقة ودور إسرائيل فيها، كما لا يمتلك من خيار فلسطيني غير تهجير الفلسطينيين. يمكن أن تكون اللاءات الأردنية الإيجابية فرصة لترامب كي يصحّح توجهه وكي يقتنع بأنّ التطرف، أكان إسرائيلياً أو حمساوياً، يمثل الطريق الأقصر للمزيد من التوتر والاضطرابات في منطقة لا تزال تعاني من مخلفات المشروع التوسعي الإيراني الذي استهدف، بين من استهدف الأردن، عبر الجنوب السوري وعبر حدوده مع العراق…
هل يريد دونالد ترامب الانضمام إلى مستهدفي الأردن الذي وقّع سلاما مع إسرائيل منذ العام 1994؟