هل صلاة قيام الليل لفك الكرب؟ سؤال يكثر البحث عنه خاصة لمن علم فضل قيام الليل والمواظبة عليه كدأب الصالحين من أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكن هل صلاة قيام الليل لفك الكرب؟، وماذا يقال من كلمات لا ترد في الثلث الأخير؟. 

هل صلاة قيام الليل لفك الكرب؟

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إنه في هذه الأوقات نحن فى أشد الحاجة  إلى تقوية علاقتنا مع الله ، وقيام الليل ليس ببعيد فاستنجدوا بالدعاء في جوف الليل .

(وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإنَّ الْبَلاَءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ (يتصارعان) إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (رواه الطبراني) .

وتابع في بيان هل صلاة قيام الليل لفك الكرب؟، أحيوا قلوبكم بقيام الليل ، يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «عليكُم بقيامِ اللَّيلِ ، فإنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحينَ قبلَكُم، و قُربةٌ إلى اللهِ تعالى، ومَنهاةٌ عن الإثمِ،  تَكفيرٌ للسِّيِّئاتِ، ومَطردةٌ للدَّاءِ عن الجسَدِ».

وبين أنه من أعظم مظاهر شرف الليل‏,‏ أن الله أنزل فيه القرآن‏,‏ فالقرآن يحب الليل‏, وحبه لليالي رمضان وعشره الأواخر أشد (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآَنُ) ‏[ البقرة:185],‏ ويبلغ الحب أشده وذروته في ليلة القدر‏,‏ وهي ذلك الوقت الشريف الذي اختاره الله لنزول القرآن‏,‏ حيث بلغت الطاقات النورانية أعلى درجاتها‏,‏ قال تعالى‏: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ) [القدر:1]. ‏

وكانت ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من رمضان‏,‏ كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-‏:‏ "أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان‏,‏ وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان‏,‏ والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان‏,‏ وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان" ‏(رواه الإمام أحمد‏),‏ وهي ليلة القدر الكبرى‏,‏ ومن أجل ذلك كانت أعظم التجليات الإلهية من الله على عباده في الليالي الرمضانية‏,‏ وهذا سر اختيار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هذه الليالي لتهجده قبل البعثة‏,‏ حيث ألهمه الله أن يكون تعبده شهرا في السنة هو شهر رمضان‏, كما رواه ابن إسحاق في ‏(السيرة‏).‏

مش هتاخد منك جهد خالص.. عبادة يعدل أجرها صيام النوافل وقيام الليل

ومن أجل ذلك‏,‏ أمر الله بقراءة القرآن والقيام به في الليل‏,‏ وأخبر أن طبيعة الليل أنسب بالقرآن لألفاظه وفهما لمعانيه وتحملا لتكاليفه‏,‏ فقال تعالى‏: (يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) [المزمل:1-6],‏ و‏(ناشئة الليل‏)‏ هي تلك النفوس التي يربيها الليل وينشئها على قرآنه‏,‏ وهي أيضا تلك الواردات الروحانية والخواطر النورانية التي تنكشف في ظلمة الليل -كما يقول الإمام الرازي في تفسيره- فتلك النفوس الصادقة التي أنشأتها وهذبتها وربتها أنوار القرآن الليلية‏ (هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا),‏ أي أعظم ثباتا وتأثيرا‏,‏ فهي أكثر إدراكا في وعيها وأكبر نجاحا في سعيها‏, (وَأَقْوَمُ قِيلًا) ‏ قد رزقت الإخلاص في القصد والسداد في القول والإجابة في الدعاء‏ 

‏كما جاء في الحديث‏:‏ "أشراف أمتي‏ حملة القرآن وأصحاب الليل" ‏(الطبراني والبيهقي‏),‏ وفي القراءة الصحيحة الأخرى ‏(هي أشد وطاء‏)‏ أي مواطأة واتساقا وتواؤما وانسجاما‏؛ وهذا الانسجام كما يحصل بين القلب واللسان والجوارح عند القراءة ؛‏ فإنه يحصل أيضا من التوافق بين الأمر الشرعي بالقراءة ليلا وبين الأمر الكوني في نزول القرآن ليلا‏,‏ فكلما كانت قراءة المسلم للقرآن بالليل‏,‏ زاد اتساقه مع الكون‏,‏ ويزداد الاتساق بقراءته في ليل رمضان‏,‏ حتى يصل إلى ليلة القدر التي هي أعظم من ألف شهر‏.‏‏

هل صلاة قيام الليل لفك الكرب؟

ودعا علي جمعة قائلا: اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ، اقضِ عنا الدين، وأعذنا من الفقر، ومتعنا بسمعنا وبصرنا وقوتنا ما أحييتنا يا أرحم الراحمين . 

وبين صيغة صلاة قيام الليل لفك الكرب بالصلاة على النبي محمد حيث قول: «اللَّــهُـمَّ صَــلِّ صَلَاةَ جَلَالٍ، وَسَلِّمْ سَلَامَ جَمَالٍ، عَـلَــى حَضْرَةِ حَبِيبِكَ سَــيِّدِنَــا مُحَمَّـدٍ، وَاغْشَهُ اللَّــهُـمَّ بِنُورِكَ كَمَا غَشِيَتْهُ سَحَابَةُ التَّجَلِّيَاتِ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَبِحَقِيقَةِ الْحَقَائِقِ كَلَّمَ مَوْلَاهُ الْعَظِيمَ، الَّذِي أَعَاذَهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، اللَّــهُـمَّ فَرِّجْ كَرْبِي كَمَا وَعَدْتَ (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. نسبها النبهاني لسيدنا العارف بالله أحمد رضوان رضى الله عنه.

وقالد. عبد الحليم محمود شيخ الجامع الازهر رحمه الله في كتابه : (المدرسة الشاذلية الحديثة ) القصة التالية : في فترة من الفترات ابتلاني الله بموضوع شق على نفسي وعلى نفس المحيطين بي ، واستمر البلاء مدة كنا نلجأ فيها إلى الله تعالى طالبين الفرج .

وذات يوم أتى عندي بعض الصالحين وكان على علم بهذا الابتلاء وأعطاني ورقة كتب فيها صيغة من صيغ الصلاة على رسول الله ﷺ وقال: اقرأها واستغرق فيها، وكررها منفردًا في الليل، لعل الله يجعلها سببًا في تفريج هذا البلاء، واعتكفت في غرفة بعد صلاة العشاء، وأضأت نور الغرفة وأمسكت الورقة بيدي، وأخذت في تكرار الصيغة واستغرقت فيها ؛ وإذا بي أرى فجأة أن الحروف التي كتبت بها الصيغة مضيئة تتلألأ نورًا في وسط هذا النور ، ولم أصدق عيني فغمضتها وفتحتها عدة مرات ، فكان النور على ما هو ، فوضعت الورقة أمامي ووضعت يدي على عيني أدعكهما ، ثم فتحت عيني فإذا بالحروف على ما هي عليه تتلألأ نورًا وتشع سناء .

فحمدت الله وعلمت أن أبواب الرحمة قد فتحت وأن هذا النور رمز ذلك، وفعلًا أزال الله الكرب وحقق الفرج بكرامة هذه الصيغة المباركة .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قيام الليل فضل قيام الليل قراءة القران صلى الله علیه من رمضان

إقرأ أيضاً:

المحافظة على روحانية الشهر الفضيل

قبل أن يهل هلاله، تجتمع اللجان المختصة وعامة الناس لاستطلاع ثبوت رؤيته بعد أن ينقضي شهر شعبان المبارك، رغم أنه تطور العلم حاليا في رصد الكواكب وأهلة الشهور من خلال استخدام أجهزة حديثة مزودة بالتقنيات المتقدمة.

وبعد ثبوت رؤيته يبث الخبر في جميع القنوات الإخبارية ليتم الإعلان رسميا عن بداية شهر الرحمة والغفران، ويتبادل الناس التهاني بقدوم شهر رمضان الفضيل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تتزين الشوارع العامة بالأنوار، والمنازل بالفوانيس الرمضانية، وتقوم المؤسسات التجارية بعمل العروض والتخفيضات الرمضانية، أما المنازل فإنها تعج بقراءة القرآن وتنتشر بداخلها الطقوس الرمضانية والاستعدادات المختلفة.

ويحرص الجيران على زيارة بعضهم البعض خلال فترة المساء في الشهر الفضيل هذه الزيارات توطد علاقات المحبة والمودة، كما يتبادل البعض قبل الإفطار الأطباق الرمضانية بأصناف مختلفة من المأكولات التي يشيع تقديمها على المائدة الرمضانية في هذا الشهر العظيم الذي هو خير الشهور وأجملها، فشهر رمضان يملأ منازل المسلمين بالروحانية والسكينة، فهو يأتي كل عام ليطهرنا وينقينا ويحقق أمانينا ويجمعنا على المحبة والتواد والتراحم فيما بيننا وبين الآخرين.

إن لشهر رمضان المبارك مكانة خاصة ومميزة عند المسلمين لأنه شهر التوبة والمغفرة وتكفير الذنوب والسيئات، شهر الصيام الذي يعد ركنا من أركان الإسلام، وفيه فرضت عبادة الصوم التي لم يحدد الله عز وجل أجرها كون الصيام يكون خالصا لله سبحانه وتعالى فهو يجزي به الصائمين.

ورمضان، شهر عظيم ينتظره المسلمون في بقاع العالم كل عام للتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة كالصيام وكثرة الصلاة وكثرة الدعاء والصدقات طمعا في المغفرة والأجر الكثير.

إن شهر رمضان يعج بالكثير من الفضائل والحكم العظيمة والفوائد العديدة بما فيه من صوم وتقرب إلى الله تعالى منها: أنه سبب لاستجابة الدعاء وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ثلاثة لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ»؛ لذلك على المسلم أن يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله في شهر رمضان لما فيه من فضل كثير ودعوات مستجابة.

كما أن رمضان هو شهر القرآن فقد خصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن الكريم على سيد البشرية وهاديها إلى الطريق المستقيم، وقد روي عن عثمان بن عفان أنه كان يختم القرآن الكريم كل يوم في رمضان.

إلى ذلك كله في رمضان ليلة من أعظم الليالي المباركة وهي «ليلة القدر» التي ميزها الله تعالى عن باقي الليالي وتقع في أواخر هذا الشهر الفضيل، وجاء ذكرها في القرآن الكريم وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام فقال الله تعالى: «ليلة القدر خير من ألف شهر»، أي أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خير من العمل في ألف شهر، فما أعظمها من ليلة مباركة!

وأخيرا علينا أن نعي بأن لشهر رمضان منزلة عظيمة عند الله تعالى، ففيه يفتح الله أمام العباد أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل الشياطين، لذا فهو فرصة كبيرة أمام المسلم للتوبة والمغفرة وتجنب ارتكاب المعاصي والذنوب، إضافة إلى أنه فرصة لعبادة الله على أكمل وجه.

إن هذه الفضائل التي ذكرتها لتعد نقطة في بحر ممتد لكثرتها ومنافعها؛ لذا وجب على المسلم الفطن أن يستغل أيام هذا الشهر وما بقي من لياليه في الأعمال الصالحة ابتغاء وجهه تعالى؛ ولذا ندعو الله ونسأله أن يعيننا على صيامه وقيامه ويتقبل منا خالص الأعمال ويجعلنا المولى عز وجل وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام.

مقالات مشابهة

  • بث مباشر.. شعائر صلاتي العشاء والتراويح من الجامع الأزهر ليلة 17 رمضان
  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • هل يجوز قراءة القرآن من المصحف في صلاة التراويح؟ الإفتاء تجيب
  • دعاء السجود في قيام الليل .. اعرف ماذا يقال في هذا الوقت
  • قصص الصحابة والتابعين في رمضان
  • ما هو قدر القراءة في صلاة التراويح؟ اعرف آراء العلماء
  • 4 ركعات في النصف من رمضان.. أوصى بها النبي تغفر الذنوب وتفك الكرب وتمنحك 6 عطايا
  • كيف تطمع في رحمة الله؟.. فرصة عظيمة اغتنمها بهذه الطريقة
  • ليلة النصف من رمضان 2025 الآن.. اغتنم فضلها كاملا بـ15 كلمة
  • المحافظة على روحانية الشهر الفضيل