شجرة العرعر.. أيقونة الجمال والسياحة في الباحة
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
البلاد ــ الباحة
تقف ” شجرة العرعر ” على مدى عدة قرون شامخة، كأحد رموز الجمال في منطقة الباحة، تزين سفوحها وقمم جبالها بحلة خضراء زاهية، متأثرة بالأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة مؤخراُ، لتشكِّل غابات ممتدة، مستعدة لاستقبال الصيف، وعشاق الطبيعة الباحثين عن الهدوء والراحة.
وأوضح ممثل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي بمنطقة الباحة محمد بن سعيد القدوة، أن شجرة العرعر تشكل بنسبة 30 % من نباتات الباحة البرية، حيث تنتشر في كل من الباحة وغابات محافظات بلجرشي ومحافظة بني حسن ومحافظة المندق.
وأضاف أن المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحُّر ممثلاً في إدارة الغابات بالمنطقة ، يعمل طوال العام لحماية الغابات وخاصة غابات العرعر والعتم والطلح ،وذلك للسعي في تنفيذ الأهداف الإستراتيجية لخطة العمل الوطنية الخاصة بالغابات في المملكة والتي تجسدها رؤية 2030.
وأشار إلى أن الإدارة في تنمية الغطاء النباتي تقوم عبر المشاريع المتنوعة للتشجير؛ برعاية الأشجار وجمع ونثر البذور بالتعاون مع كافة القطاعات، والإسهام في الارتقاء بمستوى عالٍ لحماية الغابات المنتشرة في المنطقة، والتي تحتوي على تنوع نباتي فريد؛ وخاصة النباتات الاقتصادية كالنباتات الطبية والعطرية وغيرها.
وأكد ” القدوة ” على وجود دوريات أمن وحماية لمواقع الغابات بالمنطقة في المركز؛ تعمل على مراقبة مواقع الغطاء النباتي في المنطقة، والقيام برصد المخالفات وضبط أي تعدي على مواقع الغطاء النباتي من قطع أشجار أو احتطاب وغيره، وإصدار العقوبات بموجب أحكام النظام واللوائح والتحقيق فيها وإثباتها من قبل المفتشين والمراقبين، إضافة إلى توجيه المواطنين من الأهالي والسائحين إلى المحافظة على الغطاء النباتي والتعاون في الحفاظ على هذه الثروة النباتية.
وتُعد أشجار العرعر المعمِّرة التي ظلت شامخة منذ آلاف السنين ، المكوِّن الرئيسي للغابات الطبيعية في منطقة الباحة، حيث تعمل كغطاء نباتي يسهم في جمال الطبيعة، وتعمل على حماية مساقط المياه ونظام جريان مياه الأمطار وتحمي التربة من التعرية، وهي كذلك أهم عناصر الجذب السياحي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الغطاء النباتی
إقرأ أيضاً:
أعياد الربيع في مرآة الشعر.. مواسم التجدد بين الجمال والرمز
الربيع ليس مجرد فصل يتبدل فيه الطقس وتخضر الأرض، بل هو تجربة شعورية وحالة وجدانية ألهمت الشعراء على مر العصور، تتجدد فيه الطبيعة، وتتفتح الزهور، ويطول النهار، وتزدهر الروح، وقد ارتبطت أعياد الربيع في الذاكرة الجمعية والطقوس الشعبية، بفرحة الخلاص من البرد واليباس، وبداية موسم جديد يفيض بالجمال والحياة، فكيف تفاعل الشعراء مع هذا الموسم؟ وكيف تحولت أعياده إلى رموز في القصيدة العربية؟
الربيع في الشعر العربي الكلاسيكي: البهجة والرقة
في التراث الشعري العربي القديم، نجد وصف الربيع في أبهى صوره، مقترنًا بالخمر والغزل والطبيعة، فقد كتب الشعراء قصائد وصفية تفيض بالصور البلاغية التي تجسد مظاهر الربيع بدقة وحب، مثل تفتح الأزهار، خرير المياه، اعتدال النسيم، ورقص الطيور.
أبو نواس، الشاعر العباسي المعروف بولعه بالحياة، قال في إحدى قصائده: (أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكًا.. من الحسن حتى كاد أن يتكلما).
ويُلاحظ في هذه الأبيات كيف يُشبه الربيع بكائن حي له قدرة على الابتسام والكلام، وهو تجسيد بلاغي لجمال الطبيعة.
أما المتنبي، فرغم فصاحته ووصفه المتقن، دائمًا ما كانت رؤيته مشوبة بالحكمة وميل إلى التأمل الوجودي، فيقول: (أرى كل يوم في الربيع زيادةً.. ومَا أنا منه مستلذٌّ ولا جلِدُ)، رغم جمال الطبيعة، فإن الشاعر لا يشعر بالابتهاج، وكأن الربيع يذكّره بما ينقصه في الداخل.
الربيع في الشعر الصوفي: صحوة الروح واحتفال بالمحبوب
في الشعر الصوفي، اتخذ الربيع بعدًا رمزيًا، يتجاوز الجمال الطبيعي إلى الجمال الإلهي. فهو موسم يقظة الروح، وتجلي الأنوار، وتفتح البصيرة. الشاعر الصوفي يرى في تفتح الزهور انعكاسًا لتفتح القلب.
جلال الدين الرومي يكتب: (كل زهرة تتفتح تهمس: "انهض... الوقت حان لتحبّ".... والعطر ليس من الزهرة فقط، بل من القلب العاشق)، هذه الرؤية تنزع من الربيع معناه المادي، وتضفي عليه بعدًا روحانيًا عميقًا، يجعله موسمًا من المواجهة مع الذات ومصالحتها.
أعياد الربيع والرمزية الشعرية: من النيروز إلى شم النسيم
أعياد الربيع، مثل عيد النيروز في الثقافات الفارسية والكردية، وشم النسيم في مصر القديمة، كانت مصدر إلهام شعري لقرون. وفي كل هذه المناسبات، يحتفل الناس بالحياة والطبيعة، ويشاركون في طقوس جماعية تعبّر عن الأمل.
وقد تناول بعض الشعراء هذه الطقوس في قصائدهم، مثل الخروج إلى الحدائق، أكل الأسماك والبيض الملون، والاستحمام في الأنهار كرمز للتجدد.
في الشعر العامي المصري، نقرأ عند صلاح جاهين:
في شم النسيم...
الدنيا لونها فلّ ومشمش
والضحكة طالعة من كل وشّ
وفي هذه الكلمات نلمس الروح الشعبية التي تستوعب الربيع كفرصة للفرح الجماعي، ولحظة من لحظات الصفاء.
الربيع والشعر الحديث: الحنين، المقاومة، والحرية
أما في الشعر الحديث، فقد اتخذ الربيع دلالات جديدة، خصوصًا لدى شعراء المقاومة والرومانسية الجديدة، فالربيع لم يعد فقط موسم الطبيعة، بل أصبح رمزا للأوطان الضائعة، وللثورات، ولأحلام الحرية.
محمود درويش، يكتب:
في الربيع، تتفتح الأرض كما قلب أمي
ويعود الحنين شجرة زيتون في باحة بيتنا
وفي قصائد نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، يظهر الربيع أحيانًا مغلفًا بالحزن، كأن جماله لا يكفي لتجاوز الفقد الداخلي.
المرأة والربيع: جمال مزدوج
لطالما اقترنت صورة الربيع بالأنوثة في الشعر، ليس فقط لنعومته وخصوبته، بل لأنه يشبه المرأة في كونه مصدرًا للدهشة والعطاء، العديد من الشعراء استخدموا الربيع استعارة للحبيبة، أو جعلوا من الحبيبة نفسها تجسيدًا للربيع.
يقول نزار قباني:
وجهكِ ربيع،
عيناكِ زهرتان على ضفاف القصيدة
وضحكتكِ أول شمّ نسيم بعد شتاء القلب
الربيع كشعرٍ متجدد لا ينتهي
من القصيدة الجاهلية إلى النص الحديث، بقي الربيع ملهمًا للشعراء، ليس فقط لجماله الحسي، بل لما يحمله من رموز، هو الأمل الذي يتفتح كل عام، والوعد بأن بعد الشتاء يولد الضوء، وفي كل عيد ربيع، تعود القصيدة لتزهر على شفاه الشعراء من جديد.