فجأة وبدون مقدمات، تناست أمريكا كل شعاراتها المنمقة، وغاب عن عقول رئيسها وأعضاء إدارته المجنونة، كل ما يزعمونه من القيم والمعايير والمبادئ الديمقراطية، واجتمع الخصوم السياسيون هناك من فرقاء الحزبين الديمقراطي الحاكم والجمهوري المعارض على صعيد واحد، وأجمعوا رغم حمى التنافس للانتخابات الرئاسية الوشيكة على قمع احتجاجات طلاب الجامعات المناهضة للعدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة، وفي التعامل مع حملة الضمير الإنساني، بأساليب وحشية، وشيطنة وكيل الاتهامات جزافا على المشاركين فيها، بمن فيهم معتنقي الديانة اليهودية، التي لم تمنعهم من مواجهة تُهم معاداة السامية وكل ذلك لأجل عيون نتنياهو، ولكسب ودّ السفّاحين الصهاينة.
-يعلم القاصي والداني، أن مؤسسات صنع القرار السياسي الأمريكي، كانت وما زالت تحت سيطرة اللوبي الصهيوني ويُتخذ وفق رغبات وأهواء أربابه، لكن ظل ذلك التوجه البغيض مغلفا بشعارات ولافتات إنسانية وفي إطار القيم والأصول الديمقراطية المزعومة، وهي الأسلحة ذاتها التي توجّهها واشنطن ضد الدول والشعوب المعارضة لمشاريعها وأجندتها، وحين تعلق الأمر بكيان الاحتلال الصهيوني، فقد ساسة أمريكا صوابهم وتخلوا عن المواربة والمداهنة، ليكشفوا عن حقيقتهم وبشاعة ما يبيتون ضد كل ماله صلة بالإنسان والإنسانية.
– بدأ اللوبي الصهيوني في أمريكا والغرب عموماً، يدرك صعوبة التغطية على آثار وفظائع الجرائم والمذابح الإسرائيلية المروعة بحق نساء وأطفال غزة، ووجد نفسه عاجزا عن كبح جماح نجاحات الحراك الطلابي والشعبي المتنامي في الجامعات والشارع، من التأثير الحقيقي والفاعل على المجتمع الأمريكي والغربي بشكل عام، فراح يبطش وينكل بالمحتجين بصفاقة وجنون وبحالة من اللاوعي، لتزيل تلك الممارسات جانبا كبيرا من النقاب عن الصورة الحقيقية للديمقراطيات المزعومة، ولمستوى الحريات والحقوق التي تزعم أمريكا وأتباعها في الغرب التخلّق بها والذود عنها، وإشعال الحروب وتغيير أنظمة سياسية، والعبث بأمن واستقرار شعوب ومجتمعات، تحت راية هذه الشعارات الجوفاء.
-أثبت الحراك الطلابي في جامعات أمريكا وكثير من بلدان أوروبا، تنديدا بجرائم كيان الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، أن الغرب بدأ مرحلة مهمة من مراحل تكوين الوعي المجتمعي بعيدا عن تأثير ومؤثرات وسائل اللوبي الصهيوني وبمعزل عن أكاذيب وروايات الأنظمة السياسية وما يفعله المال الخليجي المدنس من أفاعيل باطلة لتغيير قناعات المجتمع الغربي والتأثير السلبي في مؤسساته ومراكز أبحاثه، إذ يعمل جنبا إلى جنب مع لوبي الصهاينة، لتشويه ومصادرة الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي، والترويج لمظلومية الكيان المحتل، وفي سبيل تمكينه مما لا يملك، وإعطائه ما لا يستحق.
-يدرك النظام الرسمي الأمريكي والغربي، خطورة ما ينطوي عليه هذا الحراك الشعبي المتصاعد ضد جرائم إسرائيل، وما سيحمله من تغيير جذري، على صعيد بناء وإعادة تكوين العقل الغربي، لكنه يسجل الفشل تلو الآخر، في التعاطي مع هذا التطور، فراح يعمل بدون شعور، من خلال القمع والاعتقال للطلبة وللحقوقيين والناشطين، على توسيع وتسريع نطاق هذا التحول الإيجابي وإذا به يحسن من حيث أراد الإساءة، وسبحان الذي إذا قضى أمرا، سلب أهل العقول عقولهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مدى أهمية اتصال ترامب مع محمد بن سلمان كأول قائد أجنبي ونظرة نتنياهو؟.. متحدثة خارجية أمريكا السابقة تعلق لـCNN
(CNN)—عقّبت المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هالة هاريت، على المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان وهو أول زعيم أجنبي يتكلم معه الرئيس الأمريكي بالإدارة الجديدة.
وقالت هاريت في مقابلة مع CNN إن "حقيقة أنه تحدث إلى ولي العهد السعودي كواحدة من أولى اتصالاته الرئيسية - وربما ستكون أيضًا زيارته الأولى، مثلما حدث عندما أصبح رئيسًا لأول مرة خلال فترة ولايته الأخيرة - ستكون ذات أهمية كبيرة.. إنها علاقة بغاية الأهمية (بين ترامب ومحمد بن سلمان) ومع الآخرين في الخليج وملوك الخليج، أعتقد أنها ستكون، كما قلت، صفقة، وفي نهاية المطاف، السؤال هو ما هو الأفضل بالنسبة لترامب؟ لديه إلى حد كبير سياسة أمريكا أولاً، لكن هذا يفسّر من قبل الأشخاص الذين سيحيط نفسه (ترامب) بهم، والذين سيهمسون بأعلى صوت في أذنه".
01:01ترامب بعد إعلان محمد بن سلمان عن الـ600 مليار دولار: سأطلب منه رفع المبلغ إلى تريليونوأضافت: "أطلق (ترامب) وعوداً انتخابية مثل إنهاء الحرب في غزة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكنه كان خلفه أيضًا ميريام أديلسون، إحدى كبار المانحين، والتي تنتمي إلى المعسكر الصهيوني وتريد ضم الضفة الغربية بأكملها، إذن هناك مصالح متعددة ومتعددة تجذب الرئيس الجديد، وسيتعين علينا أن نرى أيهما الأعلى صوتًا.."
وتابعت: "لذلك أعتقد أنه سيتعين علينا مراقبة الأمر عن كثب، ولكن ليس هناك شك الآن في أن نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة ستحاول الاستفادة الكاملة من هذا الوضع ومحاولة فرض عقاب جماعي في جميع أنحاء الضفة الغربية، ونحن نرى الفظائع التي تحدث الآن هناك حيث بدأت الأمور تهدأ في غزة".
وكان ولي العهد السعودي قد أبدى رغبة بلاده في استثمار 600 مليار دولار في الاتصال الهاتفي مع ترامب، وهو ما عقّب عليه الأخير، بخطاب، الخميس قائلا إنه سيطلب من محمد بن سلمان الذي وصفه بالرجل الرائع، أن يرفع المبلغ إلى حوالي تريليون دولار، وأضاف "سأطلب أيضًا من المملكة العربية السعودية وأوبك خفض تكلفة النفط".