عائلة شهيد القدس التركي تروي للجزيرة نت سر علاقته بفلسطين
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
إسطنبول- أدى مواطنون أتراك ومقيمون أجانب اليوم صلاة الغائب في مناطق متفرقة بمدينة إسطنبول، على الشاب التركي حسن سكلانان (34 عاما) الملقب بـ"شهيد القدس التركي"، الذي استشهد -الثلاثاء الماضي- برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن طعن جنديا إسرائيليا وأصابه بجروح عند "باب الساهرة" في مدينة القدس المحتلة.
وحضر الصلاة لفيف من رؤساء الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني، ونددوا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في ظل منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، والصمت الدولي عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين هناك.
وكانت صلاة الغائب على سكلانان قد أقيمت الجمعة الماضية في مسقط رأسه "شانلي أورفا"، وتبعتها العديد من المدن التركية كالعاصمة أنقرة وبورصة، وتقدمت العديد من المؤسسات الخيرية والأحزاب السياسية وعلى رأسهم حزب "هدى بار"، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالعزاء لأسرة سكلانان والشعب التركي باستشهاده، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي على الحادثة حتى اللحظة.
ولد حسن سكلانان في 1 يناير/كانون الثاني 1990 في مدينة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا، وقضى طفولته فيها، وبعد دراسته المرحلة الابتدائية والإعدادية، التحق بمدارس الأئمة والخطباء الدينية، ليبدأ بعدها عمله كإمام مسجد في مدينته وفي العاصمة أنقرة، وتزوج من فاطمة سكلانان، وأنجب منها 4 أبناء.
وصل سكلانان إلى القدس في رحلة سياحة دينية مع وفد من السياح الأتراك يوم السبت 27 أبريل/نيسان الماضي، لكن عائلته لم تكن تعلم بنيته السفر للمدينة المحتلة، حيث أخبرهم أنه سيذهب إلى مدينة ديار بكر مع أصدقائه لبضعة أيام.
وبحسب وسائل إعلام تركية، حاول سكلانان الدخول إلى المسجد الأقصى يوم الثلاثاء 30 أبريل/نيسان، إلا إنه تلقى في طريقه معاملة قاسية من قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواجدين عند باب الساهرة، مما أثار غضبه واضطره لطعن أحد الجنود، ليتدخل جندي إسرائيلي آخر ويرديه قتيلا على الفور.
وتطالب عائلة سكلانان السلطات التركية بالعمل على استرجاع جثمان ابنهم من فلسطين ليدفن في مقبرة العائلة، حيث تواصل وزارة الخارجية التركية جهودها بشكل مستمر لنقل الجثمان في أقرب وقت ممكن، حسب ما تقول العائلة.
"أرضي فلسطين"تقول والدته فرحة سكلانان إنه ابتسم لها عند وداعها وقال "يا أمي، المفتي يدعونا، سنذهب إلى ديار بكر"، ثم عانقها من الخلف وهمس في أذنها "يا أمي، قولي بصوت عالٍ إنك تسامحينني، وادعي لي لتسمع هذه الأذنان"، فردت عليه "لتكن بخير، اذهب بسلام مع أصدقائك وعودوا بسلام".
وتروي فاطمة سكلانان حال زوجها أنه كان دائما مثقلا بالدموع، لا يقوى على الأكل أو الشرب، كان يصر على الذهاب قائلا إن "أرضي فلسطين، وأرغب في الموت هناك"، وقد توسلت زوجته إليه واحتضنت يديه وقدميه، وطلبت منه عدم الذهاب، لكنه كان حازما في قراره.
وعبّر شقيق حسن، رمضان سكلانان، عن صعوبة تقبل شقيقه للطعام أو الشراب منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلًا "منذ بدأت الحرب، لم يعد يستستيغ طعاما أو شرابا"، مشيرا إلى تأثر شقيقه بمشاهد الألم، حيث كان يبكي دائمًا عند رؤية الأطفال المصابين والشهداء، وفق رمضان.
ويقول محمد علي برلاق مختار الحي الذي كان يقطن فيه حسن "أخبرني ذات مرة كم يتمنى لو كان الطريق إلى غزة مفتوحا، وأكد على ضرورة إيجاد طريقة للوصول إلى هناك".
شهيد الأمة. ‼️???? الإستشهادي التركي حسن سكالانان منفذ عملية الطعن في القدس هو مواطن تركي دخل إلى القدس كسائح يبلغ من العمر 34 عامًا
المجاهد حسن سكلانين هو مواطن تركي مسلم من مواليد 1990 ولد في مدينة الأيوبية "شانلي أورفة" جنوب تركيا، وهو والد لأربعة أطفال وإمام مسجد pic.twitter.com/VDPZNYDVYq
— kabyle DZ ???????????????? (@frero213) April 30, 2024
يحلم بزيارة الأقصىيروي أحمد سكلانان -ابن عم الشهيد- في حديثه للجزيرة نت، أن حسن كان رجلا متدينا وهادئا، قليل الكلام والاختلاط بالناس، إلا في القضايا المتعلقة بالمسلمين، حيث كان يشعر بانزعاج شديد من الحملات العنصرية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون، معتبرا إياهم إخوانا له، ولا يجوز التضييق عليهم.
وأكد أحمد أن حسن كان يتابع أخبار فلسطين بشغف، وكان يغضب لمشاهد الأطفال والنساء الشهداء، ويحلم بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.
الآن :
خلف صورة حسن ساكلانان المواطن التركي منفذ عملية القدس يتظاهرون للمطالبة بوقف الحرب على غزة pic.twitter.com/dUy6fOSUuS
— عبدالعزيز مجاهد|Abdulaziz mucahit (@elmogahed02) May 5, 2024
أما صديق طفولته عبيد جونيش فأوضح في حديثه للجزيرة نت أن التربية المتدينة التي نشأ عليها حسن كانت "عاملا مؤثرا في تشكيل شخصيته، وأسهمت في النهاية المشرفة التي اختتم بها حياته".
وأشار جونيش إلى أن إتقان الشهيد للغة العربية، منحه فهما أعمق للأحداث في فلسطين، وجعلته يتجاوز الصورة التي يقدمها الإعلام العام، حيث كان يعتبر المقاومة في فلسطين حقا مشروعا، وأنه يجب على المسلمين دعمها ماليا وماديا.
وبيّن أن صديقه كان يقضي وقته بين الخدمة في المسجد، ولقاء أصدقائه المقربين، أو في منزله رفقة أبنائه، ووصفه بأنه كان مخلصا لوالديه، محبوبا من الجميع، ولا يخشى شيئا سوى ظلم الآخرين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أسير محرر للجزيرة نت: الموت هو العنوان الأبرز بسجون الدعم السريع
الخرطوم – لم يكن الأسير المحرر المعز عباس محمد يعلم أنه سيواجه مخاطر التعذيب المميتة داخل سجن قوات الدعم السريع بعد اقتياده عنوة من مدينة بحري شمال الخرطوم إلى زنزانة بحي كافوري، ثم ترحيله إلى حي الرياض حيث شاهد من يموت جوعا ومرضا ولا أحد يتدخل لإسعافهم.
ويقول للجزيرة نت إن الموت هو العنوان الأبرز داخل سجون الدعم السريع ولا يستثني صغيرا أو كبيرا، ولا عسكريا أو مدنيا. وأشار إلى أنه مدني ولا يشارك في المعارك، وأنه تعرض طيلة أيام للتعذيب والضرب المبرح، ثم نُقل إلى معتقل الرياض ووُضع في عمارة الجامعة العربية.
ويضيف أن المعتقل يضم غرفا تحت الأرض لا يتجاوز طولها 500 متر وبها أكثر من ألف شخص، ويتم تخصيص وجبة واحدة في اليوم عبارة عن عدس وأحيانا يحرمون منها. وتحدث عن وجود كبار السن والشباب وبعض الأطفال الذين اتهمتهم قوات الدعم السريع "بوضع شرائح تجسس كإحداثيات للطيران".
ووفق محمد، كانت هنالك أسبوعيا وفيات خاصة بصفوف كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وأفاد بأن عدد العسكريين الموجودين بالأسر لا يتجاوز 5%، وما تبقى منهم مدنيون، بعضهم اعتقلهم الدعم السريع من حافلة للنقل كانت في طريقها إلى مدينة شندي واتهمهم بالتعاون مع الجيش.
أما الصلاة، فيقول إنها كانت تخضع "لمزاج الضابط المناوب، ولا يوجد مكان لقضاء الحاجة أو للاستحمام، كما لا يتوفر العلاج، ومن يموت يتم إخراج جثمانه ولا ندري أين يُدفن".
مع استعادة الجيش السوداني أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، تم العثور على عدد من الأسرى والمختطفين المدنيين الذين كانوا على مدى شهور في سجون الدعم السريع دون تقديمهم للمحاكمة، وبعضهم مكث فيها 20 شهرا، وآخرون تترواح مدة اعتقالهم بين عام ونصف العام.
إعلانوبعد تمكن الجيش من السيطرة على عدد من مواقع الدعم السريع في الخرطوم، اكتشف مقرات كانت تستخدمها هذه القوات أقبية للتعذيب والتنكيل بالأسرى من خلال وضعهم في زنازين ضيقة وحرمناهم من الماء والأكل إلى حد الموت.
أظهرت عشرات الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عددا من الأسرى والمختطفين بعد خروجهم من سجون الدعم السريع وهم في أوضاع صحية سيئة، حيث تحول بعضهم إلى "هياكل من العظام"، وآخرون فقدوا السمع والبصر والعقل، و"من نجا من الموت ظلت على جسده علامات بارزة من آثار التعذيب".
اتخذت قوات الدعم السريع عدة أماكن في الخرطوم لاعتقال المواطنين وعدد من الضباط المتقاعدين، فضلا عن أسرى الجيش، وأبرز تلك المواقع معسكرها بحي الرياض الذي يضم عدة أبنية إسمنتية، إلى جانب المباني المحيطة به مثل مكاتب الأدلة الجنائية التابعة للشرطة ومقر الجامعة العربية.
كما تشمل هذه المقرات سجن سوبا "الذي يضم أكثر من 4 آلاف أسير، ومات بدخله العشرات جراء الجوع والتعذيب والمرض"، فضلا عن مبان وعمارات في حي كافوري قبل استعادته من قبل الجيش.
ويُعد المعسكر والسجن من أشهر معتقلات الدعم السريع، ويخضعان -بحسب معلومات تحصلت عليها الجزيرة نت من مصادر أمنية سودانية- لإشراف مباشر من مدير استخبارات الدعم السريع العميد عيسى بشارة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن السجون والمعتقلات كانت في وقت سابق تحت إشراف عصام فضيل قائد ثالث قوات الدعم السريع والذي أصيب في إحدى المواجهات، ثم تولى بشارة الإشراف عليها.
وحسب المصادر نفسها، شهدت معتقلات الدعم السريع انتهاكات في عهد العميد عيسى بشارة حيث مات العشرات من المعتقلين تحت التعذيب وجراء الجوع ومرض الكواليرا الذي انتشر بشدة في سجن سوبا. وأضافت أن معسكر الرياض يُعد الأسوأ و"حدثت فيه فضائع لأن ضابطا بالدعم السريع يدعى علي دخرو كان شديد القسوة مع المساجين ويعاملهم وفقا لاعتباراته الجهوية والقبلية".
إعلانوأظهرت مقاطع فيديو عشرات الأسرى وهم في حالة يرثى لها في مدينة جبل أولياء جنوب الخرطوم، أجساد بعضهم متهالكة وتخلو من الملابس، في حين ارتدى آخرون ملابس ممزقة ومتسخة.
إدانة رسميةوذكر ضابط بالجيش السوداني للجزيرة نت أنهم تمكنوا من تحرير عشرات الأسرى في جبل أولياء من قاعدة النجومي الجوية ومقر آخر كان يتبع للجيش سابقا، وتحدث عن العثور على بعض الأسرى وقد فارقوا الحياة قبيل لحظات من وصول الجيش إلى المدينة.
في مقطع مصور على فيسبوك، قال أسير سوداني محرر إن عددا منهم مات داخل السجن، أبرزهم من العسكرين، وإن قوات الدعم السريع كانت تخطط لنقلهم إلى دارفور بغرض "استعبادهم"، وكشف أنها كانت تنقل المعدات الثقيلة من ذخائر وأسلحة أثناء وجودهم في الخرطوم.
من جهته، أفاد ضابط رفيع بالجيش السوداني للجزيرة نت بأنهم قاموا بحصر الأسرى ونقلهم من مدينة جبل أولياء إلى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، لتلقي الرعاية الصحية والنفسية.
وقد قال المتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر -في تصريح صحفي- إن الحكومة "تدين بأشد العبارات الجرائم والانتهاكات التي ارتكتبها مليشيا الدعم السريع بحق المواطنين والمتحجرين والأسرى في سجونها ومعتقلاتها".
وأضاف أنهم تعرضوا لأبشع أشكال الجرائم والتصفية الجسدية، وأن "هذه الانتهاكات تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وتتنافى مع كافة القوانين والمواثيق"، وطالب المنظمات الدولية بالتحلي بالمسؤولية والمصداقية والشفافية لتوثيق انتهاكات الدعم السريع.