لجريدة عمان:
2024-11-27@05:19:08 GMT

ما الذي يقود الاندفاع العالمي نحو الذهب؟

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

عاد الذهب في الآونة الأخيرة إلى النظام النقدي الدولي. فقبل أكثر من خمسين عامًا، أغلق الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون «نافذة التعامل بالذهب» (حيث أنهى قابلية تحويل الدولار بسعر الفائدة الثابت إلى ذهب)، وابتعد العالم عن هوسه بالمعادن الثمينة. لقد بدأ عصر جديد من العملات الورقية. ولكن الآن، تواجه النقود الورقية تحديات بسبب المخاوف المالية والتكنولوجيا الجديدة (تقنيات البلوكتشين)، وقد وصل سعر الذهب إلى أعلى مستوياته على الإطلاق بما يتجاوز 2400 دولار للأونصة.

وبطبيعة الحال، يجادل مؤيدو معيار الذهب بأن المعدن يظل أصلا استثماريًّا مثاليًا للحفاظ على قيمته على المدى الطويل. ومع ذلك، فمن الخطأ الاعتقاد بأن الذهب مُستقر بشكل فريد. بل على العكس من ذلك، تعكس ديناميكيات أسعاره منحنى خلاف حاد، حيث يشير ارتفاع سعره إلى الاطمئنان في عالم تتعرض فيه القيم الأخرى للخطر.

وقد انخفض سعر الذهب في التسعينيات مع انتهاء الحرب الباردة -وإعلان «نهاية التاريخ»- مما أدى إلى شعور جديد بالسلام والاستقرار. ومع مطلع الألفية الجديدة، لم يتجاوز سعر الذهب 300 دولار للأونصة، وكان ارتفاع قيمته منذ السبعينيات أقل من المعدل العام للتضخم. ومع ذلك، بعد الأزمة المالية عام 2008 وتفشي جائحة كوفيد 19، ارتفعت أسعار الذهب بشكل حاد؛ وقد حدث ذلك مرة أخرى هذا العام.

يعود جزء كبير من الطلب المتزايد على الذهب إلى البنوك المركزية. فالصين، التي كانت تمتلك احتياطيات صغيرة نسبيًا من الذهب تبلغ 395 طنًّا في عام 2000، أصبح لديها الآن 2260 طنًّا. والجدير بالذكر أنها زادت مخزونها من الذهب بشكل كبير في عامي 2009 و2015، التي كانت سنوات فاصلة بالنسبة لعالم أصبح أكثر تشككًا بشأن العولمة.

كما بدأت روسيا وتركيا أيضًا في بناء مخزونات ضخمة بعد عام 2015، ويتجلى الاتجاه نفسه مؤخرًا في الاتحاد الأوروبي، حيث تعمل كل من جمهورية التشيك وبولندا على تعزيز احتياطياتهما. تقع المخاوف الأمنية في صميم سياسات الذهب الجديدة. فعندما انضمت جمهورية التشيك إلى حلف شمال الأطلسي في مارس عام 1999، باعت على الفور كامل مخزونها من الذهب تقريبًا. لم يكن من الممكن أن تكون الرسالة أكثر وضوحًا: فالضمانة الأمنية الجديرة بالثقة تغني عن الحاجة إلى الدفاع النقدي. ومع ذلك، في الربع الأخير من عام 2023، اشترى البنك الوطني التشيكي 19 طنًّا، وقد أشار إلى نيته في رفع هذا الرقم إلى 100 طن. والرسالة هذه المرة واضحة بالمثل: عضوية حلف شمال الأطلسي ليست كافية. وفي ظل قربها من روسيا، أوضحت بولندا أيضًا دوافعها، حيث يضم مبنى البنك المركزي حاليًّا ملصقًا ضخمًا يعلن أنه يحتوي على 360 طنًّا من الذهب.

إن ارتباط الذهب بالأمن له أسس تاريخية عميقة في بولندا، حيث كان أساسيًّا للفكرة الأصلية لإقامة الدولة. وعندما أعيد تأسيس بولندا بعد الحرب العالمية الأولى -في أعقاب تدمير الإمبراطوريات النمساوية والألمانية والروسية- اتخذت عملتها الجديدة الاسم البولندي الذي يعني «ذهبي» (عملة زلوتي البولندية). وفي سبتمبر عام 1939، أجرت بولندا عملية مثيرة لإرسال ذهبها إلى فرنسا، عن طريق رومانيا وتركيا ولبنان. وقد بعث ذلك برسالة مفادها أن بولندا لا تزال موجودة، على الرغم من الغزو الألماني. ومع ذلك، تمثل الاستخدام الأبرز للذهب كمصدر للاستقرار في التجربة السوفييتية في عام 1922. فقد أصدرت الدولة بأمر من الزعيم البلشفي البولندي البارز فيليكس دزيرجينسكي، رئيس الشرطة السرية، الشيرفونيت (عملات معدنية من «الذهب الأحمر») لمنع التضخم.

عندما ظهر معيار الذهب كأساس للنظام النقدي في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر، كان ذلك إيذانا ببدء نظام سياسي دولي جديد. وكانت الدول تلو الأخرى -بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا- راغبة في تثبيت استقرار عملتها في أعقاب الحروب الأهلية المُدمرة. وفي الوقت نفسه، عرف المعيار النقدي السابق «الفضة» تراجعًا ملحوظًا في أعقاب هزيمة فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية. كان الفرنسيون يديرون سابقًا نظامًا نقديًّا مشتركًا من الذهب والفضة، لكنهم اضطروا إلى دفع فاتورة تعويضات ضخمة بالعملات الفضية. ونتيجة لذلك، غمرت الفضة السوق وانهار سعرها. ولم يتبق سوى الذهب.

قد يُشكل التخلي عن نظام العملة الفضية الموازي في سبعينيات القرن التاسع عشر سابقة لعالم عام 2024. ففي نهاية المطاف، هناك تكهنات متفشية حول التخلي الوشيك عن الدولار، وهو ما سيشكل المعادل الحديث لإلغاء تداول الفضة. منذ عام 2020، واجهت حكومة الولايات المتحدة عجزًا ماليًّا كبيرًا، والآن يتعين على المرء النظر في الخطر المتمثل في محاولة إدارة ترامب الجديدة خفض قيمة الدولار من أجل القضاء على المنافسين الأجانب وإيجاد المزيد من الوظائف الأمريكية.

علاوة على ذلك، يتعين علينا أيضًا أن نشعر بالقلق إزاء استقرار النظام المالي، فضلاً عن الجهود التي يبذلها المنافسون الأمريكيون لاستبدال الدولار. وبالتالي، يُعد البحث عن استقرار الذهب استجابة لعالم متقلب. يعكس هذا الأمر اعتقادًا متزايدًا بصعود نظام سياسي جديد. يسعى بنك التنمية الجديد (أو «بنك مجموعة البريكس») ومقره شنغهاي بفعالية إلى إيجاد بديل للدولار في شكل عملة اصطناعية، وتحاول المزيد من الدول الانضمام إلى مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة).

تعتبر هذه الدول الدولار اليوم معادلا للفضة في أواخر القرن التاسع عشر -قوة نقدية مُهيمنة قديمة- قبل قرن من الزمان، بينما كان العالم يعود إلى التعامل بالذهب بعد الحرب العالمية الأولى، وصف جون ماينارد كينز المعدن بأنه «أثر بدائي»؛ لأنه كان العملة التي يدور حولها الصراع. عندما يعود الاستقرار السياسي، سينخفض سعر الذهب. وفي غضون ذلك، ستكون الحكومات والبنوك المركزية التي استثمرت في الذهب قد اشترت لنفسها وسيلة للتحوط في عالم غير آمن.

هارولد جيمس أستاذ التاريخ والشؤون الدولية في جامعة برينستون. وهو متخصص في تاريخ الاقتصاد الألماني والعولمة، وهو مؤلف مشارك لكتاب «اليورو» ومعركة الأفكار، ومؤلف كتاب «إنشاء وتدمير القيمة: دورة العولمة».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ا من الذهب سعر الذهب ومع ذلک نظام ا

إقرأ أيضاً:

ميقاتي تلقى برقيات بمناسبة عيد الإستقلال.. بايدن: الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اللبناني

تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المزيد من البرقيات بعيد الاستقلال، ابرزها من الرئيس الاميركي جو بايدن وجاء فيها: اسمحوا لي أن أتوجه إليكم وللشعب اللبناني بأحر التهاني لمناسبة  عيد استقلال لبنان. 
في هذا الوقت العصيب من تاريخ لبنان تقف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب الشعب اللبناني، كما نثمن الشراكة التي تنتظرنا. 
اننا نتطلع لتحقيق مزيد من التقدم نحو أهدافنا المشتركة خاصة في ما يتعلق بالعمل على إحلال السلام والاستقرار والازدهار. اتمنى لكم وللشعب اللبناني في هذه المناسبة القوة والصمود خلال هذه الاوقات الصعبة واعيد التأكيد على أهمية الشراكة بيننا".     ملك المغرب وتلقى رئيس الحكومة برقية من ملك المغرب محمد السادس جاء فيها: "اجدد لكم تضامن المملكة المغربية المطلق ووقوفها الدائم الى جانب الشعب اللبناني الشقيق لضمان امنه واستقراره ووحدته الوطنية، وكذلك حرصي على مواصلة تعزيز علاقات التعاون البناء القائمة بين بلدينا لما فيه مصلحة شعبينا الشقيقين وصالح امتنا العربية".

رئيس النمسا وتلقى رئيس الحكومة برقية من الرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا الكسندر فان دير بللن الذي قال: اود ان اعرب لكم عن تعازينا الحارة بالضحايا الابرياء نتيجة الصراع الدائر.
ان مشاركة اسبانيا في قوات " اليونيفيل" هي تعبير عن التزامنا باستقرار لبنان وسلامته، وانا على قناعة ان تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 الزامي لتأمين سلام طويل الامد لبلدكم. ثقوا ان النمسا ستواصل دعمكم لمواجهة تحديات المرحلة".

رئيس الجزائر 

وتلقى رئيس الحكومة برقية من رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد تبون جاء فيها: "بهذه المناسبة التي تتزامن للاسف مع اعتداء سافر تشنه قوات الاحتلال الصهيوني المعتدية على سيادة لبنان، اجدد تضامن الجزائر ووقوفها مع الشعب اللبناني الشقيق في هده الظروف الصعبة، ومؤكدا دعمها ومساندتها للبنان، خاصة من موقعها كعضو غير دائم في مجلس الامن الدولي لوقف هذا الاعتداء الهمجي". 

الحكومة الاسبانية وتلقى ميقاتي برقية من رئيس الحكومة الاسبانية بدرو سانشيز الذي قال: "اعبر لكم في هذه المناسبة عن املي في ان ينعم الشعب اللبناني بالسلام وان يتوقف العنف فورا. ان اسبانيا تستمر في العمل لدعم لبنان ويمكنكم الاتكال على  جنودنا والتعاون بين بلدينا وتعاضد الشعب الاسباني مع لبنان ".

حكومة اوكرانيا

وجاء في برقية رئيس وزراء اوكرانيا دينيس شميهال: "انا على يقين من أنه رغم التحديات الصعبة التي تواجه دولنا، فان السعي المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية الودية سيفتح آفاقا جديدة لتطوير التعاون المثمر لصالح الشعبية الاوكراني واللبناني". 

حكومة بولندا وتلقى رئيس الحكومة برقية من رئيس حكومة بولندا دونالد تاسك قال فيها: "إن بولندا ستواصل دعم سيادة لبنان وارضه واستقراره، وهذه العناصر مهمة جدا للامن العالمي والسلام في المنطقة.
في هذا الوقت الصعب الذي يمر به وطنكم، اجدد تأكيد دعم بولندا كل الجهود والمبادرات الهادفة لحل النزاع وصون بلدكم وتأمين سلامة شعبكم".

الصين الشعبية وتلقى رئيس الحكومة برقية من رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية لي تشيانغ الذي قال: "يتابع الجانب الصيني بكل اهتمام الاوضاع الراهنة في لبنان ويعارض الانتهاكات لسيادة لبنان وامنه وسلامة اراضيه. بكين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي على بذل جهود دؤوبة لتخفيف توترات الاوضاع وصيانة السلام والاستقرار في المنطقة".

مقالات مشابهة

  • خلاف بولندا- أوكرانيا يستعر: نكء جراح مذبحة فولين
  • بري بحث مع وزير الداخلية وسفيرة بولندا في المستجدات.. وجلسة عامة الخميس
  • الذهب العالمي يتراجع بنسبة 5% ليصل إلى أدنى مستوى في أسبوع
  • بنك الاستثمار الأوروبي يخصص 160 مليون يورو لنفاذ خدمات الطاقة الشمسية للأفراد ببولندا
  • بولندا تبحث إنشاء مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء في مصر
  • ميقاتي تلقى برقيات بمناسبة عيد الإستقلال.. بايدن: الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اللبناني
  • البطاطا الكوردستانية في بولندا ومحادثات مع بغداد لحل مشكلات داخلية
  • حزب يرشح مؤرِّخا للانتخابات الرئاسية في بولندا
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • نادي البشائر يعلن جهازه الفني الجديد الذي يقود الفريق الأول لكرة القدم